رد: أغـدا ألقاك
انا جيت متاخر شوية بس معلش سلام يا جماعة وان شاء الله كل عام وانتم بخير.
تحليلك يا استاذي الآلاتي لا غبار عليه ولو ان هذه الأغنية بالذات هي مغامرة حقيقية في التلحين الوهابي زي ما قلت بالضبط انا شخصيا تعلمت منها الكثير .
فيما يخص الأستاذ مختار هو معذور وانا عارف ليه ماقدرش يستوعب الأغنية لانه نفس الشيء وقع معاي . مدخل الأغنية فيه حركية مش مألوفة في الأغاني السابقة لعبد الوهاب ، فعمل الأربيجات بتاع القانون مع الردود السريعة و المضبوطة جدا عند الوتريات يخلي الواحد يقول ان عبد الوهاب مش ناوي على الخير في الأغنية دي ، ولو تلاحظ ان قوة اللحن بقيت متماسكة من الأول حتى الآخر على اعتبار ان المدخل كان قوي جدا على مستوى اللحن والحوارات التي تمت بين الآلات وهذا ليس بغريب على عبد الوهاب .
الدخول بالجمل غير المصحوبة بايقاع كان ممكن عمي مختار يمشيه بس منذ دخول الإيقاع و المتابعات بآلة الجيتار مع العازف العبقري عمر خرشيد توحي ان اللحن سيصبح غربي صرف وخاصة الردود عند الوتريات دي كانت موضوعة بطريقة لا يعزفها عازف اغاني السلطنة كانت تتطلب واحد دارس التكنيك الغربي - الله يكون في عونهم العازفين والله - مع التنويعات الإيقاعية الى غاية الوصول الى جمل الحجاز مع صولو الكمان اللي يخلي السامع اللي متعود على أسلوب الطرب و السلطنه ياخذ نفسه ويعتدل في مكانه ، ويقول الحمد لله العاصفة مرت بسلام .
وبعدين يجي ايقاع الوحدة ويهدي الجميع عشان يتحضروا للمغنى ، الملاحظ ان اجواء المغنى بالمقارنة مع الإفتتاحية بعيدين من بعض شوية ففي المغنى تحس الهدوء المعتاد عند الست اثناء بدايات اغانيها .
في المقطع الموسيقي الثاني الصورة و الكليشيهات بتاع الموسيقى الإفتتاحية تقريبا مكررا مع الصولوهات والجمل المرجعة طبعا صولو الجيتار في هذا المقطع كان بدعة في الجمال و عبد الوهاب في هذه الأغنية بالذات اعطى للعازفين الكبار حقهم بالكامل وما فيش اغنية ثانية كانت فيها نفس فرص هذه الأغنية من حيث الصولوهات ولو اني اعتب عليك شوية يا استاذي الآلاتي لانك ما قدمتش اسماء عازفي الصولوهات لان غيرنا يتمنى ان يعرف هذا الصولو او ذاك من الذي قدمه ؟. ما لفت نظري في الكوبليه الثاني هو الجملة الملحنه بطريقتين او اكثر التي تميز بها عبد اوهاب دون غيره وهي التي نسميها VARIATION واللي استعملها في جملة ( فأت اولا تأت او فافعل بقلبي ما تشاء ) الأاولى اللي استعمله على اساس ال PRIMA VOLTA من مقام الصبا و الثانية التي استعملها على اساس SECONDA VOLTAهذه الجملة من مقام العجم ، هي امضاء عبد الوهاب فقط وهو الذي اسس لهذه الفكرة جيدا.
في المقطع الثاث يبتدء بجمل ال ETUDES التي مارسها على الوتريات في مقام النهوند ثم يرجع الي اسلوبه الحقيقي وهو الجمل الممددة على النهوند بالعذوبة والسلاسة مع العزف المغنى ـCANTARE والممدد LEGATTO الذي اضفى رومنسية عالية على اللحن ، مع الإنتقال الجميل الى مقام الراست على الدرجة الخامسة مع ان هذا النوع من الإنتقال مش جديد على عبد الوهاب فقد استعمل نفس التحويل في اغنية " يا جارة الوادي " ولكن في مقام البياتي الذي كان على الدوكاه ثم تحول الى العيشران .
اخيرا ارجو ان اكون قد اضفت شيئا جديدا في تحليلي البسيط فنحن تلاميذ الأساتذة بكل تأكيد .
هذه الأغنية لي معها طرفة : لما كنت الثانوية كانت لدينا استاذة التاريخ ضابط حقيقي وان كنت مش مضبط اموري على العموم و بعدين حصة التاريخ كانت مملة بالنسبة لي فكل مرة كانت تسألني الدفتر بتاعك فين انا كنت اتهرب منها بالكذب مرة نسيته مرة ان اعطيته لواحد في القسم الفلاني وهات يا حكايات في مرة سألتني نفس السؤال وان ابتديت االف كذب فقالت لي هات الدفتر اللي قدامك وتعال ، انا بصراحة اترعبت لان الأستاذة هذه بالذات كانت لما تغنيلك دور التأنيب و البهدلة هي سلطانة الطرب ، اعطيتها الدفتر واول ما فتحته وجدت كلمات " أغدا القاك " شافتني كويس وقالت لي انت ايه حكايتك مع القصيدة دي ، انا كنت صريح لاول مرة معاها وقلت لها هذه الأغنية للست وانا بحب الست والأغنية دي بالذات ، ابتسمت وكانت اول وآخر مرة تبتسم فيها في القسم حتى ان التلاميذ قاموا يصفقون ويضحكوا قالت لي بهدوء انت حافظ الأغنية فقلت لها نعم و بغنيها كمان ، اعطتني الدفتر وقالت لي بهمس : روح مكانك وما تحملش هم الدفتر بتاع التاريخ خالص. من يومها انا صرت الشوشو بتاعها وبالمناسبة القسم كله قاموا كتبوا الأغنية دي وغيرها على دفاترهم عشمانين في انها تخف عنهم شوية . ولهذا هذه الأغنية كانت تمثل لي الخلاص الإلهي .
|