الموضوع: هيام يونس
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18/06/2009, 10h32
الصورة الرمزية khallouda
khallouda khallouda غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:297279
 
تاريخ التسجيل: septembre 2008
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 44
المشاركات: 220
افتراضي رد: هيام يونس

من الحوارات الفنية الممتازة و المتفردة
هيام يونس: المطربون صنفان.. واحد يغُنّي وآخر يُؤدّي
إذا عدنا إلى بدايات علاقتها بالأغنية العربية، نقول إنّ مشوارها الفني بدأ طفوليًّا، فقد بدأت الغناء وعمرها أربع سنوات، بدأت طفلة ولكن تغنّي كالكبار.

لم تبدأ على عادة المطربين بأغاني الأطفال، تعلّقت همّتُها بأغاني الكبار مثل كوكب الشرق في أغانيها "سلوا قلبي، "غنيلي شوي شوي" وهو ما جعل الناس يتهافتون للتعرّفُ على هذه الطفلة الصغيرة التي اقتحمت عالَمَ أكبر نجوم الفنّ العربي في عصرها؟

كانت طفلة، وكانت الأغاني صعبةً، فقد غنّت "غنيلي شويْ شويْ" بتحريفٍ صوتيٍّ طفوليٍّ بقولها "غنيلي سويْ سويْ" باعتبار أنّ مخارج الحروف لم تكتمل بعدُ في نُطْقِها. وقد كتبتْ واصفةً هذه المرحلة قصيدة مدّتنا بها جاء فيها: كل ما أذكر عن نفسي أني، منذ فجري كنت أتغذّى بالنغم/ اشتهاء ونهم، انحنت أمي على مهدي تغني، قيل لي،/ عشت في الأنغام أعواما كثيرة، تتلقّاني هتافات بتولة،/ كان سرّي كل سرّي أنني بنت صغيرة/ لي آهات خبيرة، أدهش الرواد أمري/ طفلة غنّت، طفلة غنّت. سلوا قلبي بهاتيك السهولة/ فتلقّتها الهتافات البتولة، يالها ذكرى أويقات جميلة/ قد طواها العمر إذ أرخى ذيوله،/ وطوتني طفلة تلك الذيولة/ وتولاّني الذهول،/ فإذا بي في ربيع من شباب وخريف من طفولة.

هذا مختصر لبداية المشوار الفني الطفولي المبكّر للمبدعة العربية العملاقة هيام يونس. "العرب العالمية" التقتها في صنعاء وأجرت معها هذا الحوار:

ما سببُ خلود أغانيك أمثال "تعلّق قلبي.."، هل هو صدق الكلمة أو صدق الصوت أو صدق التعامل مع ذائقة الجمهور؟
بالنسبة إلى أغنية تعلّق قلبي، هي من معلّقات العظيم امرئ القيس، ولحّنها الأستاذ طارق عبد الحكيم كبير الملحنين في المملكة العربية السعودية. لحّنت بهذه الطريقة المحبّذة فيها أنموذج، فيها روعة، فيها محاكاة للنغم بطريقة ما تزال عصرية رغم مرور 30 عاما، بل هي ما تزال في ضمائر الناس وفي ذاكرة الجمهور العربي الكريم فهي من جهة الكلمة قصيدة جميلة من أجمل القصائد ومن جهة اللحن من أحلى الألحان وعندما غنيتها كان عمري 13 عاما وفي نفس العام كان لي شرف زيارة تونس الخضراء للمرة الأولى فاكتشفتُ أنّ أغنيتي سبقتني إليها فقد طلبها الجمهور وغنّاها معي حتى أنّ بعض الصحافيين سمّوني وقتها "هيام تونس".

لقد توفّرت في تعلّق قلبي أجمل التعابير وأجمل الكلمات وأيضا اللحن الرائع وأنا غنيتها بصدق وبإعجاب. لمّا استمعتُ إلى لحن "تعلق قلبي" أعجبني فقلت للأستاذ طارق: يبدو لي أن هذه الأغنية هي أغنيتي إن شاء الله فقال لي هي لك غنّيها "وصنعت بها مجدا كبيرا". وكانت هذه الأغنية فاتحة خيرٍ بالنسبة إليّ، إذْ بلغ عدد أغنياتي في مشواري الفني ما يربو عن 70 قصيدة عربية من الشعر الجاهلي والشعر المعاصر الحديث.

ومن بين أجمل ما غنيْت قصيدة "شكوى اليتيم" لأبي القاسم الشابي غنّيْتها وأهديْتها تحية من لبنان إلى تونس وكانت بحق من عيون الشعر الرائع الخالد لشاعر تونس الكبير الشابي. وقد حاولت أن أطوّر القصيدة حتى تصبح كالأغنية العاطفية الشعبية سلسة، من السهل الممتنع يمكن أن يستسيغها المستمع، ويحفظها.

