لكي نستطيع التواصل مع هذه القصيدة لا بد من إدراك الطريقة التي اعتمدها الشاعر المصري أمل دنقل في بناء هذه القصيدة ، حيث وظف الشاعرُ قصة كليب والزير سالم ـ القصة المعروفة ـ كرمز تاريخي أسقطه على حال العرب أيام الرئيس السادات ومعاهدة الصلح التي وقعاها مع إسرائيل ؛ والشاعر في هذه القصيدة يسجل موقفه الرافض لهذا السلام ، الذي ينتقص في رأيه من كرامة العرب وحقهم ؛ من خلال قصة الزير سالم وكليب ؛ فيرمز إلى حق العرب في قضية فلسطين والأراضي المحتلة [ بثأر كليب المغدور ] ؛ وإلى الرئيس السادات برمز [ الزير سالم ] باعتباره هو من أخذ على عاتقه الثأر لأخيه كليب ؛ ويطلب من السادات إلاَّ يقبل بالصلح أسوةً بما فعله الزير مع [ بني مرّة قتلة أخيه كليب ] الذين رمز بصورتهم في القصيدة إلى إسرائيل ، وقد مثلت شخصية [ اليمامة ] رمزًا لصورة من اصطلوا بسعير الحرب ـ بين مصر وإسرائيل ـ وفجعوا فيها بفقد أحبّتهم وذويهم ، أما كليب فقد أخذ الشاعر مكانه في القصيدة ؛ فَصِيغَتْ القصيدة على لسان كليب موجّهةً إلى أخيه الزير سالم ؛ بينما المقصود الحقيقي بالنص هو الرئيس السادات ؛ وهذا ما يُسمَّى في الأدب بـ ( الإسقاط من خلال الرمز التاريخي ) أي أنَّ الشاعر أسقط شخوص حكاية الزير وكليب وهي مأخوذة من واقعة تاريخية قديمة على حدث عاشه الشاعر في زمانه ؛ فأعاد توظيف الحكاية القديمة بأشخاصها ، من خلال صياغة جديدة لصالح الحدث الحاضر ، وليخاطب بهذه الرمزية أشخاصا عاصرهم ؛ ورأى فيهم صورةً لأبطال قصة الزير وكليب .
أبطال حكاية الزير وكليب الذين استخدمهم الشاعر كرموز في قصيدته
[ كليب ] الملك المقتول وقد صِيغت القصيدة على لسانه .
[ الزير سالم ] ؛ أخو كليب الذي تكفل بأخذ ثأركليب .
[ الجليلة ] أرملة كليب وهي من بني مرّة قتلة كليب .
[ اليمامة ] ابنة كليب . [ أبناء عم كليب والزير ] بنو مرّة .
مقتل كليب و ( الوصايا العشر )
.. فنظر "كليب" حواليه وتحسَّر، وذرف دمعة وتعبَّر، ورأى عبدًا واقفًا فقال له: أريد منك يا عبد الخير ، قبل أن تسلبني ، أن تسحبني إلى هذه البلاطة القريبة من هذا الغدير ، لأكتب وصيتي إلى أخي الأمير سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي .. فسحبه العبد إلى قرب البلاطة ، والرمح غارسٌ في ظهره ، والدم يقطر من جنبه .. فغمس "كليب" إصبعه في الدم ، وخطَّ على البلاطة وأنشأ يقول ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قصة الأمير سالم الزير