المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول جوقة موسيقية في العراق .. حكاية اول ملهى في بغداد !!


memo1976
22/02/2012, 18h42
السلام عليكم الاخوة الاعزاء في منتدانا العزيز ....

بصراحة لقد اعجبني ان ارفع لكم هذا الموضوع وهو موضوع لطيف وفيه بعض الاخبار الطريفة عن بغداد القديمة أيام لاوجود للطائفية المقيتة ولا السياسة اللعينة التي فرقت هذا الشعب الطيب واجبرت الكثير على منهم على العيش في الخارج مهجراً لامهاجراً .
عفوا على هذه المقدمة الطويلة واليكم الموضوع ....

في عام 1928 شرعت أمانة العاصمة في بغداد في إعداد برنامج موسيقي لتسلية الجمهور البغدادي في الحدائق العامة، بأن يقوم الجوق الموسيقي الذي تشكل حديثا بعزف مقطوعات موسيقية مسلية للجمهور في هذه الحديقة او تلك.
.مثل هذه الصورة لم تكن موجودة من قبل، حيث لم تكن هناك حدائق عامة كثيرة في بغداد. وفي العهد العثماني قبل مطلع القرن العشرين ومابعده حتى عشرينيات القرن كان البغداديون يصنعون مناسباتهم وأعيادهم وافراحهم بوسائلهم وأماكنهم الخاصة ويبحثون هنا وهناك عن متنفس يهربون اليه من محلاتهم الضيقة.
الميدان منطقة اللهو والترفيه
فمثلا ساحة الميدان القريبة من باب المعظم وقلعة السراي وهي مدخل شارع الرشيد من جهة الأعظمية، كانت تشهد ايام العهد العثماني احتفالات في الأعياد حيث يهرع الناس اليها لمشاهدة رقصات واغاني العبيد (الزنوج) وهي رقصات واغان اشتهروا بها، مثل أغاني 'الهيوا والطنبورة'.
فيما كان أهالي بغداد في ذلك الوقت يشاهدون ايضا سباقات الخيل (المنطرد) في باب المعظم أو يذهبون أيضا في مناسبات الأعياد والترفيه الى البساتين المحيطة ببغداد أو منطقة الأعظمية الشهيرة ببساتينها ومزاراتها أو الى منطقة المدائن (طاق كسرى) للتسلية.
ولكن بعد عام 1924 أنشأت أمانة العاصمة في بغداد عدة حدائق عامة منها الحديقة العامة في الباب الشرقي التي أقيم عليها بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 نصب الحرية للفنان العراقي جواد سليم. ثم انشات أمانة بغداد حديقة عامة في جانب الكرخ أطلق عليها فيما بعد 'حديقة الزوراء' واخرى مماثلة في باب المعظم.
ولم يكن في بغداد جوق موسيقي آنذاك، سوى الجوق الموسيقى للجيش العراقي الذي مضى على تشكيله عامان(الجوق كلمة تركية تعني الفرقة)، ولكي يستفاد من هذا الجوق في المناسبات والأعياد وافقت وزارة الدفاع العراقية على طلب امانة العاصمة بأن يقوم هذا (الجوق بالعزف للجمهور البغدادي وأداء الألحان والأنغام الشعبية السائدة آنذاك في الأمسيات بالحدائق العامة.
اعلان للجمهور البغدادي الكريم
'تعلن امانة العاصمة للجمهور البغدادي الكريم انه تقرر من الآن فصاعدا ابتداء من 31 ديسمبر عام 1928 ستقوم موسيقى الجيش بالعزف في ايام السبت من كل اسبوع في حدائق الأمانة، وسيكون العزف أيضا يوم الاثنين في حديقة الباب الشرقي'. فكان هذا الاعلان بشرى أفرحت الجمهور البغدادي المتشوق لوسائل اللهو والترفيه.
أرى بغداد تسبح في الملاهي!
وقد حصل انفتاح على اللهو والملاهي والموسيقى ووسائل الترفيه في بغداد بعد عام 1908، العام الذي اعلن فيه الدستور العثماني الذي اعطى الحريات النسبية للمجتمعات والجماعات الدينية والقومية التي كانت تحت الحكم العثماني ورفعت قيودا كثيرة كانت مفروضة على الصحافة والأنشطة الاجتماعية. فظهرت الملاهي والمراقص والجوقات الموسيقية، وتحول العديد من المقاهي الى ملاه ليلية )تياترو) وخصوصا بعد الاحتلال البريطاني الذي سمح بالكثير مما كان محظورا أيام العثمانيين، وصار البغداديون متلهفين لحضور تلك الليالي الحافلة بالرقص والغناء والموسيقى، وكثرت الراقصات اللواتي راح الكثير من البغداديين يتزاحمون عليهن وعلى حضور عروضهن بعد أن كانت حفلات الرقص يؤديها غلمان (ذكور) يتجملون وهم يلبسون ملابس النساء ويتشبهون بهن مثلما كان الحال في حفلات الرقص في مقهى عزاوي ومقهى سبع في الميدان
