عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 02/04/2009, 15h20
الصورة الرمزية hasanh
hasanh hasanh غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:56349
 
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: عربي
الإقامة: هذه الدنيا
المشاركات: 1,256
افتراضي رد: الملا عثمان الموصلي مقرئا

انقل هنا دراسة اخرى قيمة جدا ايضا للاستاذ مروان حبيب ظاهر عن الدكتور حبيب ظاهر نشرت في مجلس العلوم بهذا المنتدى فنشكرهما على هذه الدراسة . ومما ذكر فيها ان الملا عثمان التقى الملحن سيد درويش في الشام وتدارسا الانغام وتبادلا المعلومات . وهذا يفسر الجدل الدائر حول من هو مؤلف (زوروني بالسنة مرة حرام).
هذا وقد قمت انا بتأشير النقاط البارزة باللون الاحمر للتسهيل على الزوار الكرام ولكونها (رغم اهميتها الخارقة كلها ) دراسة طويلة.
كما اود القول ان القراءات السبع للقرآن الكريم ليست تجويدية كما ذكر هنا، وانما تخص النص الطاهر ( كقوله تعالى في سورة الفاتحة "السراط المستقيم" في قراءة و"الصراط "في أخرى، وكذلك قوله جل جلاله "مالك يوم الدين" أو "ملك" يوم الدين ).. وهكذا فقد انزل القرآن الكريم على سبعة احرف.
.
الدراسة





أضواء على حياة وإنجازات الملا عثمان الموصلي


(الدينية والدنيوية)*


حبيب ظاهر العباس **


ظهرت بوادر العلوم والآداب والفنون في مدينة الموصل في أوائل القرن الحادي عشر للهجرة، وازدهرت تلك النهضة في القرنين الثاني والثالث عشر للهجرة، وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي، إذ تقع الموصل القديمة مدينة الربيع والجمال على الساحل الأيمن من نهر دجلة، وترتبط في التقاءات طرق رئيسية برية بين القسطنطينية ( استانبول) وحلب وبغداد، ويسكن فيها مئات الآلاف من البشر بقوميات واديان ولغات متنوعة، ينتظمون في قرى محفوفة بالبساتين ومطوقة بالآثار القديمة التي تؤرخ وتوثق تلك البقعة من الأرض، ولعل هؤلاء الناس الذين من نسل أشور على الأرجح قد احتفظوا ببعض المهارات الثقافية والفنية التي توارثتها الأجيال اللاحقة، فكانت تلك الثقافات المتنوعة والحال هذا تأتيها( أي الموصل) من كل صوب وجانب، فالثقافة الشامية تأتيها عن طريق حلب، والعراقية تأتيها عن طريق بغداد، والتركية تأتيها عن طريق استانبول، فضلا عن الفنون الموصلية المختلفة التي اجتاحت البلاد منذ العصور العباسية المتأخرة الى حين الاحتلال العثماني رغم أن الحياة الثقافية والاجتماعية أبان الحكم العثماني للعراق لم تكن تضاهي ما عرفه العراق خلال العصور الذهبية بسبب قلة الدراسات والبحوث، إذ أن أكثر الذين كتبوا عن تاريخ العراق الحديث يقفزون فترة الحكم العثماني بذريعة إنها فترة انحطاط أو إنهم يكتفون بالإشارة إلى بؤسها وهذا لا يعني إن تلك الفترة قد خلت من بعض الدراسات الثقافية والنشاطات الفنية، إذ إن الدراسات الحديثة للباحثين المعاصرين قد ساعدت على الكشف عن أنماط لعلاقات موسيقية وثقافية كانت قائمة خلال العصر العثماني الأخير في العراق حافظت على الأساليب المحلية لتلك الثقافات ، يضاف إلى ذلك اتساع رقعة الإمبراطورية العثمانية وسعة نفوذها في الوطن العربي والذي ساعد على التبادل الثقافي والتلاقح الفني بين الشعوب المحتلة وخاصة ( بغداد، والقاهرة، وحلب)0
بهذا التاريخ الحافل بالأمجاد الثقافية أنجبت مدينة الموصل فيالق من الأدباء والمفكرين والفنانين حيث يطل علينا في العصر العثماني الأخير (1850م – 1917م) فنانٌ ألمعيُ هو الملا عثمان الموصلي يقدم لنا نماذج فنية فريدة من نوعها ليختصر لنا السرد في الغرائب والعجائب من الأنباء والحكايات والنوادر التي شهدتها تلك الحقبة الزمنية ويسجل لنا أيضاً عبر تاريخه الفني إنجازات فنية وثقافية وفكرية ودينية تنوعتْ و ارتبطت بثقافات الدول المجاورة مضافاً إليها الثقافات المحلية.
في خضم هذه الأجواء ولد عثمان الحاج عبد الله بن الحاج فتحي بن عليوي المنسوب إلى بيت الطحان في مدينة الموصل سنة (1271هـ الموافق 1854م)(1) من عائلة فقيرة، فقد بصره على أثر مرض الجدري
وهو صغير, وتوفى أبوه وهو في نحو السابعة من عمره، فأخذه جاره محمود أفندي ألعمري (وهو من الشخصيات الثقافية والاجتماعية المعروفة في الموصل) وخصص له من يحفظه القرآن الكريم وحفظ السيرة النبوية الشريفة والأحاديث الصحيحة وجانباً كبيراً من الشعر، ثم رتب له من يدربه على الموسيقى ودراسة قواعدها وأصولها.
لقد عرف الملا عثمان بعشقه للتجوال والترحال بين المدن (بغداد – حلب – استانبول – مصر – الحجاز) إذ شكلت تلك الأسفار حيزاً كبيراً من تكوين شخصيته الفنية والثقافية، حيث كان كثير اللقاءات مع شخصيات البلدان التي يحط بها إذ مكنته هذه اللقاءات من إقامة علاقات واسعة مع رجال الأدب والثقافة والفن والدين جامعاً بين التعلم والتعليم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
*بحث مقدم بمناسبة انعقاد مهرجان الملا عثمان الموصلي للفترة من 15 – 18 أيلول 2006 في اربيل
** ماجستير علوم موسيقية رئيس اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى، نائب رئيس اتحاد الموسيقيين العراقيين، عضو المكتب التنفيذي وممثل العراق للمجمع العربي للموسيقى مدير عام في وزارة الثقافة له عدة كتب وبحوث ودراسات موسيقية
(1) تضاربت الآراء والمصادر في ميلاده حيث يقول الشيخ جلال الحنفي في كتابه ص88 انه ولد عام 1256م بينما يثبت تاريخ ميلاده كل من الأثري والواعظ والعلاف في سنة 1271م.



