
28/11/2008, 13h44
|
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
|
|
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 70
المشاركات: 839
|
|
|
رد: يا قلبى ارتاح -- سيد اسماعيل
و كانت بعض أعمال مرسى جميل عزيز تثير من حولها احيانا دوائر من الجدل .. حدث هذا مع اغان مثل .. يا امه القمر ع الباب .. و من غير ليه ... و فات الميعاد.
و لكن حدث ذات مرة ان الصحفى و الكاتب الراحل الاستاذ / جليل البندارى ... أتهم مرسى جميل عزيز أن نصوص او مقاطع من بعض اغانيه مقتبسة من اغان قديمة .
اليكم هذا المقال المنقول عن مجلة الهلال المصرية :
عندما اتهموا شاعر الألف أغنية بسرقة الأغاني
أغاني مرسي جميل عزيز أمام محكمة النقاد
اشتهر الصحفي الراحل جليل البنداري (توفي 1968م) في حقبة معيّنة، بأسلوبه اللاذع في النقد والكتابة الأدبية والفنيّة ضد الفنانين والشعراء .. هذا الصحفي خاض معركة عنيفة ضد شاعرنا مرسي جميل عزيز وجّه إليه الإتهام فيها بسرقة 12 أغنية ! .. وهو اتهام لو صحّ لكان كفيلا بالإطاحة بأكبر شاعر ..فماهي حقيقة ماجرى ؟؟ وماخلفية تلك الوقائع التي أدت إلى تشكيل محكمة نقدية من كبار النقاد الأكاديميّين للفصل في دعاوي السرقة في ظاهرة غير مسبوقة من قبل ؟؟
من هو قرصان الأغاني :
تعود البداية إلى مقال نشره جليل البنداري في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 28/10/1961م بعنوان :"من هو قرصان الأغاني .. الذي سرق أجمل كلمات الموسم ؟؟" .. وفيه يوجه إتهاما لشاعرنا بأنه سرق مطلع أغنيته الوطنيّة :"أنا شفت جمال والنبّي يمّه أنا شفت جمال" من كلمات أغنية للشاعر أحمد شفيق كامل :"قولوا للأجيال أنا شفت جمال أنا عشت معاه في زمان واحد .." .. وهنا يكتب مرسي جميل عزيز ردا عنيفا بتاريخ 11/11/1961 بعنوان :"أغاني الشعراء وأغاني صبيان العوالم !" شن فيه هجوما معاكسا ضد الكاتب جليل البنداري، وضد مأمون الشناوي الشاعر الذي أكد اتهامات السرقة وقال عنه :"أتحدّاه أن يقف أمام لجنة من النقاد والأدباء تمتحنه في أبسط قواعد الكتابة الفنية !" ..
ويشرح مرسي جميل عزيز في مقاله بأن جملة "أنا شفت جمال" لاتُعتَبر سرقة، بل لاتعدو كونها تعبير تلقائي يرد على لسان أي إنسان يقف هذا الموقف .. ثم ينهال مرسي جميل عزيز بالنقد والتجريح ضد كلمات أحمد شفيق كامل التي زعموا أنه سرق منها ويكشف مابها من اختلال واضطراب وتكسير في الأوزان .. ولم ينسَ مرسي عزيز بدوره أن يوجه إتهاما إلى مأمون الشناوي بأنه سرق أغنيتين من أغانية لليلى مراد من شاعر آخر .. قائلا له :"واخذ بالك يا مأمون ؟!" ..
ويختم شاعرنا مقاله بنداء إلى "السادة كتابنا الكبار" كي يقولوا كلمتهم في القضية المثارة حسب قوله :"أرجو أن نسمع كلمتهم التي تضع الحدود الفاصلة بين أدب الشعراء وأدب صبيان العوالم " .. !
ولكن مأمون الشناوي يكتب ردّا على مرسي جميل عزيز بتاريخ 18/11 بعنوان :" إشاعة كاذبة في جوّ الأغنية .. منطق البطيخ ومنطق الفن والأدب !" حاول فيها تأكيد اتهام السرقة، كما حاول أن يغمز تجارة الفاكهة التي ارتبطت بها اسرة الشاعر قائلاً :" وتجارة البطيخ التي يزاولها مرسي جميل، والتي يجني من ورائها دخلا ضخما،هذه التجارة عمل شريف لايحط من قدره كمؤلّف أو مواطن !، ولكن لاينبغي أن نستخدم منطق البطيخ في النقد الأدبي أو النقاش الفني، وإلا أصبح المجال الأدبي شادراً تختلط فيه نداءآت الباعة بطلبات الزبائن، ويختلط فيه الحلو بالمائع والطازج بالحامض والسليم بالمكسور والطيّب بالأقرع !"