وكان لليهود دور في اشاعة الموسيقى والغناء، فأغلب عازفي (الجالغي البغدادي) المرافقين لقراء المقام العراقي. وهو الغناءالبغدادي العريق واللون الشائع آنذاك كان معظمهم من اليهود.
كانت موجة كاسحة طاغية من اللهو والترفيه كمايقول المؤرخ ـ فخري الزبيدي ـ حيث راحت بعض مقاهي بغداد تتحول الى ملاه في الليل، حتى أن شاعر العراق معروف الرصافي بعد ان عاد من أسطنبول عام 1909 وجد انتشار اللهو والملاهي في بغداد فانتقد الحال في قصيدته الشهيرة (بغداد بعد الدستور) ومطلعها
أرى بغداد تسبح في الملاهي
وتعبث بالأوامر والنواهي
وقد نشرت صحيفة الرقيب البغدادية تلك القصيدة في 14 تشرين عام 1909، وعقبت عليها بالقول:
'أما المراقص وتحشد الناس فيها وتهافتهم عليها فحدث ولاحرج، حتى ان اوسع محل منها وهو قهوة الشط الذي يسع 700 شخص لم يزل بعض الناس يدفع رسم الدخولية ويدخل ثم يعود على الفور لعدم وجود محل يجلس فيه'.
ويقول المؤرخ عباس بغدادي كانت الملاهي تتجمع في منطقة الميدان التي اصبحت مركز اللهو والمتعة فيما بعد، فهناك أوتيل الهلال وفيه 'بدرية السواس' وفرقتها، لهذا سمي أوتيل بدرية السواس، وهناك ملهى نزهة البدور وقهوة عزاوي. وقد كانت الراقصة بديعة عطش من احلى الراقصات اللواتي قدمن الى بغداد، وهي التي قال فيها الشاعر محمد مهدي الجواهري قصيدته الغزلية الشهيرة التي مطلعها:
'هزي بنصفك وأتركي نصفا
لاتحذري لقوامك القصفا
أبديعة ولأنت مقبلة
تستجمعين اللطف والظرفا'
وكانت الراقصات والمغنيات ـ كما يقول بغدادي ـ يجلسن على الكراسي بصف واحد في آخر المسرح وأمامهن الموسيقيون في الصف الأول، وكان من اشهر المغنيات والراقصات أنذاك: رحلو، وسلطانة يوسف وصديقة الملاية، وبدرية أم انور، وجليلة العراقية أم سامي، وخديجة علي، وسليمة مردخاي الإيرانية (سليمة باشا) التي كانت الحاكم بأمره في ليالي بغداد في زمانها وكانت تضع على سيارتها علما خاصا بها وتقرض علية القوم الأموال، كذلك بدرية السواس، وبديعة عطش التي مر ذكرها، وفريدة علي وجميلة دنكر وحسيبة ألماز وغيرهن.
حين يلعلع الرصاص وتبرق الخناجر!
وعلى جدار مسرح الملهى كانت توضع لوحة كبيرة كتب عليها 'طلب البستات ممنوع' والبستات هي الأغاني الخفيفة البغدادية الشهيرة التي تعقب أدوار غناء المقام العراقي، فما أن ينتهي المغني من أداء مقام حتى يعقبه بالبستة البغدادية. وسبب منع طلبات البستات هو شدة الطلب وحصول المشاجرات والعراك بين الطلاب من رواد الملهى لدرجة الضرب وسقوط القتلى والجرحى في التنافس على طلب البستات، فالذي يتأخر طلبه أو يتم تفضيل طلب آخر عليه يعتبر ذلك إهانة وتقليلا من شأنه وشأن شواربه! وهي إهانة لايغسلها إلا الدم! فيلعلع الرصاص وتبرق الخناجر في ليل الملهى . ولا تنتهي الليلة إلا بقتيل او قتيلين!!
وغالبا ماتقرأ في الجانب الآخر من الملهى عبارة 'البصاق ممنوع' فرواد الملهى يسكرون(أجلكم الله) فيتحولون الى مبصقة متحركة، أما أجرة الدخول للملهى فكانت اربع آنات (الآنة أربعة فلوس)، وبعد أنتهاء فصل الغناء والرقص يبدأ عادة فصل هزلي يقدمه هزليو ذاك الزمن أمثال جعفر أغا لقلق زادة وهو شارلي شابلن البغدادي في ذاك الزمن واسمه الحقيقي كامل عبد المهدي من اهالي كربلاء، بالاشتراك مع حسقيل أبو البالطوات وهو يهودي هزلي، مختص بالترويج والدعاية آنذاك. وكلاهما ماتا بائسين لاأحد لهما بعد أن كانا يضحكان بغداد كل ليل.