في عام 1865م وبعد وفاة مربيه محمد أفندي ألعمري شد الملا عثمان الرحال متوجهاً إلى بغداد حيث حل ضيفاً على الشاعر والأديب (أحمد عزت باشا ألعمري)1) ، و بعد أن حلق طائر صيته في سماء بغداد التي كانت تعج بالعلماء والأدباء والمغنين والموسيقيين ورجال الدين والطرق الصوفية، وعندما حل ركبه في بغداد أصبح حديث المحافل والمجالس الدينية والدنيوية، وأخذت الأكف تتهاداه من مجلس إلى مجلس والناس يتهادون سراعا من كل حده وصوب لسماع ما يقدمه من فنون متنوعة وبموهبة قل نظيرها في تاريخ العراق المعاصر ، وبهذا وجد الملا عثمان في بغداد متسعاً من الوقت للدراسة على علمائها كالشيخ بهاء الدين وغيره واخذ من الآخرين علم الحديث وزاد علماً في الموسيقى وفنونها 0 وبعد إن قضى زمناً في بغداد عزم على السياحة في العالم الإسلامي ، إذ شد الرحال إلى الحجاز لأداء فريضة الحج المقدسة
في عام 1886 رجع بعدئذ إلى مدينته الموصل ليكمل تعليمه على كبار شيوخها وعلمائها وكالشيخ محمد بن جرجيس ألنوري شيخ الطريقة القادرية النورية والشيخ محمد بن الحاج حسن0
لم يتوقف طموح الملا عثمان بهذا الحد من العلوم والمعرفة والتي توفرت له في البيئتين الموصلية والبغدادية، فعقد العزم بالتوجه إلى عاصمة الخلافة العثمانية ( استانبول) حيث توفرت له هناك ظروف حسنة اتاحت له فرصة الاتصال بأهل الطرق الصوفية ( المولية والقادرية) والتي انتعشت في عهد السلطان عبد الحميد(2) وربما لجأ للطريقة المولية أكثر من غيرها كونها تجيز استعمال الآلات الموسيقية عند قيام الذكر والمولد النبوي.وفي استانبول برز الملا عثمان بعد أن وجد شهرته قد سبقته، حيث احتفى به رجال الثقافة والسياسة وخصص له راتب يستعين به من قبل الدولة العثمانية أثناء إقامته في عاصمتها.
في عام 1895م غادر الملا عثمان استانبول إلى سوريا حيث التقى هناك السيد درويش والذي اخذ من الملا عثمان الكثير من الموشحات والتنزيلات والأناشيد الدينية ووضعها في قوالب غنائية حسبت له فيما بعد. ومن سوريا غادر إلى مصر فأقام بها مدة تقارب الخمس سنوات نال فيها تكريماً كبيراً بعد إن تعرف على كبار فنانيها وعلمائها كالشيخ محمد العباسي المهدي المصري وعبده الحمولي وتتلمذ عليه كثيرون في الموسيقى وقد أنشأ في مصر مجلة باسم (المعارف) إضافة إلى مساهماته في التلحين والتجويد والعلوم الأخرى.
في عام 1913م عاد من مصر إلى بغداد بعد مروره باستانبول التي تغيرت الأوضاع السياسية فيها وظهرت المشاكل والاضطرابات يضاف إلى ذلك شوقه إلى العراق وأهله الأمر الذي جعله مضطراً على مغادرة استانبول والعودة إلى العراق عن طريق الشام.
ومن خلال تجواله في هذه البلدان وهو يحمل مواهب متنوعة نعته تلامذته ومحبوه بألقاب تتفق جميعها لتعكس مجمل تلك المواهب التي عرف بها والفنون التي مارسها وأتقن أدائها ومن هذه الألقاب الملا عثمان لقراءة القرآن والحافظ عثمان لأنه حفظ القرآن وعلمه، وعثمان دده أفندي بعد انتسابه إلى المولوية وهو اصطلاح بمعنى الجد يطلق على شيوخ الطريقة المولوية والبكتاشية وهذا الاسم الذي عرف به في تركيا.كما ولقبوه بألقاب أخرى منها الموسيقار والشاعر المتصوف عثمان الموصلي وذلك لشاعريته ونبوغه في الموسيقى والعملاق الأعمى وعبقرية الموصل إلى أخره من الألقاب التي تنطبق على ما أنجزه من إبداعات فنية متنوعة. لقد كان هذا الرجل آية زمانه في سعة أدبه وعلمه وفرط ذكائه وفطنته ورقة شعوره وإحساسه وبراعته في فن الموسيقى وتفننه في قراءة القرآن الكريم وإضافاته الفنية التي أجراها على طقوس المولد النبوي، فأصبح حديث المحافل الدينية والدنيوية، وبهذه الطاقة الإبداعية المتفردة دخل دواوين بغداد المشهورة والمعروفة آنذاك من أوسع أبوابها. إذ كان له مكانُ رحبُ ولائقُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

(1) هو المحرر العراقي الأول لجريدة الزوراء وهي أول صحيفة صدرت في بغداد في عهد الوالي مدحت باشا الذي تولى الولاية في عام 1869م وله أثار أدبية وعلمية وفنية.
وبعد إن قضى زمناً في بغداد عزم على السياحة في العالم الإسلامي، إذ شد الرحال إلى الحجاز لأداء فريضة الحج المقدسة0
(2) عاش عبد الحميد الثاني بين عام 1842م – 1918م وحكم من 1878م إلى 1909م أي تاريخ خلعه.





