أستاذنا الكريم الشاعر والأديب المـتألق :
سيد أبو زهده
مساء الليلك والكاميليا والكادي
أسمح لي أن أبدي إعجابي بهذه القصة المشوقة ، ولا استطيع التعبير عن فرحي بها ، فقد حلقت وجالت في فكري إلى عوالم وآفاق وفضاءات موغلة في العمق والحيرة والرمز ، فهذه القصة هي أجمل ما قرأت لك ، وأكثر نص استوقفني وحيرني وسلب لبي ، فكانت كلماتها تحلق في وجداني وكان صوتها يقرع نواميس الحياة في داخلي وكانت حروفها تتلون وتتموج في براعة وسمو فتارة أجد هذه الحروف فراشات محلقة من قبل شخصية "الحكيم"وتارة أجدها دبابير لاسعة ، من قبل شخصية " السلطان"
لله درك، كيف جمعت بين المتناقضات والمفارقات في القصة ؟ مابين الخير والشر والحق والباطل وما بين الغضب والحلم والسخط ، أخذتنا في فضاءات لا انتهاء لها من السرد والتشويق والجمال ، مع طريقة ذاتية سردية مباشرة بديعة ومع شخوص ظاهرية باطنية ومن حدث مركز شديد الدلالة متخم بالتساؤلات الحائرة مع باقة من الحوارات القيمة والسرد المشوق والوصف التصوري الناطق مع سلسلة من الأحداث والأفكار المتسلسلة في أنسابية وبساطة وعفوية ، في قالب أدبي قصصي أسمة " النسور" .
أسمح لي يا أستاذي بالثرثرة والبوح المتواضع مع قطرات نهر النسور
إصطفت الجموع على جانبي الطريق يحدها سياج من عسكر السلطان وقد أمسك كلمنهم برمح زميله ، كأنهم بنيان مرصوص يشد بعضهبعضاً
يبدأ النص بتوصيف جميل ، ويدخلنا في القصة بكل قوة وبدون تشتيت لذهن القارئ ، بوصف دقيق نجح في أثارة انتباه القارىء وجذب كل حواسه المعنوية والحسية للغوص في أعماق القصة .
فتضم ذاكرته صورا لوجوه غير الهزيلة الذابلة ، وألوانا غير الترابية الكالحة، وغيرالفوضى اليومية واللامبالاه .... بذلك الحاصل من تراتيب رتيبة ونظامممل.
يدخلنا القاص في ماهية الفكرة العامة والهدف المنشود والغاية العظمى التي حدت بهم إلى الحضور، من تغير صور الذاكرة الغابرة بصور أكثر إشراقه وتوهج، في إشارة موحية مختالة في الفرق مابين الغنى والفقر والحرمان والثراء.
همس واقف: خيلنا للإستعراضوسيوفنا للرقص
حكمة جميلة وأشارة مركزة إلى أثر وسيطرة الصورة والمظاهر على الأحداث العامة واستخدام أدوات القتال للرقص واللعب لا للحرب والدفاع بل إلى الاستعراض ولا شيء غيرة .
لكنه يهم ناهضاً بنشاط حين يلمحهقادماً بموعده اليومي ويسميه"الحكيم". يؤدي له تحية الجنود لقوادهم ، فيدسبيده مصكوكة سلطانية من فضة ويضغط على كتفه ليعاودالجلوس.
تبدأ الشخصيات الأخرى في الظهور، ولعل من أهمهما " الحكيم"، وهو يدفع مالاً من اجل تحية قام بها هؤلاء، لتكون التحية والوقوف إجلالا لها ثمن والغاية هنا تبرر الوسيلة.
تخافتت جلبة الشارع بعد انحسار سحبغبار خلفتها الخيل
جملة مركزة دالة، في إشارة إلى بقاء الغبار، فإن ذهبوا، لكن يبقى غبارهم متناثراً في الأنحاء إلى الأبد.