منقول
مع بعض التصرف بالمفردات
د. محمد العامري
:emrose::emrose::emrose:

نور عسكر
23/02/2012, 17h32
ولم يكن في بغداد جوق موسيقي آنذاك، سوى الجوق الموسيقى للجيش العراقي الذي مضى على تشكيله عامان(الجوق كلمة تركية تعني الفرقة)


الاخ العزيز د.محمد العامري
تحية أخوية
موضوع شيق ويوثق لمراحل مهمة من تراثنا الموسيقي في العراق ،كما تعلم فإن هناك الكثير من الاسماء والمعاني والمستخدمة إستعمالها في العراق خاصة ..يظن بل تكتب كما يتصور وفهمها هكذا ..بدون العودة الى جذورها الواضحة في لغتنا العربية ..فكلمة ..الجوق ! ليست تركية بل هي عربية الاصل حالها حال مئات الكلمات والتي أستعملها الاتراك والفرس وغيرهم ..ومن ثمَ صارت هي الاصول لديهم بعد سطوتهم وسيطرتهم على بلادنا طيلة قرون عديدة ..واذكر لك وللاعزاء اصل الكلمة ..ومقتبس من قاموس المنجد في اللغة والاداب والعلوم ...أي معنى الكلمة ومفرداتها وجمعها ...لغرض الفائدة مع خالص تقديري وأحترامي .

http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=283889&stc=1&d=1330021657

وال 3 جوَقـل ..وهل نسيتم الفرقة الامريكية 81 المجوقلة ..والتي جلبت الماء والدواء لأبنائنا في الامس القريب !!

memo1976
23/02/2012, 20h16
تحياتي ابا حسام العزيز ...

وردت هذه الجملة في الموضوع ولم افهمها ممكن توضيح من حضرتك اذا توفرت لك المعلومة بأعتبارك الموسوعة الفنية والثقافية لقسم العراق ..

وسليمة مردخاي الإيرانية (سليمة باشا) التي كانت الحاكم بأمره في ليالي بغداد في زمانها وكانت تضع على سيارتها علما خاصا بها وتقرض علية القوم الأموال،

صحيح اننا لانحبذ ولانذكر التبعيات الاجنبية للمفنانين عموماً وخاصة ان اغلبهم ولد وعاش في العراق وبذلك استحق الجنسية العراقية ولكن دفعني الفضول في معرفة اصل الفنانة الكبيرة سليمة مراد رحمة الله عليها.

