رد: تاريخ ومسيرة الأغنية الليبية المعاصرة
نتيجة لما تقدم من جهود فنية رائعة وخطوات مستمرة ومتواصلة وبإصرار الفنانين الرواد الأوائل ولدت الأغنية الليبية المعاصرة في بداية القرن العشرين في جو مفعم بالنشاط والحماس والتصميم على مواكبة النهضة الفنية في عواصم الفن العربي الأخرى ، وكان ذلك في مدينة طرابلس التي حظيت بولادة هذه الأغنية بالرغم من وجود بعض المواهب والخبرات الفنية في مدن مثل بنغازي ودرنة إلا أنها بدأت نشاطها الفني بعد بدايته في طرابلس بوقا متأخر نسبيا ً ، والأدلة على ذلك كثيرة أورد بعضا ً منها فيما يلي :
أولا ً : في الربع الأول من القرن العشرين كانت مدينة طرابلس تعج بعدد كبير من الفنانين من العازفين والمطربين والملحنين الذين تعلموا العزف على آلات موسيقية كالعود والقانون والناي والكمان ، وكان لهم نشاط فني واسع تمثل في تكوين الفرق الموسيقية التي كانت تعرف بالتخت وإنشاء النوادي والمعاهد الموسيقية الخاصة لتعليم العزف والغناء ، إلى جانب إحياء العديد من الحفلات والسهرات الغنائية على مسارح وفنادق المدينة القديمة وما حولها في ذلك الوقت . وقد ذكر بشير عريبي " أنه تم تأسيس أول نادي بطرابلس للموسيقيين في سنة 1933 بمقتضى رخصة رسمية .. وقد قدم النادي عدة حفلات بمقره وبمسرح البوليتياما ، وبقى هذا النادي يعمل بجد ونشاط طوال ثلاث سنوات . وأورد عريبي أسماء عدد من فناني مدينة طرابلس الذين كان لهم نشاط فني كبير في مجال الموسيقى والغناء في الفترة المذكورة ، والذين ولد أغلبهم في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهم " محمد عبية ، علي البوني ، محسن ظافر ، العارف ظافر ، عبدالله جمال الدين الميلادي ، مختار داقرة ، الأمين امحمد حسن بي ، مختار شاكر المرابط ، خليل التارزي ، محمد سليمان قنيوة ، أحمد شاهين ، أحمد الخوجة ، العارف الجمل ، كامل القاضي ، علي الحداد عثمان نجيم وبشير فهمي فحيمة ".
ثانيا ً : في بداية العقد الثالث من القرن الماضي وبالتحديد عام 1924 هاجر إلى تونس الفنان الكبير المرحوم بشير فهمي فحيمة حيث وجد الترحاب وحسن الوفادة فأسس في تونس محلا ً لبيع الأسطوانات الغنائية .. ورفع شأن الفن الليبي خارج البلاد وداخلها وهو أمر لم يسبقه إليه أحد من الفنانين الليبيين ولغزارة إنتاجه أقبلت عليه الإذاعات وخاصة التونسية والفرنسية على إذاعة أغانيه ، وكان له الفضل باعتراف التونسيين في نشر فن الغناء في تونس . مما سبق يتضح لنا أن الأغنية الليبية كانت حقيقة واقعة بالفعل لها شخصيتها المميزة بدليل اعتراف الفنانين التوانسة بفضل بشير فهمي عليهم في هذا المجال الذي كان جديدا ً في بلادهم ، خاصة إذا علمنا أن الفنان بشير فهمي كان مؤلفا ً وملحنا ً ومطربا ً متمرسا ً ومشهورا ً ، وكان في قمة عطائه الفني في بلاده ورائدا ً من رواد الأغنية الليبية عندما هاجر إلى تونس وبقى فيها لأكثر من ثلاثين عاما ً .
ثالثا ً : في عام 1935 سافرت فرقة الفنان كامل القاضي إلى إيطاليا لتسجيل مجموعة من الأغاني الطرابلسية وبعض الطقاطيق المصرية والتقاسيو على أسطوانات وكان من بين أعضاء الفرقة محمد بن يونس " كريشيان " ومحمد بن طاهر وخليل التارزي .
يتبع
|