(حوالي 420هـ - .. / 1030م - .. )
   أبو علي الحسن بن زريق البغدادي، أبو الحسن: شاعر عراقي. كانت له ابنة عم قد كَلِفَ بها أشد الكلف ثم ارتحل عنها من بغداد لفاقة عَلَتْه فقصد عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس و مدحه بقصيدة بليغة فأعطاه عطاء قليلا. فقال ابن زريق: إنا لله و إنا إليه راجعون. لقد سلكْتُ القفار و البحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء.
   و تذكر فراقه لابنة عمه التي كان يريد أن يتزوج بها و ما بينهما من بعد المسافة و تحمل المشقة مع ضيق ذات يده، فاعتل و مات.
   قيل أن عبد الرحمن أراد أن يختبره و بعد أيام سأل عنه فتفقدوه في الخان الذي نزل في فوجدوه ميتا و عند رأسه رقعة كتب فيا قصيدته الرائعة: لا تعذليه التي يخاطب فيها ابنة عمه. و قد استهلها بقوله:
   لا تـعـذلـيه فـإن العـذل يـولــعـه \/\/\/ قـد قلت حـقا و لكـن ليس يسمـعه
   جاوزتِ في نصـحه حـدًّا أضـرَّ بـه \/\/\/ من حـيـث قدرتِ أن النُّصـْح ينـفـعه
   فاستعملي الرفق في تأنـيـبه بـدلا \/\/\/ من عذله فهو مُضنى القلب موجَعُه
   استـودع الله في بغـداد لي قـمـرا \/\/\/ بالـكَرْخِ مـن فـَلَـكِ الأزرار مَطْـلِـعـُه
   ودعــتـه و بــودي لـو يــودعــنــي \/\/\/ صـَفْـوُ الحــيــاة و أنـي لا أوَدعـــه
   و كم تَشبَّث بي يوم الرحيل ضُحى \/\/\/ و أدمـعــي مســتـهــلات و أدمـعُـه
   يؤكد ابن زريق في هذه الأبيات أن ابنة عمه حاولت أن تمنعه من السفر إلى الأندلس و أن ما قالته كان صحيحا نابعا من قلبها و حبها له، و أنها تشبثت به قبل الرحيل حتى تردعه عن السفر و البكاء ينهمر من عينيه و عينيها.
   و يتابع معترفا بأنه أخطأ، بقوله:
   أُعـطيت مُلْكا فلم أحسن سياسته \/\/\/ و كل من لا يسوس الملك يخلعه
   و من غـدا لابـسا ثـوب النعـيم بلا \/\/\/ شُكرٍ عـلـيـه فـعـنـه الله يـنـزعـه
   كم قائل لي ذُقـتَ البـينَ قُلـتُ لـه \/\/\/ الذنب و الله ذنبـي لسـت أدفـعـه
     ما كنت أحسب أن الدهر يفجـعني \/\/\/ بـه و لا أنَّ بٍـيَ الأيـام تـفـجـعــه
   لأصـبـرنَّ لـدهـر لا يُمَــتــعـــنــي \/\/\/ بـه و لا بـيَ فـي حــالٍ يُمَـتـعــه
   علَّ الليالي التي أضنت بـفـرقـتـنـا \/\/\/ جسمي ستجمعني يوما و تجمعه
   و إن يـدم أبــدا هـذا الـفراق لـنـا \/\/\/ فما الـذي بـقـضـاء الله نـصـنـعـه