المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المطبخ السرى لأغنيات أحمد رامى


بشيرالأنس
31/10/2011, 18h57
من غرفة صغيرة فى منزله، خرجت الروائع التى تغنت بها كوكب الشرق وملهمته أم كلثوم، لذلك أطلق شاعر الشباب على هذه الغرفة «مطبخ الإبداع» حيث كانت منطقة محرمة على أفراد الأسرة، فكل الأماكن فى البيت تمثل حياة أسرية معتادة كما فى أى بيت مصرى،أما مطبخ أحمد رامى غرفته فإنها بخصوصيتها وأسرارها تشكل حياة أخرى حتى إن الطقوس المتبعة داخلها تختلف كلية عن الطقوس الأسرية المعتادة.
وفى مجلة الاثنين فى عددها الصادر فى 14 يوليو عام 1954م كان لقاء المحرر الفنى مع رامى حول هذه الغرفة فى بيت رامى الواقع فى حدائق القبة ودار الحديث تحديدا عن أغنية «ياظالمنى».
ويصف المحرر غرفة رامى بقوله: «إنها صومعته التى تضم ألف صنف وصنف فقد أعدها صاحبها على نحو يمكنه من البقاء فيها لأيام إذا اقتضت الضرورة دون أن يعكر صفوه أحد أو يقطع عليه حالة اعتكافه الفنى حال إنجازه أحد الأعمال الفنية، ففى الغرفة وبخاصة فى حالات الطوارئ الفنية ملابسه وطعامه وشرابه وحتى أدوات الحلاقة وأخيرا الفونوغراف الذى يعد تحفة بين الفونوغرافات وأعرقها قياسا بالموجود فى تلك الأيام.
وللكتابة لدى رامى طقوس وتقاليد مرعية فجيوبه محشوة بقصاصات ورق صغيرة وكذا على مكتبه وعلى الكوميدينو إلى جوار السرير تحسبا لكى يسجل ما يرد فى خاطره من خواطر طارئة كما أنه اعتاد أن يكتب بقلم رصاص (بالأصح عقب قلم رصاص) لا يرضى بغيره فى الكتابة حتى إنه يقول: «أنا ولا فخر من جامعى أعقاب الأقلام الرصاص»
وحين توافى رامى حالة الكتابة يظل جالسا فى شرفة الغرفة ربما لساعات وتطل الشرفة على أشجار عالية تحجب عنه رؤية أى أحد وأى شىء فهو لا يرى غير الشجر والسماء فيما يشبه استدعاء لحالة الإبداع والدخول فى (المود) وفى الشرفة صاحب رامى القمر والنجوم وأنصت لتغريد عصفورين فى قفص معلق. يجلس رامى ويشرب قهوته ويتهيأ لتلقى الوحى.
وفى الحوار قال رامى إن أعز أغانيه لديه هى أحدثها وكان من أمنياته أن يتوفر الغذاء فى مصر للفقير وأن يتوفر العلم للجميع وفى الحوار أيضا ذكر أن أول قصيدة كتبها كانت هجاء فى دانلوب مستشار وزارة المعارف حينما كان رامى فى السنة الثانوية الأولى فى المدرسة الخديوية وأن أول ما تغنت به أم كلثوم له قصيدة «الصب تفضحه عيونه» من ألحان الشيخ أبوالعلا محمد وأنه تخرج فى مدرسة المعلمين العليا عام 1915م وعمل بالتدريس إلى أن أوفد فى بعثة إلى باريس لدراسة اللغة الفارسية وفن تنظيم المكتبات،
وهناك ترجم وكتب رباعيات الخيام وعند عودته عين فى دار الكتب ونشر معظم شعره فى مجلة الشباب وذاع صيته من خلال ما كان ينشره فيها فلما ترجم لفرقة رمسيس مسرحية «النسر الصغير» كتبوا اسمه على أفيش المسرحية مصحوبا بلقب شاعر الشباب ومن حينها صار يلقب بهذا الوصف.
المصري اليوم : 01 - 10 - 2009