"وهل السلم الخماسي هو مايعيقها كما يقول بعض اخوتي من الموسيقيين السودانيين" ؟؟؟
سأتوقف عند هذا السؤال من ضمن ما طرحته من أسئلة يا أخي حمدي
كلنا يعلم أن المجال الفني يتضمن على موسيقات عدة وأنظمة موسيقية ولغات ولهجات شتى، والموسيقى السودانية مثل كثير من الموسيقات ذات السلم الخماسي لها خصوصياتها وطابعها المميز.
ولن أحدثك بالمزيد عن هذه الموسيقي لأن أهلها أعلم بخصوصياتها ولكنني سأتحدث من جانب مبدئي عام يأكد على أهمية هذه الخصوصية في تحديد الهوية الثقافية للمجتمع السوداني بكل ألوانه المحلية.
أما الدعوى بأن السلم الخماسي هو ما يعيق تطور هذه الموسيقى فإن صحّت فستشمل كل الموسيقات التي تقوم عليها ثقافات العديد من البلدان وهذا الأمرغير وارد بالمرّة.
وهذه الدعاوي قرأناها في بعض الكتابات العربية كذلك والتي تتململ من النظام المقامي، وهي دعاوي بلا شك تأتي لا لتوسيع السلم بل بتقليصه بالتخلص من المسافات الصغيرة أو ما يسمى مجازا "ربع البعد" لتمكين المبدع من إنشاء موسيقى متعددة التصويت على غرار الموسيقى الأوروبية بحجة أن ربع البعد يعيق من تقدم الموسيقى العربية. وهذه الحجج كما ترى يغلب عليها التأثر بالهيمنة الأجنبية على عقول هؤلاء الموسيقييم محدودي الأفق والذين لا يرون التجديد إلا في محاكاة الغير والإقتباس من أنظمة غير متوافقة بالمرة مع النظام الموسيقي المحلي.
وهذا ليس فيه مصادرة لحق أي موسيقي بإتقان أية موسيقى أجنبية بنظامها وخصوصياتها مثل الموسيقى السمفونية الأوروبية والتخصص فيها والتمكن العميق من أساسياتها. ولكن ينبغي أن نسمي الأشياء باسمائها فالموسيقى العربية مثلا لها تطورها التاريخي المختلف عن بقية الموسيقات وإن تلاقت مع بعض الموسيقات الأخرى مثل الفارسية أو التركية أو حتى التأثير الخماسي على البعض من مقاماتها مثل شأن بعض طبوع الموسيقى التونسية.
أما الحفاظ على إرث كل أمة وتداوله بين الأجيال والمعرفة الوثيقة بمميزاته فهي أمانة على حملة هذا الإرث. وعلى الأجيال التي تريد ان تطور في موروثها هذا ان تعلم ما يناسبها من عناصر يمكن تطعيم موسيقاهم بها دون ان تحدث قطيعة أو شرخا في خصوصيات هذه الموسيقى، ويقع التصنيف إثر هذا التطوير بين الحديث والتراثي والأجنبي المستورد.