المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان/المنهج الحداثى فى الشعر العربى


عبد الحميد سليمان
19/05/2011, 16h32
إهداء الى الأخ الكريم/ الأستاذ مصطفى خميس(الباشا قمر الزمان)

من مقالات الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان
المنهج الحداثى فى الشعر العربى
(الأفكار والمسارات والمآلات)

أجمل إميل دوركهايم، عالم الاجتماع الفرنسي،تشخيصا ناجعا للبدايات القاتلة للانقلاب الاجتماعي الذي تهوى به مجتمعات ما من مقاماتها ومكانتها إلى منحدرات سحيقة تقبع في ظلامها دونما فكاك لها منه ,وذلك حين يوغل فيها فساد المعايير الكلِّية على حد تعبيره، إن مثل هذه المجتمعات يتنازع الشعور بالاغتراب وعدم الانتماء أبنائها فيذرونها إلى المبهرات الصاعقات القانصات من السلوكيات والرؤى التي تذرى بالثوابت ولا تقيم اعتبارا لمستقر ثابت حتى ولو كان مستحبا مثمرا فاعلا مؤثرا, حين يغادر أولئك المتغاربون بين بني جلدتهم ثوابتهم وهوياتهم إلى نموذجهم الجديد المنشود الذي أمكن من نفوسهم وأخذ عليها كل مأخذ فباتوا يبتغون إليه والى أهله الوسيلة ,وبعد أن يتحقق لهم ما كانوا إليه يطمحون,إذا به يستنكرهم ويتعالى عليهم ويزدريهم,ثم يرأف بهم فيقبلهم فى إطر تهميشية استعلائية عنصرية واستغراب لشائه ثقافاتهم والتياث عقولهم وانطماس هوياتهم ,هنالك يبيت أولئك المتغاربون منبتين لا أرضا قطعوا ولا ظهرا أبقوا غرباء بين أهليهم ,نفٌرا من ثقافات آباء وأجداد أتاحت لهم ممكنا ميسورا مقبولا من الإضافة والتطوير والتجديد العاقل الواعي بالخصوصيات الثقافية والفكرية للأمم والحضارات المرحب بالنافع, المزري بالشائه التائه المضطرب الذي لا يعكس في جلي أمره سوى محاولة مزرية للوجود والظهور والتوسد حتى ولو اقتضى ذلك أن يتحول أصحابها إلى مسخا أو منبوذين تتقاذفهم العيون والقلوب وتنأى عنهم فلا يحادثون إلا أنفسهم ولا يبدعون إلا بما ظنوه واحتسبوه إبداعا دون أن يفهموا له معنى أو يطيقون له دفعا.

هكذا يفعل الاغتراب أفاعيله بأهله ولداته وسالكى طريقته, فيظلون صرعى كابوس جاثم على صدورهم وأفئدتهم وعقولهم لا يريم ،على حين يتنبه وعاتهم إلى سود المآلات ويرونها شاخصة كاسرة متلمظة يصدع واقعها وتنعكس آثارها في ازورار المجتمع وإعراضه عنهم,نخبا وعامة, تقليديين ومجددين ,لكن ذلك لا يهولهم ولا يردعهم أو يثنيهم فيئوبوا إلى أنفسهم والى ما استقرت عليه مجتمعاهم واطمأنت اليه ثقافاتهم وتعشقته مستكناتهم وحمله تاريخهم دون أن ينوء به أو يهمله ,عن ذلك يبيت أولئك المتغاربون نُفًّراً عن سياقات مجتمعاتهم وتفاعلاتها فتنكرهم وتنأى عنهم وتزدرى صممهم وتُضيّق عليهم خناقها وتلفظهم مجالسها وآذان وعقول مجموعها

على هذا أوغلت مسارات الحداثة والحداثيون كنتيجة للمتغير الحاصل في الفكر نتيجة التحوّلات والتطوّرات المتحقّقة في بنية المجتمع البرجوازي الغربي، وذلك ضمن عقود القرن التاسع عشرفقادوا ثورتهم التغيريةعلى القيمِ والمفاهيمِ التقليديّةِ السائدة,الاجتماعية والثقافية والسسيولوجية والإبداعية وصولا إلى ثورةً على القيمِ والمفاهيمِ التقليديّةِ السائدةمن خلال موقف ناقد للنصية التقليدية المتجمدة في نظرهم الغير مناسبة أو متوافقة مع إيقاع العالم الحديث وهيمنته المتنامية وتأكيد مريديهم والسالكين طريقهم , من حداثيى العرب على أن تحديث الفكر والمفاهيم العربية هو السبيل الأوحد لتجاوز عثرات التخلف وقيود البطء الغير متناسب مع إيقاع سريع دائب لا يتوقف لمسارات واتجاهات التحديث الغربية المتوسدة منذ ظهور الحداثة وما بعد الحداثة ,على أن النقد المعرفي والمنهجي للخطاب الحداثي العربي، يصدع بأنه لم يكن ينتج، أو يبدع فكرا خاصا به، بل كان مقلدا للفكر الغربي ومحاكيا لأطروحاته وفلسفاته، عبر الاستنساخ أو التلفيق أو الاختزال، مما كرس التبعية الفكرية للغرب،وعطل انطلاقة الإنتاجية الفكرية للعرب.

ومضى المستنسخون الناقلون للأنساق الفكرية للتيارات التي أخذت بألبابهم ينقلون الأفكار ولا يتحدث عن تجسيدها ,ولم يأل الملفقون جهدا في الاقتباس والنقل للمقولات والتعريفات والمناهج والإنتاج الأدبي أو المعرفي من مستويات مختلفة أو متباينة من التيارات في افتقار إلى الانسجام والتماسك والتشاكل والاضطراب والغموض الذى يذرى بالعقول النوابه إلى متاهات الاضطراب واستحالة الفهم سيما مع اتساع لا محدود للتأويلات وليونة للنصوص لا تدرك معها مكنوناتها وأطروحاتها وقضاياها.

إن تلك الأشكال المتنوعة من التقليد والمحاكاة لاتجاهات أدبية وفكرية غربية لم تلغ قديمها أو تتنكر لها وتنسفه نسفا وتذره قاعا صفصفا وإنما تنوعت اتجاهاتها ودعاواها وتداخلت وتكاملت حينا وتنافرت وتناقضت حينا آخر ،ثم تركت الحداثيين العرب في حرج كبير؛ حين أخذت الأدوات المنقولة والأنساق المنسوخة تتهاوى بين أيديهم من جراء تقلب أحوال الغرب المذهبية واختياراته الفكرية ومازالت مجموعة من هؤلاء الحداثيين المقلدين مصرين على الاستمرار في تقليدهم، مرسخين حداثة فلسفية جامدة، توجب عليهم الاندماج الكلي في العصر الفلسفي على مقتضى ما قرره الغير في التفلسف، فيكون هذا الضرب من الحداثة إلى الوهم والأسطورة أقرب منه إلى الواقع والحقيقة.

