عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27/10/2008, 16h08
الصورة الرمزية Sami Dorbez
Sami Dorbez Sami Dorbez غير متصل  
كابتن المنتدى
رقم العضوية:18625
 
تاريخ التسجيل: March 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 47
المشاركات: 1,757
افتراضي

أقداح و أحلام

أنا ما أزال وفي يدي قدحي ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت اشربها واشربها حتى ترنح أفقك الرحب
الشرق عفر بالضباب فما يبدو فأين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن ، من سأم في ضوئهن وكادت الشهب ؟
أنا ما أزال وفي يدي قدحي ياليل أين تفرق الشرب ؟
******

الحان بالشهوات مصطخب حتى يكاد بهن ينهار
وكأن مصاحبيه من ضرج كفان مدهما لي العار
كفان ؟! بل ثغران قد صبغا بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت من مهجتين رماهما الحب
أو مخلبان عليهما مزق حمراء تزعم أنها قلب
******

يا ليل ، أين تطوف بي قدمي ؟ في أي منعطف من الظلم
تلك الطريق أكاد أعرفها بالأمس عتم طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب ، وقد جردته ومسحت عنه دمي
تلك الطريق على جوانبها تتمزق الخطوات أو تكبو
تتثاءب الأجساد جائعة فيها كما يتثاءب الذئب
******

حسناء يلهب عريها ظمأي فأكاد أشرب ذلك العريا
وأكاد أحطمه ، فتحطمني عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها زهرا بلا شجر فلا سقيا
إن فتحته بحرها شفة ظمأى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه ومشى الطلاء يهزه الوثب
******

عين يرنح هدبها نفسي وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة واخجلتاه أتلك حواء
لا كنت آدمها ولا لفحت فردوسي الخمري صحراء!
صوت النعاس يرن في أفقي فتذوب ناعسة له السحب
وانثال ، من سهري على سهري ينبوعه المتثائب الرطب
******

يا نوم بين جوانحي أمل لم أدر ، قبلك أنه أمل
مثل الفراشة بات يحبسها دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت بيض الأزاهر عنه والمقل
أنا من ظلالك بين أودية عذراء كل مهادها عشب
هام الضباب على رفارفها طل الوشاح ... كنجمة تخبو
******

ماذا أراه ؟! أطيفها مسحت عنه التراب أنامل الغسق؟
هو يا فؤادي غيرها ، رفة هو من دمائك أنت من حرقي
هو ما نحن إليه بادلني حبي وفتح بالسنا أفقي
فإذا لثمت فغير خادعة باتت لكل مخادع تصبو
أفكان سورا قام بينهما بين الخيانه والهوى _ هدب ؟
******

خفقت ذوائبها على شفتي وسنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من الاطياب ارشفني ريحا تريب مجابر الغلس
فكان ناديا ضمخته يدا آذار غرد ليلة العرس
فغفا وما زالت ملاحنة ملء الفضاء يعيدها الحب
أو أن سوسنة يراقصها رجع الغناء بشعرها تربو
******

يا جسم طيفك ، انت يا شبحا من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقيات ما برحت تعتاد خدرك والظلام معا
خفقت بأجنحة الغراب على عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح ، صبحك ، ضحك شامته والليل ليلتك مضجع ينبو
وإذا هلكت غدا ، فلا تجدي قبرا ومزّق صدرك الذئب ؟
******

والبوم يملأ عشه نتفا من شعرك المتعفر النّخر
ويعود ثغرك للذباب لقي ويداك مثقلتان بالحجز
لا تدفعان أذاه عن شفة بالأمس اخرس لغوها وترى
وليسق من دمك الخبث غدا دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال الى جوانبه غرثي ويعوي تحته الكلب




هوى واحد !