فيها، حيث اخذ الجلاس يستمعون له ويصغون إلى حكاياته التي تتناول سفراته وجولاته وما دار فيها ويسألونه عن مسالك التجويد وبناء المقام ونظم الشعر وهندسة الموسيقى وكذلك كان يبدو رأيه فيما يطرح من خلال المناقشات التي تدور في فلك الفقه واللغة وإخبار التاريخ. ومن أشهر تلك المجالس والدواوين (مجلس آل الواعظ، مجلس السيد إبراهيم الراوي، مجلس الشيخ قاسم القيسي مفتي بغداد، مجلس مصطفى الطويل ومجالس أخرى) هذا وقد عرف الملا عثمان الموصلي بمواقفه الوطنية بوجه المستعمر الإنكليزي وذلك من خلال خطبه التي كان يوجهها إلى عامة الناس من خلال التجمعات الشعبية التي تحتشد في جوامع بغداد كجامع صندل وجامع براثا وجامع الكيلاني وجامع السيد سلطان علي وجامع ألخلاني.
يصف معاصرو الملا عثمان الموصلي بأنه كان قوي البنية كبير الجسم ممتلئ القامة أسمر اللون أشقر الشعر جهير الصوت بطئ السير يقوده تلاميذه غالبا وكثير من الناس وإذا ترك وحده سرقوا كيسه أو مسبحته أو عصاه أو حذاءه فتثور ثائرته ويخرج به الأمر إلى سب نفسه ثم يعود إليه رشده فيستغفرربه ويتوب اليه
ومن خلال حياته الفنية تعددت أزياؤه حيث ارتدى زى المولوية وهو عبارة عن جبة واسعة صفراء اللون وعمامة صفراء أيضا ملفوفة فوق طربوش, وبعدها ارتدى سروالاً على رأسه طربوشُ طويل ثم استبدل زيه قبل وفاته بثلاث سنوات تقريبا بكشيدة وعمامة.
فجعتْ مدينة بغداد بوفاته في اليوم الخامس عشر من جمادى الأخر سنة 1341هـ المصادف 30 كانون الثاني 1923م، وكان يوما شديد المطر كثير الرعد والبرق فلم يسمع كثيرُ من الناس بموته إلا بعد دفنه في مقبرة الغزالي الواقعة في الرصافة بغداد.
الإنجازات الدينية:
انصهرت حلقات الحضارة البابلية في وسط العراق مع الحضارة الآشورية في الشمال بالحضارة السومرية في الجنوب لتنبه الإنسان منذ أقدم العصور إلى أهمية الموسيقى وعلاقتها بالمجتمع، بعد إن أبدعت هذه الحضارات القديمة فلسفات كثيرة ومن أهم هذه الفلسفات هي فلسفة الدين، الذي احتلت طقوسه المكانة الأولى عند سكان العراق القدامى (1) وهم يقومون في تأدية وسماع الموسيقى والغناء عن طريق الشعائر والطقوس الدينية (2).
جاء الإسلام بين رافض ومحافظ على نظريته للموسيقى وعلاقتها بالدين، حيث تضاربت الآراء وكثرت الاجتهادات وبات الباحثون والمفسرون في حيرة من أمرهم إزاء مجموعة من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والأقاويل الكثيرة وتفسيراتها(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1)عثر المنقبون على عدد كبير من التراتيل السومرية ولاشك إن الكهنة والملوك كانوا يرتلونها بألحان خاصة مصحوبة بالضرب على الآلات الموسيقية المعروفة 00 ومن هنا تظهر العلاقة بين الموسيقى والإنشاد والعبادة، وقد يتضح لنا جلياً من الترتيل الأتي الذي كان مدوناً على أحدى الرقميات لنملا ساحة المعبد فرحاً ونبعد عن المدن الحزينة - لتبتهج القلوب وتهدأ العواطف – وتتوقف العيون عن البكاء0 المصدر – شريف يوسف – الموسيقى عند السومريين والبابليين والآشوريين – مقالة نشرت في مجلة التراث الشعبي العدد الخامس سنة 1974.
(2)يقول الدكتور صبحي أنور رشيد ( كان العراقيون القدماء يشاركون يومياً في تأدية وسماع الموسيقى والغناء وذلك عن طريق الطقوس والشرائع الدينية التي تقام في المعبد منذ استيقاظ ألآله في الصباح ولغاية خلوده إلى الراحة والنوم ليلاً، كما كانت للموسيقى دور كبير في مراسيم حمود البلاد00 إضافة إلى كل ما تقدم ترينا المنحوتات الجدارية والآشورية العزف على الآلات الموسيقية إثناء قيام الملك تقديم القرابين في المناسبات الدينية 00 المصدر أنور رشيد صبحي الآلات الموسيقية في العصور الإسلامية.
(3)يقول المفسرون المسلمون( أن المراد في الآيات التالية ) ( يزيد في الخلق ما يشاء) هو الصوت الحسن ويقول أيضا ( وان أنكر الأصوات لصوت الحمير) تدل مفهومها على الصوت الحسن. ومن جهة يعلن المعارضون أن الغناء حرام لأنه يستخدم الشعر والشعراء يتبعهم الغاوون ( ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) 00 وقد روت عائشة زوجة النبي إن محمد (ص) قال ذات مرة ( إن الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها)0 وروي جابر ابن عبده الله إن النبي محمد (ص) قال إن إبليس أول من ناج وأول من تغنى ) المصدر – فارمو – تاريخ الموسيقى العربية / ص35






وصفوة القول إن محرمي الموسيقى لم يجدوا دعامة حقيقية في القرآن الكريم يستندون إليها فيما ادعوا (1). ورغم الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي برزت في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني، في العراق ألا أننا نلاحظ أن الإشكال الموسيقية والصيغ التقليدية لم تتأثر أو تتغير بتلك الأجواء المشحونة بالتقلبات إذ أن السلطة آنذاك لم تخش أو تتردد من التعاطف مع تلك الطقوس الشعبية التي زاد انتشارها وازدهارها بعد أن التصقت الطقوس الدينية بالدنيوية وخاصة في النصف الثاني من القرن التاســع عشر في بغداد والموصـل ووجدت الألحان والأشعار الصوفية في قراءة المقام العراقي مكاناً رحباً في الادائين الديني والدنيوي مضافاً إلى ذلك أنشاء الجوامع والمساجد التي استوعبت مجاميع من المؤذنين ومقرئي القران الكريم والممجدين .
لقد فرزت تلك الظروف والمتغيرات الاجتماعية والتاريخية والجغرافية وطقوس وشعائر دينية متعددة التحمت أجواؤها بالحياة اليومية في أدق تفاصيلها، فنلاحظ الطقوس الدينية الإسلامية تختلف عن غيرها من الأديان المتواجدة في العراق، وكذلك الحال بالنسبة للطقوس الدينية المسيحية واليزيدية 00 الخ 0 وقد برزت في القرن العشرين طقوس وعادات دينية نهجت بمذاهب أهل العراق المتنوعة، وقد شاهدنا وبعيداً عن الحفلات التي تمارس فيها تقاليد تتعارض مع نهج الدين الإسلامي، تفنن صلحـــــاء المسلمين وأرباب النعمة منهم في ابتكار طرق حسنة يمارسون فيها شعائرهم وطقوسهم الدينية وهم متسننون بسنة نبيهم محمد (ص)وباساليب متنوعة وطرق مختلفة تعمق الأيمان بقلوبهم، فلجأوا إلى إقامة حفلات دينية تحت أسماء وعناوين مختلفة بحسب موقعها الجغرافي، فنلاحظ الذكر والمنقبة النبوية تقام في وسط وغرب العراق وكذلك التهليلة والمولد النبوي تقام في وسط ( بغداد) والسبايات والمواكب الحسينية تقام في الجنوب من العراق والفرات الأوسط أما المكايد وطقوسها فتقام في البصرة على وجه التحديد.واذا راجعنا انجازات الملا عثمان الموصلي نستطيع التمييز بين ثلاثة محافل برز فيها خلال حياته،ورغم ما بينها من تداخل الا اننا نلاحظ نشاطاته المتميزة في الطقوس الدينية التي اجتذبته منذ البداية اكثر مما فعلت الاجواء الاخرى كما ويقع المحفل الثاني في تلاوة القرآن الكريم ومدارسه ويمثل الثالث انجازاته في مجال الموسيقى والغناء وابداعاته فيها،
وسوف أتناول في بحثي هذا الطقوس التي مارسها الملا عثمان الموصلي خلال حياته ومدى تأثيره فيها.
المولد النبوي: اهتم أهل العراق البغداديون والمصلاويون بشكل خاص بإقامة حفلات دينية تسمى بـ ( المولد النبوي أو المنقبة النبوية ) تقام على الغالب ليلاً في ألاماكن المقدسة والمنازل والمقاهي بشكل منتظم لها طقوسها (2) وفصولها (3) وأصولها (4) تتلى في أجوائها آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية شريفة وقصائد وأناشيد ملحنة( التوشيحات والتنزيلات) (5) والتي تتبنى تلحين ونظم البستات العراقيـــــــــة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)نلاحظ في عهد النبي محمد (ص)قد أبيحت أناشيد الحج وأباحوا إن يصاحبها الطبل والشاهين وأصبحت الموسيقى أمرا ضرورياً في الحج وعيد الأضحى والفطر، كما في المناسبات الخاصة(الخطبة، الزواج، الميلاد، الختان، إضافة للأذان الذي ادخله النبي(ص)في العام الأول للهجرة وكان بلال أول من إذن في الإسلام.
(2)تقام طقوس المولد النبوي في مناسبات عامة كمولد النبي (ص)ووفاته وفي أيام شهر رمضان وأيام الحج، كما وتقام في مناسبات خاصة كالزواج والختان والعودة من الحج ويكون طابعها المرح والانشراح وكذلك تقام في مناسبات الأحزان وتكون طقوسها عكس ذلك0
(3)يتقوم المولد النبوي من أربعة فصول ولكل فصل جملة من المقامات تقرا فيه مختصرة وبشكل خاص يختلف عن القراءات في الجالغي البغدادي وهذه الفصول هي: الفصل الأول ومقاماته سبعة هي العشيران، الاورفة العجم، الجبوري، الحديدي، المثنوي، السفيان، المخالف.
الفصل الثاني: السيكاه، الرست، البيات، العراق.
الفصل الثالث: الصبا، الماهور، العشيران، العجم.
الفصل الرابع: الصبا، الجمال.
(4)يقرأ المولد من قبل قارئ معين يجلس في صدر المكان على كرسي دون بقية الجماعة00 حيث يتلو المنقبة النبوية مقسمة إلى الفصول المذكورة وينشد خلال ذلك شيئا من الشعر من غزل ومدح ونحو ذلك، وبين حين وأخر يترك الأمر إلى جماعته فيردد هولاء أشغالهم المولدية التي هي بمثابة أناشيد ملحنة على النسق النغمي المقرر لفصول المولد وتسمى هذه الجماعة(شغالة) ويتألف جمعهم من الخلفة الذي يرأسهم ويكون من أمره إن ينبههم إلى مبادئ ألفاظ الأشغال إذ يكون له اختيار ما يختار منه/المصدر/الحنفي جلال/ المغنون البغداديون والمقام العراقي ص26.
(5)التنزيلات:هي لفظة عامية عرفها الشيخ جلال الحنفي في الجزء الثالث(المخطوط)من كتابه(معجم اللغة العامية البغدادية)بما يلي(التنزيلات النبوية ما يتلوه فريق من قراء المولد من ذكر أوصاف الرسول(ص)بالألحان)