وفى دفاع الحداثيين العرب عن مزاعمهم باتوا يتدثرون برؤية ابن رشيق القيروانى التي اعتبرت أن الإيحاء والإبهام والغموض في الشعر أفضل من التصريح لاتساع الظن عن التعريض وشدة تعلق النفس به، والبحث عن معرفته وطلب حقيقته، فإذا كان الهجاء تصريحاً أحاطت به النفس علماً وقبلته يقيناً في أول وهلة، فكان كل يوم في نقصان.

وحين اكتشف المستشرق آرثر أربري النصوص الثرية المشحونة الغامضة للإمام الصوفيمحمد بن عبد الجبار النفري على نحو ما حملته عوالم الصوفية ورؤاهم وبوحهم ,فى رائعتيه بالغتى العمق ثريتى الايحاءات والدلالات «المواقف» و«المخاطبات» وتلك كانت سانحة اهتبلها رائد قصيدة النثر الحداثية فى الشعر العربي الشاعر السورى أحمد سعيد المعروف بأدونيس وأدرجها في قلب المشروع الشعري الحداثي منذ العام 1965م , وراح يكتب عن النفري وينشر مختارات من نصوصه في مجلة «مواقف» مقدّماً إياه نموذجاً شعرياً ساطعاً «يضيء الكتابة العربية الحديثة والكتابة إطلاقاً»على حد تعبيره, دون أن يدرى أو إن شئت قلت متغافلا عن أن علم تلك الذخائر النادرة من الفكر الانسانى العميق والرؤية الفلسفية الإستشرافية للعوالم السماوية الربانية التي ترتفع بالأمر إلى لون من علوم ورؤى روحية تطرح للخاصة وليس إلى العامة وتستدعى لفهمها توجها وعمقا دينيا صوفيا فلسفيا تضيق به العبارات كلما اتسعت الرؤى حسب النظرة الشهيرة المشحونة بالدلالات المنسوبة للنفرى,إنه غموض شتان ما بينه وبين غموض الشعر الحداثى وتهاويم شعراء قصيدة النثر الذين باتوا لا يخاطبون إلا ذواتهم,يقولون ما لا يفهمون, و لا يفهمون ما يقولون ولا ما يريدون ولا ما يقال لهم, وكان طبيعيا أن انبتت علائقهم المفترضة مع المتلقين الذين نأوا بوجههم عنهم بعد أن نأت عقولهم ووعيهم وحسهم عن تهاويمهم وأنكروا عليهم تعاليهم ,وقد سجل أدونيس منهجه الشعرى بقوله:

أعرف أن الطريق
لغة في شعوري لا في المكان
لغة في العروق وفي نبضها، لغة في السريرة
حيث تأتي المسافات من أول الروح موصولة بالبريق
ببريق الفتوحات والكشف والعابرين
في التخوم الأخيرة


وأوغل الرجل فى تمرده على الموروث ونبذ نمطيته الشكلية والموضوعيّة التي تجلّت بالقصيدة العموديّة وهيمنتها على امتداد خمسة عشر قرناً أو يزيد من الزمان كانت حركتُها خلالها وئيدةً وتحولاتُها نسبيةً وفرديّةً في أحسن الأحوال وانتقل هادما مقولة الوحدة العضوية والإيجاز، ومستبدلاً ذلك بالتنوّع والحرية واللاشكل,وصولا إلى نوع من الكتابة الشعرية المزعومةالتي يتداخل فيه النثر والشعر والقصّة والمسرحية .وصنف أغراض القصيد عنده الى قصيدة الرؤية الكونيّة التى تنمو في اتجاه الأعماق ، في سريرة الإنسان ودخائله وتنمو أفقيّاً في تحوّلات العالم . وظهر ما أسماه بالقصيدة المنفتحة التي ينتفي فيها الشكل المنغلق مستبدلاً بالآخر المنفتح،الكثير،اللانهائي،الذي بواسطته يتجاوز الشعر حدوده النوعيّة القديمة.وتبقى القصيدة الكليّة فهى التي تتداخل فيها الأنواع التعبيريّة المنثورة والموزونة والغنائيّة والمسرحيّة والملحميّة والقصصيّة وتتسربل بالفلسفة والعلم والدين. وتتويجاً لذلك كله انتهى أدونيس إلى ما يعرف باسم قصيدة النثر العربيّة,محاكاة لنظيرتها الفرنسية مع الاختلافات البينة القاطعة للجذور والمناهج والواقع والأهداف ووفى تقيم نقدى واع لشكري عياد أجمل فيه «إن الكاتب منتم بفكره أو الأنا العليا إلى العالم الغربي الحديث، بينما هو منتم بعلاقاته الاجتماعية أي بالأنا إلى المجتمع العربي. وبناء على ذلك فلن يكون أمامه خيار حين يكتب، إلا أن يكتب لقارئ على شاكلته، قارئ عربي ينتمي بفكره إلى العالم الغربي الحديث,إن ذلك التقييم النقدى صدع بالحقيقة وحذر من اختلافات المساقات والمناخات الداعي إلى تفهم ذلك واستيعاب دلالاته وليس إهماله أو ازدرائه,

ودفعا للاتهامات التى ساقها سدنة التراث الذين أفزعهم ذلك النكوص وأدركوا مغباته وسود أهدافه ونتائجه,أكد أدونيس أن الإسلام قد دعا إلى تطابق الشعر مع الحقيقة , وأنه قد قبل الشعر على قاعدة تطابقه مع الحقيقة الثابتة وحارب الشعر الذي يقوم على الخيال والاستشراف على حد تعبيره،ثم أفصح عن نظريته واضحة جلية في الشعر في كتابه الموسوم باسم (الثابت والمتحول) وفيها ينهج نهجا مخالفا للمتوارث المألوف بشكل حاد في المضمون والشكل جميعاً ,معتبرا أن اللغة الشعرية لا تهدف إلى أن تطابق بين الاسم والمسمى وإنما تهدف إلى أن تخلق بينهما بعداً يوحي بالمفارقة لا المطابقة دون أن يأبه بالواقع، وإنما يهدره مع تراثه وأصوله وطبيعة التراكم المعرفي الحضاري الناشئ عن ارتكاز الجديد على ما أحرزه الأقدمون على سائر الوجوه والصيغ,وتلك بدهية طبيعية لا تلغى بفكر شخص أو شطط فريق مهما روج له واحتضنته الأبواق والساحات ومن أرهقهم صمود أسطوري لأمة لم تهن أو تزوي عبر قرون عديدة من التراجع والاستهداف على اختلاف أصعدة ذلك ومناهجه ومستوياته, كانت صياغة أدونيس والسائرون نياما, صياغة جديدة تنكر الواقع المألوف وفى ذلك يقول:

لأني دم ولأني لحم
أحب حدودي وأكره
أني أحب حدودي
ألا صورة من جديد
تصاغ لهذا الوجود.