على مقلتيك ارتشفت النجوم وعانقت آمالي الآيبة
وسابقت حتى جناح الخيال بروحي إلى روحك الواثبة
أطلت فكانت سناً ذائباً بعينيك في بسمة ذائبة
*
أأنت التي رددتها مناي أناشيد تحت ضياء القمر
تغني بها في ليالي الربيع فتحلم أزهاره بالمطر
ويمضي صداها يهز الضياء ويغفو على الزورق المنتظر
*
خذي الكأس بلي صداك العميق بما ارتج في قاعها من شراب
خذي الكأس لا جف ذاك الرحيق
و إلا صدى هامس في القرار ألا ليتني ما سقيت التراب
*
خذي الكأس إني زرعت الكروم على قبر ذاك الهوى الخاسر
فأعراقها تستعيد الشراب وتشتفه من يد العاصر
خذي الكأس اني نسيت الزمان فما في حياتي سوى حاضر
*
وكان انتظار لهذا الهوى جلوسي على الشاطيء المقفر
وإرسال طرفي يجوب العباب ويرتد عن أفقه الأسمر
إلى أن أهل الشراع الضحوك وقالت لك الأمنيات : أنظري
*
أأنكرت حتى هواك اللجوج وقلبي وأشواقك العارمة
وضللت في وهدة الكبرياء صداها .. فيا لك من ظالمة
تجنيت حتى حسبت النعاس ذبولا على الزهرة النائمة
*
أتنسين تحت التماع النجوم خطانا وأنفاسنا الواجفة
وكيف احتضنا صدى في القلوب تغني به القبلة الراجفة
صدى لج احتراق الشفاة وما زال في غيهب العاطفة
*
ورانت على الأعين الوامقات ظلال من القبلة النائية
تنادي بها رغبة في الشفاة ويمنعها الشك .. والواشية
فترتج عن ضغطة في اليدين جكعنا بها الدهر في ثانية
*
شقيقة روحي ألا تذكرين نداء سيبقى يجوب السنين
وهمس من الأنجم الحالمات يهز التماعاتها بالرنين
تسلل من فجوة في الستار إليك وقال ألا تذكرين
*
تعالي فما زال في مقلتي سنا ماج فيه اتقاد الفؤاد
كما لاح في الجدول المطمئن خيال اللظى والنجوم البعاد
فلا تزعمي أن هذا جليد ولا تزعمي أن هذا رماد؟




أساطير

أساطير من حشرجات الزمان
نسيج اليد البالية
رواها ظلام نم الهاوية
وغنى بها ميتان
أساطير كالبيد ماج سراب
عليها وشقت بقايا شهاب
وأبصرت فيها بريق النضار
يلاقي سدى من ظلال الرغيف
وأبصرتني والستار الكثيف
يواريك عني فضاع انتظار
وخابت منى وانتهى عاشقان
**
أساطير مثل المدى القاسيات
تلاوينها من دم البائسين
فكم أومضت في عيون الطغاة
بما حملت من غبار السنين
يقولون : وحي السماء
فلو يسمع الأنبياء
لما قهقهت ظلمة الهاوية
بأسطورة بالية
تجر القرون
بمركبة من لظى في جنون
لظى كالجنون !
**
وهذا الغرام اللجوج
أيريد من لمسة باردة
على اصبع من خيال الثلوج
وأسطورة بائدة
وعرافة أطلقت في الرمال
بقايا سؤال
وعينين تستطلعان الغيوب
وتستشرقان الدروب
فكان ابتهال وكانت صلاة
تغفر وجه الآله
وتحنو عليه انطباق الشفاة
**
تعالي فما زال نجم المساء
يذيب السنا في النهار الغريق
ويغشى سكون الطريق
بلونين من ومضة واطفاء
وهمس الهولء الثقيل
بدفء الشذى واكتئاب الغروب
يذكرني بالرحيل
شراع خلال التحايا يذوب
وكف تلوح يا للعذاب
**
تعالي فما زال لون السحاب
حزينا .. يذكرني بالرحيل
رحيل
تعالي تعالي نذيب الزمان
وساعة في عناق طويل
ونصبح بالأرجوان شراعا وراء المدى
وننسى الغدا
على صدرك الدافئ العاطر
كتهويمة الشاعر
تعالي فملء الفضاء
صدى هامس باللقاء
يوسوس دون انتهاء
**
على مقلتيك انتظار بعيد
وشيء يؤيد
ظلال
يغمغم في جانبيها سؤال
وشوق حزين
يريد اعتصار السراب
وتمزيق أسطورة الأولين
فيا للعذاب
جناحان خلف الحجاب
شراع ..
وغمغمة بالوداع !!



