طعام النسور" . وجلالته مغتبط لولائه ، حانقاً على"أعداء البلاد
صراع يتجلى مابين الغضب والولاء والقوة والبطش، ويصل بنا إلى حقيقة أزلية في انتشار الشر والظلم وضياع العدالة، فجزائهم وعقابهم أن أصبحوا طعاماً للنسور.
ثم يصل بنا إلى نهاية رئيس الديوان من أثر وشاية، سارعت في انتهاء أجلة، وانقلب الحال وأصبح مقيداً بعد أن كان قائداً، في أشارة إلى تقلب أحوال الزمان وسيطرة عنصر الغضب على قوة العاقلة.
إعتلى رئيس الديوان العرش فوقفحكيم الحانة يذكره بالعدل والشورى وحب الوطن.
أسكته بإشارة من يدٍ أثقلتها الجواهر . أشار له ، يحدثه بغير نبرات صوته يوم الموكب و الخمارة:ترى ياحكيم .. كم يوم تصبر الطيور فيه عن الطعام ؟ هذاالطاووس، مثلاً !
لقد جاعت النسور ياحكيم ، وأنت من حرمها انتظاموجباته
بلغة رمزية يشحذ العقل وتتجلى المشاهد التفصيلية في هذا المقطع ، وتتراكم الصور الكثيفة والمزدحمة والمتلاحقة في هذا الفكرة الدلالية وبما تحمل من ازدواجية وتصور وترميز .
ثم أومأ" السلطان الجديد"إلى جنود متراصين وقوفاً قبالته ، فاقتادوا الحكيم إلى ذات الوادي
يصل بنا القاص إلى النهاية المؤلمة والحزينة ، ويفيق الفكر بعد حالة من التركيز والجاذبية والتسمر، إلى حقيقة وجودية من تقلب الأحوال ، تاركاً في نفوسنا تساؤلات حائرة من سيطرة القوى الدنيوية من السلطان الجديد على قوى العقل الروحانية من الحكيم ، وبعد أن تكلم إليهم بإسرار الوجود وعوالم الملكوت ، وبعد أن طاف بهم في مملكة الباطن ، بما فيها من عمق ودلالة وأسرار ، لكنهم أحبوا مملكة الظاهر وبقوا تحت قيودها وأغلالها ، وأرادوا انهزام العقل وانتصار الشر والفناء .
إنها حقاً قصة ممتعة ومشوقة، وتحمل رسالة سامية راقية، ومليئة بعمق الدلالة والحكمة والتساؤل والرمز، و" النص الجيد يمتنع عن تقديم إجابات أو حلول، ولا قيمة لنص لا يقبل التأويل" كما قال شاعرنا الحكيم الفيلسوف الأستاذ كمال عبد الرحمن.
تقبل مني هذا المرور المتواضع
مع خالص الشكر والتقدير
مع التحية .