على هذا حذا الحداثيون العرب حذو دليلهم ورائدهم أدونيس فى قطيعتهم الجذرية مع الماضي حيث في ظنهم مغايرة الواقع للشعراء الأقدمين معتبرين أن الإبداع لا يتحقق إلا بالتحرر من الموروث شكلا ومضمونه والاستغراق في حالات التيه والاغتراب التي لا يخجلون من التعبير عنها،

على أن الأغرب من ذلك هو أن تلك المقترحات والأفكار التي روج لها عن الشعر الحداثى قد تحولت فى ظل ظروف ملتبسة,تشابك فيها السياسى مع الإجتماعي والمعرفى والمسلكى إلى ثوابت من نوع جديد،لا تقبل نقدا أو ردا ولا إسقاطا من الخطاب النقديّ أو الأدبيّ، وكانت المؤسسات الأكاديميّة والإعلامية العربيّة أهم الأسباب والأدوات والساحات التى شهدت ترسيخ حداثية الغموض والإبهام،والأفول من ضوابط الشعر التقليدية التى تسهل وتلين وتخضع وتطمئن لكل مبدع خلاق,وتنأى وتشق وتستحيل على الأدعياء الأعيياء الذين يأبقون إلى فضاءات لا تلزمهم بشيء ولا بقيد , فتراهم يهومون ويشطحون ولا يابهون بغرابة أو التياث أو التباس ما يقولون, ويتركون المتلقين حيارى تائهين ,يتتاهمون بالغباء والعجز عن الإدراك أو الفهم أو الاقتراب من عالم الشعراء الحداثيين وتجاربهم ودوحتهم وبحار تيههم التى لا يحد مداها,ولو قرءوا أو وعوا شعر أبى الطيب المتنبى,الذى قرظ فيه نفسه وشعره ,غريب الكلام رفيع المعاني الذي كان ينشده ثم يذهب إلى فراشه قرير العين راضيا آمنا مطمئنا بينما يجهد غيره في البحث عن مراميه ومعانيه :


أنام ملء جفوني عن شواردها .... ويسهر الخلق جرّاها ويختصم

,ولو أدركوا إمعان أبى الطيب فى كبريائه وتقريعه لجاهليه ولائميه وحثه لهم على توسيع المدارك وتنمية المعارف ومصارعة الجهل حتى يمكن لهم استشراف عوالمه واستكناه أشعاره والتدثر بأفكاره, دون أن يتخيلوا أن تيار ما بعد الحداثة سوف يأتى كاسحا مدلهما مطيحا بهم , إلى أسفل مختزنات الموروث الأدبى والشعرى ,لو وعوه حين يقول :


ومن جاهلٍ بي وهو يجهل جهله .. ويجهل علمي أنه بي جـــاهل
تحقّر عندي همتي كل مطلب .. ويقصر في عيني المدى المتطاول
فلو علم أولئك الحداثيون أو فهموا أبيات أبى الطيب المتشامخة لادعوا أنه المؤسس الحقيقى للفكر الحداثى والأدب الحداثى وليست سوزان بيرنار ولا مايكوفسكي وباسترناك وأبولينير وبريتون ودادا ورامبووبودلير ولوتريامون وغيرهم من الحداثيين الغربيين. لقد خسر الشعر العربي المتلقي العربي وبشكل لافت وانفضّ عنه جزء كبير من جمهوره الذي كان يرى فيه راحة وسكنا لروحه ونفسه، وما تمخّضَ عن ذلك من انتكاس عام في مسيرة الشعر العربي وتراجعه من فن العربية الأولى الى ما سمى بزمن القصة التى غدت عمليا فن العربية الأول بعد أن أقصت الشعر الى منزلة لا تليق به ولا بدوره وتاريخه.

هكذا اقتحم فيضان التجاوّزات الحداثى وباتت دعاوى ومعطيات التحديث الفكرى جاثمة ملزمة لازمة ,وبات الرفض المجتمعى والثقافى متجاهلا مهملا مزويا منسيا , استنادا إلى التواضع المفاهيميّ لإنتاج شعراء مدرسة قصيدة النثر الحداثية,وباءت تلك النظرية عمليا بذريع فشلها وافتقادها للمناهج النقدية الداعمة المبادلة للشاعر إبداعا بإبداع وتحليقا بتحليق، دونمات اكتراث بما تصدع به الحقائق وتنوء به الساحات وتجهد لاستكناهه العقول, ودونها إلى ذلك استغلاق وغموض لا يستثنى عبقرى الفهم, لوذعى العقل ,ولا محبى الشعر ومتلقييه , لقد باتت ديمومة الاضطراب المفاهيميّ والخلط بين المصطلحات شاخصة جلية ، على الرغم من مرور أكثر من خمسين عاما على تداول تلك المصطلحات الأدبيّة والنقديّة في فوضى تسعى الى تداول تلك المصطلحات وترسيخها,

أما قصيدة النثر بصورتها المضحكة المبكية, فهى تشق طريقها فى عزم وإصرار ودأب إلي الزوال لأنها فشلت عمليا رغم ما خولته من المنابر،وما أفرد لها من الصفحات الثقافية في الجرائد والمجلات إبان عقدين من الانتشار لم تدرك فيه نُجحا ولا أدركت نَجعا ,وهاهى سحائب أجيال جديدة من أهل الشعر العمودي وشعر التفعيلة، يئوبون الى الواجهة أوبتهم الى الذاكرة وبعض ممن امتطى قصيدة النثر عادوا إلي شعر التفعيلة من جديد ,إن أجمل ما كتبه سعدي يوسف هو من شعر التفعيلة، وما رفع محمود درويش الى مكانة رفيعة فى عالم الشعر العربى المعاصر إلا ما كتبه من شعر التفعيلة .

غاية القول أن الحداثيين العرب قد عجزوا عن تأصيل مقولاتهم الحداثية داخل الواقع الثقافي العربي وفشلوا فشلا ذريعا في إنشاء حداثة عربية حقيقية، وفشلت محاولات أنسنة الدين، وتطبيق المبادئ النقدية على النصوص المقدسة.. لقد كان أولئك الحداثيون العرب مجرد مترجمين ، ومبشرين بالمناهج الحديثة، والمفاهيم الحداثية، سواء في النقد الأدبي، أو الدراسات اللغوية، أو المفاهيم الاجتماعية ، فقط، وبأشكال رديئة لأطروحات الفلسفة الغربية، كما هي عند هيوم، وكانط، وهيجل، ونيتشه،وغيرهم,لقد تأسس فشلهم على قاعدة انصرافهم الى المضامين الفكرية وليس الى الوسائل المنهجية التي استعملت في تبليغها.

