المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللقاء المنتظر المنشود ...مقالة للموسيقار سالم حسين الأمير


نور عسكر
12/02/2012, 03h36
* هذه ذكريات جميلة بوصف رائع للموسيقار الشاعر العراقي سالم حسين الأمير ( أطال في عمره ..90 عاماً ) ولقائه المنتظر المنشود مع كوكب الشرق أم كلثوم ، وفيها الكثير من أبيات الشعر والتي قيلت بحق كوكب الشرق .
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=282383&stc=1&d=1329020976


عندما تزدحم الكلمات على لسان المتكلم والمتحدث المثقف يقذف بها إلى القلب والعقل فيحتار هذا المتحدث أيهما يختار فالرؤيا متسعة وإذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة كأستاذ في اللغة العربية طلب منه التحدث عن هذه اللغة الثرة والعميقة الكثيرة المفردات والمتشابهات والمتناقضات لاأحد يشك في ذلك بتفوقها على لغات العالم اجمع بسمو الفاضها وعذوبة موسيقاها كما قال فيها شاعر النيل حافظ إبراهيم:


أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ --- فهل سألوا الغواص عن صدفاتي



كذلك أم كلثوم البحر المتلاطم الأمواج والمزدان باللآلئ والمرجان والرؤيا التي تتسع في مدى هذا البحر الزاخر بموسيقى أمواجه الهادرة هناك تضيق الكلمة فيصحو الإحساس في سويداء القلب فيهتف لعزف أوتار الفؤاد وهنا ترقص على الشفاه مفردات ـ (ملك الفؤاد فما عسا أن اصنع)

هل هو صوت الحياة الراغدة المترفة تداعب سمعي أم الارتقاء بالنفس الإنسانية تلامس وهج الأقمار والنجوم وتعانق انسام السحر وتحتضن أريج الزهور أم هي مجرد حنجرة وهبها الله عز وجل صفاء ونقاء واسبغ عليها ذوقاً يفوق الذوق الرفيع وحساً وخُلقاً وذكاءً يسمو بالإنسان فوق مستواه الإنساني فهل يا ترى أن ما ذكرناه من صيغ هي التي صنعت هذه المعجزة العجيبة أم ترى أن أسرار روحانية أخرى ساهمت في صنعها.
كلما تحكم في سمعنا وقلبنا من صوت هذه المخلوقة الساحرة ليس مقصوراُ على رخامة الحنجرة وحسن الأداء ورقي ودقة المعنى في اللحن وسمو المفردات والكلمات وإنما لشخص هذا المخلوق العجيب بما فيه من اعتلاءٍ وأريحية وثقة في النفس زادت في صقل هذه الموهبة والطموح في سماء الفن والأدب والمعرفة والخلق الرفيع والبساطة والتمسك في الجذور النقية والصالحة جعلت منا ومن أقلامنا كلما أرادت أن تحلق في سماء هذا الكائن الحي لا تستطيع أن تبلغ ولا تستطيع أن تفي بما تقوله في حق هذه المعجزة من وصف وثناء تفي الشعر والنثر هي معجزة اسمها أم كلثوم.
سبحانك اللهم عز وجل تهب نعمك لمن تشاء من عبادك، أردد هذه الكلمات وأتمتم بها وأنا اجتلي طلعة أم كلثوم في دارها واسمع حلاوة حديثها من غير أن تصدح به والحان حنجرتها في الخفض والرفع فلا عجب إذا وقفت بين حيرتين بين تصوري وتخيلي وهي تغني وبين حديثها وهي تتكلم حتى تمنيت أن تعيد ما نطقت به وتذكرت قول الشاعر:






ومن خفرات البيض ودّ جليسها - متى ما انقضت أحدوثة لو تعيدها



وقول شاعر آخر:



