رد: نظرة إلى التوزيع الموسيقي الحديث للأغنية العربية
تتمة ...
وهكذا، استمعنا إلى ألحان غاية في الدماثة، في حين أن بقية الفنانين العرب الكبار ما زالوا متقوقعين في المدرسة القديمة تنفيذاً، وكان كبار النجوم العرب ما زالوا يغنون حتى في الاستديوهات على أنغام مكتوبة ولكنها منفذة بأسلوب أقرب للارتجال والاعتباط التوزيعي.
إلى أن بزغ نجم جديد قلب شكل الأغنية العربية رأساً على عقب، واضطر -لاحقاً- كبار النجوم العرب إلى اعتماد أسلوبه إن معه أو بمصاحبة من تأثر به وسار على نهجه.
حميدة الشاعري القادم إلى مصر من ليبيا حمل معه خيالاً من نوع آخر لتنفيذ الموسيقا، خيال معتمد كلياً على أسلوب تنفيذ أغاني البوب الغربية بانت نتائجه سريعاً عند الجمهور العربي. هذا الأسلوب الجديد رفع المغنين إلى مصاف النجوم ليحتلوا درجات متقدمة في قوائم البيع والطلب.
كان إنتاج الشاعري تنفيذاً جديداً ودقيقاً أكثر منه توزيعاً موسيقياً، وقد تفوق على الموزعين اللبنانيين في دقة التنفيذ وذلك بالاستعاضة عن العنصر البشري في عزف بعض الآلات بالعازف الآلي مُسبق التلقيم أو ما يسمى بالـ Sequencer مستعملاً آنذاك سيكونسر بدائي (مقارنة بالحالي) ولكنه كان رائعاً في أيامه وهو KORG - M1 . استغنى حميدة عن بعض الآلات الحقيقية Acoustic خصوصاً الإيقاعية الغربية منها، كما استمد منه أصوات الآلات النحاسية والبيانو، ووظفها للوازم الموسيقية والجمل التوزيعية البسيطة. أعطى استعمال هذا الجهاز ثباتاً إيقاعياً رائعاً، فمهما كان عازف الإيقاع ماهراً لن يكون بقدرة السيكونسر في الثبات على وزن واحد طوال الأغنية. هذا ما أعطى إنتاج الشاعري رونقاً مختلفاً عن العزف الاعتباطي.
شعبياً، نجحت أغاني الشاعري على نحو مذهل، بالرغم مما كان ينقصها من الآلات الحية التي لا يمكن تقليدها بالأجهزة الإلكترونية، فهو مثلاً لم يستعمل آلة الكمان الحية بالرغم مما لهذا الآلة من دور كبير في التوزيع واللوازم، واستعاض عنها بالنحاسيات وآلات الوتريات الإلكترونية. أما إنجازه الرائع فهو تلك التركيبة الإيقاعية الفذة التي فرضها على الأغنية العربية والتزم بها كل من تلاه. تألفت تلك التركيبة من الدرامز الغربي مع العديد من آلات الإيقاع الغربية الأخرى Percussions، أضاف إليها المزاهر الصعيدية والدفوف المكتومة والصاجات والتصفيق والباص الكهربائي قوي التأثير. أما الآلة الوحيدة التي كان يصر على استعمالها حية لوضع الكوردات في كل أغانيه فهي آلة الكيتار.
شباب آخرون في مصر كانوا يتسلقون درج التوزيع الموسيقي ببطء وصبر، أهمهم العبقري طارق عاكف، الذي بدأ مهنته الموسيقية كعازف على آلة الأورغ في فرقة نجوى فؤاد. في ذلك الوقت كانت فرقتان كبيرتان تتقاسمان الأعمال الموسيقية الضخمة على المستوى العربي هما الفرقة الماسية وفرقة هاني مهنا. ثم برز المايسترو حمادة النادي الذي ضم طارق عاكف إلى فرقته ونافس الفرقتين الكبيرتين على الحفلات العربية في مصر والسعودية وغيرها. وقد استقطب كبار عازفي الكمان المصريين مثل الدكتور رضا رجب، محمود الجرشا، سعد محمد حسن، وفؤاد رحيم.
يُتبِع ...
__________________
اللي ما له أول ما له تالي ... إي بس ما يحطه ويقعد مراد داغوم
|