أ/ د عبد الحميد سليمان
الدمام/ 19 من مايو 2011م

albujairami
19/05/2011, 19h46
أ/ د عبد الحميد سليمان
كنت ُ قد بدأت ُ في توضيح ما أراه بالنسبة لتساؤلات باشقمر الزمان . و لم أكن وصلت ُ بعد ُ للكلام عن الحداثة ، إذ رأيت ُ الكلام عن المتحولات والإرهاصات قبل الدخول فيها . و إني لممتنّ ٌ أن دخلتم في هذا . و أرجو أن تشملني برحابة صدرك فإني سائل جملة أسئلة و مدل ٍ بتعليقات على مايستدعي الأخذ و الرد جاعلا ً من صفحتك هذي مكانا لتبلور ذلك .و لك الشكر سلفا .
قد أكون مخطئا في تأويل كلامكم ، ولذا ، فالسؤال الأول هو هل تذهب إلى أن يكون شعر بلا وزن أو قافية ؟

عبد الحميد سليمان
19/05/2011, 22h08
بسم الله الرحمن الرحيم

أخى الكريم البيجرمى...,سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...أشكر لكم سريع تفاعلكم مع مقالتى وأدعوكم إلى إعادة قراءتها ذلك أنها تشرح ماذا عنته الحداثة فى تطبيقاتها ومنهجها الأدبية والشعرية على ,وجه الخصوص,لقد شرحت المستهدف من ذلك وأشرت الى رواده وكيف روجوا لأفكارهم وأرهصوا لمستقبل يذرى بالثوابت المتفق عليها والضابطة للشعر ومنها الوزن والقافية
ومع قبولنا لشعر التفعيلة المطمئن الى حد من الموسيقى والإيقاع الذي لا يلتزم التزاما صارما بالقافية وإن أعتمد وحدة التفعيلة,إننا نقبل ذلك فى ضوء كتابات رائعة لبعض ممن قاموا به وأثاروا من خلاله قضايا وهموما وحملوا أعباء ثقالا مثل عبد الرحمن الشرقاوى وصلاح عبد الصبور والسياب والفيتورى وغيرهم,أما أنا شخصيا فقد كتبت شعرا موزونا مقفى وسلكت بحورا من الأوزان التي يرتعد منها أولو الهمم وامتشقت أعنة قواف هائجات عزيزات جامحات ,وأحيلك لما كتبته ونشر في هذا المنتدى ومنتدى وحى بلقيس من الشعر العربي الأصيل
إنني أخي الكريم أنعى على المتشاعرين وأؤكد أنني ما نأيت عن ساحات الشعر إلا رفضا وقرفا وعذرا على التعبير من متشاعرين كان عليهم ان يتوارى من القوم من سوء ما بشروا به من هزيل الأفكار والصياغات وقلة البضاعة ,وقد أسعفتهم صفاقة وتبجح وتبلد ونفاق لانظير لهم ولكم صادمنى أولئك وصادمتهم,على كل حال أرجو أن تكون قد استبانت لديكم وجهة نظرى وشكرا لكم وللجميع

albujairami
20/05/2011, 06h07
سيدي الكريم
أنا لا أنكر الأخطاء و الإرتكابات التي كانت على يد من نادوا بالحداثة و ما بعدها ، فالكثير من منظـّريها يكتبون و عينهم على من سيترجم أعمالهم إلى اللغات الأوربية. و لكن ما أنا بصدد الدخول في عبابه يقتضي بحث قضاياه تترى . و ليس الأمر استمراءا ، بل موضوعية. فأنا لم أخرج عن عمودية القصيد عن قصور في العروض ، بل هو علم أجيده و تلقيته كابرا عن كابر . و إن كان هذا ليس موضع البحث .
القضية الأولى التي أردت بحثها هي إن كنت تعتبر الوزن و القافية ركنين أساسيين من أركان الشعر بحيث لو افتقدهما النص خرج عن كونه شعرا، و علام ارتكازك في ذلك . و أعود فأسأل سعة الصدر.

د أنس البن
20/05/2011, 07h36
غاية القول أن الحداثيين العرب قد عجزوا عن تأصيل مقولاتهم الحداثية داخل الواقع الثقافي العربي وفشلوا فشلا ذريعا في إنشاء حداثة عربية حقيقية، وفشلت محاولات أنسنة الدين، وتطبيق المبادئ النقدية على النصوص المقدسة.. لقد كان أولئك الحداثيون العرب مجرد مترجمين ، ومبشرين بالمناهج الحديثة، والمفاهيم الحداثية، سواء في النقد الأدبي، أو الدراسات اللغوية، أو المفاهيم الاجتماعية ، فقط، وبأشكال رديئة لأطروحات الفلسفة الغربية، كما هي عند هيوم، وكانط، وهيجل، ونيتشه،وغيرهم,لقد تأسس فشلهم على قاعدة انصرافهم الى المضامين الفكرية وليس الى الوسائل المنهجية التي استعملت في تبليغها.

أستاذنا وصديقنا الحبيب الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان
إستمتعت كثيرا بمقالكم الدسم الثرى حول المنهج الحداثى فى الشعر العربى ,ولا أخفى عليكم أننى أعدت قراءته أكثر من مره حتى أتمكن من هضم عباراته وأفكاره ومحتواه الماتع الراقى . وأصارحكم سيدى أن مقالتكم ذكرتنى على الفور بكتاب "المرايا المحدبه" قرأته منذ سنوات للأستاذ الدكتور عبد العزيز حموده , وقد دفعنى للبحث عنه ومن بعده كتاب المرايا المقعره لنفس الكاتب ,حديث تلفزيونى له قبل سنوات مع الكاتب والإعلامى اللامع محمد بركات
وفى ظنى أن العامل المشترك بين كتابيه وبين مقالتكم هو نفس المضمون وإن اختلف القصد , وهو رفض مشروع الحداثيين العرب فى تناولهم لمنهج النقد الغربى ونقلهم لمدارس نقديه أفرزها مناخ وفكر فلسفى بعينه إلى مناخ وفكر فلسفى مغاير تماما وفشل هذا المنهج فى تحقيق دلالة النص أو تقديم بدائل نقديه تصلح لثقافتنا وتراثنا العربى الذى تمرد عليه ألأولئك الحداثيون الجدد , مما جعلهم فى نظر أستاذنا الجليل رحمة الله عليه أشبه بمن ينظر فى مرآة محدبة فيرى صورة مكبرة وهو ما يعد تزييفا لواقع أقل كثيرا وأكثر تواضعا
بارك الله فيكم يا مولانا وأكثر من أمثالكم ...... :emrose:

عبد الحميد سليمان
20/05/2011, 11h20
بسم الله الرحمن الرحيم


أعزائي وأحبائي الدكتور أنس بك البن والأستاذ البيجرمى والأستاذ مصطفى خميس.. الأخوة والسادة منتسبى ومرتادى هذا المنتدى الأصيل العريق سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...وبعد



أبدأ ردى على هذه التعليقات الثرية بأننى امرؤ حباه الله بما أمكنه من أن يكتب الشعر موزونا مقفى جديدا فى تناوله وأفكاره ورؤاه ناحتا ما شاء الله لصاحبه أن ينحت من الصور الأدبية البلاغية فى غير استطراد أو تغليب للصور والمحسنات البديعية على جوهر الفكرة ومضمون القضية التى أطرحها دائما فيما أكتب,أما الشعر الحر فأنا شديد الإعجاب بأصيله وما يحتويه من نسق تفعيلية تضمن حدا رائعا من الموسيقى التى تفرق بيين الشعر والنثر, والأكثر من ذلك أننى موله بصلاح عبد الصبور وعبد الرحمن الشرقاوى وأمل دنقل ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتى ومعروف الرصافى وحسن طلب وأبى همام عبد اللطيف عبد الحليم وفاروق جويدة والجاد المهموم من أشعار نزار قبانى وفرسان العامية الأصيلة التى حملت هم الأمة وعبرت عن حالها وآلامها وآمالها وتلظت بنيران شانئيها وظالميها فؤاد حداد وبيرم التونسى وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم الأبنودى,مثلما توسدت فى سويداء ذاكرتى وعقلى وقلبى فرائد امرؤ القيس والأعشى وطرفة ورؤبة والعجاج بن رؤبة والنابغة وأبى الطيب المتنبي وأبى تمام وأبى العلاء المعرى وعمر ابن الفارض وعبد الكريم الجيلى وجلال الرومى والنورسى والبارودى وشوقى وحافظ والجواهرى والبردونى وأبى القاسم الشابى وغيرهم ,لكننى أذرى

