عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 04/12/2008, 19h29
الصورة الرمزية NAHID 76
NAHID 76 NAHID 76 غير متصل  
رحمها الله رحمة واسعة
رقم العضوية:61292
 
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 765
افتراضي ميدان الجامع الكبير

بسم الله الرحمن الرحيم

ميدان الجامع الكبير

إستقلت مع زوجها السيارة الأجره عائدين الى بلدتهما .. عقب انتهائهما من زيارة قريب لهما .. كان يجرى جراحة فى مستشفى تخصصى بعاصمة الإقليم .. جلسا صامتين كل منشغل بما يدور فى ذهنه من مشاغل الحياة المختلفه ..
عندما اقتربت السيارة من بلدتهم نظر الزوج إلى زوجته قائلا .....
... إسمعى بعدما نصل إن شاء الله إذهبى أنت لاستلام صورك من استديو العروسين .. وأنا سأذهب للترزى لأستلم ملابسى .. حتى لا نتأخر فى أعمالنا .. والمقابله بعد ذلك فى ميدان الجامع الكبير قبل عودتنا إلى البيت ....... هزت رأسها موافقة دون أن تعقب ...
وصلت السياره وانطلق الزوجان كلا فى وجهته .. الزوجه للاستوديو والزوج للترزى .. ولدى وصول الزوجه لاستوديو العروسين .. طلبت صورها من صاحب المحل .. فى اللحظة التى هم فيها لاحضار الصور لها .. رن جرس التليفون .. إستدار ليرد على المكالمه .... أيوه .. أهلا أهلا .. آه .. ممكن .. طال الحديث فى .. حاضر .. ونعم .. ومن عينيه .... بينما أخذت هى تتململ فى جلستها وعلى قسمات وجهها ملامح الغضب والضيق .. أخذت تهمس لنفسها وهى تحاول أن تكظم غيظها .. وبعدين .. هو ده وقته .. زوجى ينتظرنى ..
تجاهلها المصوراتى كأنه لا يشعر بوجودها .. واستمر فى ثرثرته ... وبينما هى على تلك الحال من السأم والضجر .. فوجئت بسائق التاكسى الذى كانت تستقله مع زوجها .. يدخل من باب الأستوديو مبتسما .. رافعا لها فى يده حقيبة يدها التى نسيتها بالسياره .. وفى حركة لا إرادية تحسست كتفها فلم تجد الحقيبه مكانها .. إندهشت .. نعم هذه حقيبة يدى الشنواه السوداء .. ماذا دهانى .. كيف نسيتها .. وقبل أن تنطق بكلمة بادرها السائق قائلا ..... شنطتك يا هانم .. نسيتي أن تأخذيها عند نزولك من السياره .. كنت أدعو الله أن أتمكن من اللحاق بك هنا ..
.... وكيف علمت أنى هنا ؟..
.... سمعت زوجك وهو يقول لك أنك ستذهبين إلى استوديو العروسين والاستاذ رايح للترزى .. وطبعا أنا سائق واعرف كل هذه الاماكن .. ربنا يعلم كنت أسرع وأنا فى طريقى إلى هنا حتى أتمكن من اللحاق بك .. الحمد لله أن وجدتك ..
شكرته كثيرا .. فى الوقت الذى طلب فيه منها أن تفتح حقيبتها لتطمئن على محتوياتها .. رفضت قائلة إنه لم يكن بها إلا أوراقا تخص عملها ودراساتها .. بعد أن خرج السائق أخذت تحدث نفسها وهى تضرب كفا بكف ..... يا إلهى ... كنت أتململ من ثرثرة صاحب المحل فى التليفون وقلة ذوقه .. لم أكن أعلم أن هذا كان خيرا مخبأ لى .. كأن الأقدار فعلت ذلك حتى أبقى هنا .. ليلحق بى السائق ومعه حقيبتى وما تحويه من أوراق يتوقف مستقبلى عليها .. أشكرك يا رب .. وعسى أن تكرهوا شيئا .....
