إطمئنّ يا أخي شكيب، حتّى وإن إفترضنا أن الآلة إستطاعت أن تُضاهي اداء الإنسان أو أن تُجاوز إمكانياته التعبيريّة والتقنيّة، فإنّ الإنسان لن يستغني عن نفسه. ففي الغرب مثلا تجد كل الرصيد الموسيقي للعصور السابقة قد تم أدائه وتسجيله على الإسطوانات فهل إكتفى من جاء بعد ذلك بالإستماع أم أن الرغبة في الأداء ذاته وتحقيق الذات هي التي كسبت الرّهان؟
بالطبع الإنسان لا يقنع بالشيء ولا يرضى به إلا إذا شارك في إنجازه وإبراز قدراته فيه. هذه التقنيات كما قلت سابقا هي مُتمّمات لحاجيات الموسيقي وليست بدائل عنها. عندما ظهرت برمجيات الكتابة الموسيقية، فإنها وفرت للموسيقي كثيرا من الجهد والوقت: ففي حال الكتابة البوليفونية نت لا تحتاج إلى إعادة كتابة اللّحن لإسناده لآلة أخرى، يكفيك النقل ثم اللّصق كما يمكنك التحويل إلى مسافة الديوان مثلا، وغير هذا من إمكانيات متنوعة ومتعدّدة. فلو توفرت هذه الأشياء لبيتهوفن مثلا أتراه يؤلف تسع سمفونيات فحسب؟
كما أن إمكانية الإستماع إلى العمل أثناء الشروع في الكتابة يجعل المؤلف يتثبت مما تخيله في سمعه الداخلي وبين حقيقة ما يصدر عن هذه البرمجيات من أصوات. وكلما زادت جودتها وإستقاءها من مصدر حقيقي كلّما توضحت له الصورة بطريقة أفضل.
لقد إستمعت على موقع "الغاريتون" Garritan إلى بعض المقاطع الموسيقية التي وقع تنفيذها ببنك الأصوات لهذه البرمجيّة ومنها مقطع من كنشرتو تشايكوفسكي للكمان وقد كان الأداء موفقا إلى حد بعيد.