الموضوع: علي محمود طه
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 27/10/2008, 19h23
الصورة الرمزية محمد الحمد
محمد الحمد محمد الحمد غير متصل  
أميـر النغـم
رقم العضوية:1070
 
تاريخ التسجيل: April 2006
الجنسية: عربي
الإقامة: جدة
العمر: 50
المشاركات: 592
افتراضي رد: علي محمود طه

قصيدة ( قلبي


كالنجم في خفق و في ومض
متفرّدا بعوالم السّدم
حيران يتبع حيرة الأرض
و مصارع الأيام و الأمم
***

مستوحشا في الأفق منفردا
و كأنّه في سامر الشّهب
هذا الزحام حياله احتشدا
هو عنه ناء جدّ مغترب
***

مترنّحا كالعاشق الثَمل ريّان
من بهج ومن حزن
نشوان من ألم من أمل
مستهزئا بالكون و الزّمن
***

تلك السّماء على جوانبه
بحر الحياة الفائر الزّبد
كم راح يلتمس القرار به
هيمان بين شواطئ الأبد



***

تهفو على الأمواج صورته
و شعاعه اللّماح في الغور
نفذت إلى الأعماق نظرته
فإذا الحياة جليّة السّرّ
***

و يمرّ بالأحداث مبتسما
كالشمس حين يلفّها الغيم
زادته علما بالذي علما
دنيا تناهى عندها الوهم
***

بلغ الرّوائع من حقائقها
فإنّ السّعادة توأم الجهل
هتف المحدّق في مشارقها
ذهب النهار فريسة اللّيل
***

يا قلب مثل النّجم في قلق
و النّاس حولك لا يحسّونا
لولا اختلاف النّور و الغسق
مرّوا بأفقك لا يطلّونا
***

فاصفح إذا غمطوك إدراكا
و اذكر قصور الآدميينا
أتريدهم يا قلب أملاكا
كلاّ و ما هم بالنبيينا
هم عالم في غيّه يمضي
مستغرقا في الحمأة الدّنيا
نزلوا قرارة هذه الأرض
و حللت أنت القمّة العليا
***

عبّاد أوهام و ما عبدوا
إلاّ حقير منى و غايات
و مناك ليس يحدّها الأبد
دنيا وراء اللا نهايات
***

و لك الحياة دنى و أكوان
عزّت معارجها على الرّاقي
تحيا بها و تبيد أزمان
و شبابها المتجدّد الباقي
***

يا قلب كم من رائع الحلك
ألقاك في بحر من الرّعب
كم عذت منه بقبّة الفلك
و صرخت وحدك فيه يا قلبي
***

و مضيت تضرب في غياهبه
ترد عنك المائج الصّخبا
تترقّب البرق المطيف به
و تسائل الأنواء و السّحبا
***

و خفقت تحت دجاه من وجل
كالطير تحت الخنجر الصّلت
و عرفت بين اليأس و الأمل
صحو الحياة ، و سكرت الموت
***

يا قلب عندك ايّ أسرار
ما زلن في نشر و في طيّ
يا ثورة مشبوبة النّار أقلقت
جسم الكائن الحيّ
***

حمّلته العبء الذي فرقت
منه الجبال و أشفقت رهبا
و أثرت منه الرّوح فانطلقت
تحسو الحميم و تأكل اللّهبا
***

و ملأت سفر المجد من عجب
و خلقت أبطالا من العدم
و على حديثك في فم الحقب
سمة الخلود و نفحة القدم
***

كم من عجائب فيك للبشر
أخذ تهمو منها الفجاءات
متنبّئا بالغيب و القدر
و عجيبة تلك النّبوءات
***

و عجبت منك و من إبائك
في أسر الجمال و ربقة الحبّ
و تلفّت المتكبّر الصّلف
عن ذلّة المقهور في الحرب
***

يا حرّ كيف قبلت شرعته
و قنعت منه بزاد مأسور
آثرت في الأغلال طلعته
و أبيت منه فكاك مهجور
***

فإذا جفاك الهاجر النّاسي
و قسا عليك المشفق الحدب
فاضت بدمعك فورة الكاس
و هتفت بكفك و هي تضطرب
***

و فزعت للأحلام و الذّكر
تبكي و تنشد رجعة الأمس
ووددت لو حكّمت في القدر
لتعيد سيرتها من الرّمس
***

و وهمت نارا ذات إيماض
فبسطت كفّك نحوها فزعا
مرّت بعينيك لمحة الماضي
فوثبت تمسك بارقا لمعا
***

و صحوت من وهم و من
خبل فإذا جراحك كلّهن دم
لجّت عليك مرارة الفشل
و مشى يحزّ وتينك الألم
***

و الأرض ضاق فضاؤها الرّحب
و خلت فلا أهل و لا سكن
حال الهوى و تفرّق الصّحب
و بقيت وحدك أنت و الزّمن
***

و صرخت حين أجنّك اللّيل
متمردا تجتاحك النّار
و بدا صراعك أنت و العقل
و لأنتما بحر و إعصار
***

ما بين سلمكما و حربكما
كون يبين و يختفي كون
و بنيتما الدّنيا و حسبكما
دنيا يقيم بناؤها الفنّ
__________________
ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا
رد مع اقتباس