أعجب ما في هذا السرد القصصي هو مصداقيته التي تشع من كل
حرف من كلماته والذي يدل بلا مجاملــة أننا أمام كاتبة متمكنــة
كثيرا من أدواتها .. و هذه المصداقية التــي تشع من بين كلمات
القصة والاختيار الموفق بشكل كبيــر لترتيــب الأحداث ووضع
المشاعر التي تلخص وتركز وتختصر الانفعالات بمهارة، كل ذلك
في جانب أما الجانب الآخر الذي يجـب أن اصفق له بحماس كبير
هو تلك الموسيقي الذكية والموفقة جـدا في اختيار العنوان الذي
هو رأس العمل الأدبي ( روز والخاتم الفيروز) .. وجعل بطلي
القصة في صدارة الكادر أمامنا من أول وهلة ( السيدة روز البطل
الآخر فص الفيروز) وبالاقتراب من النهـــــاية سنعرف أن فص
الفيروز ما هو إلا جزأ أصيلا من روز نفسها وهو يمثل كبريائها
وكرامتها وهو أيضا رمزا للشخصية التي توجد تحت جلد بطلة
قصتنا وهي ليست الشخصية علي حقيقتها ولكن شعورها الخفي
بنفسها وقد حاولت الكاتبة من خلال ذكريات بطلتها العاطفية
القديمة أن تختصره وتختزله برموز لتراكيب روز نفسها لتضعنا
في ارتباط هذا الحجر الكريم الحالم بكرامة هذه السيدة التي أشارة
الكاتبة أنها تختلف في شخصيتها وتركيبتها الإنسانية تماما عن
بقية اخوانها.. ولنتوقف لحظة أمام مشهد إلقاء الخاتم الفيروزي
من نافذة العربة والذي أشعرنا كأنها نزفت كرامتها الجريحة ونفذت
بهذا الربط الموفق إلي قلبها الذي هو في حقيقة الأمر فص
الفيروز .. وعندما تأتي النهاية تطرح الكاتبة تساؤل لا تنتظر منا
الإجابة عليه لكنها صنعة وحرفة العمل الأدبي في طرح
الأفكار وتداخل المشاعر في لحظة الهزيمة ومراجعة النفس
وكأن الكاتبة تطلب من روز بطلة قصتها أن تجيب هي نفسها
علي أسئلتها لتنجو من نفسها بنفسها
..
تحياتي