المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مشروع..برائحة الخبز


ماجدة م
02/10/2011, 09h33
محاولة لي في القصة (مشروع.. برائحة الخبز)



اقف امام المرآة متأملا نفسي وسط الغرفة الفخمة، أبدو راقي جدا وأنا أسوي ربطة عنقي محاولا التدرب على تعابير من يريد تقديم عرض لأحد المتعاملين مع شركة والدي ، لا يعجبني وجهي، كم يبدو متصنعا ، لست مرتاحا، يستقر نظري على صورة جدي المعلقة على الحائط و كأنها ترمقني من خلال الإنعكاس ، بنظراته الهادئة – أخاطبه، لك أن ترتاح أيها الخباز ، لقد إخترت المهنة التي تحب و أورثتني طبعك ...وها أنا اليوم في مشكلة ، يزداد انقباضي عندما أتذكر الخطط المستقبلية التي رسمت لي، و الآنسة رشى إبنة اكبر الرجال نفوذا في البلدة، والدتي تدفعني إليها دفعا و في كل مناسبة أحس كم هو مسكين قلبي و غير مرتاح قرب الأبهة الساطعة...
كم من مرة أخبر والدتي ،أني لا أناسبها ، فتجيب بإنزعاج و من تناسب إذن ؟ هل نسيت مركزك ؟
يتوقف تفكيري عند ذلك الحد و لا شيء يرخي أعصابي بعدها غير رائحة الخبز...
تنبعث كل صباح من المطبخ ، و لأني أحبها أفضل تناول الفطور هناك ، أين تكون نجاة و فاطمة قد أنهيتا لتوهما طهي الخبز
أصادف والدتي أحيانا و كعادتها ترمقني بنظرة استياء ، لا تحب تواجدي في المطبخ
لكنني أتجاهل ردتها و أمضي الى غايتي ،
سلسبيل ماذا صنعت والدتك اليوم ؟ تجيب الصغيرة مبتسمة ، الخبز يا سيد كامل
أحملها بين ذراعي ، حسنا هل تأكلين معي الخبز ؟ أم آكلك ؟
تضحك من جديد ، و تنظر الى فاطمة
هيا أجيبي السيد كامل قبل أن يأكلك ،
لكني أسرع متظاهرا بأكلها ،
تنقل السيدة أمل المشرفة على العاملات تصرفاتي الى والدتي ، لكني لا أعبأ برقابتها و لا بكلمات أمي التي تلاحقني.. أنت طفرة بين أبنائي ، أنت لا تشرف العائلة ،
تأزم الوضع أكثر حينما قرر والدي ترسيم العلاقة بخصوص الآنسة رشى ، و كان الإحباط بداخلي قد بلغ حده ، لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر ، هكذا حدثت نفسي و هكذا واجهت أبي ،
أجاب بكل هدوء – لن أخبرك يا ممثل الشركة بمكانة والدها و حجم مصلحة عملنا معه ، لا شك أنك تدرك كل ذلك
إذا قررت أن تبقي بمنصبك فيها ، عليك ان تصاهره ، و إلا فأعتبر حالك مفصولا منذ الآن
لك ما تريد يا أبي ، اعتبرني مفصولا ،
خرجت من مكتبه بينما تعالى صوته ، نعم أترك العمل و إذهب الى جحيم جدك ...
لازمت غرفتي ذلك اليوم و لازمني نعاس ثقيل ، أخذني فلم أفق إلا في اليوم التالي ،
كان صباحه مغيما ، و كان بي احساس غريب ، لم أمر على المطبخ كعادتي ،
خرجت من البيت ماشيا ، قطعت الشارع الأول ، و بينما كنت اتجاوز موقف السيارات ، لمحت سلسبيل ، رفعت ببصري فإذا بفاطمة واقفة و بقربهما حقيبتان ،
أصابني الذهول ، إلى أين أنتما ذاهبتان ؟
أطرقت فاطمة بنظراتها نحو الأرض ،بينما قالت سلسبيل : سنغادر الى بيت صغير و جميل ، هكذا أخبرتني أمي
لماذا ؟ هل حدث شيء ؟
لم يحدث شيء يا سيد كامل ، ننحن نغادر و فقط ، هيا يا سلسبيل
لم أجرؤ على منعهما من ركوب سيارة الأجرة، لكني بقيت انظر الى المشهد بصدمة و هما تغادران المكان
كان ذلك اليوم من أسوء أيامي ، ظلت كل الأيام بعده مغيمة في عيني
اصبحت اكثر خمولا و ملازمة لغرفتي ، لا اطلع منها إلا نادرا ،
