عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 17/02/2009, 15h07
الصورة الرمزية abuzahda
abuzahda abuzahda غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:102176
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: كندا - تورونتو
المشاركات: 1,212
افتراضي رد: تعرَّتْ ذ ُكاءْ

[quote=سمعجى;282154]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلقيس الجنابي مشاهدة المشاركة
تعرَّتْ ذ ُكاءْ





تعرَّتْ ذ ُكاءْ
وأحنتْ على لـُجةٍ من ضياءْ
وصلتْ بمحراب كون ٍ خضيـبْ سَـقـتهُ الملائكُ خمرا ً وماءْ




هذه قصيدة ( من الوهلةِ الأولى ) لفتت أذني بموسيقاها ،،



فبدت كلحن ٍ يسبقُ الكلمات ،،



بحر المتقارب هنا ،



يفرض حركاته و سكناته على أذن المتلقي ،،



و في البنية الموسيقية لهذه القصيدة ،،



يتجلى هذا ( الوَقع ) ، نظراً للجوءِ شاعرتنا إلى



التسكين في نهاية ( السطر / البيت )



و يبقي الإيقاع ( فعولن فعولن ) كدق الكطبول في الخلفية ،،



إستمعوا إلى هذا الإيقاع عند ترديده :



دُدُمْ دُم / دُدُمْ دُم / دُدُمْ دُمُ / دُدُمْ دُم



،،،،،،،،،،


هذا مِحورٌ أول ،، من عدة محاور ، تستوقفنا ،
و نحن نطالع القصيدة ،،

***

أما الثاني ،،

إندهشتُ لرسم الكلمات ، أو طريقة عرضها ( كتابة ً ) ،،

فقد ظننتُ في أول الأمر ، أن القصيدة كتبت على الشكل

( الحر ) ، الذي يعتمدُ السطرَ الشعري ، لا البيت ،،

أىّ شِعر التفعيلة ، الذي يجعل من التفعيلة ، وحدة إيقاعية في ذاتها

، بدون التقيد بعدد معين من التفعيلات في الكتابة ، على خلاف

الشِعر العمودي ،،

غير أني ، بتتبعِ عدد التفعيلات ، اتضح أنها قصيدة عمودية

( شكلاً ) ، باستثناء تفعيلتىّ مطلع القصيدة ( تعرت ذُكاء ) و

( فحنَّت ذُكاء ) و ( تسامَت ذكاء )

ثم الإقتصار على ثلاث تفعيلات في المقطع :

( و ماست على بحرِ طيب ) !

هل تعمدت شاعرتنا هذا الرسم ، لهدفٍ دلالي !

أم أن ثنائية بعض التفعيلات ، و ثلاثيتها في موقع ٍ آخر ،، لن

يجعل للقصيدة شكلها العمودي المعتاد ؟!

***

المحور الثالث ،،

لشاعرتنا خيالٌ خصب واسع ،، يستطيع أن يلتقطَ

جوهرَ الأشياء ، و يبتدع منها عالماً مدهشاً غيرَ معتاد ،،

و ساعد شاعرتنا ، ثراء قاموسها من مفردات ،،

فالألفاظ طيعة في قصيدتها ،، كأنما تتقافز متزاحمة ًإلى خيالها ،،




الشاعرة في القصيدة ، إستخدمت ( ضِمناً ) ضمير الغائب ( هي )

،، هي ( تلك الأنثى الغائبة عن الحضور ) :

تتفاعلُ مع مشهد كوني ،،



حرك فيها كوامن وجودية ، صهرتها في حالة ( توحد ) مع

الطبيعة ،، فلا فاصل ( فيزيائي ) بينها و بين الطبيعة ،،



كأنما الإنسان هو الشمس ( ذُكاء أى الشمس ) ،،



و لم تضع كاف التشبيه ( كااشمس ) ، كى لا تكونَ مسافة ٌ

بينها و بين الشمس ، فهى الشمس ، و الشمس هي



يظل الرمز مؤطراً داخل هذا التخمين ، حتى يتحلحلَ غموضه ،

مع تنامي القصيدة !