اللقاء الأخير

والتف حولك ساعداي ومال جيدك في اشتهاء
كالزهرة الوسني فما أحسست إلا والشفاة
فوق الشفاة وللمساء
عطر يضوع فتسكرين به وأسكر من شذاه
في الجيد والفم والذراع
فأغيب في أفق بعيد مثلما ذاب الشراع
في أرجوان الشاطيء النائي وأوغل في مداه
***
شفتاك في شفتي عالقتان والنجم الضئيل
يلقى سناه على بقايا راعشات من عناق
ثم ارتخت عني يداك وأطبق الصمت الثقيل
يا نشوة عبرى وإعفاء على ظل الفراق
حلواَ كإغماء الفراشة من ذهول وانتشاء
دوما إلى غير انتهاء
***
يا همسة فوق الشفاة
ذابت فكانت شبه آه
يا سكرة مثل ارتجافات الغروب الهائمات
رانت كما سكن الجناح وقد تناءى في الفضاء
غرقي إلى غير انتهاء
مثل النجوم الآفلات
لا لن تراني لن أعود
هيهات لكن الوعود
تبقى تلحّ فخفّ أنت وسوف آتي في الخيال
يوما إذا ما جئت أنت وربما سال الضياء
فوق الوجوه الضاحكات وقد نسيت وما يزال
بين الأرائك موضع خال يحدق في غباء
هذا الفراغ أما تحس به يحدق في وجوم
هذا الفراغ أنا الفراغ فخف أنت لكي يدوم !
***
هذا هواليوم الاخير ؟!
واحسرتاه! أتصدقين؟ ألن تخفّ إلى لقاء؟
هذا هو اليوم الأخير فليته دون انتهاء !
ليت الكواكب لا تسير
والساعة العجلى تنام على الزمان فلا تفيق!
خلفتني وحدي أسير إلى السراب بلا رفيق

***
يا للعذاب أما بوسعك أن تقولي يعجزون
عنا فماذا يصنعون
لو أنني حان اللقاء
فاقتادني نجم المساء
في غمرة لا أستفيق
ألا وأنت خصري تحت أضواء الطريق ؟!

***
ليل ونافذة تضاء تقول إنك تسهرين
أني أحسّك تهمسين
في ذلك الصمت المميت ألن تخف إلى لقاء
ليل ونافذة تضاء
تغشى رؤاي وأنت فيها ثم ينحل الشعاع
في ظلمة الليل العميق
ويلوح ظلك من بعيد وهو يومئ بالوداع
وأظل وحدي في الطريق



أهواء


أطلي على طرفي الدامع خيالا من الكوكب الساطع
ظلا من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري يناغين من حبّي الضائع
يفجّرن من قلبي المستفيض ويقطرن في قلبي السامع
******

لعينيك للكوكبين اللذين يصبان في ناظريّ الضياء
لنبعين، كالدهر، لا ينضبان ولا يسقيان الحيارى الظماء
لعينيك ينثال بالأغنيات فؤاد أطال انثيال الدماء
يودّ، إذا ما دعاك اللسان على البعد لو ذاب فيه النداء
******

يطول انتظاري، لعلي أراك لعلي، ألاقيك بين البشر
سألقاك. لا بد لي أن أراك وإن كان بالناظر المحتضر
فديت التي صوّرتها مناي وظل الكرى في هجير السهر
أطلي على من حباك الحياة فأصبحت حسناء ملء النظر!
******

اطلي فتاة هواي والخيال على ناظر الرؤى عالق
بعشرين من ريقات السنين عبرن المدرات في خافقي
بعشرين كلاّ وهبت الربيع وما فيه من عمري العاشق
فما ظل إلا الربيع صغير أخبّيه للموعد الرائق
******

سأروي على مسمعيك الغداة أحاديث سمّيتهن الهوى
وأنباء قلب غريق السراب شقيّ التداني ، كئيب النوى
أصيخي .. فهذي فتاة الحقول وهذا غرام هناك انطوى
اتدرين عن ربة الراعيات ؟ عن الريف ؟ عما يكون الجوى
******

هو الريف هل تبصرين النخيل ؟ وهذي أغانيه هل تسمعين
وذاك الفتى شاعر في صباه وتلك التي علمته الحنين
هي الفنّ من نبعت المستطاب هي الحبّ من مستقاه الحزين
رآها تغني وراء القطيع كـ( بنلوب ) تستمهل العاشقين
*****

فما كان غير التقاء الفؤادين في خفقة منهما عاتية
وما كان غير افترار الشفاة بما يشبه البسمة الحانية
وكان الهوى ، ثم كان اللقاء لقاء الحبيبين في ناحية
فما قال : أهواك ، حتى ترامى عياء على ضفة الساقية
******