ألا تلاحظين أن الواقع العربي الآن مليء بالأغاني السريعة أو ما يسمّى بالفيديو كليب أو الأغنية اللمجة وهذه الأغاني سرعان ما تتوهّج وسرعان ما تنطفئ وتخبو حرارتُها؟ هل العيب يعود إلى الفنان ذاته أم إلى المتلقّي الذي يبدو أنّ ذائقتُه الفنية صارت تتقبّل كل شيء؟
نحن غنّينا الأغاني السريعة، أم كلثوم غنّت أيضا قبل "غنيلي شويْ شويْ" أغاني سريعة قصيرة، كل العمالقة غنّوا أغنيات سريعة. الأستاذ عبد الوهاب: قللي اعملّك إيه يا قلبي، خيْ خيْ.

العمالقة غنّوا مثل هذه الأغاني ولكن كانت لهم القدرة على اختيار الكلمة الجميلة المعبّرة واللحن العذب إلى جانب الأداء الممتاز، الأداء العظيم، كلّنا غنّينا الأغاني السريعة. أنا أقول هناك تصنيف: الفن للفن الذي كنّا نمارِسُ على اعتبار أنّه رسالة والفن التجاري.

غنّينا القضايا العاطفية والقومية والإنسانية، غنّيْنا للأطفال، للأمّ، للأب، للفلاح، للأرض، لقضايا اجتماعية حياتية، ما كان هناك طمع في المادة أو في الشهرة يحكم اختياراتِنا الفنيةَ. الفن بالنسبة إليّ تحقيق للذات، وهو رسالة إنسانية غير قابلة للمساومة عليها.

أمّا بخصوص الفنّ "التجاري" الذي ألمحتَ إليه، فأقول إنّ طبيعةَ العصرِ وتنوّع وسائل الإنتاج السمعي البصريّ والطمع في الشهرة السريعة والغناء الفاحش وانهيار مجموعة من القيم الأخلاقية كلّها أسباب ساهمت في ظهور أغنيات "قليلة الأدب" أحيانًا، ولكن علينا ألاّ نعدمَ وجود نوع من هذا الغناء العصريّ له قيمته الفنية العالية.

ما الفرق بين الغناء والطرب؟ هل كنتم مطربين والآن يوجد مغنون أو العكس؟
الطرب لا يزال موجودا، ما زال في ساحتنا الغنائية العربية أصواتٌ تُطْرِبُ. المطربة أو المطرب الذي ما أن يقول "آه" حتى يرحل بك إلى عالَمِ الحلم هو فنّان حقيقيّ أصيل، أذكر أنّ الأستاذ محمد عبد الوهاب صنّف المطربين صنفيْن: المغنّي والمؤدّي. الآن يوجود مطربون كبار، ولكنّ عالَم العولمة غلّب عليهم المؤدّين الذين يمثّلون أغلبية الأصوات الحاضرة التي تأثّرت عن عمدٍ ودون وعي حضاريّ بالأغاني الغربية. كنا متفردين بطابعنا الطربيّ الشرقيّ الصّافي.

هل أن "بُطءَ" أغاني مُجايِليك وتَسَارُعَ نمطِ الحياة اليومية الحاليِّ هما اللذان دفعا إلى ظهور هذه الأغاني الصناعية؟
هذا عصر السرعة صحيح، ولكن إذا كان عصر السرعة يفرضُ نمطًا من الغناءِ فإنّه من واجبنا أن نحافظ فيه على هُويّةِ الأغنية العربية كلمة ولحنًا ومَقامًا. فن "الأمس" كان ولائم ولكنّها لا تُسبِّبُ المغصَ أمّا اغلب ما نسمع اليوم فهو أكلات سريعة تزيد من الجوع والنسيان ولا تعترفُ بمفهوم الصدق.

على المطرب أن يتساءل دومًا ماذا أغنّي؟، وأغنّي لمَنْ؟ وكيف أُقنعُ الجمهورَ بما أُغنّي؟ لا يمكن أن يستغبي أحدٌ الجمهور لوقتٍ طويلٍ، فهو قادر بذائقته على التمييز بين الجيّد من الأصوات والرديء منها، قد يُضْحَك من الجمهورِ قليلاً ولكنّه سرعان ما يعود يضحك على مَنْ ضحك منه. الجمهور مثقف جدّا فنّيا ويسمع كثيرا.، ويُقارِنُ بين المسموعاتِ.

ما نلاحظه على مدارج المهرجانات، ونحن لنا صلة بهذه القضايا، هو أن الجمهور صار يرقص. هل يرقص من الطرب أم يرقص..؟
أم "يرقص مذبوحا كالطير من الألم". صمتٌ.

