عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 17/01/2009, 17h11
الصورة الرمزية samirazek
samirazek samirazek غير متصل  
مشرف
رقم العضوية:51
 
تاريخ التسجيل: November 2005
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 79
المشاركات: 686
افتراضي رد: ودع هواك ...سناء البيسى تكتب عن محمد عبد المطلب

(3)

القادم من ريف شبراخيت بسهوله ووديانه الخضراء وجداوله الصافية‏,‏ لكنه كان صاحب الحنجرة التي تشعر معها بصوته الجبلي العريض الذي يذكرك بالقمم الشامخة العالية‏ حيث يحفل صوته الباريتوني الأوبرالي بإمكانات تخت كامل يستطيع أن يغني بكل النغمات علي حبال سخية تنساب عليها الأنغام صعودا وهبوطا من قرار المشاعر الدفينة‏,‏ يساعده نفس طويل كحبل ممدود لا ينقطع ولا ينتهي بل ينعقد وينفك لينعقد وينفك وكيف لا وقد رددت حنجرته الآذان وهو لم يزل طفلا من فوق مئذنة مسجد البرديني بحي المغربلين‏..‏

صاحب أقوي حنجرة بين جميع المطربين التي تغطي أوكتافيين في السلم الموسيقي الغربي‏,‏ وديوانين في السلم الموسيقي العربي‏.

.‏ مطرب صالة بديعة مصابني وفرقة ببا عزالدين وزميل فريد الأطرش ومحمد فوزي وإبراهيم حمودة وإسماعيل ياسين وشكوكو وكاريوكا‏,‏ وكان قد بدأ مع بديعة بالقطعة مقابل عشرة قروش في الليلة ــ أي ثلاثة جنيهات في الشهر ــ إذا ما غني بلا انقطاع طوال الشهر‏,‏ ثم ارتفع راتبه إلي خمسة جنيهات‏,‏ ثم سبعة حتي بلغ‏12‏ جنيها قبل الحرب العالمية الثانية‏,‏ وكان قد ظهر في فيلمها الاستعراضي ملكة المسارح الذي قامت بإنتاجه عام‏1936‏ وقدمت فيه نجوم فرقتها في الرقص والغناء إخراج الإيطالي ماريو فولبي.

قال الصديق لطلب خد بالك من ابني عمار وشغله معاك في ملهي رمسيس بالهرم ده الولد موهوب وييجي منه بالالتفات والمراعية‏..‏ وكان الرجاء علي لسان مراد صديق محمد عبدالمطلب‏,‏ وكان الحديث حول الابن عمار الشريعي في صباه الذي شرخ وغدا موسيقارا يشار إليه بالبنان فيما بعد والذي يقسم بقدرة عبدالمطلب المذهلة في غناء الموال‏,‏ فعندما كان يصاحبه بالأوكورديون أثناء الغناء يخرج المذهل من مقام موسيقي ليدخل في لحظة المستحيل لمقام آخر في ثانية بلا أي نشاز‏..‏ قدرة غني بها سيد الموال خمسين موالا مجهولة المؤلف والملحن والذي منها في غدر الزمان‏:‏


غدار قوي يا زمن عمرك مالك صاحب ***** أخذت أعز الحبايب مافضلشي ولا صاحب

صاحبت صاحب أتاري صاحبي مصاحب**** وصاحب اثنين مالوهشي يا زمن صاحب



أشكيك لمين يا زمن وانت مالك صاحب

ويلتقي عبدالمطلب علي سلم نقابة الموسيقيين بالموسيقار كمال الطويل الذي يلقي السلام لأبوالنور فيسأله الأخير‏:‏ انت يا كمال مش عايز تدخل التاريخ؟‏!‏ أنا التاريخ‏..‏ أنا النجم وكلهم شهب‏..‏ لا صوت يعلو علي صوت طلب‏..‏ انت لا ممكن حتدخل التاريخ إلا من الباب الملكي لعبور المحيط‏..‏ إلا إذا غنيت لك أنا حاجة من تلحينك‏......‏ ويرد الطويل‏:‏ حيحصل‏..‏

ويصطحب الخال ابن الشقيقة المحامي أسامة عبدالعزيز عيسي لحضور تسجيل أغنية‏(‏ طلب والطويل‏)‏ الشهيرة‏:‏

بتقول وتعيد لمين وتغير من ده وده ******* الناس المغرمين مايعملوش كده

ولأنه مصدري ومقصدي الثري لكنز المعلومات عن خاله عبدالمطلب الذي لم يكن يشرع في عمل فني جديد إلا بعد مباركة الشقيقة‏,‏ حيث يذهب إليها ليقبل يدها في بيتها بكوبري القبة في طريق المطار ليقول لها‏:‏ ادعي لي يا أم محمد‏..‏

سألت رجل القانون نجل الشيخ الجليل عبدالعزيز عيسي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عن أجمل الأبيات التي غناها الخال وظلت تعيش معه فأتاني بثلاثة ألحان

أولها لزكريا أحمد‏:‏
آه من جمال العيون آه من حلاوتها ****** بين الرضا والصدود نارها وجنتها

ومن ألحان عزت الجاهلي‏:
‏ دي أحلي صحبة مودة صحبتك يا ورد ***** الوردة في حضن وردة وكل عود علي عود

ولسيد مكاوي‏:‏
كل مرة لما أقابلك‏..‏ ألتقيك توعد وتخلف ***** ولما أعاتبك التقيك تحلف إن ده كل غصب عنك

