عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01/04/2008, 15h35
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي رد: عفيفة اسكندر... سيدة الغناء العراقي

بغداد - من قحطان جاسم جواد: عفيفة اسكندر صوت غنائي عراقي أصيل، وهي انعطافة بارزة وكبيرة في الغناء العراقي الحديث، ويمكن القول انها فنانة محدثة لا بصوتها فحسب بل في طريقة أدائها واسهاماتها التي ارتقت بالأغنية العراقية الى مصاف عالية, وعفيفة اسكندر ليست وجها «مشرقا» للغناء العراقي فقط، بل انها قمة الغناء العراقي لفترة طويلة امتزجت فيها الأصالة والفن والنجومية الصادقة، ولأنها ذات شأن كبير في المسيرة الفنية العراقية وظلت سنوات طوال سيدة الغناء العراقي بلا منازع رأينا ان نفتح هذا الملف لنلقي أضواء وابعادا حول هذه الشخصية الفنية المتميزة التي أعطت وأضافت للفن عموما وللغناء العراقي خصوصا الكثير الذي يجب ابرازه وتعريف الجيل الجديد به في عالم لم يعد فيه للغناء الأصيل موضع قدم.

صوت الطرب الأصيل,,, قلب الجمال النابض
عفيفة اسكندر ذلك الصوت المغرد الجميل هي قلب الجمال النابض أودعت يد القدر فيها أوصافا بدنية وخلالا نفسية، فهي لا تستطيع ان تخفي محاسنها بل تبدت وتجلت في أكمل جمال في نظر عشاق الجمال,,, جمال ساحر من صنع الخلاق لا مصنع الحلاق.
وهذه المطربة الرائعة انكفأت على نفسها، وصمتت صمتا كبيرا، وقبل أوانها، ومن دون أسباب معروفة,,, وبذلك فقدت اسماعنا خامة فنية ناصعة، بعد ان قدمت للفن العراقي أروع الأغاني وأجمل القصائد، وهي ناحية تميزها عن بقية المطربات، اذ انها قدمت أكثر من خمسين قصيدة مغناة، والقصيدة من أصعب أنواع الغناء.
والذي عاصر فترة تألقها وعاش سماع حلاوة صوتها عبر مسيرتها الطويلة يعرف الكثير عن فنها وسيرتها ودورها الفني في حياة العراقيين، وبما انها اختارت الصمت بنفسها وترفض الادلاء بأي أحاديث صحافية، فقد ارتأينا ان تكون حلقاتنا ملتقى لكل أصدقائها ممن عاش ذكرياتها الفنية أو ساهم فيها وبما يعطي صورة قريبة عن حياة هذه الفنانة الرائعة للأجيال الحالية التي لا تعرف عنها الكثير.
المرحوم الأستاذ (سعاد الهرمزي) الاذاعي المعروف الذي قدم للغناء العراقي عدة دراسات وكتب فنية وكان أحد الذين كتبوا عن عفيفة في كتبه ومقالاته وقد التقيته قبل وفاته فقال عنها: عفيفة اسكندر لون فريد في الغناء لا يضاهيه أو يقترب منه أي لون آخر من الوان الغناء العربي، وهو أيضا لون محير فلا تدري هل هو مونولوج أو غناء خفيف أو غناء عاطفي,,, أو هو كل ذلك معا!
أما صوتها وأداؤها فيستقلان بمواصفات مميزة وخصائص متفردة ويبعدان ابتعادا غير مألوف عن صوت وأداء أي مغنية في الوسط الغنائي العربي.
من أين استقت شخصيتها الغنائية؟
وأمام هذا الغموض الذي يلف هذا الصوت المتفرد يوضح الأستاذ (الهرمزي) من اين استقت المطربة عفيفة اسكندر شخصيتها الغنائية المستقلة, فعاد بذاكرته الى السنوات الماضية والى الأيام الخوالي التي برزت فيها هذه الفنانة، وقال: انه سؤال صعب لا يمكن الرد عليه بسهولة الا اذا عدنا الى الموهبة لنعزو اليها قدرتها على تكوين هذه الشخصية الصوتية الفريدة, ولأن عفيفة اسكندر غنت الشعر فإن الكلمة عندها تخرج صافية بلفظها وفصاحتها وموسيقيتها وهي في كل ما غنت شعرا أو زجلا أقرب الى الاكتمال اللفظي والاحساس بالكلمة وحسن الاختيار الذي تبدو فيه ملكتها على أشدها في رهافة الحس ورقة الشعور، وهي لم تكن تحسن اختيار الشعر أو الزجل فحسب، بل كانت فطنتها ودرايتها وتذوقها الموسيقى يمتد الى اللحن كذلك.

