الموضوع: تراث بورسعيدي
عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 18/07/2008, 23h20
الصورة الرمزية peloz
peloz peloz غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:122
 
تاريخ التسجيل: November 2005
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 27
افتراضي رد: تراث بورسعيدي





جريدة الدستور :

http://www.dostor.org/?q=node/9030



صحبة أولاد البحر

ماجدة أباظة

قادتني صدفة سعيدة إلي مدينة بورسعيد، حيث استمعت في إحدي الأمسيات إلي فرقة السمسمية واستمتعت «بصحبة أولاد البحر» التي أبدعت في أغاني لم أسمعها منذ سنوات عديدة، أغاني شعبية - تراثية، ذكرتني بأمجاد وبطولات شعب بورسعيد النضالي الذي بات يشكل وجدانا شعبيا، نسعي للتعلق به، كالنسمة العزيزة.
يصف محمد الشناوي والصحبة معه، بأنهم التجمع الفني الحر لفناني الضمة والسمسمية. فرقة موسيقية، تلقائية، تسعي للحفاظ علي روح الصحبة. ويستمر قائلا «لقد كانت روح الصحبة والألفة بين فناني الضمة والسمسمية هي النواة التي أنبتت أغاني المقاومة أثناء مواجهة العدو عام 1956، وأثناء حرب الاستنزاف. تلك الروح التي تحاول» صحبة أولاد البحر «إنهاضها من جديد في مواجهة كل أشكال الغزو الحديثة».
فللأسف، لغزو أشكال عديدة، منها الغزو الثقافي الذي سيأتي الحديث عنه لاحقا.
فللأسف، تمر مصر بمحنة كبيرة علي مستوي الدولة ومستوي الجماعات وهي التمويلات الأجنبية، التي في ظل ضعف هذا المجتمع، تعمل هذه التمويلات في معظم الأحيان علي إغراق العاملين معها في دوامة من تشابك المصالح حتي، يتوه فيها الفرد، فلا يعرف من أين بدأ وإلي أين ينتهي، إلا من بعض الشعارات الجوفاء .
و هنا، داخل فرقة السمسمية، نجد تلك الإغراءات المالية تتكرر، لنشهد تفتيتا آخر وصراعات جديدة، تضيع خلاله الرؤية، بزعم الحفاظ علي التراث الشعبي. لكن النتيجة، هي تفتيت، وضياع الجهود الحقيقية، لمن يحاول البحث عن نموذج مستقل للحفاظ علي هذه البلاد وتراثها. والمستفيد الحقيقي هو الممول الأجنبي الذي أنفق بعض الدولارات، ونجح في تقليب بعضنا علي بعض.
فقد تعرضت فرقة «صحبة أولاد البحر»، علي ما يبدو، وكما جاء علي لسان أحد أفراد الفرقة، إلي مثل هذه الانشقاقات، بسبب التمويل الأجنبي، مما تسبب في إهدار الإمكانيات واستنزاف الجهود. فحين تخرج عليك الدولارات الوديعة الفرقة، لنفس ذاتها للتفكير، وايجاد المبررات، واعادة صياغة المصطلحات، حتي تتماشي والفكر الجديد.
هذا ما دفع مرسي سلطان أحد أفراد الفرقة، أن يستعين بوثائق، يدلل بها علي مدي استهداف تلك التمويلات لعالم الفنون والآداب. وذلك من خلال قيامه بعرض ترجمة كتاب الحرب الباردة الثقافية، المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب، الذي صدر عن المشروع القومي للترجمة وإن لم تخني الذاكرة فهو ترجمة الأستاذ/ طلعت الشايب.
وقد نجح الأستاذ «مرسي» في إلقاء الضوء بإيجاز عن دور المخابرات الأمريكية وأذرعتها في اختراق عالم الفنون والآداب، من خلال الاعتماد علي عناصر من السود واختراق اليسار عبر استمالة اليساريين القابلين للاستمالة عن طريق المال والوظائف البراقة، ليأخذ أشكالا ومصالح متشابكة. يشير إلي أن بداية وضع السياسة الاستراتيجية الاستخباراتية يرجع إلي 1947. وأن من ضمن المؤسسات التي وضعت نفسها ضمن برنامج المخابرات كانت مؤسسة «الفورد فاونديشن» منذ 1952.
تفاصيل كثيرة ومثيرة، تدفعنا إلي قراءة الكتاب ذاته، للاستزادة من بحر المعلومات التي وإن تغيرت وتطورت، إلا أنها تعطينا علامات وإشارات، لنكون لأنفسنا تصورا مغايرا، لا يكون بالضرورة معاديا لكل أشكال التواصل الحضاري الأجنبي، علي العكس، فالتواصل دائما من ضرورات الحياة وثرائها وتكاملها. لكن الهدف هو بلورة تصور وموقف لأنفسنا، والأهم أن نفتح لأنفسنا أفق الاختيارات. فالاختيار لا يأتي إلا لمن يملك المعرفة.
هكذا، يتداخل الفن والسياسة، ليمتزجان وينيران لنا طرقاً ودروب لنسلكها.
«صحبة أولاد البحر» صحبة جميلة حتي لمن لا صحبة له. تقاوم هذه الصحبة الخنوع، من خلال الحرية، حرية الحركة والكلمة، والرقصة، لتظل علي قيد الحياة. لا تعتمد الصحبة علي أي تمويلات إلا ما تتكسبه من عملها. فياليتنا ندافع عن استمرارية هذه الصحبة، حفاظا علي تراث عظيم، وتجديدا لمياه البحر علي أمل تنقيته من أسباب تلوثه، في صحبة أولاد البحر.

__________________
أنا من يبيع الماء في عز المطر
أنا من يبيع الماء ان عز المطر

فاشربوا ... يا غجر !!

التعديل الأخير تم بواسطة : احمد عبدالهادى بتاريخ 13/07/2009 الساعة 19h39
رد مع اقتباس