وأوفى على العاشقين الشتاء ويوم دجا في ضحاه السحاب
خلا الغاب ما فيه إلا النّخيل وإلا العصافير فهو ارتقاب
وبين الحبيبين في جانبيه من السّعف في كل ممشى حجاب
فما كان إلا وميض أضاء ذرى النخل وانحل غيم وذاب
******

ويا سدرة الغاب كيف استجارا بأفنانك الناطفات المياه
رآها وقد بلّ من ثوبها حيا زخ فاستقبلتها يداه
على الجدع يستدفئان الصدور على موعد كل آه بآه
سلي الجدع كيف التصاق الصدور بهزّاتها، وابتعاد الشفاه ؟
******

أشاهدت يا غاب رقص الضياء على قطرة بين اهدابها ؟
ترى أهي تبكي بدمع السماء أساها وأحزان أترابها ؟
ولكنّها كل نور الحقول ودفء الشذى بين اعشابها
وأفراح كلّ العصافير فيها وكلّ الفراشات في غابها
******

وذاك الخصام الذي لو يفدّي لفديت ساعته بالوئام
أفدّيه من أجل يوم ترفّ يد فيه أو لفتة بالسلام
ومن أجل عينين لا تستطيعان ان تنظرا دون ظل ابتسام
تذوب له قسوة في الأسارير كالصحو ينحل عنه الغمام
******

خصاماً ولما نعلّ الكؤوس ؟ أحطّمتها قبل أن نسكرا ؟
خصاماً ، وما زال بعض الربيع نديّاً على الصيف مخضوضرا ؟
خصاماً ؟ فهل تمنعين العيون إذا لألأ النّور أن تنظرا؟
وهل توقفين انعكاس الخيال من النهر، أن يملك المعبرا ؟
******

أغاني شبابتي تستبيك وتدنيك مني، ففيم الجفاء ؟
كأن قوى ساحر تستبدّ بأقدامك البيض، عند المساء
ويفضي بك الدّرب حيث استدار، إلى موعدي بين ظلّ وماء
على الشطّ، بين ارتجاف القلوع وهمس النخيل، وصمت السماء
******

وحجبت خدّيك عن ناظري بكفيك حينا وبالمروحات
سأشدو وأشدو فما تصنعين اذا احمر خدّاك للأغنيات ؟
وأرخيت كفيك مبهورتين وأصغيت، واخضل حتى الموات
إلى أن يموت الشعاع الاخير على الشرق، والحب، والأمنيات
******

وهيهات، إن الهوى لن يموت ولكنّ بعض الهوى يأفل
كما تأفل الأنجم الساهرات كما يغرب الناظر المسبل،
كما تستجمّ البحار الفساح ملّيا، كما يرقد الجدول
كنوم اللظى، كانطواء الجناح كما يصمت الناي والشمأل !
******

أعام مضى والهوى ما يزال كما كان، لا يعتريه الفتور
أهذا هو الصيف يوفي علينا فناقااه ثانية، كالزهور
ولكنهمن زهور الخلود فلا اظمأت ريّهنّ الحرور
ولا نال من لونهمن الشتاء ولا استترفت عطرهن الدهور
******

أغانيّ ، والغاب قفر الوكون حبيس النسائم تحت الدوالي
ترى ماؤه، لاتّقاد الهجير حريقا بما فوقه من ظلال
وفوق التعاشيب، حيث الغصون ينئون بافيائهن الثقال
لها مضجع هدهدته العطور أأبصرت كيف اضطجاع الجمال؟
******

أأمسيت استحضر الذكرات وما كان بالامس كل الحياة؟
أضاعت حياتي ؟ أغاب الغرام أماتت على الاغنيات الشفاه؟
أنمسي، ومازال غاب النخيل خضيلا وما زال فيه الرعاه،
حديثا على موقد لسامرين : أحبّا، وخابا فوا حسرتاه؟
******

أناديك لو تسمعين النداء وأدعوك أدعوك! يا للجنون
إذا رن في مسمعيك الغداة من المهد صوت الرضيع الحنون
ونادى بك الزوّج أن ترضعيه ونادى صدى أخفتته السنون
فما نفعها صرخة من لهيب أدوّي بها ؟ من عساني أكون؟
******

أعفّرت من كبرياء النداء؟ وأرجعت آمادي القهقرى؟
نسيت التي صورتها مناي وناديت انثى ككل الورى ؟
واعرضت عن مسمع في السماء إلى مسمع في تراب القرى !
أتصغي فتاة الهوى والخيال وأدعو فتاة الهوى والثرى؟
******

