عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 22/10/2008, 05h02
الصورة الرمزية Sami Dorbez
Sami Dorbez Sami Dorbez غير متصل  
كابتن المنتدى
رقم العضوية:18625
 
تاريخ التسجيل: March 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 47
المشاركات: 1,757
افتراضي رد: أبو القاسم الشابي

وقد يكون من الصعب أن نجد في تونس اليوم حفيدا في الشعر لأبي القاسم الشابي، شاعرا ينتمي إلى نفس المدرسة، وذلك بحكم عدة اعتبارات; أولها تغير الظروف السياسية والحضارية التي شكّلت للشابي قصيدته، إلا أنه من الخطأ أيضا القبول بفكرة أن الدفق الشعري في تونس توقف عند الشابي وجف بعد موته.

وإذا ما أردنا بمناسبة سبعينية الشابي مقاربة المشهد الشعري التونسي بشكل سريع، فإننا سننتهي إلى بعض الملاحظات المختزلة جدا.

فمن الظواهر اللافتة للانتباه نذكر التعايش السلمي بين الأشكال الشعرية الثلاثة أي القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، علما بأن حتى تلك المناوشات العابرة عادة ما تتم بشكل مستتر، وذلك بتمرير موقف نقدي من خلال حوار صحفي أو الإمعان في تأييد تجربة لتسجيل هدف ضد تجربة شعرية أخرى.


ولعل مثل هذه الظاهرة تعكس غياب جدل حول الشعر واحتراقا فكريا يخص القصيدة وآفاقها، وهي حقيقة تترجم الوضع الحالي للحالة الذهنية الشعرية، في حين أنه في فترة السبعينات والثمانينات كان الوضع مختلفا، إذ ظهرت جماعات شعرية كجماعة القيروان التي كان من أبرز وجوهها منصف الوهايبي ومحمد الغزي وأيضا جماعة غير العمودي وغير الحر والتي جمعت الطاهر الهمامي وفضيلة الشابي.

ولقد تغذت القصيدة في تونس في السبعينات والثمانينات من السياسة فأنتج ذلك بروز شعراء تمكنوا من اختراق أسوار الجامعات وكسب جمهور الطلبة في وقت ما ونذكر منهم الصغير أولاد أحمد ومنصف المزغني صاحب قصيدة «عياش» التي باتت اليوم في قطيعة طويلة وعريضة مع قصائده الحالية.

ويبدو أن الطلاق الذي حصل بين الشعر والسياسة في تونس قد أثر سلبا على موقع الشعر عند المتلقي، وأفقده أولويته، فحصل نوع من التراجع في الاهتمام بالشعر ولم يتمكن الإعلام الثقافي ولا الإسهام النقدي من مواكبة الخيارات الجديدة والحيوات المغايرة التي حققها شعراء كرسوا ذواتهم في المشهد الشعري التونسي.
وهنا مأزق شديد الخطورة، إذ يعيش الشاعر في دائرة إعلامية ضيقة تهتم بالشاعر قبل شعره، مع تواضع عدد المجلات الشعرية التي تلملم شتات المشهد الشعري وتحفر في التجارب الحاصلة.
رد مع اقتباس