عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09/12/2007, 06h54
الصورة الرمزية سمعجى
سمعجى سمعجى غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:43091
 
تاريخ التسجيل: June 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 895
افتراضي رد: الرتوش الأخيرة فى لوحة الخيل و البحر

الشاعر الكبير يوسف أبو سالم ..

أ َحتفي بقلمك البديع ، فأنت تداعب خيالاتنا بأشعارك ، فتترصعُ سماواتنا بنجومِكَ الطازجة ، و تفتـَنُّ مراعينا بعشب كلماتك المُمَسَّدةِ بالنسائم ،حتى أن الربوة العالية التي تحملني إليها قصائدك ، لا تكشف عن أسرارك كاملة ً.. و تتركنا نلهث في المسافة السِحريةِ الواسعة بين سِر الدلالة ، و حقيقتها الساطعة ..

يبقي المعنى مغلفا ً بأساطيرهِ الضاربةِ في عمق وجداننا ، يَشي ، و لا يُفصِح ، يُلَـَمِّح ، و لا يقول ، يداعب ، و لا يفضـَح ..
فيا شاعرنا ، أنت مِنـَّا إذن !!

أسمعت نداءَهم يا أبا سالم ، هؤلاء ، الذين يتلبسونك و لا تستطيع منهم فكاكا ً ، أتسميهم ؟! .. ملائكة الشِعر !! شياطينه !! أجاءوا من وادي عبقر ؟! .. أم حملتهم الريح ذات ليلة غفلت فيها قـُوىَ الشـَّر ؟!

( و مليك الجن إن مَرَّا .. يروح ، والهوى يَثنيه ،،، فهو مثلي عاشقٌ ..كيف يبوح ،،، بالذي يضنيه ؟!! )جبران

و أنا مِنكَ .. لا أرى الوردة مثلهم ، و لا الشجرة .. و لا النجوم ..
الوردة ، هى تجلياتُ طفلةٍ تنضحُ البراءةُ من حذاءِها الأحمر ، فما بالك
بعيونها ؟! ماتت الطفلة ، أتصدق ؟! .. صدقني ، ماتت .. و لكن روحها تتجلى في الحدائق ، و على الربوات ..
و الشجرة ؟!.. الشجرة أنثى فقدت معشوقها ، فتسمرت ، و اتشحت بالحزن الأبدي ..أسمعُ نحيبَها في الليل .. يظنه السُّذجُ ريحا ً تحفُّ بأوراقها ، إنه نحيب الفقد و الافتقاد ..
أما النجوم ، فهى عبرات السماء ، دموع يا سيدي .. تأملها ، دموع من النور ، هذا الهلام القطيفيُّ الأسود الوسيع الذي تتعلق في محيطه ، هو حزن سديمي لا رادَّ لوحشته ... و تلك عبراته ..

أتخالني جننت ، أو أصابني عَتَهٌ أو سَفـَهٌ أو عَلـَزٌ أو مَسٌ من الجان ؟!.. لا يا سيدي .. دع غيرك يظن ذلك ، أما أنت ، فشاعر
.. تدرك ما للكلمةِ من مَغزى ..

فلنجلس إذن على مائدةٍ نائية ، نحتسي شراب الفِتنة ، و نتوغل في أساطيرنا
المنسوجة من رحم الكلمات ..
أنت تدرك ... الكلمة مجانية حين تكون وحدها ، سقيمة حين ترتدي نفس الثوب ، في طيـَّاتِ جملة ٍ مكرورة .. تدعو للغثيان حين يمتهنها البعض
، فيجعلها خادمة ً لأفكارهم الرديئة و عقولهم الضحلة ..

كيف يتجرأ البعض على الكلمة ، و هو بعدُ لم يدخل مُدُنَ الإشراق ؟!
كيف تواتيهم الشجاعة ، فيغرسون شجرة جودار ، في صحراء قاحلة ؟!
كيف يجعلون من القرنفلاتِ غذاءا ً لمواشيهم ؟!

كيف لي ، أنا ، أن تواتيني الشجاعة ، فأطرق الباب ، أطرقه بكل ما أوتيتُ
من قوة ،محاولا ً المروقَ إلى غمرة النور السّرمدي الذي يكمن سِرُّه في الكلمة ، ثم أنهار أمام صمته الأبديِّ مقعيِّا ً مهزوما ً .. الباب لا يفتحُ يا سيدي ..
لا يفتح .. إنه قاصرٌ على الخاصة .. الخاصة الذين رأيتهم بأم عيني يمرُّون
أمام نافذتي !!

أتعرف .. أمسكتُ بالكلمة ِ، نفضتُ عنها الغبار ، تحسستُها ، شممتها ، أغمضتُ عليها جفوني ، و نمت ، فجاءتني في الرؤيةِ ، مُوَشـَّاة ً بوشاح ٍ لم يخطر على قلب بشر ، متألقة ً تسطعُ منها أطيافٌ نورانية ، ما خطرت على ذاكرةِ بحر ٍ، أو تأملاتِ غابة ... و حين إستيقظت ، بكيت ، ثم بكيت ، فقد تلاشت الكلمة ..و تلاشى ثوبها المُوَشـَّى ..
كانت رقيقة ً ، و ناعمة ً ، و لها ملمسُ قشرةِ الخوخ الوَبَريَّة ، مثل خـَدِّ الطفلة الصغيرة التي ماتت .. نعم .. ماتت يا سيدي ..
و تركت حذائها الأحمر معلقا ً على حائطِ أيامي !!
__________________
شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ

كمال
رد مع اقتباس