وودعت سجواء بين الحقول ودنيا عن الشر في معزل
وخلفت في كل ركن خصيل من الريف ذكرى هوى أول
قصاصات أوراقي الهامسات بشعري على ضفه الجدول
وجذعا كتبت اسمها الحلو فيه ونايا يغني مع الشمأل
******

فمن هذه المسترق القلوب صبى ملؤها روحة الطافره
أما كنت ودعت تلك العيون الظليلات والخصله النافرة؟
كأني ترشفت قبل الغداة سنى هذه النظرة الآسرة !
أما كان في الريف شيء كهذا ؟ اما تشبة الربة الغابرة؟!
******

مشى العمر ما بيننا فاصلا فمن لي بأن أسبق الموعد ؟
ولكنه الحبّ منه الزمان ثوان ومما احتواه المدى
أراها فانفض عنها السنين كما تنفض الريح برد الندى
فتغدو وعمري أخو عمرها ويستوقف المولد المولدا
******

وهل تسمع الشعر إن قلته وفي مسمعيها ضجيج السنين
أطلت على السبع من قبل عشر ين عاما وما كنت الا جنين ؟
وأمسى ولم تدر أنت الغرام هواها حديث الورى أجمعين
لقد نبّأوها بهذا الهوى فقالت : وما أكثر العاشقين ؟!
******

أمن قلبه انثان هذا النشيد إليها، إلى الذئبة الضاريه ؟
ولو لم يكن فيه طعم الدماء ما استشعرت رنة القافية
وما زالت تسبيه غمّازتان تبوحان بالبسمة الخافية
وما زالتا تذكران الخيال بما كان في الأعصر الخالية
******

وبالحب والغادة المستبد صباها به ، يلعبان الورق
وكيف استكان الإله الصغير فألقى سهام الهوى والحنق
رهان، رمى فيه غمّازتيه وورد الخدود، ونور الحدق
لك الله ، كيف اقتحمت القرون ولم يخب في وجنتيك الألق ؟
******

كأن ابتسامتها والربيع شقيقتان ، لولا ذبول الزهر
أآذار ينثر تلك الورود على ثغرها ؟ أم شعاع القمر ؟
ففي ثغرها افترّ كل الزمان وما عمر آذار إلا شهر
وبالروح فديت تلك الشفاه وان أذكروني بكاس القدر !
******

أطلي على طرفي الدامع خيالا من الكوكب الساطع
وظلا من الأغصن الحالمات على ضفة الجدول الوادع
وطوفي أناشيد في خاطري يناغين من حبي الضائع
يفجرن من قلبي المستفيض ويقطرن في قلبي السامع


اتبعيني

أتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغوار بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسنى وظل
من جناح يضمحل
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون !
**
هذه الأغوار يغشاها خيال
هذه الأغوار لا يسبرها إلا ملال
تعكس الأمواج في شبه انطفاء
لونه المهجور في الشط الكئيب
في صباح ومساء
وأساطير سكارى ... في دروب
في دروب أطفأ الماضي مداها
وطواها
فاتبعيني .. إتبعيني
**
اتبعيني ... ها هي الشطآن يعلوها ذهول
ناصل الألوان كالحلم القديم
عادت الذكرى به ساج كأشباح نجوم
نسي الصبح سناها والأفول
في سهاد ناعس بين جفون
في وجوم الشاطيء الخالي كعينيك انتظار
وظلال تصبغ الريح وليل ونهار
صفحة زرقاء تجلو في برود
وابتسام غامض ظل الزمان
للفراغ المتعب البالي على الشط الوحيد
اتبعيني في غد يأتي سوانا عاشقان
في غد حتى وإن لم تتبعني
يعكس الموج على الشط الحزين
والفراغ المتعب المخنوق أشباح السنين
**
أمس جاء الموعد الخاوي وراحا
يطرق الباب على الماضي على اليأس عليا
كنت وحدي .. أرقب الساعة تقتات الصباحا
وهي ترنو مثل عين القاتل القاسي إليا
أمس.. في الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا
وتناءت في ارتخاء وتوان
غمغمات مجهدات وأغاني
وتلاشت تتبع الضوء الضئيلا
أقبلي الآن ففي الأمس الذي لا تذكرينه
ضوأ الشطآن مصباح كئيب في سفينته
واختفى في ظلمة الليل قليلا فقليلا