***



( تعرت ) هنا جديرة بالاستيقاف ،،



الطبيعة عارية ( كما خلقها الله ) ،،



بل كل تجليات الوجود ، خلقت عارية ، و بقيت كذلك ،،



عدا الإنسان ،، الذي ابتدعَ ( الغطاء و الملبس ) ليخفي به
( جسده ) العاري ،،



الملبس ، طاريءٌ على الإنسان ،

فهو دخيلٌ على العُرى ،،




( انظر إلى الشمس و القمر و النجوم و الشجر و الوردة

و الحيوان و حَبّة القمح ، بل تأمل أىّ شيء في الوجود ،

تجده عاريا ! )



و ما كان للإندماج و الانصهار بهذه الطبيعة العبقرية ، أن يحدث

، إلا بالخضوع لشروط الطبيعة ، كما خلقها الخالق سبحانه ،،



فالتعري ( المعنوي بطبيعة الحال ) هو تماهي مع مفردات الجمال

، التي لم يطرأ عليها طاريء ( المفاهيم الإجتماعية أو العقائدية

، أو حتى لاتقاءِ تقلبات الجو ) !



كما أنه دلالة واضحة على ( الإنعتاق ) من عالمها الأرضي ،

بأعرافه و قيوده ،،



تعرَّت ذُكاء ( تعرَّت شمساً ) ،، دلالة على القوة و الوضوح

و الدفء و الجمال الذي ينكشفُ بهذا التعري ،،



و لا أخال الشاعرة تقصد ( تعرَّت شمسٌ ) ،،



و إلا انقلبت الدلالات ، و وقعنا في شـَرِكِ المُخاتلة !



***



و تترى الصور الآسرة للطبيعة ،،



فالشاعرة تستخدم ألفاظاً دالة ، و لا تسقط في أحادية ( المباشر )

مما يدلُ على شاعرةٍ متمرسة ،، و قلم ٍ مُجَرِّب




لاحظوا :



تجليات لونية :حمرة ،، أرجوان ،، خضيب



تجليات الطبيعة : سماء ،، سحاب ،، بحر ،، كوكب ،، ليل ،، هلال ،، غيمة



أحجار كريمة : ، جُمان ، عقيق ، جواهر / ( نضار : ذهب )



تجليات ضوئية : ذُكاء ،، ضياء ،، سناء ،، شع ،، شعاع ،،

بهاء،، لهب



و استقراء المفردات ، يؤكد مدى احتفائِها بالطبيعة و الكون،،



***




العملُ في مُجَمَلِهِ ،،



رمزية ٌ ، تجعلُ من هذا( المهرجان الكوني ) ، معادلاً موضوعياً



للعاشق ، الذي يدعوها ( جعلت رمزيته هلال المغيب ) ،



إلى الإندماج به أو فيه :



( فسحركِ بات غذاء دمي ،، تعالي فحبكِ ملْ فمي ) ،



بعد أن تجمّلت :

( ،،،، وراحت تصفف شعراً ذهب )



فما كان منها في نهاية الأمر ، إلا أن :

( ،،،، آوت إلى خِدرها في إباء ) !



لا أدري إن كانت هذه الخاتمة ، و التي لم أتوقعها



( الاستجابة للنداء كانت أَوْلى ) ، قِيدَت إليها الشاعرة ،

بغوايةٍ بلاغية !



و هو أمرٌ يدركه المتمرسون من الشعراء ، و الذين يفضلون

( تركيبة مجازية مدهشة ، أو صورة جمالية ) على حساب بنية

( الفكرة ) ،، عملاً بمفهوم : ( الأفكار مجانية ) ، أما الجمال

الأخاذ ، و الصياغة المُبدِعة ،، فهى الشِعر بعينه !




و ما تسطرهُ بلقيس الجنابي ،



هو الشِعر بعينه




مع تحيـــاتي

اللهم إنك قد تفضلت علينا بكمال عبد الرحمن
اللهم فلا تحرمنا منه طرفة عين
و بارك لنا في عِلمِه الباذخ و نفسه الزكية و روحه الكريم
اللهم إن شغلته بذكرك عنا ، فذكِره بنا
فنحن لا ننساه في غفلتنا و ذِكرنا
( و أدِم "إكرامك" يا رب )
آمـــــــــــــــــــــــين
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم
رد مع اقتباس