أحزان أندلسية
كَتبْتِ لي يا غَاليةْ ..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيةْ ..
عن طارقٍ، يفتحُ باسمِ الله دُنْيا ثانيةْ ..
عنْ عُقْبةَ بْنَ نافعٍ
يَزْرعُ شَتْلَ نَخلةٍ ..
في قلبِ كلِّ رابيةْ ..
سألتِ عن أميةٍ ..
سألتِ عن أميرِها مُعاويةْ ..
عَنِ السَّرايا الزَّاهيةْ ..
تحملُ من دمشقَ .. في رِكابِها
حضارةً وعافيةْ ..
لم يبقَ في إسبانيةْ ..
منّا، ومن عصورنا الثمانيةْ ..
غيرُ الذي يبْقى من الخمرِ،
بجوف الآنيةْ ..
وأَعْيُنٍ كبيرةٍ .. كبيرةٍ
ما زال في سَوَادِها ينامُ ليلُ الباديةْ ..
لمْ يَبْقَ منْ قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيةْ ..
سوى عبيرِ الوُرودِ، والنارِنْجِ والأَضَاليَةْ ..
لم يَبْقَ منْ وَلَّادةٍ ومن حكايا حُبها ..
قافيةٌ ولا بقايا قافيةْ ..
لم يبقَ من غَرْناطةٍ
ومن بني الأحمر ..
إلا ما يقول الرَّاويةْ ..
وغيرُ " لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويةْ ..
لم يبقَ إلا قصرُهمْ
كامرأةٍ من الرخامِ عاريةْ ..
تعيشُ ـ لا زالتْ ـ على
قصَّةَ حُبٍّ ماضيةْ ..
مَضَتْ قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ " الخليفةُ الصغيرُ"
عن إسبانيةْ ..
ولمْ تَزَلْ أحْقادُنا الصَّغيرةُ ..
كما هيَ ..
ولم تزلْ عقليةُ العشيرةِ
في دَمنا كما هيَ
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزالُ لفْظةُ العُروبةِ ..
كزَهْرةٍ حزينةٍ في آنيةْ ..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريةْ ..
نَصْلبُها على جِدارِ الحِقْدِ والْكَرَاهيةْ ..
مَضَتْ قُرونٌ خَمْسةُ .. يا غاليةْ ..
كَأنْنا ..
نَخْرُجُ هذا اليومَ مِنْ إِسْبانيةْ ..