القديمة التي ترافق المقام العراقي وفي بعض الأحيان تنظم هذه الكلمات لتتماشى مع إلحان البستات القديمة، إضافة إلى قراءة المقام العراقي الذي يقع في لب هذا الطقس.
يلاحظ المتتبع لهذه الأجواء وطقوسها وخاصة في الربع الاخيرمن القرن التاسع عشر .ظهور نخبة ممن اهتموا ومارسوا تلك الطقوس، والملا عثمان الموصلي ابرز هؤلاء، قادته الظروف القاسية التــــي أحاطت به منذ الطفولة للانخراط في تلك الأجواء المقدسة، بعد إن تجمعت لديه خبرة الإسفار والمهارات المتنوعة والتي جعلت من دوره تعدديا داخل مراسيم أداء المولد النبوي الشريف بسبب أجادتــــــه لقراءة القران الكريم وخبرته في تفاصيل المقام وأدائه وقابليته الموسيقية وجمال صوته وذكائه المفرط، كل هذه الخصال اجتمعت منصهرة في بوتقة أدائه للمولد النبوي لتعكس ظاهرة تجديدية تخترق الأجواء القديمــة التقليدية التي كانت سائدة في محيط أداء المولد النبوي.
لقد تلاحمت هذه المواهب وأنجبت من شخصية الملا عثمان فنانا قياديا وشخصية متميزة من قيادة بطانته وتنظيم وتوحيد أدائهم للمدائح النبوية والتوشيحات والتنزيلات الملحنة، على هذا الأساس كون الموصلي فرقة خاصة لأداء تلك المراسيم بمواصفات فنية عالية المستوى تنسجم ومشروعه في تغيير مسارات المولد النبوي الفنية، وتحت اشرافه وتاثيره الحاسم ترعرع ونشا مجموعة من تلاميذه ومن مقرئي المقام العراقي البارزين في تلك الفترة نذكر منهم محمد علي خيوكة والد القارئ حسن خيوكة وعبد الرزاق القبنجي والد القارئ محمد القبنجي واحمد حسين علي الصفو وعبد القادر الموصلي وبعد وفاة الموصلي شكل كل من محمد خيوكة وعبد الرزاق القبنجي فرقة خاصة لكل منهم إما اشهر المعاصرين له في قراءة المولد فهم كل من الملا زين الشيخلي والملا عبد العزيز الشكرجي والملا احمد عبد الحلي.
إن حالة الركود التي كانت سائدة في أجواء المولد النبوي نتيجة التكرار الممل للتزيلات والتواشيح الدينية بعيداً عن الابتكار والتجديد بسبب كسل وجهل مؤديها إذا كان القراء للمولد خاملين في أدائهم لمراسيم المولد النبوي لايعرفون سوى الاسترسال في نغمة واحدة من البداية وحتى النهاية الأمر الذي شجع ودفع الملا عثمان إلى التفتيش عن نصوص جديدة لغرض تلحينها إثراءه لما يدور في تلك الأجواء حيث كان الموصلي يعتقد إن ديمومة هذه الطقوس تكمن في تجديد ما يدور في فلكها من نصوص وإلحان تعكس وتلبي حاجة المجتمع في تغطية مناسباته الدينية والدنيوية، ومن الجدير بالذكر إن الشعراء وشيوخ الطرق الصوفية كانوا قبل الملا عثمان يلاحقون ظهور ألاغاني الجديدة ذات اللحن الشعبي المقبول والمنتشر في الأوساط الشعبية وينظمون تنزيلا تهم على تلك الألحان ومن اشهر هؤلاء الشعراء الشيخ سعدي بن محمد أمين الموصلي والملا زيني الشيخلي البغدادي والشيخ عثمان الخطيب بن يوسف بن عز الدين الخلوتي القادري الموصلي.
وقد جاء ظهور الملا عثمان الموصلي ليسجل لنا في هذا المضمار عشرات التنزيلات والتي بقيت إلحانها خالدة إلى يومنا هذا منتشرة بين إرجاء العراق والوطن العربي والدول الإسلامية المجاورة،وعلى الرغم من صعوبة تاشير اهم اعماله من بين نتاجه الخصب،الا اننا نستطيع ان نشير الى اروع هذه الاعمال او على الاقل اكثرها انتشارا والتي اخذت مساحة رحبة في المحافل الدينية والدنيوية، ونذكر منها( طلعت يامحلى نورها شمس الشموسة والتي كان أصلها تنزيلة بهوى المختار المهدي، وزوروني في كل سنة مرة والتي كان أصلها زر النبي مرة، وربيتك زغيرون حسن التي كان أصلها يا صفوة الرحمن، وخدك المياس واشكر بشامة واصلها احمد أتانا بحسنه سبانا، وياخشوف على المكرية، ويا بنت ألمعيدي خلخالج دوى، ويا أم العيون السود، ويبن الحمولة، إضافة إلى التنزيلات التي لم تشتهر صلي ياربي على خير الأنام، ناح الحمام القمري، ياالهي بالتهاني، يا راحلين إليه بالأمان، نلت المقام الاشرف، املأ واسقينا، آه يا سيدي، نال العلا والفضل والنجاة، للعاشق في الهوى أوائل، لم يزل دمع عيوني).