هجرت المطبخ مثلما هجرتني رائحة الخبز
احيانا ، كنت التقط كلمات أمي و هي تحدث والدي ، هل سيبقى هكذا دون عمل؟ فيجيبها ، حينما يعود إلى رشده سيعود الى عمله ،
دعيه يذوق نتيجة انعدام المسؤولية ،
فقدت وزني و اهملت العناية بمظهري ،
ذات يوم ، تأملت نفسي من جديد أمام المرآة ، بدوت فعلا مثل المشردين ، نظرت الى صورة جدي ، و أخذت أكلمه ، أبي وصف مهنتك بالجحيم ، فأي نكران هذا ، لولا خبزك أنت ما أصبح هو على ما هو عليه اليوم ، حسنا ...سوف يرى الجنة التي ستخرج من جحيمك ، طالما ورثتني حب الخبز ، فحتما سوف أحسن عمله ،
إرتديت ملابسي و خرجت كمن يتجه الى مكان محدد ، مع أني لم أكن أتجه الا نحو مركز المدينة ، وقفت فجأة وسط الساحة العامة ، كانت تزخم بالحركة ، الناس ، السيارات ، المحلات المكتظة
أحسست أني كمن يبحث عن الإبرة في القش ، أين سأعثر عليهما ؟
خلال الأشهر التالية ، لم أكن ابحث فعلا عن سلسبيل و فاطمة ، بل كنت أهيم في الشوارع على أمل مصادفتهما ،
لكن مع مرور الوقت أخذ الأمل فيّ يخفت ليدب اليأس من جديد شيئا فشيئا
في منتصف يوم حارّ ، و بعد عناء المشي ، جلست ارتاح على كرسي عمومي، و قبل أن تستقر نظراتي على الأرض ، لاحظت طفلة صغيرة تقفز بالحبل ، رغم تعبي و تعب نظري، بدا لي أنها تشبه سلسبيل لكن بقامة نوعا ما أطول ،
إقتربت نحوها ببطئ ، و كانت فعلا سلسبيل ،
توقفت عن القفز و نظرت إليّ ،
هل عرفت من أكون ؟
أطالت النظر إليّ بعض الوقت ثم قالت : أنت تشبه السيد كامل لكنك نحيل و ذقنك رمادي
تأثرت بكلماتها ، و انحنيت أحملها ، ماذا تفعلين هنا ؟ ،
أنا ألعب مع سارة ،
و أمك ؟ أين هي ؟
إنها هنا بالداخل ، تصنع الخبز ، أشارت بإصبعها الصغير الى محل المخبزة المجاور،
سندخل معا لنحيي أمك ،
دخلت حاملا سلسبيل ، كان المحل أنيقا رغم بساطته ، و يعبق برائحة الخبز التي إفتقدتها
تقدم إليّ البائع ، تفضل سيدي ماذا تريد ؟
أريد قطعتين من الخبز ،
لكني لم ارى فاطمة فتابعت ، و لكن أريده ساخنا من فضلك ،
سيجهز بعض لحظات ،
ما إن إنتهى من حديثه حتى خرجت فاطمة حاملة سلال الخبز ، تجلى ذهولها و هي تراني أمامها حاملا سلسبيل ،
سيد كامل ، أهلا بك، كيف أتيت الى هنا ؟
اصطنعت ضحكة ،ههههه لقد دلتني رائحة الخبز
آه مثل عادتك ، انت لم تتغير و لكن هل انت بخير؟ تبدو متعبا ،
بخير ، أنا بخير ،
تريد خبزا ساخنا ؟ سيكون على حسابي ، هدية الزيارة ،
شكرا لك ، قبلت عرضها و سارعت اسألها قبل ان تدخل، متى ينتهي دوامك ؟
لا ينتهي الا في السادسة مساء و لكن لدي ساعة راحة بعد الواحدة ،
حسنا سأنتظرك بعد الواحدة قرب المحل
حينما حل الموعد ، أتت فاطمة تمسك بيد سلسبيل و تعابير الذهول مازال مرتسمة على محياها
هيأت لهما مكان جلوس في الظل ، ثم وقفت أمامهما أحرك ربطة عنق تخيلية كمن يريد تقديم عرض :
ما رأيكما في مشروع معي برائحة الخبز ؟

ماجدة م
03/10/2011, 19h03
قالوا عني أتيت من الغنى
و عنك أتيتِ من الفقر..
لكني فقير.. عندك وجد الغنى

عند عتبة اللقاء كان اللقاء الذي
ضيّع كلماتي أمام لوحة أساك
و شحوبي الذي دام أشهرا ..لم يعادل أساك

أريد أن أكون بدلا لهذا الأسى
أنا.. و بعض من الألوان هنا
لكني لا أملك جرأة البداية
لا أملك إلا ورقة فيها هذي الكلمات
فاقبليها
و إفتحي بابا للرجاء