بأحاجى وألغاز أدونيس وأنسى الحاج والماغوط و حلمى سالم وأضرابهم وأمثالهم ,

إخوانى وأعزائي إننا استهدفنا كأمة وحضارة وتراث وأصول ودين بما لم يستهدف به شعب ولا أمة ولا حضارة فى التاريخ,لقد استوعب الغرب هزائمه التاريخية وفشله في تحقيق حلمه بإضافتنا إلى أمم قد أفناها وحضارات أبادها فى غربي أمريكا وشمالهما وجنوبها وفى غربي إفريقيا وحيثما حل فى شرقى آسيا وكل مكان ,لقد أدرك أنه أمام أمة تستعيد حيويتها وتبل من سقمها بدرعها الإسلامي وأصيل ثقافتها وعميق انتمائها وثابت هويتها,وأدرك أن عليه أن يقدم نهجا جديدا ينخر فى العقول ويستخدم أدوات من أبناء لهذه الأمة أصابهم حظ من العلم ولكن تداعت لديهم العمد والأسس فالتاثوا واختالوا وتصدوا لتغيير كل شيء والعبث في العقول والقلوب, لقد رأى الغرب وأدرك واستحضر الخبرات والخبراء والمخططين وبدأ الترويج للأفكار الغريبة المطيحة التي قتلت فى بلادها ودفنت ولكن أزلامها فى الشرق باتوا متمسكين بأهدابها وأبشركم أحبائى أنهم الآن يتراكضون إلى الوراء بعد أن لفظتهم القلوب والعقول ثم ركلتهم الأرجل وصفعتهم الأيدي وبصقتهم الأفواه .
,وقد يقرأ البعض ذلك ويقول ما لهذا الرجل يتحدث فيما لم يخبر ولم يعرف ولم يفقه,وأرد عليه وعلى أمثاله أننى شاهد شهد من أهلها فقد أخذت علي تلك الأفكار كل مأخذ وأنا فى سنوات الدرس الأكاديمي وخالطت أهلها وقرأت وأمعنت ,وحينما شاهدت وعاينت وناقشت فى ساحات أكاديمية شتى فى أوروبا وغيرها واكتشفت شديد العنصرية عند بعضها وشديد الاحترام والتقدير والإعجاب والانبهار والتقدير عند جلها, عندها آبت نفسي إلى رشدها وبرأت أسقام عقلي ووضح طريقي ,ثم تآكلت النظريات الجديدة مثل الحداثة ومابعد الحداثة والبنيوية والتفكيكية والعولمة والنظام العالمي الجديد والشرق الأوسط الجديد وانزوى لثم القدم الإسرائيلية والحذاء الأمريكى غداة احتلال العراق وتدميره وانزوى معه أهله وعملائه وكلابه وجرذانه إلى مزبلة التاريخ وبشكل ترى جديده الصادم غير المتوقع كل يوم وفى كل ساحة وهانحن أمام ميلاد جديد للأمة ان شاء الله
لقد باتت إسرائيل التى كانت تخطط للشرق الوسط الجديد من النيل إلى الفرات تتسربل وراء جدران تبنيها لتقيها شر يوم قادم لا ريب فيه ان شاء الله

....إخوانى وأعزائى..لقد تلاشت تلك الأحلام وتراجعت دعاوى التغريب لمصلحة تيار واع نابه ينشد الحكمة والمنفعة للأمة من كل مكان ويجعلها ضالته ولايبالى إن كانت من الغرب أو من الشرق وهو ذكى أريب ينتفع من المفيد الجديد ويقبل الصحيح النافع ويشيد به بصلاح عبد الصبور والشرقاوى وأمل دنقل وفؤاد حداد وصلاح جاهين والأبنودى وهشام الجخ ,مثلما تتوسد فى سويدائه فرائد أمرؤ القيس والأعشى والنابغة وأبى الطيب المتنبي وأبى العلاء المعرى والبارودى وشوقى والجواهرى والبردونى وأبى القاسم الشابى وغيرهم ,لكنه ينسى أدونيس وأنسى الحاج ومحمد الماغوط و حلمى سالم وأضرابهم وأمثالهم ,لقد ثبت عجز الغرب وأدعياء الإنسانية وتابعيهم من مزيفى التاريخ والأصول وقاطعى الأرحام وناكرى الهويات والغفلى والمتغافلين والعمى والمتعامين والبلهاء والمتبالهين وما قد تراه هو رمق أولئك الأخير وسوف تصفو الليالي بعد كدرتها وكل دور إذا ما تم ينقلب. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

albujairami
21/05/2011, 08h22
الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان
سبحان الله يا رجل. لقد كان سؤالي واضحا ً و محددا ً، فما بالك تخلط القضايا و تنعت من خالفك الرأي بكونهم ,, مزيفى التاريخ والأصول وقاطعى الأرحام وناكرى الهويات والغفلى والمتغافلين والعمى والمتعامين والبلهاء والمتبالهين ،، . أنا كنت سألت الموضوعية. أكرر أنه إذا أردنا بحث القضايا الشعرية فإنه لا بد من بحثها واحدة واحدة لا بخلط الأوراق على طريقة من نادوا بالفوضى الخلاقة.
أفهم من قولك ,,أنا شديد الإعجاب بأصيله وما يحتويه من نسق تفعيلية تضمن حدا رائعا من الموسيقى التى تفرق بيين الشعر والنثر،، أنك تنفي شعرية ما انتفى وزنه . و لا أدري علام استنادك . إن كان على الإستقراء كما فعل علماؤنا القدماء فإن لنا دليلا بخلاف ذلك .فقد ذهب بعض العرب إلى كون القرآن شعرا . و قد تولى القرآن الكريم الرد ّ عليهم . و لكن الذي يعنينا هنا هو الحقل الدلالي للشعر فإنهم أجازوا إطلاقه على ما خرج عن حد أنه موزون مقفى و هذا وجه شاهدنا .و أترك الدخول في قضية أخرى إلى مشاركة ثانية هذا إذا سلمت من الشتم كما لم يسلم غيري .