الذكـــــــــــر:

مفرد وجمعه أذكار نسبه إلى ذكر الله عزوجل شأنه، والذكرحفل ديني ينتشر في الحواضر تدار أجوائه بعد إن يجتمع الصوفيين(1) فيه لمناسبة أو بدونها يمارسون شعائر وطقوس دينية يعم اجواءهااذكر الله والولاء والثناء له واستعراض صفات النبي محمد (ص)والأولياء الصالحين وذلك من خلال إلقاء بعض الأدعية والأشعار وقراءة بعض الأناشيد والقصائد التي تنظم باللهجة الدارجة ملحنة يرافقها قرع الدفوف وعلى راس هذه الدفوف آلة ايقاعية تلعب دورا أساسيا في هذا المحفل تسمى(الخليلية)(2)لقد انغمس الشيخ عثمان الموصلي بهذه الأجواء وهو محصن بمواهبه المتعددة التي أهلته إن يكون شيخا ذا مكانة مرموقة بين جمعه ومجتمعه تقع عليه مسؤولية سير حركات المؤدين إثناء أداء طقوس الذكرحيث يوجهها بانتظام نحو تنفيذ برنامج ذكره إضافة إلى مسؤولية الإشراف على التكية(3)وما يتعلق بأمورها، وهو بهذه الحال مرتبط بمجموعة من المتعبدين(الدراويش أو المريدين)(4)والذين تقع عليهم مهمة إحياء الذكر وتنفيذ طقوسه بما في ذلك إنشاد القصائد وترديد التلاحين والتواشيح والتنزيلات التي يسودها الخشوع وتعلوها الرهبة، وقد كان الشيخ عثمان يقوم في بعض الأحيان بدور قارئ المقامات(5) والتي تنسجم وتلك الأجواء.
انتسب الملا عثمان الموصلي إلى عدة طرق صوفية(6) خلال حياته حيث انتمى إلى الطريقة القادرية عام 1886 م ودرس مسالكها وطرق أدائها في الموصل على يد الشيخ محمد بن جرجيس النوري وعندما ذهب الى استانبول التقى أبا الهدى الصياد شيخ الطريقة الرفاعية واخذ عنه هذه الطريقة، وقد اثبت الملا عثمان كفاءة عالية في أداء مراسيم هذه الطريقة الأمر الذي دفع أبا الهدى إلى تقديم الملا عثمان إلى السلطان عبد الحميد الذي منحه الاهتمام والعطف والجــــاه وسمح له بدخول قصر الحرم السلطاني فكان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الصوفية كما عرفها الدكتور زكي مبارك، قديما حار الناس في تعريف التصوف وتشعبوا فيه إلى مئة رأي بل زادت أقوالهم على ألف قول وفي ذلك تلخيص لمن يريد إن يقف على معنى الصوفية يقول(إن التصوف هو كل عاطفة صادقة متينة الأواصر قوية الأصول لا يساورها ضعف ولا يطمح فيها ارتياب)..إما أشتقاق التصوف فهو من الصوف فقد كان الأنبياء والصالحون يلبسونه وبما إن الصوف هو مظهر من مظاهر التخشن والتقشف فلأجله سمي هؤلاء الناس بالصوفية المصدر/إبراهيم شهوبي/المقامات/وزارة الإرشاد/بغداد1963/ص35

(2)الخليلية/إلة ايقاعية كبيرة سميت بالخليلية نسبة الى إبراهيم الخليل.

(3)التكية مفرد وجمعها تكايا وتسمى أيضا الزوايا والخوانق او الربط، وهو المكان الذي يقام فيه الذكر وبعض الطقوس الدينية، تعلو واجهاته شعارات دينية تخط على قطع قماش اخضر اللون بعبارات كتب عليها(لا اله إلا الله، محمد رسول الله)ويعلق في جدرانها الداخلية مسابح وخناجر وسيوف ودفوف)

(4)الدراويش مفردها درويش لفظة فارسية معناها الفقير، وهم المجموعة التي تقع على عاتقهم تنفيذ برنامج حلقة الذكر وأداء طقوسه بعد الاستئذان من شيوخهم ولكل واحد منهم مكانة ومرتبة في التكية وشيوخها يصل إليها بعد جهد جهيد وطريق طويل، حيث يترتب عليه طاعة شيخه وما يمليه عليه سلوكه خلال بضع سنوات ويعتبر السيد احمد الرفاعي هو أول مؤسس للطرق الصوفية وأول من أمر بإدخال الحراب إلى البطون وشرب السم دون إن يصابوا بأذى.

(5)يقرا في الذكر أربعة فصول الأول:يسمى الدايم ويتكون من خمسة مقامات الصبا،السيكاه،الحجاز،الحديدي،الخلواتي.الثاني:يسمى المثلث ويتكون من خمسة مقامات ايضا،الرست العربي،البيات،البنجكاه،البهيرزاوي،العتابة،المصلاوي ةوالفصل الثالث:ويسمى البيومي ويتكون من ثلاثة مقامات هي الخلوتي،الطاهر،الكيلي،والفصل الرابع:يتكون من اربعة مقامات هي المنصوري والخلوتي والحكيمي والشرقي دوكان والمثنى.
المصدر/الحنفي جلال/المقام العراقي/ص29

(6)الطريقة القادرية،الطريقة الرفاعية،الطريقة النقشبندية،الطريقة المولوية،الطريقة البدرية،الطريقة الدسوقية،الطريقة الشاذلية، الطريقة الخلوتية(الوردي حمودي/عالم التكايا ومحافل الذكر/ص11