والحقيقة أن مايقوله مأمون الشناوي هو استظراف وخفة دم، ونكتة لاتضحك أحداً، خلافا للغيرة المهنيّة المفهومة، ولن يستطيع بهذا الأسلوب أن يقنع أحداً بصدق مزاعم السرقة واللطش ..
عريضة دعوى بسرقة 12 أغنية :
وفي نفس العدد 18/ 11 واليوم الذي يليه كتب جليل البنداري مقالا عنيفا من جزءين بعنوان :"إنت وبس اللي حرامي !" يتهم فيه مرسي عزيز بأنه قد سرق 12 أغنية من أشهر أغانيه .. ويالها من تهمة لو صدقت .. وكانت الأغاني المزعوم سرقتها على النحو التالي :
- يمّه القمر ع الباب، التي غنتها فايزة أحمد ... مأخوذة من أغنية للست توحيدة صدرت عام 1922 وتقول كلماتها :"يابا القمر ع الباب نور قناديله / أردّ يابا الباب ولا أنادي له"
- حبك نار / قربك نار / بعدك نار / واكتر من نار / نار ياحبيبي نار، التي أدّاها عبدالحليم حافظ ... مأخوذة من أغنية للمنولوجست سميرة عبدة ونظم عبدالفتاح شلبي، ومطلعها هو :"حبك نار / قلبك نار / طبعك نار / خلّيت عيشتي مرار في مرار / نار نار نار "
- بتلوموني ليه / لو شفتم عينيه، أغنية عبدالحليم حافظ ... مأخوذة من مطلع أغنية لرجاء عبده :"يتلوموني ليه / روحوا لوموه هوّه"
- شفت بعيني محدّش قال لي، لمحرّم فؤاد ... مأخوذة من أغنية :"شفت بعيني وقلبي قال لي"
- عطشان ياأسمراني محبة، التي كتبها الشاعر لنجاة الصغيرة ... مسروقة من أغنية المطربة السودانية عائشة الفلاتية :"ياحبيبي ياأسمراني محبة" ..
وهكذا في بقية الأغاني التي زعم أن الشاعر سرق مطالعها وأفكارها من الآخرين .. كان يورد المطالع والكلمات المتشابهة، ويحاول توثيق ذلك بإثبات تواريخ الإذاعة لكل الأغاني والمقارنة بينها ..
محكمة النُقاد :
الغريب أن مرسي جميل عزيز لم يهتز ولم يضطرب، وظل ثابتاً متماسكاً أمام هذا الإتهام، ولجأ إلى تفنيده ونقضه بطريقة غير مسبوقة .. فقد أرسل إلى جريدة "أخبار اليوم" شيكاً بمبلغ 500 جنية، مقابل أن تعقد الجريدة محاكمة علنية تستدعي لها مجموعة من كبار النقاد والأدباء، للتحقيق والتحري عن صحة اتهامات جليل البنداري ..
وبالفعل انعقدت تلك المحاكمة في عدد يوم 9/12/1961 وكان من أعضاء هيئة المحكمة الأدبية كل من الأساتذة .. د/علي الراعي – د/لويس عوض – د/عبدالقادر القط - د/ محمد مندور والشاعر صلاح عبدالصبور ... وبعد التحقيق وفحص الأدلة والمستندات أصدرت المحكمة حكمها بتبرئة مرسي جميل عزيز من تهمة السرقة في عشر قصائد على الأقل .. وجاء منطوق الحكم وحيثياته على النحو التالي :
" أولا : يميل الرأي العام للنقاد إلى تبرءة مرسي جميل عزيز من تهمة السرقة في عشر قصائد .. وهناك رأي آخر يميل إلى اتهامه بالإقتباس في قصيدتين (أي أغنيتين) وهما "يبو رمش بيجرح" و" يمّه القمر ع الباب".
ثانياً : يُجمِع النقاد تقريباً على أن موهبة مرسي جميل عزيز لاشك فيها،والذين يسلّمون من النقاد بأن مرسي جميل عزيز قد استعار شيئا من الآخرين، هناك شبه إجماع على أن مرسي تفوق على الذين أخذ منهم تفوقا كبيراً وملحوظاً.
ثالثاً : قاموس الأغاني عندنا محدود، والكلّ يأخذ من التراث الشعبي، وهذا سبب كبير من أسباب التشابه والإلتقاء بين المؤلّفين "
وهكذا أنصف النقاد بحكمهم هذا شاعرنا مرسي جميل عزيز .. وقد اتضح من البداية مقدار التجني والإفتيات،والغيرة المهنيّة، والرغبة في تحقيق خبطة صحفية تعتمد على الإثارة والإبهار، ولو على حساب الموضوعية والإتزان
|