دست الصور فى حقيبتها وخرجت إلى حيث زوجها .. بدت شاردة تفكر فيما لو كانت ضاعت حقيبتها منها .. تذكرت فى تلك اللحظه موقفا مشابها حدث معها منذ زمن .. تذكرتة الان وهى تربط بين الحادثتين .. منذ سنوات كانت تستقل السيارة فى طريق عودتها فى أجازة نصف العام الدراسيه إلى بلدتها .. كان يجلس بجوارها شابا يرتدى زيا عسكريا .. تدل ملابسه وهيئته أنه مجند فى الجيش .. يحمل معه شيئا بدا شكله غريبا .. كان صندوقا حديديا داكن اللون .. طلب منه السائق أن يضعه فى شنطة العربيه .. رفض بإصرار قائلا له .... لا .. لا .. سأضعه هنا تحت قدمى .. وانطلقت السيارة ولم تمض إلا دقائق حتى راح الشاب فى نوم عميق .. إلى أن وصلت السيارة إلى بلدة المجند .. نادى عليه السائق .. صحا من نومه يفرك عينيه .. ثم غادر السياره .. وانطلق السائق بما بقى معه من ركابه .. كل منهم فى طريقه إلى بلدته ..
تنفست الصعداء بعد أن اتسع المكان بجوارى .. رحت أساوى هندامى وأعتدل فى جلستى .. وإذا بى أثناء ذلك تقع عينى على الصندوق الحديدى الذى كان مع المجند .. فى هذا الوقت كانت السياره قد اجتازت حدود بلدته ..
طلبتُ من السائق أن يتوقف ... قلت له العسكرى نسي الصندوق الحديد .. لابد أن نرجع له فورا .. ربما يكون عهده .. ويعاقب بسببها .. تململ السائق معلنا عن ضيقه رافضا العوده .. أخذت ألح عليه وأرجوه وشاركنى فى ذلك بقية الركاب دون فائده .. كان يتعلل بضيق الوقت .. أمام إصراره طلبت منه أن يتوقف لأنزل من السياره .. وسوف أجد طريقة للوصول بالصندوق إلى صاحبه .. شعر بالحرج وبدا انه يراجع نفسه .. إنتهزت الفرصه وعلى الفور أخرجت من جيبى ورقه ماليه ودسستها فى يد السائق الذى قال ... طيب .. خلاص .. أمرى لله .. أهو نكسب فيه ثواب .. واستدار السائق بالسياره ولدى اقترابه من بلدة المجند .. لمحه واقفا على قارعة الطريق وقد بدا متوترا تكاد عيناه تخرجان من وجهه .. وهو يحاول فى استماتة إيقاف أى سيارة بعد أن اكتشف فقدان صندوقه ...
فوجئ بالسيارة تقف أمامه وأنا أبتسم وأشير له بيدى .. تنفس الشاب الصعداء وأخذ يدعو لى وللسائق على هذا المعروف الذى لن ينساه أبدا وشكر كل من كان بالسياره ...
تذكرت كل ذلك وعاد بها شريط الذكريات وهى تقول لنفسها .... واليوم يأتى لى سائق بحقيبتى التى نسيتها .. يا الله .. الحقيبه التى تحتوى على ما كان سببا فى شرود ذهنى لدرجة نسيانها داخل السيارة .. كأن عقلى الباطن يريد حل مشكلتى بفقدانها .. كان بالحقيبة أوراق ومستندات المنحة الدراسيه التمهيديه بأمريكا للاعداد لرسالة الدكتوراة .. والتى تحصلت عليها بعد جهد جهيد ومحاولات مضنيه فى مراسله الجامعات المختلفه .. فى الوقت الذى كان زوجها يعارض فى سفرها قائلا لها .... ما الداعى للسفر والغربه .. أمامك جامعات بلدك .. أكملى دراستك فيها .. أخذت تحدث نفسها ... لماذا يتعنت زوجى هكذا .. أهى الغيره من طموحى .. لا .. لا .. لا أظن .. لكنه أمر محتمل .... أم يرفض لمجرد الرفض .. كيف يحرمنى من تحقيق طموحى .. ماذا لو أصر زوجى على منعى من السفر .. وماذا لو أنا تمسكت برأيى وخالفته .. يا ترى ماذا سيحدث .. وكيف تصير الامور بيننا .. وإلى أى حد يصل بنا هذا الخلاف .. وبينما هى غارقه فى أفكارها وهواجسها .. إنتبهت على صوت يقول لها ......
..... إيه الحكايه .. إتأخرتى كده ليه ؟..


كان زوجها .. وكان ميدان الجامع الكبير .........


__________________
إذا أنا لم أعط المكارم حقها

فلا عزني خال ولا ضمني أب
رد مع اقتباس