القارئ والموسيقار المفضل فيه.وعندما غادر استانبول متوجها إلى مصر التقى الشيخ يوسف العجوز إمام جامع السيد البدوي واخذ عنه الطريقة المولوية(1)والتي جاءت طقوسها منسجمة مع هوايات الملا عثمـــان كون علاقة هذه الطريقة بالموسيقى أكثر من غيرها وهنا وجد الملا عثمان ضالته بتلك الطريقة التــــــــــي يمارس فيها عزف الآلات الموسيقية بشكل شرعي والملا عثمان عازف غني عن التعريف.
التلاوة القرآنية:
القرآن قانون الله سبحانه وتعالى على ارضه،هو المآوى والامل والملاذ،وقد انتظم فن تلاوته في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بانماط وطرائق واساليب اعتمدت على المهارات والخبرات العالية في الاداء الذي يدخل في منظومته المقام العراقي ليشكل العامل الجوهري والتنظيمي في اجوائها حتى اصبح فن التلاوة منهجا ومدرسةً ارتكزعلى بلاغة النطق وفصاحة اللسان وعمق التعبير ودقة مخارج الحروف وكما يقول (ابن الجوزي)- (اعطاء الحروف حقوقها وترتيب مراتبها ورد الحرف الى مخرجه واصله والحاقه بنظيره وتلطيف النطق به على حال صيغته وكمال هيأته من غير اسراف ولا تعسف ولا افراط ولا تكلف)(2).
لقد برزت في تلك الفترة مدرستان هما:المدرسة المصرية(2)التي اعتمدت على الأنغام المجردة والمدرسة العراقية التي بنيت على المقام العراقي، وكان الملا عثمان احد رواد تلك المدرسة التي ظهرت في العراق منطلقا من وعيه في قراءة المقام العراقي ومعرفته بالأنغام المتداخلة فيه، هذا وقد احتفظت طريقة الملا عثمان لنفسها بحس شعبي يعكس إحياء التقاليد البغدادية الأصيلة المتمثلة بالادائين الديني والدنيوي، بعد إن أخذت نسيجها من المقام العراقي متجليا في أداء متفرد في خصائصه الجمالية والفنية، مضاف إلى ذلك جهارة صوته الممتلئة بنبرات عميقة وبتركيبة يصعب أن نعثر عليها في أصوات غيره من المقرئين العراقيين.
بهذه المواصفات ذاع صيت الملا عثمان واشتهر اسمه في العراق وخارجه وأصبح من المع قراء جيله بعد أن توسعت قراءته وأتقن القراءات السبع (3)0وعندما زار تركيا دعي لقراءة القرآن الكريم في جامع صوفيا وسمع السلطان عبد الحميد بحسن ادائه وجمال صوته وسلامة لغته وعينه رئيسا لقراء جامع صوفيا، كما وقرأ في الجامع الأموي في دمشق وقرأ في الأزهر بالقاهرة، ومن خلال قراءته في تلك العواصم أصبحت للملا عثمان مدرسة خاصة سميت بالمدرسة العثمانية سار على هديها تلاميذه من بعده ونذكر منهم محمد صالح الجواد من الموصل والحافظ مهدي وعبد الفتاح معروف والحاج محمود عبد الوهاب وعبد القادر عبد الرزاق الخطيب والسيد محمود الهاشمي من بغداد والشيخ محمد رفعة من مصر0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1)ان نشاة المولوية يرقى الى حادث فحواه(ان النبي محمد (ص)حين خرج من مكة المكرمة قاصدا يثرب،اصطحب معه صديقه الصديق ولما دخل غار حراء جلس الصديق (رض)على صخرة واقتربت منه عقرب ولدغت ابهامه الايمن فصاح الله اكبر الله اكبر وراح يدور ويدور حول نفسه واشتد الالم ،فاسرع اليه الرسول (ص)ومسح مكان اللدغة فشفى في الحال،وبعدئذ اعلن الصديق عن تلك المعجزة وانتشرت بين المسلمين الى ان جاء المفكر الاسلامي جلال الدين الرومي فاستخدمها في طريقته المعروفة بالمولوية والتي يعتبر الدوران من اهم طقوسها/المصدر/الوردي حمودي،علم التكايا ومحافل الذكر ص15.
(2)المصدر /الهاشمي،عادل/فن التلاوة،اصوات وانماط،/بغدادص8 (3)اهم رجال المدرسة المصرية(الشيخ محمد رفعت، ،الشيخ ابو العينين شعيشع،الشيخ مصطفى اسماعيل،الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد،الشيخ محمود خليل الحصري).
(4)القراءات السبع: هي أساليب في قراءة القرآن تختلف عن بعضها في الأداء الصوتي كما تختلف عن الأسلوب الذي ثبته ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان ..المصدر /قاسم شهرزاد/الديني والد ينوي في الموسيقى خلال العصر العثماني المتآخرفي العراق/مقالة منشورة في مجلة المجمع العربي للموسيقى/ص106.
والقراءت السبع التي تنسب الى (ابو عمرو بن العلاء،عبد الله بن كثير،نافع بن نعيم،عبدالله بن عامر اليحصبي،عاصم بن بهدلة الاسدي،حمزة بن حبيب الزيات العجلي،علي بن حمزة الكساني/المصدر/الهاشمي،عادل/فن التلاوة اصوات وانماط /بغداد/ص8
وقد استطاعت بغداد بفضل الثبات اللهجي ان تحافظ على روح القراءات القرآنية،تلك التي لها طرائق مثل(حفص،ورش،قالون،حمزة،عاصم،ابو النجود،الدوري)نفس المصدر السابق ص98


الإنجازات الدنيوية- الغناء
المقام العراقي:-
بعد أن اتسعت مدارك الملا عثمان الفنية في الموصل وهو الشاب الموهوب واستوعبت ذاكرته السمعية ألاغاني الموصلية وقراءة المقام العراقي ومخلفات التراث، تلك الفنون التي يتداولها الاسطوات وأصحاب المهن في المقاهي القديمة في الموصل وخاصة مقهى بابان ومقهى القزازي، انتقل بعد هذه المرحلة إلى بغداد ليمضي فيها أطول وأخصب فترة عاشها قياسا بالمدن والأقطار التي اقام فيها، حيث كانت النظرةالى الموسيقى والغناء في تلك الحقبة الزمنية نظرة احترام وتقدير كونها (الموسيقى والغناء)امتزجت بالطقوس الدينية المتمثلة بحفلات المولد النبوي والذكر تلك الطقوس المعبأة بالتنزيلات والأناشيد الدينية والتي انتشرت من خلال حركات التصوف وطقوسها الفنية التي جمعت بين العالمين الديني والدنيوي والتي كان يمارسها اغلب أهل المدن خلال العصر العثماني الأخير، يقول الشيخ جلال الحنفي (المواسقة والآلاتية في بغداد عرفوا واشتهروا بالعراق على الجالغي البغدادي (1) في القرن الماضي أنهم من المسلمين جميعا ثم تراجعوا عن ذلك لليهود )(2) 0من هنا يمكننا الاستنتاج بأن العلاقة الفنية بين نهج وأسلوب الغناء الديني والدنيوي تكاد تكون مشتركة أو تلتقي كثيرا من حيث الأنغام وبعض النصوص الأمر الذي سهل تنقل مؤدي الغناء بين العالمين، وقد مهد هذا الحال الطريق أمام مؤدي المقام للاشتراك في قراءة المقام في تلك الأجواء المتقاربة، والملا عثمان الموصلي الذي تتلمذ على يد قارئ المقام عبد الله الكركوكلي(3)في الموصل وأكمل تعليمه في بغداد على يد (رحمه الله شلتاغ)(4)وأمين اغا(5)إضافة إلى اتصالاته بقراء جيدين ظهروا في تلك الفترة كان علامة مضيئة في تلك المرحلة والأوساط وما يدور فيها من فنون ،يتوجب علينا هنا الوقوف قليلا للتدقيق في إثره وتأثيره بالمقام العراقي ذلك الفن الذي كان الأكثر أهمية وانتشارا قي العراق بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي كان يقرا على شكل مسلسل متوالي ينظم بمجاميع مقامية تسمى بالفصول وهي ثلاثة( فصول الذكر وفصول المولد النبوي وفصول الجالغي البغدادي)(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1)الجالغي البغدادي:هو حفلة تقام ليلا بمناسبة من مناسبات الأفراح كعرس ونحوه، وغالبا ما تدار فيها كؤوس الخمرة، بل ربما كان ذلك مما لا بد منه عند القوم 00ويقوم المغني الذي يختارونه مع جوقة الموسيقى والتي قوامها أربعة عازفين بقراءة جمهرة لكثير من المقامات لوقت متأخر من الليل 00ويكون ذلك في البيوت ونحوها0المصدر/الحنفي جلال/ المغنون البغداديون ص(23)0
(2)نفس المصدر السابق ص(25)0
(3)عبد الله الكركوكلي0ولد في كركوك عام 1831 وعاش في الموصل وكان معروفا بتفوقه في أداء المقام العراقي فضلا عن غنائه للموال وتمكنه من الارتجال الصوفي "الليالي" المصدر/قاسم شهرزاد/ مقالة منشورة في مجلة المجمع العربي للموسيقى/النهضة العربية والموسيقى/ص1090
(4)رحمة الله بن سلطان اغابن خليل(شلتاغ)كان مشهورا باسم شلتاغ وقد اجمع الكثيرون على انه من أكراد صلاحية العراق وانه ولد في كفري، وقال قوم انه من أتراك صلاحية الشام(الصالحية)وانه جيء به إلى بغداد صغيرا مع أبيه وأعمامه واستمر سكناه فيها حتى الممات/المصدر/الحنفي جلال/المغنون البغداديون والمقام العراقي/ص60
(5)امين اغا ابن الحمامجية0ولد في الأناضول قبل سنة 1240ه وجئ به إلى بغداد صغير السن وكان يسكن التكية القادرية في الميدان وهي مجاورة لجامع المراضية، وقد توفي في بغداد سنة 1310ه ودفن في مقبرة باب المعظم/نفس المصدر السابق ص42 0(5)من اشهر الذين عاصروا الملا عثمان (احمد زيدان، جميل البغدادي، كور رشيد، خليل رباز)
(6)فصول الجالغي البغدادي هي خمسة:الأول فصل البيانات ومقاماته(البيات والناري والطاهر والمحمدي والسيكاه والمخالف والحليلاوي والباجلان .الفصل الثاني الحسيني-ومقاماته- والدشت عجم والبيات عجم والأرواح والعرض بار.الفصل الثالث الحجاز-ومقاماته-الحجاز ديوان والقوريات والعريبون عرب والإبراهيمي والحديدي.الفصل الرابع الرست-
ومقاماته-الرست والشرقي أصفهان والمنصوري والحجاز الشيطاني والخنبات والجبوري.الفصل الخامس النوى-ومقاماته-النوى والمسيجين والصبا والقرية باش.