د. محمد العامري

نور عسكر
23/02/2012, 23h14
وسليمة مردخاي الإيرانية (سليمة باشا) التي كانت الحاكم بأمره في ليالي بغداد في زمانها وكانت تضع على سيارتها علما خاصا بها وتقرض علية القوم الأموال،

* * * * *
أخي العزيز د.محمد العامري

تحية أخوية
أشكرك على كلماتك الجميلة ...الموسوعة كلمة كبيرة عليّ ..نحاول بقدر الامكان أن نجمع الكروموسومات مع بعضها أو نبحث عن نقطة لها أو بداية.....كما يقول لي أخي العزيز د.نعمان .
بالنسبة الى أصلها وفصلها نتركه الآن لمرة قادمة ...حتى لايصير علينهّ الرمي .. بالأربي جي!!
مسألة (العَلم الخاص) على سيارتها ...ليست لسليمة مراد ..واللي كتب الموضوع أوردها بالمقلوب !
والصحيح هو أن شقيقتها ( ريجينــــــــة ) هي التي كانت تضع عَلماً على بيتها الأصح !وحضرتك ربما إذا ترجع بقرآة تأريخ ذلك الزمن ..تعرف من الذي كان يضع العَلم ! للدلالة.. والمعنى لدى العراقيين واضح ...المهم هي كانت تملك سيارة فخمة آنذاك في بداية الثلاثينات تحديداً ومعروفة بعلاقتها في المجتمع ..وأختصر لك الحكاية وسأكتبها في مرة قادمة وهي موجودة في أرشيفي ...

سيارة ( ريجينـة ) بين الكرخي وحبزبوز

كتب الصحفي العراقي الفكه المرحوم نوري ثابت في جريدته ( حبزبوز) في كانون الأول 1931 عن حادثة وكما وقعت له ولزميله الشاعر المرحوم الملا عبود الكرخي ...الى نهاية الحادث والتي نظم الكرخي قصيدة وبنفس اليوم الذي شاهد فيه تلك السيارة والعائدة الى ( ريجينة ) ويقول :

شفتي ياروحي.. الحزينـــــة
الضخمة سيارة.. ( رجينة )
شفتي ....السيارة الضخمة
أبشارع الميدان...... فخمة
[ القصيدة موجودة في الجزء2 من ديوانه الأصلي ] مو تحويرات مال هاي الأيام !!
(رجينة) قسم يكتبون أسمها بالياء أو بدونه للملاحظة ..وإذا القصة أخي العزيز محمد قرأتها سابقاً تكون واضحة لك ..مع تحياتي وتقديري لكم .

سعد كريم
16/03/2013, 21h51
موضوع للكاتب كمال لطيف يؤرخ لبداية ظهور ألملاهي في بغداد نشر في أحدى ألصحف ألبغداديه .....

قصي الفرضي
24/03/2013, 06h30
الاخوة الاعزاء
د. محمد العامري
الاستاذ نور عسكر
السلام عليكم

موضوع جميل عن تاريخ العراق الفني في الثلاثينات . والواقع ان الموضوع متشعب النواحي كما تفضل الاخ ابا حسام .

ريجينه كانت ترفع العلم العراقي على سيارتها الفخمة اثناء مرورها في شارع الرشيد او غيره . والثانية كانت بهية العربية وكانت سيارتها كبيرة سفن سيتر (سبعة ركاب ) وتجلس في وسط المقعد الخلفي كما يفعل الباشوات وعبائتها على كتفيها والعلم مرفوع ايضا على السيارة . ويبدو ان الناس في ذلك الوقت لاشغل لديهم سوى الفرجة واحد على الاخر في شارع الرشيد .
واصدرت الحكومة فيما بعد قرارا تمنع رفع الاعلام على السيارات الخصوصية فطوي هذا الموضوع .

كانت بهية العربية ساكنة في بيت جدي القديم في جديد حسن باشا لغاية اواسط السبعينات حيث كنت اذهب اليها شهريا لااستلام الايجار وهي امرأة كبيرة السن والدار مقابل محل محمد فاضل صانع الاعواد المشهور تقريبا ولم اعلم من هي الا قبل حوالي 10 سنوات عندما اخبرني احد سكنة المنطقة عنها .
اما بخصوص سليمة مردخاي فان المعلومة هذه ذكرها امين المميز في كتابه بغداد كما عرفتها وقال عنها انها ايرانية الاصل وسكن اهلها بغداد من فترة طويلة .

تقبلو تحياتي ...
قصي الفرضي

memo1976
28/03/2013, 00h38
الاخوة الاعزاء..
أبا حسام الورد
الاخ سعد الكريم المحترم
أبا فيصل الورد
......................

مداخلاتكم اثرت الموضوع وجعلته بحثا تاريخيا، شكرا لكم ودمتم للمنتدى.

:emrose::emrose::emrose:
تحياتي
د. محمد العامري