عبد الحميد سليمان
21/05/2011, 14h43
بسم الله الرحمن الرحيم


الأخ المحترم الأستاذ البيجرمى...سلام الله عليكم ورحمته وبركاته..وبعد


(سبحان الله يا رجل. لقد كان سؤالي واضحا ً و محددا ً، فما بالك تخلط القضايا و تنعت من خالفك الرأي بكونهم ,, مزيفى التاريخ والأصول وقاطعى الأرحام وناكرى الهويات والغفلى والمتغافلين والعمى والمتعامين والبلهاء والمتبالهين ،، . أنا كنت سألت الموضوعية. أكرر أنه إذا أردنا بحث القضايا الشعرية فإنه لا بد من بحثها واحدة واحدة لا بخلط الأوراق على طريقة من نادوا بالفوضى الخلاقة أفهم من قولك ,,أنا شديد الإعجاب بأصيله وما يحتويه من نسق تفعيلية تضمن حدا رائعا من الموسيقى التى تفرق بين الشعر والنثر،، أنك تنفي شعرية ما انتفى وزنه . و لا أدري علام استنادك . إن كان على الإستقراء كما فعل علماؤنا القدماء فإن لنا دليلا بخلاف ذلك .فقد ذهب بعض العرب إلى كون القرآن شعرا . و قد تولى القرآن الكريم الرد ّ عليهم . و لكن الذي يعنينا هنا هو الحقل الدلالي للشعر فإنهم أجازوا إطلاقه على ما خرج عن حد أنه موزون مقفى و هذا وجه شاهدنا .و أترك الدخول في قضية أخرى إلى مشاركة ثانية هذا إذا سلمت من الشتم كما لم يسلم غيري)

آخى الكريم ... بعد قراءتي ردك الأخير أيقنت أنك خارج ما نتكلم عنه فلا أنت فهمته ولا أنت راعيت الأصول في ردك.لقد رددت عليك فورا وأجبت على سؤالك وأعلمتك أنني مثلما أؤمن بأصيل الشعر ورائع التراث لا أستثنى من إعجابي ما قدمته مدارس الكلاسيكية الجديدة وأبوللو وأهل شعر التفعيلة ,وأخبرتك أن مثل صلاح عبد الصبور وأمل دنقل وعبد الرحمن الشرقاوى ومحمد الفيتورى وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتى ونازك الملائكة وغيرهم ممن جددوا فى القوالب الشعرية ونهضوا لقضايا الهم العام الذين اتهمتنا بأننا نعتناهم بأنهم يسعون لتغيب الوعي العام وضرب الانتماء والهوية وأسميناهم مزيفي التاريخ والأصول وقاطعى الأرحام وناكرى الهويات والغفلى والمتغافلين والعمى والمتعامين والبلهاء والمتبالهين, وذلك إفك وسوء ظن وقصور فهم لو علمت عجيب ,إنني أنفى كما نفى عبد العزيز حمودة فى المرايا المحدبة شعرية من أزرى بجوهر الفن الشعري العربي وعماده وذروة سنامه وأعنى به الموسيقى على أنواعها خارجية وداخلية وأهدر الوزن وازدراه,والغرض وانتفاه والصياغة وأقصاها و اللغة فأقعدها واستحضر ما يجود به قاموسه الشحيح الهزيل, بمفردات غير معروفة أو مألوفة وكأنه قد ضاقت عليه العربية بما رحبت .وادعى التشاعر وما هو بشاعر ,وصفق له المصفقون وأفردت الصفحات والقنوات ,إلى أن تسلل القوم نأيا عنه على استحياء ثم بكل جلاء ووضوح وغلظة , فغدى أولئك المتشاعرون يقولون أشعارهم لأنفسهم ,بلا متلق أو متحفز أم ناقد رقيب,إنهم لا يمتلكون أساسيات بديهية تفرق بين الشعر والنثر,إن حداثتهم ومابعد حداثتهم تُلْغِيان تماما فكرة وجود ثوابت دينية أو قيمية أو أخلاقية ,فكل شيء عند هؤلاء نسبي ,متغير، وهم يرون أن مفاهيم مثل الذات الحضارية، والهوية، والسببية، أمور لا مكان لها في عالم ما بعد الحداثة,على هذا ونتيجة لكدهم و استغراقهم وهزالهم وتعبهم تحول شاءه النثر,وملتاث المعانى ومضطربها, وركيك الصياغة, وعييى التعبير,إلى شعر يُوسَع به الناس ويقذفون من كل جانب ويتجرعونه ولا يكادون يسيغونه,ويزكون سعيرأزمة ثنائية العقل العربي والعقل الغربي, لقد باتوا وقد اختلطت وتشاكلت الأشياء ,فلا حدود قائمة بين الشعر وما ليس شعرا.حتى ليظن الظان من المتلقين على اختلاف وتباين مستوياتهم العلمية والنقدية بنفسه قصورا فى الفهم أو غباء يدفعه إلى الاستفسار عن مراد ذلك التهويم, من قرين له أورفيق أو شريك فى تلك الساحات الشعرية التى أقفرت وخلت وبادت فينبيه أنه تائه ذاهل اللب شارد, قد أرهق عقله وأرهقه عقله بغير اهتداء إلى ضالة ولا استظلال بمعنى ولا ارتواء بإيقاع أوخيال.

أخى الكريم... إن إهدار المتلقى و إهماله,أمر شاذ غريب,لأن المتلقين المتفاعلين المستوعبين على اختلاف مستوياتهم لتوالي النصوص في الزمان ، والنافذين ببصائرهم إليها , يستغربون ذلك ويعرضون عنه ويلفظونه حين يرونه يعج باختلالات و تشويشات جديدة غريبة لقيطة, على التقاليد الفنية الثابتة القابلة للتحديث والتطوير والتفاعل مع قضايا العصر وذلك أمر عرفه تاريخ الشعر العربي وقبله واستحسنه, منذ بدايات القصائد الأولى بالوقوف على الأطلال ثم العروج إلى الفخر أو الهجاء أو الرثاء أو شكوى الدهر,إلى وحدة الموضوع , بمثل هذا ازدان الشعر العربي بمعلقات شعراء الجاهلية الرائدة كما ازدان بموشحات ابن عبد ربه الأندلسي وهي لو علمت ضرب من ضروب الشعر استحدثه المتأخرون من شعراء الأندلس بدافع الخروج على نظام
القصيدة والثورة على النهج القديم لها وانسجاما مع روح الطبيعة الجديدة ,ومثلها أتت تخميسات الشعر الأندلسي,وأحيلك إلى تجديدات ابن زيدون وابن عمار و المعتمد وابن حمدين وابن خفاجة وابن الخطيب فى أبنية الشعر وأغراضه،

لكن الشعر العربى وأصلاء ومستنيرى أهله يرون فى معطيات القصيدة النثرية وفى أولئك الحداثيين ومن بعد الحداثيين, أمرا غريبا لا يقوى على طرح تساؤلات جديدة واضحة خلاقة ,وإنما الأمر لديهم لا يعدو كونه تهويما وغموضا يلتحفان بتهويم وغموض ويتسربلان بسدول من الظلام والغرابة والاغتراب,وبحار من التيه, وآماد من التشتت لا تحد.

