المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن زيارة محمد عبد الوهاب الى العراق عام 1932


د.نعمان
14/03/2012, 21h39
زيارة الموسيقار محمد عبد الوهاب الى العراق



لقد أثارت زيارة الفنان الكبير محمد عبد الوهاب الى العراق عام 1932 ضجة كبيرة في كل من مصر والعراق. ورغم مرور 80 عاماً على تلك الزيارة فان بعض المحللين والكتاب يتحدثون عنها من وقت الى آخر.



في الجانب المصري :



كان تزامن الزيارة مع موعد انعقاد مؤتمر الموسيقى العربية الأول في القاهرة عام 1932 أثار الكثير من اللغط والتساؤلات وحتى الإشاعات حول أسباب تلك الزيارة وتوقيتها.التأم عقد المؤتمر يوم الاثنين 28 آذار واختُتم يوم الاثنين 4 نيسان.

تعتبر مجلة الصباح القاهرية التي كان يملكها مصطفى القشّاشي من اهم المصادر الصحفية التي تابعت وغطت أعمال المؤتمر على نحو شامل. وهذه المجلة كانت المصدر الرئيسي لكتاب صدر للدكتور فكتور سحّاب عام 1997 تحت عنوان "مؤتمر الموسيقى العربية الأول – القاهرة 1932" وهو من منشورات الشركة العالمية للكتاب. كما ان المجلة ذاتها تابعت أخبار زيارة محمد عبد الوهاب الى العراق.



نشرت مجلة الصباح في عددها الصادر يوم الجمعة 26 شباط 1932 " صحت عزيمة الموسيقار النابغ والفنان المشهور الأستاذ محمد عبد الوهاب على السفر الى العراق أوائل شهر مارس القادم على أن يبدأ حفلاته بها في أوائل النصف الثاني من مارس تلبية لنداء هواة الفن بها وإجابة لدعوات محبّي الاستماع بفنّه من عظمائها وكبرائها.

واعتزم الأستاذ محمد عبد الوهاب إحياء بعض حفلات في سورية ولبنان وفلسطين أثناء عودته من العراق..."

وفي العدد الصادر في 18 آذار 1932 تحدث محمد عبد الوهاب عن سفرته الى العراق والمؤتمر:

- متى تسافر للعراق ؟

- في 21 مارس (في الواقع لم يسافر عبد الوهاب الى العراق إلا يوم السبت 26 آذار/مارس )

- ولكن في هذا التاريخ تكون جلسات المؤتمر منعقدة ؟

- سأحضر الأسبوع الأول لجلساته ثم أدوّن رأي كتابة.

- ولماذا لا تؤجّلون سفركم حتى تنتهي جلسات المؤتمر ؟

- لأني وعدت إخواننا العراقيين ولا أستطيع أن أخلف معهم الوعد، وإذا لم أسافر في هذا التاريخ فلا يتسنّى لي السفر بعده نظراً لحلول الصيف.



وفي العدد الصادر في الجمعة 8 نيسان 1932 نشرت مجلة الصباح عن سفر الأستاذ عبد الوهاب ما يلي :

" وأشاع البعض أن الأستاذ محمد عبد الوهاب غير مرتاح إلى النظام الذي اتّبعته اللجان في مؤتمر الموسيقى وأنه عجل بالسّفر لهذا السبب وكان في استطاعته أن يتأخر إلى أن ينتهي المؤتمر ، وان السبب في ذلك يرجع إلى خلافه مع أعضاء معهد الموسيقى.

وهذه الإشاعات كلها لا تطابق الواقع " .

السفر الى العراق والمودّعون بمحطة القاهرة :

" وكان مساء السبت الماضي موعد سفر الأستاذ محمد عبد الوهاب مع فرقته الموسيقية من محطة مصر قاصداً العراق. فما جاء موعد قيام القطار حتى ازدحم الرصيف بالمودعين من الأصدقاء و الفنانين وتراكمت باقات الورد فوق بعضها حتى فاح أريجها فكان كغناء عبد الوهاب يجدّد الأمل ويطيل عمر الغرام.

وأرسلت نقابة الموسيقى وفداً لتوديعه وتحيّته بالمحطة برئاسة الأستاذ إبراهيم شفيق رئيس النقابة.

ثم تحرك القطار والجميع يقولون على الطائر الميمون " .