أستاذة هيام أنت على اطلاع بما يجري في الساحة الفنية العربية الآن. ما يُلاحظ أن ثمة ما يسمّى تصنيع النجوم أي يكفي أن ترغب فتاة مَّا في أن تكون مطربة حتى تذهب إلى محل للتجميل ثم تدخل إلى الأستوديو بآلات تكنولوجية فيُصنع لها صوتٌ ويُروّج لِصوتِها في كامل الفضائيات العربية وتصير بين عصرٍ وعشيّةٍ نجمةً. ما رأيك في هذا الأمر؟
- هذا هو الواقع، لكن أنا أعتقد أن مشوار هذه النجومية مشوار قصير. إذا لم تكن هناك موهبة على الأقل لا بدّ من الدراسة، لا بدّ من صقل الموهبة بالدراسة وحبّ الفن. الصوت الجميلُ يُعطى للانسان من الله سبحانه وتعالى: يُعطى الصوتَ، ثمّ هو يعزّز هذه الموهبة بأن يثقّف نفسه بالجهد والمثابرة والتواضع.

الثقافة ضرورية جدّا للفنان الحقيقي. لا بدّ من الثقافة في عالم اليوم. أسماء كثيرة بلغت الشهرة بسرعة وبنفس السرعة انطفأت نجومُها. لا بدّ من القول: لا يصحّ الاّ الصحيح. مهما تضافرت أشياء عديدة وجديدة لتصنيع النجوم، فإنّ الجمهور سيظلّ يبحث عن شيءٍ روحيٍّ لا أظنّه يوجد في هذا النوع الغنائي الذي يروج اليوم.

الفن غذاء الروح كما تقول السيدة أم كلثوم: "المَغْنَى حياة الروح يسمعها العليل تشفيه". مثل هذه الأغاني الجديدة شبيهة بالخيالات، بل هي تطفو كفقاقيع الصابون "لا أعني كلّها لا سمح الله ". ولكنّ من كثرة ما صار عندنا من أسماء غنائيّة غير متحمّلة لمسؤولياتها الطربية والحضارية والثقافية، صرنا ننجرحُ كلّما سمعنا واحدًا منها يُغني دون معرفةٍ بحدودِه.

الفن رسالة ونحن أخذنا المشعل عن الذين كانوا قبلنا، عن الذين سبقونا. إذا كان الفنّ اليومَ على هذه الحالِ، فكيف ستكون حالُه بعد عشر سنوات؟ الأمرُ يدعو إلى الخجلِ. لقد تتلمذتُ، وأنا فخورة بهذا، على عمالقة خالدين: السيدة أم كلثوم، عبد الوهاب، فريد الأطرش، عبد الحليم حافظ، الأستاذ وديع الصافي، لكل واحد من هؤلاء بصمة حقيقية، بل يمثّل مدرسةً فنيةً، هؤلاء العمالقة العباقرة مدارس فنية تعيش أبد الدهر بدليل أنّ المطربين الذين تصنعهم برامج مثل "ستار أكاديمي" مثلاً يبدؤون تجارِبَهم بترديد أغنيات هؤاء العمالقة.

ولكن للأسف ما إن ينجح أحدهم، حتى يعود إلى "خطّ" الأغنية الخفيفة. في الآونة الأخيرة صار هناك نوع من الملل من قبل الناسِ، الناس ملّوا آلاف الكليبات المتشابهة في اللحن والكلمة وجسد المغنّي أو المغنية. هذا شيء مُعيبٌ ومُزْرٍ.

ما لاحظناه لدى أغلب الشباب العربي الذي له حدّ أدنى من الثقافة، أنه عاد إلى الأصيل وكأنّ هذا الغناء الحديث لم يملأ الخُواء الذي يعيش، الخُواء النفسي والاجتماعي..، ما تعليقُكِ؟
في تقديري أنّ الذي ذكرتَ يحدث هذه الأيّام. ثمّة عودة إلى الاصيل من الأغاني. أنا أعيبُ على الفضائيات أنّها فسحت في المجال لكلّ المغنّين للظهور وهو ما أفسد أذواق المتلقّين ونفّرَهم منهم، كان على فضائياتنا أن تحترم ثقافتنا الغنائية وأن لا تذهب بعيدًا في "العصرنة". على فضائياتنا أن توازن بين بثّ الأغاني الجديدة وبثّ الأغاني العريقة.

