[صالح الحرباوي]

الصعود - الشهرة - الرحيل

بدأ صوت الشيخ العفريت ينتشر خارج حدود الحارة اليهودية. وسرعان ما بلغت شهرته كل التراب التونسي و كان في العشرين من عمره.
بدأ يتلقى عروض شركات الأسطوانات أوديون ODEON و لا فوا دو سون ماتر La Voix de son Maître التي رسخت شهرته المتصاعدة.
كان يشدّ السامعين بنقاوة صوته و قدراته الخارقة في الأداء حيث أنه كان يصعد إلى أعلى درجات الجواب بسهولة كبيرة . تميّز بارتجالاته في طابع العروبي الذي كان يفتتح بها أغلب أغانيه.
صار بعدها لا يغني إلا برفقة فرقته التي كونها و تتضمن ألبار أبي طبول على الكمان و مسعود الحبيب على الأورغ و أبرامينو على القانون و المليح على الدربوكة (الطبلة) و كان عاشر مزراحي من الذين لحنوا له أشهر أغانيه.
أصبح يحي مساء كل يوم ثلاثاء حفل في قصر باردو أمام ملك تونس أحمد باي الثاني. سافر الكثير من المرات إلى الجزائر ليحي فيها الحفلات حيث كان الجمهور يحبه و يكن له الإعجاب الكبير.
كانت بعض أغانيه ترتكز على ألفاظ عامية و متداولة في أوساط المقاهي و (الميخانات) و وصفها البعض بالسوقية أو البذيئة. و يصح بالأحرى وصفها بالخليعة حسب تعبير إخواننا المصرين. لكن إذا نظرنا إلى ظروف تلك الحقبة و وضعناها في الصورة المناسبة مع نهاية الحرب العالمية الأولى و ما سميت وقتها بالسنوات المجنونة Les années folles . فسنجد نفس الظاهرة في الغرب أو في الشرق. و في مصر غنى البعض مثل هذه الأنماط على غرار (تعالى يا شاطر نروح القناطر - تعاليلي يا بطة – هز الستارة اللي في ريحنا) حتّى العبقري محمد القصبجي لحن (بعد العشا يحلى الهزار و الفرفشة).
لكن في المقابل غنى الشيخ العفريت عن التقاليد البدوية (يا ناس هملت و دخلت الصحراء) و (أنا التارقي ولد الترقية ...) و عن الحب و الوفاء الزوجي في (بعد النكد و الغصّة يا فاطمة ....).
زار مصر ويقال أنه كان من ضمن الوفد التونسي لأول مؤتمر للموسيقى العربية بالقاهرة سنة 1932 أين تعرّف على زكي أفندي مراد والد ليلى مراد، الذي ينحدر هو أيضا من أصول يهودية مغربية والذي كان شديد الإعجاب بصوته و أداءه.
تزوج الشيخ العفريت من للاّت الحسن من عائلة يهودية ثرية و أنجبت له أبنتان تيتا و جولي و ابن سويلم. أصيب الشيخ العفريت بمرض السلّ tuberculose وتوفي في مستشفى الأمراض الصدرية بمدينة أريانة بعد صراعا مريرا مع المرض سنة 1937عن سن 42 سنة .