رنة تتمزق

الداء يثلج راحتي، ويطفيء الغد ... في خيالي
ويشل أنفاسي ويطلقها كأنفاس الذبال
تهتز في رئتين يرقص فيهما شبح الزوال
مشدودتين إلى ظلام القبر بالدّم والسعال ..
**
واحسرتا ؟! كذا أموت ؟ كما يجف ندى الصباح ؟
ما كاد يلمع بين أفواف الزنابق والأقاحي
فتضوع أنفاس الربيع تهزّ أفياء الدوالي
حتى تلاشى في الهواء كأنه خفق الجناح !
**
كم ليلة ناديت باسمك أيها الموت الرهيب
وودت لا طلع الشروق علي إن مال الغروب
بالأمس كنت أرى دجاك أحب من خفقات آل
راقصن آمال الظماء ... فبلها الدم واللهيب !
**
بالأمس كنت أصيح : خذني في الظلام إلى ذراعك
وأعبر بي الأحقاب يطويهن ظل من شراعك
خذني إلى كهف تهوم حوله ريح الشمال ..
نام الزمان على الزمان به وذابا في شعاعك
**
كان الهوى وهما يعذبني الحنين إلى لقائه
ساءلت عنه الأمنيات وبت أحلم بارتمائه
زهراَ ونوراَ في فراغ من شكاة وابتهال ..
في ظلمة بين الأضالع تشرئب إلى ضيائه
**
واليوم حببت الحياة إلى وابتسم الزمان
في ثغرها وطفا على أهدابها الغد والحنان
سمراء تلتفت النخيل المساهمات إلى الرمال
في لونها وتفر ورقاء ويأرج أقحوان
**
شع الهوى في ناظريها فاحتوانب واحتواها
وارتاح صدري وهو يخفق باللحون على شذاها
فغفوت استرق الرؤى والشاعرية من رؤاها
وأغيب في الدفء المعطر كالغمامة في نداها
**
عينان سوداوات أصفى من؟ أماسي اللقاء
وأحب من نجم الصباح إلى المراعي والرعاء
تتلألأ عن الرجا كليلة تخفي دجاها
فجراَ يلون بالندى درب الربيع وبالضياء
**
سمراء يا نجما تألق في مسائي أبغضيني
واقسي علي ولا ترقى للشكاة وعذبيني
خلي احتقار في العيون وقطبي تلك الشفاها
فالداء في صدري تحفز لافتراسك في عيوني !
**
يا موت يارب المخاوف والدياميس الضريرة
اليوم تأتي ؟! من دعاك ؟ ومن أدراك أن تزوره ؟
أنا ما دعوتك أيها القاسي فتحرمني هواها
دعني أـعيش على ابتسامتها وان كانت قصيرة
**
لا ! سوف أحيى سوف أشقى سوف تمهلني طويلا
لن تطفيء المصباح لكن سوف تحرقه فتيلا
في ليلة في ليلتين سيلتقي آها فآها
حتى يفيض سني النهار فيغرق النور الضئيلا !!
**
يا للنهاية حين تسدل هذه الرئة الأكيل
بين السعال على الدماء فيختم الفصل الطويل
والحفرة السوداء تفغر بانطفاء النور فاها
إني أخاف أخاف من شبح تخبئه الفصول !!
**
وغدا إذا ارتجف الشتاء على ابتسامات الربيع
وانحل كالظل الهزيل وذاب كاللحن السريع
وتفتحت بين السنابل وهي تحلم بالقطيع
والناي زنبقة مددت يدي إليها في خشوع
**
وهويت أنشقها فتصعد كلما صعد العبير
من صدري المهدوم حشرجة فتحرق العطور
تحت الشفاه الراعشات ويطفأ الحقل النضير
شيئا فشيئا .. في عيوني ثم ينقلب الأسير !!