ترى الدر منثوراً إذا ما تكلمت - وكالدر منظوما إذا لم تكلم



فها أنا ذا واجم صامت معذور عن ذوي الألباب وأصحاب الذوق السليم عندما يجدون لساني مخرساً وبصري زائغاً فالرؤيا متسعة والعبارة مهما اتسعت فإنها تضيق وأنا إزاء العجب العجاب اجل أمام من أرقصت القلوب قبل الأبدان يا أرخم صوت وأعذب كلمة واجمل الألحان وأبكت السويداء قبل العين وسلبت العقول وأحالت الوقورين من الرجال إلى شبه مجانين وأعجزت الألسن الفصيحة والأقلام الرائفة والأذهان القادحة وصف حقيقتها المذهلة فما عساني أن أكون أنا إذا وجدت مكانا أرى واسمع فيه إلى من عبّدت طريقي وأمرتني أن أسلكه إلا وهو طريق الفن الرفيع وخرجت من تلك الدار المعطرة بأريج النغم والبيان اردد قول شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما وقفت تصافحني:



وقف الخلق ينظرون جميعاً - كيف ابني قواعد المجد وحدي



ولا ادري كيف اهتديت إلى طريقي وثبت خطواتي وأنا أغادر بيتها الشامخ شموخ الأهرامات الصامدة عبر الدهور والعصور معذور أيها الأزهري الجليل يا شيخ عبد المطلب الوقور حين قلت بعد سماعك لهذه المخلوقة العجيبة:



وقفتْ فكان على الدجى أن يخشعا - وعلى الحمام الورق أن تتسمعا

تشدو وقد ملك الوفاء فؤادها ------ افديه أن حفظ الهوى أو ضيعا





مررت على شاطئ النيل بعد أن غادرت البيت المسحور ولم تنقطع خيالاته فما هو يداعب سمعي شعر فحول الشعراء في أرجاء العالم وأقلام كبار الأدباء والكتاب ورجال الفكر وأعلام الأدب والفن في هذه المعجزة الجوهرة البراقة والنجمة الساطعة المتلألئة في سماء الغناء العربي وما انشدوه وما كتبوه وما قالوه بعد أن سحرتهم وأخذتهم بالعزة والثقة بالنفس والقدرة والتمكن مما تعطيه من روائع الكلم والنغم وما أروع ما قال بها أمير الشعراء احمد شوقي في قصيدته العصماء التي لحنها الموسيقار السنباطي وأنشدتها المعجزة:



سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها - واستخبروا الراح هل مست ثناياها

حمامة الأيك من بالشدو طارحها ---- ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها





وما كان شعر وكلمات شاعر الشاب احمد رامي إلا تعبيراً صادقا عن حبه وإعجابه بمكانة هذه المرأة الساحرة إذ عاش حياته منذ التقى بها ولهاً وصاغ بها أغانيه حتى آخر حياتهما هكذا قال فيها الشاعر الرقيق احمد رامي:



أغار من نسمة الجنوب - على محيّاك يا حبيبي



ولا يغرب عن البال يوم أن شدت الرحال إلى عاصمة السلام والجمال بغداد وحاورها فحول شعرائها بأرق الأقوال في النصف الثاني من تشرين الثاني عام 1932 نقتطف من هذه الزهور العطرة ما أمكننا قطفه، ما قاله العلامة الكبير الشيخ جواد الشبيبي:



قمرية الدوح يا ذات الترانيم -- مع النسور على ورد الردى حومي

ميلي مع الجحفل الجّرار خافقة-- ---- وسابقي فوقه نسر القشاعيم
قمرية الدوح ما في الدوحِ ----- من ثمرٍ إلا تعاليل محزون لمهمومِ








وما قاله الشاعر الكبير الأستاذ جميل صدقي الزهاوي:



الفن روض أنيق غير مسؤوم - وأنت بلبلة يا أم كلثوم

لأنت اقدر من غنى بقافية - لحنا يرجعه من بعد ترنيم






وما انشده الشاعر الكبير الأستاذ معروف الرصافي:



أم كلثوم في فنون الأغاني - أمة وحدها بهذا الزمان

ما تغنت إلا وقد سحرتنا ------ بافتتان لها وأي افتتان
كل هذا في صوتها يتجلّى - من خلال الأنغام والألحان