تقبل الألحان المنسجمة
مع صوتها
والمطربة عفيفة اسكندر تختار ألحان أغانيها بدقة شديدة (يواصل الهرمزي حديثه) وقد رفضت كثيرا من الألحان حتى من أولئك الذين كانوا يقفون في الصدارة من ملحني القطر ولم تقبل لحنا قط من أي ملحن مهما علا قدره الا اذا كان منسجما مع صوتها فكأنه قد قيس عليه,,, وعلى اثر موقفها هذا من الألحان، قال عنها العديد من الملحنين والمؤلفين ان أصعب مغنية هي عفيفة اسكندر وهي صعبة فعلا لأنها كانت تدقق في الاختيار ولا تغني أي لحن أو أي كلام.

جابو كلي أو المسدس السريع
ومن الذكريات الأخرى التي ذكرها (الهرمزي) عن هذه الفنانة الرائدة انها - كما يقول - ظهرت للمرة الأولى على المسرح في ملهى صغير بمدينة اربيل في أواسط الثلاثينات، وكانوا يسمونها في تلك الفترة بـ (جابوكلي) وتعني المسدس السريع الطلقات.
وماذا عن أبرز الملحنين الذين تعاملت معهم المطربة عفيفة، فقال: هناك مجموعة كبيرة من خيرة رواد التلحين في القطر، وقدمت العديد من الأغنيات الجميلة التي تشكل الآن ثروة كبيرة لتراثنا الغنائي، وأبرز من تعاملت معه الفنان «سمير بغدادي» أو وديع خوندة ورضا علي وناظم نعيم وكريم بدر وأحمد الخليل وعباس جميل وياسين الراوي وخزعل مهدي وسواهم.
وحتى فرقتها الموسيقية التي تصاحبها في الغناء تختارها بدقة وعناية كي تتناسب مع صوتها وطريقتها في الأداء, وكما يقول (الهرمزي) ان حفلاتها كانت أسبوعية وتتضمن في كل حفلة (وصلتين) بحدود ساعة لكل وصلة غنائية وفي بداياتها الأولى كانت فرقتها تتكون من عناصر فنية ثم تركوها وسافروا فبدأت بالتعاون مع مجموعة من الموسقييين أبرزهم سالم حسين وخضير الشبلي وجمال سري على آلة القانون وكريم بدر وكريكور برصوميان وجوزيف حنا وجميل بشير على الكمان وخضير الياس على الناي وعلى العود كان الفنانان منير بشير وروحي الخماش كما كان الفنان حسين عبدالله يشارك في حفلاتها كضابط ايقاع.
وعن الحوادث والمواقف التي لا يعرفها الكثيرون من الناس عن المطربة عفيفة اسكندر يقول الهرمزي: لها ذكرى مع موسيقار الأجيال الفنان محمد عبدالوهاب لا أظن انها ستنساها أبدا وهي مثلت معه في فيلم «يوم سعيد» إخراج «محمد كريم» ولحن لها أغنية غنتها في الفيلم عام 1940 لكن عند عرض الفيلم لم تقدم الأغنية لأن المخرج اضطر الى حذفها مع مشاهد أخرى بعد اكتشافه ان الفيلم قد تجاوز الساعتين وهو وقت طويل ويمله مشاهدو السينما.
ومن الأمور الأخرى التي اتذكرها لقاؤها مع الموسيقار فريد الاطرش والاتفاق بينهما للتمثيل والغناء معه في أحد الأفلام السينمائية، وكادت المحاولة تنجح لولا مغادرتها (أي عفيفة) للقاهرة على عجل بسبب التزامها بعقد مع أحد الملاهي.
أما الفيلم المصري الوحيد الذي ظهرت فيه فهو فيلم «القاهرة,,, بغداد» وهو انتاج مشترك (عراقي مصري), وقد كانت عفيفة طيبة القلب وتحمل نفسا زكية وتقدم المساعدة لكل من يطلبها، لذلك فهي تعاطفت مع العديد من الأسر التي احنى عليها الدهر وجار عليها الزمان حيث قامت بتخصيص مرتبات شهرية منتظمة لهذه العوائل لتمكنها من العيش بكرامة.
أخيرا قال الهرمزي عن هذه المطربة الرائعة« بعد ان اعتزلت الغناء حاولت ان أجري معها حديثا اذاعيا ولكنها رفضت بحسم وقالت لي اذا كنت ما زلت على احترامك لي فاصرف النظر عن هذا الموضوع».
رد مع اقتباس