ومن خلال ترحال وتجوال الملا عثمان إلى الدول التي قام بزيارتها كان رسولا أمينا في اقتباس ونقل الصيحات الغنائية ذات الطبقات الصوتية العالية والتي لم تألفها الساحة الغنائية البغدادية ضمن أجوائها الفنية وتضمينها في دواخل بعض المقامات العراقية والتي أصبحت بعد حين جزءا أساسيا من تلك المقامات سميت بالميانات والتي تتطلب مهارة عالية في الأداء، مضاف إلى ذلك فقد ادخل بعض القطع والأوصال التي تلقنها في الطقوس الدينية التي كان يمارس أداءها، كما وذيل بعض المقامات بتنزيلات حور كلامها فيما بعد لتصبح بستات(1)ارتبطت بغناء المقام العراقي وأصبحت جزء مكملا له0تدل جميع هذه المساعي على إن الملا عثمان كان ذا مستوى راق= في علمه للموسيقى وأصولها، يقول البكري(للموصلي إسهامات في مجال المقام فمن ناحية ادخل إلى خزين المقامات العراقية مقامين جديدين من تركيا هما النهاوند والحجاز كار ،كما ادخل على مقام الحجاز-الديوان العراقي عناصر من مقام الديوان التركي الذي يغنى في الموصل)(2)
ومن خلال تواجده في تركيا التقى بالموسيقارجميل بك الطنبوري وقد سجلا معا بعض الاسطوانات التي تحتوي على غناء الموصلي باللغة التركية يشاركه الموسيقار جميل بك الطنبوري(3)عازفا على آلة الطنبور0 وبعد إن احتل الملا عثمان مكانة رفيعة بين الفنانين الأتراك عينته الحكومة التركية مدرسا للموسيقى في احدى مدارسها في استانبول، وتتلمذ على يده كبارالفنانين الاتراك كالموسيقار سامي بك والمغنية( نصيب)فاخذوا عنه الموشحات والتنزيلات الدينية ومزجوها بموسيقاهم0
جالس الملا عثمان رجال الأدب والفن والثقافة من خلال سفراته المتعددة وكما ذكرنا سابقا جامعا بين التعلم والتعليم، حيث نظم الشعر وكتب القصائد الدينية والتنزيلات والموشحات، كما كتب في التصوف والتاريخ والأدب إضافة إلى موهبته المعروفة في الخطابة وفنونها في أكثر من لغة ومارس الكتابة في الصحافة وأصدر مجلة باسم(مجلة المعارف)أصدرها في مصر خلال أقامته فيها0ومن مؤلفات الموصلي(4)(الأبكار الحسان في مدح سيد الأكوان، سعادة الدارين، المراثي الموصلية، مجموعة التخميس، تحقيق ديوان عبد الباقي العمري، نشر كتاب التوجع الأكبر بحادثة الأزهر بمصر، نشر كتاب الطراز المذهب في الأدب، نشر كتاب الأجوبة العراقية عن الأسئلة الإيرانية، نشر كتاب خواتم الحكم للشيخ علي درة).
الموشحات/
لقد برز الملا عثمان في فن الموشحات من خلال تلحينه للنصوص التي تتناول الغزل والمديح بالنبي(ص)حيث تفرد بإلحان امتازت بالتنوع في اسماطها وأغصانها وقصر أوزانها بقواف= مختلفة بعيدة عن التكرار الأمر الذي ساعد على انتشارها وانتقالها بين أفواه الناس في المحافل الدينية وخارجها، وقد ذكرت لنا المصادر التي كتبت عن الملا عثمان انه نظم ولحن ما يزيد على خمسين موشحا بقي اغلبها عالقا في ذاكرة الناس لرصانة لحنها ومتانة كلماتها ونذكر من هذه الموشحات (المح برقا لاح من أرضكم بلغ سلامي إلى سيد الأكوان، برق الحمى تنسم، من الصب بالهجر مرمى، ويحك يانفس أطيعي، لي فؤاد حسن، سائق الأحضان سهلا، حب الرسول قصدنا، صلوا على خير مضر، يامن قد علا يالهي بالتهامي ارتجي، نلت المقام الاشرف).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ(1)تعدالبستات من المصادر النغمية المهمة00والاصل في تسميتها أنها تعني نغمة مذيلة تأتي بعد الفراغ من المقام اوقبل الفراغ منه)المصدر/الحنفي جلال/مقدمة في الموسيقى العربية/ص33 (2)المصدر/البكري عادل/مع عثمان الموصلي في فنه وعبقريته/ص75
(3)من اشهر الموسيقيين الأتراك ولد عام 1873م وله عدة مؤلفات موسيقية(سماعيات وبشارف)عمل على تطوير الموسيقى التركية وكان اشهر عازف طنبور توفي عام ا1916م
(4)المصدر/البكري عادل/ مع عثمان الموصلي في فنه وعبقريته/ص40



