و كان شاعرنا يسعده وجود أولاد أعمامه و أهله و ذويه حوله في جلسات السمر التي كانت تعقد في أي مناسبة .
من ولدون صغير أفرح مجال أندادي
و برضي عبده لو يجنيه زماني غدادي
تجــدني في ولاد عمي ألم و أدادي
أخاف نايب الصقور لا يقربنه حدادي
******
مـن ولدونا قعدات التماسـيح حُزنـا
و بـى مشــياتهم قبل الخلايـق فٌزنـا
النـــاس التشـابه للدهـب في وزنــا
معرفة الرجال شبه الكنوز في خـزنـه
*********
و قلما نجد شاعراً لم تمتلئ حياته بالحسناوات الملهمات و الجميلات و إن تغيرت معايير ذلك الحسن وذلك الجمال من شاعر إلي أخر .
و إذا تحدثنا عن الغزل عند ابو حديدة فقد كان مبدعاً في هذا اللون , مع امتزاج مفرداته البيئية التي تعطي المتلقي صورة جمالية فائقة الأبداع , و تحتوى على موسيقي لها وقع خاص لدي المستمع . و من الغزليات التي استمتعنا بها من أبو حديدة :
و لا خرجت وسط حلّتها مرقت حايمي
غير ليلها و نهار جوه المسيكات عايمي
حـرام تقتلي الناس اللي جــواك هايمي
دقة لغـمك اللوبه العلي النــيل قايمى
******
أريت فاتت علىْ شبه المسيكه عرقها
بدوانـــها بتحاديهــــا و تهــز درقها
لــى حـد القدم فــرد القصص فـرّقها
دقة لغــمك اللوبه اللى زاهــى ورقها
قالــت لى فريـدى حـدا الأهل بتعزّا
وأهلى من كرام كُـرما الجزيرة وغزة
جــلّ الصـانع اللى عـطاها رب العزة
صـدراً يشبه الجوخ حـزّه فوق الحزّه
ومن الدرر الجميلة التى تركها لنا أبو حديده هذا الدور الذى يحتوى على "جناس كامل"
حيث تتحد جميع القوافى فى نفس اللفظ , وكل لفظ منهم له معنى مختلف عن الآخر .
الخـلا السنين فوقى البرود والـوارد
أم خداً مندّى على الفُــلل والـوارد
من أول دربهن منعوا الصدر والوارد
تلقى حرسها من أهل السّبح والـوارد
ومن الملاحظ أن هذا الشاعر مجيد فى أغلب ضروب الشعر, رحم الله شاعرنا أبو حديده الذى ترك لنا شعراً رائعا لكى نمتّـع القارئ العربى بما خلفه لنا السلف من تراث أدبى خالد .. ولم يمت من قال شعراّ ..