عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30/01/2008, 12h41
الصورة الرمزية M. Daghum
M. Daghum M. Daghum غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:123712
 
تاريخ التسجيل: December 2007
الجنسية: سورية
الإقامة: سوريا
العمر: 68
المشاركات: 26
افتراضي رد: نظرة إلى إلى التوزيع الموسيقي الحديث للأغنية العربية

وقد وظف الرحابنة الآلة الموسيقية خير توظيف، ونتيجة لدراستهم علمي الكونتربوان والهارموني كان دور كل آلة مكتوباً حتى في أدق تفاصيله بحيث لا يسمح للعازف التصرف العشوائي المسيء للحن. واستقدموا عازفين بارعين في كل آلة، وخير مثال هو عازف العود العراقي منير بشير الذي نفذ عزفاً منفرداً في بعض أغانيهم مثل "هيك مشق الزعرورة" و "البنت الشلبية". ولم يترددوا في تنفيذ بعض أعمالهم الصعبة في استديوهات اليونان مع أمهر العازفين الغربيين، واستمر استقطابهم للموسيقيين العالميين حتى يومنا هذا، ولإحساسهم بالدور الهام للهندسة الصوتية استعانوا - وما زالوا - بخبراء بريطانيين الذين هم الأعرق عالمياً في هذا المجال.


ومع احتكاك كبار الملحنين والفنانين المصريين بالرحابنة، مثل محمد عبد الوهاب(1) ونجاة الصغيرة (2) وعبد الحليم حافظ (3)، ومع انتشار الأعمال الرحبانية في الوطن العربي عبر الإذاعات العربية وعبر التوزيع العالمي لألحانهم (4) وعبر استعمال موسيقاهم في كثير من الأفلام العربية (5). شعر بعض الملحنين بأهمية إبراز دورالتوزيع الموسيقي، أو على الأقل بأهمية توظيف الآلات بدون أن تصاحب غناء المطرب بمحاكاة ببغائية، واستعمال قوالب التأليف الغربية مثل التانغو والبوليرو والرومبا والسامبا ... الخ. فقدم محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهم ألحاناً على هذه الستايلات مع فارق واحد هو استعانتهم بموزعين موسيقيين غربيين مقيمين في مصرأحياناً مثل الموسيقار أندريه رايدر (6)، أو في خارجها.


إلا أن التوزيع الموسيقي بقي مقتصراً على التسجيلات المنفذة ضمن الاستوديوهات، ونادراً جداً ما كان يتم تنفيذه حياً على خشبات المسارح ما خلا العروض الكلاسيكية العالمية التي كانت تعرض في القاهرة، والحفلات التي كانت تقيمها الفرق الغربية المتواجدة أو الزائرة للعواصم العربية آنذاك. وما لعب دوراً في اهتمام الموسيقيين العرب بالتوزيع هو قيام بعض المطربين الغربيين بتقديم أغان عربية موزعة بالطريقة الغربية وقد لاقت نجاحاً شعبياً عظيما مثل أغنية "يا مصطفى" للمغني "بوب عزام"، أو بالعكس، عندما قدم بعض المغنين العرب ألحاناً غربية معروفة بعد تركيب كلمات عربية مناسبة وبالتوزيع الأصلي كما فعل الفنان دريد لحام عندما قدم مجموعة كبيرة وجميلة من الأغاني العالمية المشهورة في تلك الفترة مثل "بايلا لا بامبا" ( ألابنضا)، و I Can't Sleep ( نوم نوم ما في نوم).


بدأ التوزيع الموسيقي العربي يأخذ طريقه للشعبية في بدايات ثمانينات القرن الماضي عندما تخلى الملحنون اللبنانيون عن الأسلوب القديم في التنفيذ الموسيقي واعتمدوا الفصل التام بين ما يغنى وبين ما يصاحب الغناء من توزيع ولوازم، واقتصروا في الموسيقا على المصاحبة الهارمونية مثل كوردات الآلات الغربية كالأورغ والغيتار، وبعض الجمل التوزيعية المرافقة البسيطة بالآلات الوترية أوالنحاسية خلف المغنى، وأولوا عناية فائقة لإظهار ضغط الإيقاع فدعموه بآلات الضغط الإيقاعي الغربي مثل الدرامز وغيتار الباص الكهربائي. كان هذا في بداية ثمانينات القرن الماضي، عندما ظهرت ثلة من المطربين والملحنين الشباب مثل ملحم بركات وإيلي شويري ومن بعدهما راغب علامة وأحمد دوغان ونهاد طربيه وغسان صليبا وغيرهم بالإضافة إلى الجيل الجديد من الرحابنة ممثلاً بزياد وغسان ومروان وغدي الرحباني. كانت نتيجة هذا التوجه الجديد أعمالاً تتراوح ما بين الخفيف إلى الطرب ولكن بقالب يسهل على الأذن المعاصرة استساغته، قد يكون معقد اللحن أو معقد الأداء أحياناً بحسب الملحن والمطرب، لكن أسلوب إيصاله للمستمع كان لطيفاً مدروساً في أقل حركاته وسكناته وبعيداً عن العشوائية التي كانت سائدة في المرافقة الببغائية مما أشعر المستمع العربي بتغيير صب في صالح هروبه من المعتاد أولاً وأعطاه احتراماً لأحاسيسه التي كان يفقدها عند تركيزه المفرط ليعيش مع اللحن الأساسي الذي شوهته تلك العشوائية ثانياً.


يُتبَع ...
__________________
اللي ما له أول ما له تالي ... إي بس ما يحطه ويقعد
مراد داغوم
رد مع اقتباس