وقد سجلت اغلب هذه الموشحات بصوت الملا عثمان على اسطوانات شمعية أو أنبوبية أما المتبقي منها في بغداد ما لا يقل عن ثماني اسطوانات اغلبها بحالة رديئة(1).
وقد غنى الملا عثمان في البلدان التي زارها بعض القصائد والموالات والأدوار والتي أداها بأسلوبه الخاص، وقيل انه كان يغني أيضا باللغة التركية والفارسية إضافة إلى العربية0لقد ساعدت الإسهامات المتميزة للملا عثمان في كتابة وتلحين الموشحات والتي بنيت بمعرفة رصينة ومتقنة على اتساع شهرته في العالم العربي، حيث قصده كبار الفنانين للاستفادة من تلك التجربة والخبرة ويذكر إن عبدة الحمولي اخذعن الملا عثمان الموصلي فن الموشحات ومزجها بالأدوار المصرية(2)كما وأشار اغلب الكتاب والباحثين على اثر الملا عثمان على موشحات السيد درويش والتي لم يظهر اغلبها الابعد رجوعه من الشام بعد إن التقى بعثمان وهواستاذ الموشحات الأول كما ويؤكدون على ألاغاني المشهورة لسيد درويش والتي انتشرت في الوطن العربي وكانت في حقيقة أمرها تنزيلات دينية عراقية أخذت من إعمال الملا عثمان. وعندما ذهب إلى تركيا وجد له كثير من المعجبين من مشاهير الأتراك، فاخذوا عنه الموشحات بأسلوب فني أطلق عليه الأتراك اسم(أسلوب الحافظ عثمان الموصلي )0وقد سجلت له اسطوانات تحتوي على اغلب نتاجاته الموسيقية والغنائية0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1)يوجد عن السيد عبد الغني اسماعيل في مدينة اليرموك ببغداد اسطوانتان مسطحتان تجمع كل منها بين عثمان الموصلي في غنائه لمقاماته باللغة التركية وجميل بيك الطنبوري عازفا على الطنبور، تحتوي الأولى منها على مقام أصفهان في وجهها الأول ومقام العشاق في وجهها الثاني وتحتوي الثانية على مقام حجاز كار شرقي في وجهها الأول ومقام هزام في وجهها الثاني وفد كتبت عليها باللغتين التركية القديمة والفرنسية اسم(الحافظ عثمان أفندي).
المصدر/ البكري عادل/مع عثمان الموصلي في فنه وعبقريته/ص15
(2)الدور نوع من الزجل، ينظم متحررا من فصاحة اللغة والأوزان العروضية الشائعة، ينظمه المؤلف في معان تتناول غالبا الغزل والتشبيب، ويسمى الجزء الأول منه بالمذهب وقابلية بالغصن، وقديما كانت الجماعة تغني المذهب، ويغني رئيسها الجزء الذي يلي(الغصن الأول)وهكذا000وكان تلحين المذهب مثل تلحين الغصن
المصدر/ عبد العظيم سهير/المجلة الموسيقية/العدد 7 تموز 1974 ص13











الاستنتاجات

(1)فنان مبدع تنوعت إنجازاته الفنية من خلال قوة وجمال وسعة مساحة صوته الذي امتزج بموهبة موسيقية تاطرت بقوة شاعريته الفذة وسعة مداركه، إضافة إلى فصاحة لسانه وقابليته الخطابية التي تجسدت في لقاءاته الجماهيرية من خلال المنابر الدينية التي كان يعتليها والتي كان يدعوا فيها إلى حب الوطن والدفاع عنه0
(2)ساهم في المحافظة على طقوس الذكر والمولد النبوي وجعل من هذا التجمع الجماهيري فنا شعبيا يمارسه اغلب فئات المجتمع في طقوسه الدينية والدنيوية

(3)ساعد بشكل فعال وبارز في انتشار تلك الطقوس بعد إن هيئت لها أجواء تنظيمية منضبطة من خلال انتقاء عناصر(الشغالة والحداية والرواديد)امتازت بكفاءة فنية عالية المستوى ومكانة اجتماعية مرموقة ساعدته على أداء الأناشيد والتوشيحات الدينية والتنزيلات التي لحنها0
(4)شجعته ثقافته الموسيقية التي اكتسبها في تجواله وترحاله بين البلدان التي قام بزيارتها(تركيا، القاهرة، سوريا)في إدخال إضافات فنية في رحاب المقام العراقي وذلك بين صيحات عالية(ميانات)وبين إدخال قطع وأوصال، مضاف إلى ذلك بعض التنزيلات التي حوته كلماتها بعد حين وأصبحت ذيولا لا بد منها ارتبط غناؤها في نهاية قراءة المقام العراقي0
(5)دفعته معرفته الدقيقة بالمقام العراقي وقراءته إلى ترسيخ وتنشيط المدرسة القرآنية العراقية التي بنيت تفاصيلها على بعض حركات المقام العراقي بعد إن حمل لواءها فيلق من تلاميذه مبشرين باحياء تلك المدرسة التي سميت بالمدرسة العثمانية0
(6)بهدف الحفاظ على استمرارية وديمومة الطقوس الدينية المشار إليها قام الملا عثمان بتلحين بعض الأناشيد الدينية والتنزيلات ليبعد الكلل و الملل عن تلك الأجواء وما يدور في ثناياها من إلحان رتيبة متكررة وهو بذلك حافظ على المفردة العراقية من الذوبان في مفردات الثقافة العثمانية.
(7)إضافة إلى الآلات الإيقاعية التي كان يعزف عليها في الطقوس الدينية فقد قادته مقدرته في العزف على اغلب الالات الموسيقية إلى إدخال قسم منها في تلك الطقوس وخاصة الذكر المولوي.
(8)يمتاز الملا عثمان في سلوكه بوجه خاص بألمامه الكامل بالمادة الى جانب روح الصبر والتفهم والمراعاة ازاء طلبته ومساعديه،وكانت هذه الصفات تخلق في دروسه جوا لا يصادفه المرء في كل مكان،دون ان يفقد الاستاذ بذلك شيئا من تاثيره،فكان يتوفر له دوما عدد كاف من الطلبة والمستمعين والمتابعين لدروسه.








المراجع
الحنفي،جلال 1- لمحات عن المقام العراقي،بغداد
2- مقدمة في الموسيقى العربية،بغداد

3- المغنون البغداديون والمقام العراقي،بغداد

العبطة،محمود 4- عثمان الموصلي في بغداد
الفولكلور في بغداد
الوردي،حمودي 5- نابغة الانشاد الديني عثمان الموصلي(مجلة التراث الشعبي ع3)
6- التكايا والاذكار،بغداد
الجندي،ادهم 7- اعلام الادب والفن/ج1/دمشق
البكري،عادل 8- مع عثمان الموصلي ،بغداد
حسن،شهرزاد 9- الديني النيوي في الموسيقى خلال العصر العثماني المتاخر في العراق الملا عثمان
الموصلي نموذجا(مجلة المجمع العربي للموسيقى،الطبعة الاولى،ص99)
الاثري،محمد بهجة 10- نموذج من تراجم القراء(الحافظ عثمان الموصلي)مجلة لغة العرب،تشرين الثاني،
1926بغداد/ص259
العلاف،عبد الكريم 11- الطرب عند العرب/بغداد/ص254

الرجب،محمد هاشم 12- المقام العراقي/بغد
حماد،محمد علي 13- سيد درويش حياة ونغم/ القاهرة/ص45

ابراهيم شعوبي 14-المقامات/بغداد/ص35
رد مع اقتباس