وأسأله عن خوض محمد عبدالمطلب معركة الانتخابات بعدما جمعت من معلومات تقول إنه ظل حياته بعيدا عن أي نشاط سياسي‏,‏ فلم ينضم إلي أي حزب رغم ميله لحزب الوفد‏,‏ حيث كان مقربا من زعمائه اللاحقين بسعد زغلول.... كمصطفي النحاس.... ومكرم عبيد ....والمنشقين علي الوفد مثل النقراشي ....وأحمد ماهر‏,‏ فيجيبني:
فاجأ الخال للجميع بعدما انتخب في قريته عضوا في الاتحاد القومي بعد الثورة بترشيح نفسه لعضوية البرلمان ليكون زعيما سياسيا بعد تقدمه للناخبين ببرنامج سياسي‏,‏ لكنه لم ينجح‏,‏ وعندما نقلوا إليه التشنيعة أنه لم يحصل حتي علي صوته أجاب بخفة ظله المعهودة‏:
‏ ده صحيح لأني أعطيت صوتي للمرشح الثاني‏..‏

في الستينيات أصيب عبدالمطلب بحالة نفسية أفقدته صوته فوقف في احتفالات الجيش بالثورة يفتح فمه ويغلقه بينما كان محمد رشدي هو من يغني بصوته من خلف الستار‏,‏ وعندما ذاع خبر فقدانه الصوت أصدر محمد حسن الشجاعي المسئول عن الموسيقي والغناء بالإذاعة قرارا بمنع محمد عبدالمطلب من الغناء أمام الميكروفون بحجة أن صوته لم يعد صالحا‏,‏

وكان محمود الشريف الصديق والنسيب الذي تزوج عبدالمطلب بـكريمة شقيقة زوجته فاطمة فحق فيهما قول الشاعر عبدالله شمس الدين‏:‏ هو والشريف تلاقيا في الفن من قبل النسب‏..‏

كان الشريف قد وضع له ثلاثة ألحان علي إيقاعات الرومبا والسامبا‏ ...‏ فلم يوافق الشجاعي علي تسجيلها بصوت عبدالمطلب‏,‏ وأيده في ذلك محمد عبدالوهاب الذي رشح عبدالحليم حافظ لها‏,

‏ لكن الشريف تمسك بعبدالمطلب قائلا للشجاعي‏:‏ سأسجلها بصوت عبدالمطلب علي مسئوليتي الشخصية‏..‏

وسجل طلب الألحان الجديدة بصوته لتلقي نجاحا كبيرا فقد حلت العقدة واستعاد الصوت الشجي انطلاقته في كنف ألحان الشريف رفيق الدرب‏,‏ حيث كانا قد تلاقيا معا كمطربين مبتدئين في فرقة بديعة مصابني عام‏1932,‏ لكن الشريف اتجه إلي التلحين وكان أول ألحانه بتسأليني بحبك ليه؟ ....التي ذاعت شهرته وشهرة صاحبها‏,‏ وسارا معا علي الطريق ليلحن له أشهر أغنية تاريخية لاستقبال رمضان رمضان جانا أهلا رمضان‏..‏ وذلك مرورا بأغاني ميعاد حبيبي.... وياللي سقيتني الهوي... وبياع الهوي... وودع هواك ...والسبت فات ...ويا سايق الجندول عدي القنال عدي.... وأغنية يا أهل المحبة التي حاول ملحنها بمساعدة مطربها الخروج من الحدود المألوفة للغناء العربي حيث الدوران في المنطقة الصوتية الوسط باستخدام الطبقات الصوتية المختلفة في الغناء العاطفي‏.‏

ويقلدون شخصية عبدالمطلب بأساليب مبالغ فيها ويتقبل ذو الصدر الرحب تقليد منير مراد ولبلبة والجنيدي وشكوكو وإسماعيل ياسين وفيروز في طفولتها‏,‏ ويقول مفاخرا إنها ضريبة الشهرة‏..‏

لكنه لم يحتمل قسوة تقليد المونولوجست سيد الملاح‏,‏ فقد رأي فيه إهانة شخصية مما جعله يصعد أمام الجمهور علي خشبة المسرح ليمنعه بنفسه‏.‏

وكان سيد الليالي والموال ــ كما يقول المؤرخ الفني محمد الكاتب ــ مطربا كبيرا‏,‏ عالي الصوت في رقعة الوطن العربي من الخليج إلي المحيط‏,‏ إلا أنه لم ينل حظه من التقدير والتكريم في وطنه‏,‏ وظل يشكو إهمال الإذاعة لأغانيه‏..‏

وقبل وفاته ببضعة أشهر في مارس‏1981‏ دعي للغناء في إحدي الحفلات المذاعة‏,‏ وجلس ينتظر دوره‏,‏ لكن الحفل انتهي قبل أن يسمح له بالوقوف علي المسرح‏,‏ وحرم المستمعون في مصر والعالم العربي بعد احتجابه الطويل من الاستمتاع بفن طلب في حفل الوداع‏..

‏ حتي الظهور علي شاشة التليفزيون في برنامج منوعات دينية من إنتاج شركة القاهرة للصوتيات والمرئيات الذي تضمن ثمانية وعشرين دعاء سجلها عبدالمطلب علي الشرائط واستعد لتصويرها بملابس الإحرام لم يشأ لها القدر أن تري النور‏,‏ ولا يبقي من تراث غنائه المصور سوي أغنتين فقط لا غير اسأل مرة علي والناس المغرمين

و‏..‏ كنا نظنه توفيق الدقن الذي ابتدع اصطلاح.... آلوووه... بمعني نحن هنا‏,‏ فإذا بقائله هو:
طلب أبوالنور الذي قال‏:‏ ألوووه ....سلم لي علي الترماي قبل أن يصبح السلام الآن علي المترو‏!!
__________________
مع تحيات سمير عبد الرازق
رد مع اقتباس