رد: الرتوش الأخيرة فى لوحة الخيل و البحر
أخي سامح الأسواني..
نعم فقد كان هناك حيث كان.. ولم يزل
وكنتُ هناك.. حيث كنتَ (تتبع ظلال النياق الشريدة)
وكان هو هو.. في جلسته الأزلية
ينفث غليونه الخشبي، فيقف الطير على أغصنة الدخان، ويتبدل (خفافيش في حلكته السرمدية تارة.. وتارة يمام يستحلب غبش الفجر عند عتبات شمسه).. بينما تتبدد الريح في حضرته ويظلله الغمام
يخط في الرمل بطرف عصاه فتزهر الحقول وتجري العيون أنهارا من لبن وخمر
فيسأل العابرين، وهو يعبث في لحيته الجعداء: كيف تجتمع الأضداد في قلب البشر؟! وكيف يتنادم الشعراء والسلاطين على غمغمات أنين الجوعى ونواح الثكالى؟!
كان كلما رأى العسس تحسس نعله.. وكلما ذُكر السلطان تحسس عصاه
"يا الله..
هل انكشف على السرِّ هذا الشيخ؟"
وما كدتُّ أنبث حتى التفتَ.. فتفزع طيرا كان يبيض على كفه، وجفلت نياق
وكنت أنا.. مقرفص في جلال العتمة، يأخذني غناء الحدَّائين إلى مدن من بللور
وكنت أردد وِرْدَ الكروب
وما أن مس شيخي على هامتي حتى استحالت رمال الصحارى يواقيت نور
وانفجرت من شقوق الصخور نوافير عطر مسحت عن قلبي المكدود مواجيده
وحط اليمام على شرفة الروح، وسقطت عن كتفه عباءة الرياحين
فصارت حقولا تطعم الطير والبائسين وتأوي إليها النياق الشريدة.
__________________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
رفرفْ..
فليسَ أمامَك
- والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون-
ليس أمامك غيرُ الفرارْ..
الفرارُ الذي يتجدّد كُلَّ صباح
|