خالص تحياتى و شكرى لكى مدام ناهد
على تكرار تجربة الكتابة للقصة القصيرة , خصوصا و انك هذه المرة لم تأت بقصة تكاد تكون واقعية كسابقتها , و إنما هى نتاج فكر ,و هذا هو الأكثر جمالا من سرد الواقع ( إن كان الواقع أحيانا أشد مرارة و أكثر غرابة من خيال المؤلف )
و اسمحى لى أن أقول رأيي صراحة و بلا مجاملة ليس لمدام ناهد و إنما للكاتبة السيدة ناهد
بداية هى من نوع القصص الذى يحمل عبرة و عظة تربوية للناس كروايات المسلسلات الإذاعية أو الصور الغنائية
و التى يريد منها الكاتب أن يقول للناس إفعل كذا و إياك أن تفعل كذا , و هذا النوع من القصص افتقدناه كثيرا اللهم إلا من قليلين ممن يهتمون بأخلاقيات الناس , و محاولاتهم لرفض السلوكيات السلبية
فشرحتى حضرتك قصة فيروز التى تزوجت زواجا تقليديا و هى فى سن صغير من أول عريس ,
و لكن لأنها طفلة أبوها المدللة اكتسبت نوع من قوة الشخصية و التمرد جعلها غير راضية بواقعها و غير قانعة بذلك الزوج الذى اختارها و لم تختاره ,
و يبدو أن الأهل قد أساءوا تربيتها بتدليلهم الزائد لها, فبطريق الصدفة قابلت فارس أحلام فترة مراهقتها الحالمة و قد جسدتيه حضرتك بضابط فى الجيش يصلح أن يكون فارس أحلام كل فتاة ببساطة
و اقتربت منه هو و زوجته-برغم استحالة وجود علاقة يحلَّها الشرع و التقاليد بينهما - و دفعت العلاقة الى التطور و مقابلة الاسرة مرة ثانية و السفر اليهم و التلميح الى بدء التعلق به بإهدائه خاتما من الفيروز كرسالة صامتة له , بل و المبيت فى بيت الاسرة الغريبة عنها بحجة دخول الليل عليها و هى على سفر
و لأنه رجل محترم و زوج مخلص تغيرت معاملته لها فى الصباح هو و زوجته التى يبدو انها علمت منه بأمر الخاتم و وضعته لها فى حقيبتها و علمت هى بذلك فى طريق العودة لتنهار بهذا الموقف القاسى المخزى لها و هى من لم يرفضها أحد , و لم يرفض لها أحد طلبا
فأردت حضرتك ببساطة تدعيم أخلاقيات عربية بسيطة بطريقة يصح و ما يصحش , كدة كويس و كدة عيب
و هذه الأخلاقيات و بعيدا عن التحليل و التحريم كان الناس يفتخرون بها قبلا ,و لكنها للاسف بدأت فى التآكل لقلة من يدعمها و يؤصلها فى النفوس
فافتقدنا كثيرا هذه التأصيلات فى روايتنا و أفلامنا و مسلسلاتنا التى تتعمد تجاهل هذه التقاليد حتى لا تسد أبواب عدم الاحتشام على الشاشات
القصة يا مدام ناهد فكرتنى كثيرا بقصة أبلة فضيلة فى الإذاعة التى ترويها لحكمة ما, و لا تعرف هذه الحكمة الا فى نهايتها , فيتعلم الانسان من خطئه و يصلح من نفسه حتى لا يجازى بهذه النهاية السيئة
و برغم النهاية المفتوحة المتروكة لخيال القارئ لتخيل كم الحزن فى نفس البطلة , فإنى اعتب عليكى فى كون الصفعة التى اعددتيها للبطلة فى النهاية كانت برقة السيدة ناهد و ليست بالقسوة التى تستحقها البطلة.
فكم كنت اتمنى ان تكون النهاية اشد قسوة على البطلة , و لم اكتفى بحزنها على سؤ موقفها
احترم فى حضرتك كثيرا تدفق الاحداث بسرعة مما يرفع أى نوع من الملل لدى القارئ , و لكن الى حد ما تحتاج المواقف الى شئ من التفاصيل و صب جهد الكاتب على وصف حالة البطل فى الموقف عن سرد حكايته دفعه واحدة , و ذلك يجعل القارئ يخوض مع الكاتب فى فكرته خوضا , بل و يضع نفسه فى الموقف تماما مع البطل ,
شعرت بتفضيلك لتدفق الاحداث عن التمهل فى التفاصيل لدرجة انك صورتى طالب الكلية العسكرية و هو يضع نجمة على كتفه فى حين انهم يقلدونه شرائط على الكتف لتظهريه بمظهر يخلب عقل المراهقة بطلة القصة.
شعرت أيضا بطغيان دراسة حضرتك للعلوم الاجتماعية فى فكرة القصة ,و سعيك الرائع لإصلاح هذه القيم و التقاليد الاجتماعية فى نفوس القراء
خطوة أشد قوة و أكثر جرأة فى رأيي يا مدام ناهد -و بدون أى مجاملة -خطوتيها فى كتابتك , تبشر بثراء قصصى مستقبلى ان شاء الله
لكى كل الشكر و التقدير عليها , و فى انتظار ما تجودين به على هذه الصفحات إن شاء الله
__________________
أنا اللى زرعت البيوت و العيدان
ما يمنعش عقلى.. شوية جنان!!
هايرجع لإسمِك رنين الحنان
قتيل المحبة يلبّى النداا