وعن عودة عبد الوهاب من رحلته إلى العراق كتبت الصباح في العدد الصادر في يوم الجمعة 10 حزيران 1932 :

"عاد الموسيقار المصري الفنان الأستاذ محمد عبد الوهاب من رحلته في العراق وسورية ولبنان وكان وصوله إلى محطة القاهرة في الساعة العاشرة من مساء الأربعاء أول يونيه (حزيران) ، وقد ازدحمت المحطة في موعد وصول القطار بتظاهرة كبيرة جمعت الأصدقاء والأحبّاء والأعزاء والمعجبين..."



وقد نظم الشاعر محمد رشاد الطوبى القصيدة التالية بمناسبة عودة محمد عبد الوهاب إلى مصر سالماً بعد رحلته الطويلة الشاقة :



رجعتَ لمصر فعادَ السرورُ...وكان يعمُّ صفاها الضرر



وكنتَ بدار السلامِ رسولاً...تبثُّ هناك فنونَ السمر



فأرويت فيها عِطاشَ النفوسِ...وكنتَ هناك حديثَ الزُمر



ونِلتَ ثناءَ المليكِ وشعبٍ...يقدّرُ فيكَ نبوغَّاً ظهر



وأَعليتَ شأنَ بلادِك فيها...فعدتَ لمصرَ بتاجِ الظفر



وفي عدد الصباح الصادر في الجمعة 17 حزيران 1932 نشرت حديثاً شاملاً ومطولاً للمطرب المجدد الأستاذ محمد عبد الوهاب أجاب فيه على بعض الأسئلة:

- أشاع بعض الموسيقيين أنكم تعمدتم السفر أثناء انعقاد المؤتمر للتخلي عن القيام بوجباتكم في المناقشات الفنية ، فما ردكم على ذلك ؟

- أنا لا أتعرض لهؤلاء الحاقدين الجبناء في قليل أو كثير، وأرى أنه حسبهم خزياً وعاراً ، أن ينتهزوا فرصة غيبتي عن مصر فيطعنوني من الخلف ، وإن كنت أعتقد أن هذه الطعنات لم تصب إلا صدورهم ، والعارفون للحقيقة لا بد ساخرون منهم.

وهل أدل على جهلهم أو تجاهلهم وهذا أمعن في الدلالة على صغار نفوسهم، أن يتناسوا أن المناقشات الفنيّة لا تكون إلا في اللجان التي دام العمل فيها أسبوعين تلاهما أسبوع للعرض، والعرض لا غاية له إلا التنوّر ببعض اللهجات الموسيقية، ولن يؤثر في جوهر المناقشات في شيء.

ولقد انتخبت عضواً في لجنة الآلات، ولكني لم أكتف بذلك بل اشتركت من تلقاء نفسي في لجنتي السُّلّم والأنغام. ومَن كان لديه هذا الاستعداد فلا يمكن أن يعقل ما أذاعه دعاة السوء عنه من تخلّيه عن القيام بواجبه في الأَعمال الفنيّة للمؤتمر، هذا فضلاً عن أن تأخيري أياماً قلائل في مصر بعد الموعد الذي حددته لسفري، يعرّضني لاحتمال حر شديد في العراق ولا سيما وأني مقيّد بعقود مع أصحاب الحفلات هناك.



في الجانب العراقي :



أثارت سفرة الموسيقار محمد عبد الوهاب ضجة من نوع آخر. كانت الاستعدادات الرسمية والشعبية التي سبقت قدوم الفنان الكبير على قدم وساق ولم يسبق لها مثيل وكانت السفرة المنتظرة حديث الساعة في الصحف وفي الشارع على حد سواء. فالحدث تأريخي بسبب مكانة الموسيقار الفنية وشهرته .



لقد كُتب عن تلك الزيارة في احتفالية سابقة في منتدى سماعي وكذلك في مواضيع محمد عبد الوهاب اضافة الى مقال في القسم العراقي ، لذا لن أخوض في التفاصيل منعاً للتكرار. الشيء الذي نستخلصه من تلك المقالات هو ان اشاعات ايضاً قد انتشرت في العراق ولكن بعد تلك الزيارة بمدة طويلة منها عن حادث اشكال وقع بين عبد الوهاب وولي العهد في العراق آنذاك الشاب عبد الاله والحادثة على الأكثر غير صحيحة لأنها غير مسنودة بوثائق يعتمد عليها .