سوف أمضي

سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيداً
في ظلام الغابة اللفّاء .. والدّرب الطويل
يتمطي ضجراً، والذئب يعوي، والأفول
يسرق النجم كما تسرق روحي مقلتاك
فاتركي أقطعلا اللليل وحيدا
سوف أمضي فهي ما زالت هناك
في انتظاري
**
سوف أمضي. لا هدير السيل صخّبا رهيبا
يغرق الوادي، ولا الأشباح تلقيها القبور
في طريقي تسأل الليل إلى أين أسير
كل هذا ليس يثنيني فعودي واتركيني
ودعيني أقطع اللليل غريبا
إنها ترنو إلى الأفق الحزين
في انتظاري
**
سوف أمضي حوّلي عينيك لا ترني إليّا
إن سحراً فيهما يأبى على رجلي مسيرا
إن سراً فيهما يستوقف القلب الكسيرا
وارفعي عني ذراعيك ... فما جدوى العناق
إن يكن لا يبعث الأشواق فيّا ؟
اتركيني ها هو الفجر تبدى، ورفاقي
في انتظاري



في السوق القديم

الليل والسوق القديم
خفتت به الأصوات ،إلا غمغمات العابرين
وخطى .. الغريب
وما تبثّ الريح من نغم حزين
في ذلك الليل البهيم
والنور تعصره المصابيح الحزانى في شحوب
مثل الضباب على الطريق
من كل حانوت عتيق
بين الوجوه الشاحبات
كأنّه نغم يذوب
في ذلك السوق القديم
****
كم طاف قبلي من غريب
في ذلك السوق الكئيب
فرأى وأغمض مقلتيه ، وغاب في الليل البهيم
و ارتجّ في حلق الدخان
خيال نافذة تضاء
والريح تعبث بالدخان ......
الريح تعبث ، في فتور واكتئاب ، بالدخان
وصدى .. غناء
يذكّر بالليالي المقمرات... وبالنخيل
وأنا .الغريب أظل أسمعه... وأحلم بالرحيل
في ذلك السوق القديم
***
وتناثر الضوء الضئيل على البضائع .. كالغبار
يرمي الظلال ..على الظلال
كأنّها اللحن الرتيب
ويريق ألوان المغيب الباردات ، على الجدار
بين الرفوف الرازحات ، كأنها سحب المغيب
الكوب يحلم بالشراب وبالشفاه
ويدٍ تلونها الظهيرة... والسراج
أو النجوم
ولربما بردت عليه ، وحشرجت فيه الحياة
في ليلة ظلماء.. باردة الكواكب والرياح
في مخدع سهر السراج به
وأطفأه .. الصباح
***
ورأيت من خلل الدخان ، مشاهد الغد ..كالظلال
تلك المناديل الحيارى... وهي توميء بالوداع
أو تشرب الدمع الثقيل .. وما تزال
تطفو .. وترسب في خيالي
هوّم العطر المضاع فيها
وخضّبها ..الدم الجاري
لون الدّجى ... وتوقّد النار
يجلو الأريكة ثم تخفيها الظلال الراعشات
وجه أضاء ... شحوبه اللهب
يخبو ... ويسطع ... ثم يحتجب
ودم
يغمغم وهو يقطر ثم يقطر
مات ... مات
***
الليل، والسوق القديم، وغمغمات العابرين
وخطى الغريب
وأنت أيتها الشموع ستوقدين
في المخدع المجهول في الليل الذي لن تعرفيه
تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف
حقل تموج به السنابل تحت أضواء الغروب
تتجمع الغرباء فيه
تلقين ضوءك في ارتخاء مثل امساء الخريف
في ليلة قمراء سكرى بالأغاني في الجنوب
نقر [الداربك] من بعيد
يتهامس السعف الثقيل به ويصمت من جديد !
***
قد كان قلبي مثلكن، وكان يحلم باللهيب
نار الهوى ويد الحبيب
ما زال يحترق الحياة، وكان عام بعد عام
يمضي، ووجه بعد وجه مثلما غاب الشراع
بعد الشراع وكان يحلم في سكون، في سكون
بالصدر، والفم، والعيون
والحب ظلله الخلود .. فلا لقاء ولا وداع
لكنه الحلم الطويل
بين التمطي والتثاؤب تحت أفياء النخيل
***
بالأمس كان وكان ثم خبا، وأنساه الملال
واليأس، حتى كيف يحلم بالضياء- فلا حنين
الصيف يحتضن الشتاء ويذهبان وما يزال
كالمنزل المهجور تعوي في جوانبه الرياح
كالسلم المنهار، لا ترقاه في الليل الكئيب
قدم ولا قدم ستهبطه إذا التمع الصباح
ما زال قلبي في المغيب
ما زال قلبي في المغيب فلا أصيل ولا مساء
حتى أتيت هي والضياء!
***
ما زال لي منها سوى أنا التقينا منذ عام
عند المساء، وطوقتني تحت أضواء الطريق
ثم ارتخت عني يداها وهي تهمس والظلام
أتسير وحدك في الظلام
أتسير والأشباح تعترض السبيل بلا رفيق
فأجبتها والذئب يعوى من بعيد من بعيد
أنا سوف أمضي باحثا عنها سألقاها هناك
عند السراب وسوف أبني مخدعين لنا هناك
قالت ورجع ما تبوح به الصدى أنا من تريد
أنا من تريد فأين تمضي ؟ فيم تضرب في القفار
مثل الشريد أنا الحبيبة كنت منك على انتظار
أنا من تريد وقبلتني ثم قالت والدموع
في مقلتيها غير أنك لن ترى حلم الشباب
بيتا على التل البعيد يكاد يخفيه الضباب
لولا الأغاني وهي تعلو نصف وسنى والشموع
تلقى الضياء من النوافذ في ارتخاء في ارتخاء
أنا من تريد وسوف تبقى لا ثواء ولا رحيل
حب إذا أعطى الكثير فسوف يبخل بالقليل
لا يأس فيه ولا رجاء
***
أنا أيها النائي القريب
لك أنت وحدك غير أنى لن أكون
لك أنت أسمعها وأسمعهم ورائي يلعنون
هذا الغرام أكاد أسمع أيها الحلم الحبيب
لعنات أمي وهي تبكي أيها الرجل الغريب
إني لغيرك بيد أنك سوف تبقى لن تسير
قدماك سمرتا فما تتحركان ومقلتاك
لا تبصران سوى طريقي أيها العبد السير
أنا سوف أمضي فاتركيني : سوف ألقاها هناك
عند السراب
فطوقتني وهي تهمس : لن تسير
***
أنا من تريد، فأين تمضي بين أحداق الذئاب
تتلمس الدرب البعيد
فصرخت : سوف أسير ما دام الحنين إلى السراب
في قلبي الظامي دعيني أسلك الدرب البعيد
حتى أراها في انتظاري : ليس أحداق الذئاب
أقسى على من الشموع
في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام
والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !
أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام
يطغي ...
و لكني وقفت وملء عيني الدموع !
في ليلة العرس التي تترقبين، ولا الظلام
والريح والأشباح أقسى منك أنت أو الأنام !
أنا سوف أمضي ! فارتخت عني يداها والظلام
يطغي ...
و لكني وقفت وملء عيني الدموع !




