المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللقاء الوحيد بين خالد الذكر و الست


منصور العجاتي
02/01/2013, 16h43
اللقاء الوحيد بين خالد الذكر و الست

الشيخ سيّد درويش استمع لأم كلثوم ذات ليلة هادئة في الصَّيف الأخير بحياته عام 1923، كان حَزيناً ويَحمل ثُقل العالم على كَتفه: قَلبه المَدْمِي على فُراقِ حَبيبته «جَليلة»، وإلهامُه المُتوقّف بعد خلافات أدّت لحلّ فرقته الخاصة، يُحاول الإقلاع عن إدمان الكوكايين الذي يَقْتُله ببطء، ثم يأتي خَبر وفاة أخته من الإسكندرية، الأخت الأعز والأقرب، فيُجْهِز عَليه تماماً، ويَهْرَب إلى رأس البَر.
ومالِك الفُندق الذي سَكَنَ فيه هُناك لاحظَ الهَمّ على وَجْهه، ذهبَ إليه مُحاولاً التَّهوين، أخبره بأن فتاة ريفية صَغيرة لَم يَسْمَع أجمَل من صوتِها صوتاً، ستغُنّي الليلة في صالة الفُندق، وربما يأنس قليلاً إن قرر المَجِيء في آخرِ اللَّيل.
الشَّيخ كان يَخافَ من الوحدة ويُحِبّ الوَنَس ويؤمَن بالله ويَبتغي رَحمته، ولذلك فحينَ ذَهبَ في آخر هذا اللَّيل، وسَمَع الفتاة التي لا يَعرُف اسمها تُغَنّي أنشودَة «مَوْلاي كُتِبَت رَحمة النَّاس عَلَيْكَ» شَعَر بالرَّعْشَةِ في جَسِده، حتى إذ أكْمَلَت بقولها «فَضلاً وكَرماً» فأحس وكأن رُوحه أُفْرِغَت من كُلّ هَم.
مالِك الفُندق كان يراقبه، ورأى الوَجْد في مَلامِحه، فذهبَ إلى الفتاة وهَمَسَ إليها بأن «سيد دَرويش» هُنا، وسيكون من الحَسَن أن تُغَنّي شيئاً من ألحانِه، وأم كلثوم ارتبكت.. شَعرت كم أن تِلكَ لَحْظَةً مهيبة، حيث الرَّجُل الذي تَعتبره أهم مُلَحّني مِصر -إلى جانِب شَيخها «أبو العلا محمد»- يَجْلِسُ هنا ويَستمع إليها، استحضرت الصَّغيرة كل ما تملكه من بأسٍ، وبدأت تُغنّي «والله تستاهل يا قلبي»، أحد أحْزَن وأثْقَل ما لَحَّنه «درويش البحر»، والشَّيخ فوجِئَ وانْدَهَش، ثم استمع مُنْغَمِسَاً، وحين انتهت.. صَفَّق كَثيراً، ذَهَبَ إليها، ورَبَتَ على رأسِها، وسأل عن اسمها فأجابَته.
وما لم يَلحظه أحد في تِلك الليلة أن الشَّيخ كان يُقْتَل حَنيناً، رآها «تَكمل النَّغم بكُلّ وجدانها» فـ «لا تُغنّي اللَّحن ولكن تَعِيشه وتحياه»، ولذلك فقد «رأى نَفسه في صوتها» وشعر أنه «يعيش من جديد لحظات تَلحين الأغنية وتسجيلها».. وقت أن كان يَبْكِي ويتهدَّج صوته مع كُلّ جملة يُناجِي فيها أملاً مُعلَّقاً، لا يَكْتَمِل ولا يَذْهَب، وحين أباحَ بكل ذلك لصديقه «علي حَمَّاد»، أتبَع بأن «هذه الفتاة، أم كلثوم، سيكون لها شأن كبير في يومٍ من الأيام».
والشَّيخ مات، بعدها بأقلِ من شهرين، ولم يَرَ «أم كلثوم» وهي تُغَنّي في القاهرة للمرةِ الأولى، ليلة وفاته كما تقول بعض المصادر، فلا يَنْقطع صوتها عَن المدينة بعد ذلك أبداً، حتى بعد 114 سَنَة من مِيلادها.

http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=311437&stc=1&d=1357148447

منقول

محمد المصري
Mon, 31/12/2012 - 19:12
جريدة المصري اليوم