لقد انبرى شعراء كبار في نظم القصائد الترحيبية بتلك الزيارة ، ومنها قصيدة رائعة لشاعر العراق الكبير والفيلسوف جميل صدقي الزهاوي ، اختتمها بالبيتين التاليين :



هز لحن به شدوت مجيدا .... كل ما للقلوب من اوتار


ان من لا يهزه منك لحن .... حجر جامد من الاحجار

تجدون القصيدة كاملة في المشاركة القادمة

نعمان

د.نعمان
14/03/2012, 22h13
اليكم القصيدة كما جاءت في ديوان الزهاوي (دون تحريك او تعديل) :

قصيدة الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي



محمد عبد الوهاب



الاغاني تصبي ولست بدار .... أي شيء فيها من الاسرار



أهو الوحي هابطاً من علوّ .... ام هو السحر بّين الآثار



ماجمال يحس بالسمع الا .... كجمال يحس بالابصار



رب صوت من الغناء رقيق .... طال عند استماعه استعباري



ولقد يملأ القلوب سرورا .... كبيوت يغرقن في الانوار



انه مطرب لكل الشياطين وكل الملائك الابرار



حبذا ما في الشدو من كهرباء .... فعله في الاعصاب والدم سار



****



ان خير الغناء ما كان يأتي .... عن شعور في غفلة الافكار



واذا لم يكن أتى عن شعور .... فهو غث من الطلاوة عار



هل شعور الفنان الا كسيل .... زاخر في واد بعيد القرار



والاغاني اذا شجتك الاغاني .... غير امواج ذلك الزخار



واذا ما فاض الغناء تجيش النفس حتى كأنها في غمار



وتظل الابصار شاخصة والسمع في لهفة الى التكرار



وكأنما نراه بالسمع منا .... وكأنا نصيخ بالابصار



وكأن الزمان يذهب نسيا .... وكأن المكان اجمع وار



تحسب النفس عنده انها في .... عالم غير عالم الاوزار



عالم لا عداء فيه ولا حقد ولا رغبة باخذ الثار



ارسل الطرف في الجماهير تبصر .... ماله في الوجوه من آثار



طالما هاجت السرور او الاشجان اغنية على قيثار



هي نار مشوبة يتصبى .... سامعيه حسيس تلك النار



ينكأ الجرح من يغني ويأسو .... كطبيب بموقع الداء دار




****


ظفر الروض بالهزار اخيرا .... بعد طول انتظاره للهزار



جاءه طائراً فلما تغنىّ .... اكبرته جماعة الاطيار



سمعته وعندما سمعته .... خرجت اعجابا من الاوكار



تتوالى اغرودة بعد اخرى .... كانفجار يأتي وراء انفجار



ولقد سرّ السامعين حوار .... بينه في الهوى وبين القماري



وكأن الازهار في الروض آذا .... ن تفتحن لاستماع الحوار



****



اجمع الشعب في العراق على التر .... حيب بالعبقريّ والاكبار



بامير الغناء من شهدت آ .... يات الحانه له باقتدار



ولو ان الاسماع كانت عيونا .... لرأتها لماعة كالدراري



اسمعوا من محمد شدوه .... فهو امام في فنه ذو ابتكار



انه خير من تغنى فاشجى .... سامعيه وخير موسيقار



يرفع الصوت جاهرا ثم يلقي .... هامسا ما يلقي الى الاوتار



كثر الناشؤن في كل فن .... غيران الكفاة غير كثار



حسبه في زعامة الفن ماقد .... حازه من ذيعوعة واشتهار



انجبته مصر وكم انجبت مصر رجالا عادوا لها بالفخار



لست اخشى بوار تلك الاغاني .... انها للخلود لا للبوار



نغمات اودعتها كل اشجا .... نك تغلي فآذنت بانفجار



انت فيها نفخت من روحك الدا .... مي فجاءت كالنار ذات الاوار



فهي تحكي انات قلب كليم .... جاء يشكو جور الزمان الضاري



وهي تحكي رنات ثكلى اصيبت .... بوحيد لها كضوء النهار



****



كان فينا استماعها منك يوما .... وطرا حافزا من الاوطار



وصبونا الى اللقاء ولكن .... حال دون اللقاء شحط المزار



ثم لما هبطت بغداد رحبنا .... ثبات بالكوكب السيار



ثم لما انفجرت تشدو ثملنا .... كالذي اسكرته كأس العقار



ولقد كان صوتك العذب قبلا .... في الفنغراف مالئا كل دار



فاذا ما رفعت في مصر صوتا .... رددته بقية الامصار



يرفع السباقين ان لهم في .... كل شوط براءة من عثار



يا امير الغناء ايه فانا .... قد فتنا بفنك السحار



يا امير الغناء انك منا .... لجدير بالحمد والاكبار



هز لحن به شدوت مجيدا .... كل ما للقلوب من اوتار



ان من لا يهزه منك لحن .... حجر جامد من الاحجار



في 7 نيسان سنة 1932