هذا سؤال كنت سأطرحه عليك : دور الإعلام العربي الآن، ألا ترين أن ثمّة شُبهة في ما يُقدِّمُ؟
بل قل هناك خلل، هناك فوضى، أنا أسمّيها
carnaval. لو عدنا قليلاً إلى سجلاّت الإذاعة اللبنانية لوجدنا فيها لجانًا: لجنة تسمع الأصوات وتقرّر إن كان هذا الصوت يصلح للغناء أم لا، لجان للكلام الشعري، لجان للتلحين، كانت هناك ضوابط للغناء وللفن عمومًا، كان ثمة رقابة "فنية" على النصوص، وعلى الأصوات، وعلى الألحان.

هذا افتقدناه اليومَ، من يريد أن يغنّي صار يغنّي ليقول أيَّ كلام "بارْكب الحنتور واتحنتر مثلاً". ولكنّ الإعلام العربيَّ ما يزال يبثّ لهؤلاء الذين لا يتوفّرون على الحدّ الأدنى من اللياقة الفنيّة والحياء الغنائي.

هل أنتِ هيام يونس اللبنانية أم هيام يونس العربية؟
أستاذ عبد الدائم، أنا مطربة لبنانية، لا أنكر لبنانيتي أبدا، ولكنّ هذه المطربة اللبنانية غنّت كل ألوان الغناء العربي حتى لقّبوها بـ"جامعة الغناء العربي" وهذا شرف لي كبير، لأني غنّيت ألوان البلدان العربية من المحيط إلى الخليج، جميع الألوان العربية.

غنّيْت للمطربة التونسية الرائعة صليحة أربعَ مقطوعات، "صليحة" مطربة متميّزة، خاصة في أغنياتها أمثال "عرضوني زوز صبايا" التي غنّيتها و"مع العزّابة". لقد سجّلت أربعَ أغانٍ للسيّدة صليحة وبعدها سجّلت أغنة "سيدي منصور" "التي غنّاها صابر الرباعي بطريقة مغايرة" طبعا مع احترامي لصوت الجميل الأستاذ صابر الرباعي، كما توجد عندي ألحان تونسية خاصّة بي، أغانٍ خاصّة وألحان تونسية عديدة للأستاذ عبد اللطيف العايدي وكذلك للأستاذ محمد الهادي وهو من مدينة صفاقس ولعلّ أجمل أغنية غنّيتها كانت عن الأم وتقول كلماتُها "يا حضن حرير* يا قلب كبير* يا أعطف إنسان يواسي يِدْعِي بالخير لأمي".

وغنيت لتونس أغاني وطنية. لقد ظنّ الجمهور التونسيّ في بداية شهرتي أنّني سعودية، كانوا يظنونني سعودية، وفي المغرب كانوا يظنونني خليجية.

ربّما هذا عائد إلى كوني غنيت الألوان الخليجية، غنيتها كما يجب: غنيتُ البحريني، الإماراتي، الكويتي، العماني، القطري، غنيت لكل بلد في الخليج.

كلما عدنا إلى تجربتك في المجال الفني إلا ولمسنا إصرارا منك على تغذية هذه التجربة بروافد عديدة وقصائد عديدة وملحنين مختلفين وتجارب عربية متنوعة. هيام يونس المطربة ماذا تفعل الآن؟
أنا أكمل مسيرتي، لأن الغناء قَدَري، أكمّل هذا المشوار وأسأل الله أن أظلّ بنفس المصداقية التي بدأت بها مسيرتي منذ الطفولة: فأنا أعيش، على المسرح، حالة حب مع جمهوري.

أحبّ جمهوري أكثر مما يحبّني، الجمهور العربي هو أسرتي الكبيرة باعتبار أنّي غنيت له وأنا صغيرةٌ وكبرت بين أحضانِه، ولذلك تراني أجتهد اليوم لكي أبقى على نفسِ مستوى العطاء المخلص الثري الذي قدّمتُ لمستمعيَّ وأن أبقى عند حسن ظنّ هذا الجمهور الحبيب العريق الذي أولاني ثقته ومحبته.

لا أملك، في اختتامية هذا الحوار، إلاّ أن أشكر الفنانة والإنسانة والمبدعة والشاعرة والمرأة الكيّس الجميلة هيام يونس، وأتمنّى من الله أن يمنحها كل ما تتمنّى؟
وأنا أحمّلُك من صنعاء أجمل التحايا وأحرّ الأدعية إلى تونس الخضراء متمنّية العودةَ إليها بإذن الله.
حاورها بصنعاء - عبد الدائم السلامي:
تاريخ النشر: 2009-03-13 17:39:51
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg هيام يونس+ عبد الدايم السلامي .jpg‏ (28.3 كيلوبايت, المشاهدات 31)
__________________
الفن الفن... عمري للفن... انا الدنيا ما تحلالي الا بالفن..

التعديل الأخير تم بواسطة : هامو بتاريخ 02/07/2011 الساعة 09h24
رد مع اقتباس