ولا يفوتنا قول الشاعر الأستاذ كمال نصرة:



أصوتك العذب أم مزمار داود - اشجي الفؤاد وأبكى كل معمود

يا أم كلثوم رفقا أن صوتك-- ------ في القلب فعل النار بالعود





أم الشيخ الشاعر محمد باقر الشبيبي انشد فيها موشحته الرائعة:



إلا أيتها الغادة - -- وغني لي على العاده

تطلعت إلى الجو --- -- وقلبي دائم الخفق
فأبصرتك في الدرب - وشاهدتك في الأفق
بمن سواك كالطير ---- فهل أنت من الخلق
أم من عائلة البلبـل --- أم من مجمع الورق







*ومن الشعراء المعاصرين الذين لا يتركون حفلة لسيدة الغناء العربي من دون أن تنطلق ألسنتهم بما يعبر عن شعورهم في هذه المرأة الساحرة *وهاهو الشاعر المحامي عاد تكليف الفرعون مضمّناُ ومجارياً قصيدة أمير الشعراء احمد شوقي وطالبا منها أن تغني { سلو كؤوس الطلا }:



يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت - تزيدنا شغفاً في القلب ذكراها

تمر الروح ودت لو ترافقها - كالحلم آها لأيام الهوى آها
هل يعلم الأيك ما تشدو مراشفها - جرت على فم داود فغناها
لو كان داود عزّافاً بمحفلها - القا مزاميره الحيرى وغناها
يا أم كلثوم مكتوب بطالعنا - أن نستلذ بنات الطوق مبكاها
يا سلوة الشرق غني في محافلنا - سلو كؤوس الطلا هل لامست فاها








وهاهي وديعة بيت العلم والأدب الشاعرة الكبيرة وديعة الشبيبي

(عند زيارة أم كلثوم الى بغداد 2 مايس 1946 )
سلام خالد النشر - على إشراقة الفجر
على صوتك ينساب - نديا في ندى الزهر
إذا غنيت أشجيت - وجن الشوق في صدري
سلام أم كلثوم ----------- على ليلاتك الغر







لم أكد أستطيع أن احمل عبء كل هذه الآداب الرفيعة في المرأة رفيعة الشأن فلم تزل أم كلثوم في مخيلتي طوال يومي وليلتي حتى انطلقت مرتجلاً عند لقائي بالشاعر المتيم بها الأستاذ احمد رامي في اليوم التالي بلقائي بأم كلثوم منشدا فيها:




( اي الموسيقار والشاعر سالم حسين ،والكلام له هنا :


بشاطئ النيل مرت غير عارفة-- ---------- أن المتيم في شوق للقياها

سمراء تحكي دنا فرعون سحنتها - وتروي عن وكليوباترا النجل عيناها
حيّيتها فدنت والبشر يغمرها ---------- من ذا الذي يا ترى بالورد حياها
فقلت من بلد الأحرار تطربني-------------- - ذكر التحرر لما فوك غناها
فصافحتني وقالت مرحباً بأخ ------------ نزلت أهلا إلى العلياء سكناها
بشط دجلة أفنان الهوى نبتت------------ - للنيل ثم الفرات العذب نماها
ياغادت النيل درب المجد يجمعنا -------- وليس غير حياة العز نرضاها







* * *

http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=282384&stc=1&d=1329021595


الموسيقار والشاعر سالم حسين الأمير

أطال الله في عمره
[ من كتاباته في الفنون الجميلة ]
*ورد أسم الشاعر عاد تكليف وعن ( جارة الأيك) ،وقد أوردته في موضوع آخر سابقاً ،وهنا نقص لبيت ونصف من الشعر ، وربما فاته عن ذكره ،للتنويه لطفاً .

jalghazi
12/02/2012, 10h40
موضوع جميل وشيق جدا ألف شكر لك . أطال الله في عمر شاعرنا .