لن نفترق !

هبت تغمغم : سوف نفترق روح على شفتيك تخترق
صوت كأن ضرام صاعقة ينداح فيه ... وقلبي الأفق
ضاق الفضاء وغام في بصري ضوء النجوم وحطم الألق
فعلى جفوني الشاحبات وفي دمعي شظايا منه أو مزق
فيم الفراق ؟ أليس يجمعنا حب نظل عليه نعتنق ؟
حب ترقرق في الوعود سنا منه ورف على الخطى عبق
*
أختاه، صمتك ملؤه الريب ؟ فيما الفراق ؟ أما له سبب ؟
الحزن في عينيك مرتجف واليأس في شفتيك يضطرب
ويداك باردتان : مثل غدي وعلى جبينك خاطر شجب
ما زال سرك لا تجنحه آه مأججة : ولا يثب
حتى ضجرت به وأسأمه طول الثواء وآده التعب
إني أخاف عليك وأختلجت شفة إلى القبلات تلتهب
*
ثم إنثنيت مهيضة الجلد تتنهدين وتعصرين يدي
وترددين وأنت ذاهلة إني أخاف عليك حزن غد
فتكاد نتتثرالنجوم أسى في جوهن كذائب البرد
لا تتركي لا تتركي لغدي تعكير يومي ما يكون غدي
وإذا ابتسمت اليوم من فرح فلتعبسن ملامح الأبد
ما كان عمري قبل موعدنا إلا السنين تدب في جسد
*
أختاه لذّ على الهوى ألمي فاستمتعي بهواك وابتسمي
هاتي اللهيب فلست أرهبه ما كان حبك أول الحمم
ما زلت محترقا تلقفني نار من الأوهام كالظلم
سوداء لا نور يضيء بها جذلان يرقص عاري الفدم
هاتي لهيبك إن فيه سناً يهدي خطاي ولو إلى العدم

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 09/06/2009 الساعة 10h52
رد مع اقتباس