سمِّن كلبك يأْكُلكَ
قالوا : أول من قال ذلك هو حازم بن المنذر , وذلك أنه مرَّ بمحلة همذان , فإذا بغلام ملفوف في المعاوز ( لباس المعوزين ) , فرحمه وحمله إلى أهلة , وجعله راعياً لغنمه وسمَّاه جُحيشاً , فكان يرعى الشاه والإبل .
وكان يتغنى بأشعار العرب ,,فمرت عليه ابنة الحازم يقال لها: رُعوم , فهويت الغلام (جحيشاً ) , وهويها ,, وذات يوم تبعته رُعوم إلى موضع الكلأ , فجلس عند شجرة , وأنشأ يقول :
أرى الطير تخبرني أنني ...جُحيش , ,وأن أبي حَرشفُ
ولكنـنـي من كرام الرجال ... إذا ذكــر الســـيد الأشــرف
فكمنت له رعوم تنظر ما يصنع , فرفع صوتهُ أيضاً يتغنى ويقول :
لو تعلمينَ العلم َ يــا رُعوم ُ ... إنـي من همــدانـها صَميمُ
فقام إليها جُحيش , وقعدا تحت الشجرة يتغازلان ,, فكان يفعلان ذلك أياماً ,,ثمّ إن أباها افتقدها يوماً ,, وتبعها ثمّ رآهما فقال : " سَمنْ كلبكَ يأكلك" ,, فأرسلها مثلاً .
وشدَّ على جُحيش بالسيف فأفلت ولحق بقومه همذان ,, وانصرف حازم إلى ابنته وهو يقول : " مَوتُ الحُرَّة خيرٌ من العَرَّة " , فأرسلها مثلاً .
فلما وصل إليها وجدها قد اختنقت وماتت , فقال حازم : " هان عليّ الثكلُ لسوء الفعل " ,, فأرسلها مثلاً , وأنشأ يقول :
قَدْ هان هذا الثكل لولا أنني ... أحببت قتلكِ بالحسام الصارم ِ
ولقد هَممتُ بذاك لــولا أنني ... شمَّرت في قتل اللعين ِ الظالم ِ
فعليكِ مَقتُ الله ِ من غدَّارةٍ ... وعلــيكِ لعــنتهُ ولعـنهُ حــازم ِِ
***