أخى الكريم ...أن نظرية التلقي قد شكلت ثورة في دراسة الأدب حين أسست للاهتمام بالمتلقي الذي أهملته المناهج و النظريات الحداثية الغربية وما بعد الحداثية, التي ركزت على المبدع أو النص ولم تأبه بمتلقيه وإن تعمق فكره واتسعت مداركه بمن فيهم النقاد والشعراء الذين أفصحوا وأبانوا وأعربوا عن ذلك فى محالسهم ومنتدياتهم قبل أن ينبروا ليقودوا ثورة لضحد خبيث الدعاوى ,سئ القصد والطوية وأحيلك إن استطعت أخي الكريم لكتابات نقاد شعراء الحداثة وما بعدها وأرشدك ابتداء الى أحدهم وهو المرحوم العزيز الأستاذ الدكتور عبد العزيز حمودة أستاذ الأدب الانجليزي وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق فى كتابيه الذين أشرت إلى اسميهما آنفا, وسوف ترى نقدا ورؤية داحضة لذلك بنصاعة وموضوعية أدعوك إلى استيعابها ووعيها,ومثل المرحوم الدكتور حموده الكثيرون فى شتى ربوع العالم العربي ممن درسوا فى الغرب وطالعوا الأمر على طبيعته ,ولكن أبت عليهم موضوعية العلم ومعطيات الواقع وثقل الإحساس بالدور والذود عن الهوية والانتماء ,فمزقوا بنقدهم واستشهادهم بآراء غربية موضوعية معطيات ودعاوى الحداثة وما بعد الحداثة وقصيدة النثر إربا إربا,

أخى الكريم..... إن كنت تؤمن بذلك فان عليك أن تلهث خلفه وحدك ,كى تفهم وتتفاعل مع ما لم يفهمه قائله,ومثل هذه التهاويم ضروب من الخبال نرفضها ونسحقها ونضعها تحت أقدامنا ,مثلما عراها وكشف هزليتها وضعتها وارتكاسها نقاد كبار, وآب عنها شعراء عادوا إلى ما يجمعهم بمتلقيهم وهموم أوطانهم,بعدما لفظتهم الساحات وملتهم القلوب والعقول,

... وإن كنت يا أخي بعيدا عما يجرى بالساحات وبأمتنا فالأولى بك أن تستفيق وتصحو وأنت من أخوة لنا فى فلسطين فعل بهم الغرب الأفاعيل, ولا يزال كدأبه ومستقر عادته, وقد أمكن له أتباعه وصنعاؤه وأدواته وأبواقه والمسحورون,التابعون لغثه, المهملون لمفيده ونافعه,رغم تشدقهم بعناوين بارقة كالموضوعية والليبرالية والحداثة وما بعد الحداثة والبنيوية,

...أولى بك أخي الكريم ألا يتقدم عليك أحد فى مجال الذود عن الهوية وأنتم من جهدت إسرائيل لطمس هويتهم وما كان تصدى محمود درويش وسميح القاسم وسلمى الجيوسى الخضراء وفدوى طوقان بشعر حداثى ,بالنسبة لنا نسيا منسيا , وإنما استظهرناه حفظا واستوعبناه فهما ورسالة وتوجيها, واشتد به عودنا واستقامت ظهورنا وتضاعفت طاقات احتمالنا وقويت عزاؤمنا واستنارت دروبنا وطالت قامتنا واستعذب موتنا وترمل نسائنا وتيتم أطفالنا.

,أرجو إليك أخي الكريم استفاقة وتنبه وأن تتريث قبل أن تعلق على موضوع ما, ونحن لسنا بشتامين ولا لعانين ولن نكون, ولا نقبل ذلك لك أو لغيرك ,ولكن الحديث والتفاعل يجب أن ينشأ ويستوى على سوق من الفهم والتحليل وعميق من التقييم, ووسيع من المعارف والخبرات والتجاريب, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(ندعوك أخانا البيجرمى إلى قراءة السمهرى والجامعى والصارخ فى البرية في هذا المنتدى لترى وتعي أية غاية نتبناها ونجند أنفسنا وما أفاء الله علينا به لتعظيمها والذود عنها واستنهاض الهمم الخائرة وإفاقة العقول الشائهة)

د أنس البن
22/05/2011, 08h15
(سبحان الله يا رجل. لقد كان سؤالي واضحا ً و محددا ً، فما بالك تخلط القضايا و تنعت من خالفك الرأي بكونهم ,, مزيفى التاريخ والأصول وقاطعى الأرحام وناكرى الهويات والغفلى والمتغافلين والعمى والمتعامين والبلهاء والمتبالهين ،، . أنا كنت سألت الموضوعية. أكرر أنه إذا أردنا بحث القضايا الشعرية فإنه لا بد من بحثها واحدة واحدة لا بخلط الأوراق على طريقة من نادوا بالفوضى الخلاقة أفهم من قولك ,,أنا شديد الإعجاب بأصيله وما يحتويه من نسق تفعيلية تضمن حدا رائعا من الموسيقى التى تفرق بين الشعر والنثر،، أنك تنفي شعرية ما انتفى وزنه . و لا أدري علام استنادك . إن كان على الإستقراء كما فعل علماؤنا القدماء فإن لنا دليلا بخلاف ذلك .فقد ذهب بعض العرب إلى كون القرآن شعرا . و قد تولى القرآن الكريم الرد ّ عليهم . و لكن الذي يعنينا هنا هو الحقل الدلالي للشعر فإنهم أجازوا إطلاقه على ما خرج عن حد أنه موزون مقفى و هذا وجه شاهدنا .و أترك الدخول في قضية أخرى إلى مشاركة ثانية هذا إذا سلمت من الشتم كما لم يسلم غيري)

أخونا العزيز الأستاذ البيجرمى
يبدو ان هناك لبس حصل بحسن نية طبعا فى تناولكم لرد أستاذنا الدكتور عبد الحميد سليمان وأظنه راجع إلى تناوله للقضية موضوع البحث تناولا علميا أكاديميا محضا مستخدما لغة وعبارات شديدة الخصوصيه وإن كان سعادته فيما أحسب حاول أن يبسط بعض جوانب القضيه لأمثالى من غير المتخصصين وهو أمر يعتبر فى عرف المتخصصين فى النقد الأدبى والبحث العلمى من الخطايا , لكنه مشكورا لم يستنكف من فعل ذلك حتى يستطيع مثلى أن يتابعه ..
ومع كل ذلك حدث سوء الفهم منكم وتصورت يا صديقى العزيز أنه يقدح في من يدعون الحداثة والتجديد مستخدمين لغة ومعانى لا معنى لها تحت ستار كثيف من الغموض , وهو ليس بقدح أو سب كما فهمت ولكنه تناول علمى يكشف حقيقتهم وفى نفس الوقت لا ينسف مدرسة الشعر الحديث أو الشعر المنثور من أساسها , على العكس ثمن سيادة الدكتور عبد الحميد سليمان عاليا رواد مدرسة التجديد وأثنى عليهم ومنهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكه وصلاح عبد الصبور وغيرهم , أما أولئك الأدعياء فهم من قصدهم سعادته ليس لثأر شخصى ولكنه تناول نقدى علمى موضوعى تماما , ومنهم على سبيل المثال حلمى سالم صاحب أكبر الرزايا وأكثرها جهلا وتخبطا واقرأ إن شئت "شرفة ليلى مراد" التى وصف فيها الذات الالهية بأحط الأوصاف وأنه يزغط البط وينظم اشارات المرور بأسلوب فج ممجوج , تعالى سبحانه عما يقولون وتنزهت ذاته , وللأسف الشديد منحه نظام مبارك البائد أرفع الجوائز مما أثار سخط جمهور المثقفين ,
رفقا رفقا أخى العزيز .. وعموما حصل خير وحقكم جميعا على ..... :emrose::emrose:

albujairami
23/05/2011, 05h53
ورد في الأمثال ,, من ألـّف فقد استهدف ،، أي إن كل من كتب صار دريئة لكلام المنتقدين .و الإنتقاد إما نافع أو ضار . فإن كان الحامل َ عليه كره ٌ أو تربـّح حصل معه التحامل و الضرر . و لكن إن كان بروح تلبية أسلافنا إذ قالوا ,, جئناك للنصاحة ، لم نأ ْت للرقاحة،، أي إذا كان الحاملَ عليه حبّ ُ الأدب و الرغبة في الدرس و استزادة المعرفة، فإن نفعه مضمون . ولا يعترض عليه إلا من كان يرى نفسه فوق الخلائق .
أماغايتنا فمن المقرر المكفول أنها ليست للإضرار و لا للتشفي . و من الممكن أن تكون للنفع .
أما كلامك عن نظرية التلقي فإن هذا يـُحتاج إليه إذا كان الخطاب تواصليا . نعم ، لما كان الشاعر لسان قبيلته ، يعبر عن مواقفها ، و ينشر أمجادها كان المتلقي نصب عينيه في نظمه . و لكن إذا كان الشاعر يصدر عن ذاته و يعبر عن مشاعره هو ، فإن شعره من باب الأولى أن يكون وفق ثقافته و وعيه . و البحتري رد على مقولة التلقي بقوله
علي ّ نحت القوافي من معادنها
. . . . . . . و ما علي ّ إذا لم تفهم البقر ُ
و ليس هذا المنهج ابتداعاً منا ، فقد انتهجه أبو تمام .فالآمدي، الذكي الذي عرف في العديد من المواقف كيف يغلب آراءه المغرضة ليحسم بها بعض المواقف لصالح القديم، نجده في تتبعه الدقيق لمساوئ أبي تمام، حسب مفهومه، يلفت انتباهنا الى مواطن التجديد الحقة في شعر أبي تمام، والتي كثيرا ما تجاهل صلبها آخرون، وظنوا أن الأمر هو اسراف من طرف أبي تمام في طلب الجناس والطباق والاستعارات واسرافه في التماس هذه الأبواب، وتوشية شعره بها حتى صار كثير مما أتى به من المعاني لا يعرف، ولا يعلم غرضه فيها إلا مع الكد وطول التأمل, ومنه ما لا يعرف معناه الا بالظن والحدس ولو كان أخذ عفو هذه الأشياء، ولم يوغل، ولم يجاذب الألفاظ والمعاني مجاذبة ويقتسرها مكارهة، وتناول ما يسمح به خاطره وهو بجمامه غير متعب ولا مكدود, وأورد من الاستعارات ماقرب وحسن ولم يفحش واقتصر على القول على ما كان محذوا حذو الشعراء المحسنين، لسلم من هذه الأشياء التي تهجن الشعر وتذهب ماءه ورونقه ، وانه بذكره لهذه العيوب، التي يعتبرها مساسا بجودة الشعر الذي يفهمه، يقر ضمنيا بما يمكن اعتباره حجر الأساس في لوازم الحداثة والمعاصرة للقصيدة العمودية. وخاصة لما نجده يكشف لنا ذلك من خلال تطبيقاته على شعر أبي تمام حين يأخذ عليه على سبيل المثال هذه الصور الفنية التي يقول فيها الشاعر واصفا أحد ممدوحيه بالحلم:
رقيق حواشي الحلم لو أن حلمه
.................... بكفيك ما ماريت في انه برد
فبمثل هذه الصورة الفنية الرائعة المستحدثة خاطب الشاعر ممدوحه فكسر بها عمود الشعر بأن صدم الذوق المتعارف عليه وذلك بتشبيهه الحلم بالرقة كاسرا بذلك القرينة المنطقية المتعارف عليها مما جعل الآمدي يعلق قائلا: ,, هذا هو الذي أضحك الناس منذ سمعوه والى هذا الوقت- والخطأ في هذا البيت ظاهر، لأني ما علمت أحدا من شعراء الجاهلية والاسلام وصف الحلم بالرقة! وإنما يوصف الحلم بالعظم والرجحان، والثقل والرزانة ونحو ذلك،، فذنب ابي تمام هنا كونه لم يسلك طريق السلفويين الذين أجمع ذوقهم الفني على مقارنة الحلم بالرزانة، فجاءت أحلام ممدوحيهم تزن الجبال رزانة، وقد شذ أبوتمام وعد من منتهكي حرم العرف الشعري المتعارف عليه المتوارث بالتواتر الروائي كابرا عن كابر. إن مثل هذا المقياس النقدي جدير به أن يطرح لانه بني على أسس غير سليمة، لا من حيث المبدأ الزمني والمكاني لدائرة الشعر، ولا من حيث الذوق المجرد الذي هو نسبي بالنسبة للمتلقي، فاذا كان الجمهور الجاهلي والاسلامي أو حتى الأموي ممن كان يستجيب بحكم التعاطف القبلي القوي والشديد المفعول لمثل هذه الاستعارات، فان مستجدات الحياة أبت إلا أن تكسر حتى الأعراف البلاغية فما بالك بالاعراف القبلية، وإلا كيف يمكن تصور استعارة باردة تظل تكرس القرينة الثابتة بين الحلم والرزانة ولا تسمح بتجاوزها ؟ فمن اين سيتنفس الشعر؟ وكيف ستسحب اللاحق َ فضيلة الاضافة المولدة من صورة مكتملة منذ ولادتها الأولى. إن ما يسعى اليه حراس الاتباع هو ابراز أفضلية القديم وجعل مزية السبق دائما من نصيب أصحابه ; وإذا تطاول لاحق ببعض التصورات الجديدة اتهم في شخصه وشكك في مقوماته الفنية.
أعطي هنا مثالا من شعري لأوضح ما أعنيه من أن على الشاعر أن يصدر عن ثقافته و وعيه في التعبير . و من حسن الحظ أن المنتدى هذا منتدى موسيقي لأن الصورة الشعرية في المثال مبنية على الموسيقى و لا أظن كثيرين سيخالفونني الرأي إذا قلت أن المتلقي العادي ستكون له هذه الصورة الشعرية كالطلاسم . أقول ,,
سايكسَ بيكو بالتقاسيمِ فَرَتـْنا
ثٌمَّ وُزِّعنا
هَرْمَناتٌ لسْنَ منّا ،،

,,منذ نحو مائة عام اصطدم الموسيقيون الأوربيون الذين وجهوا اهتمامهم إلى الألحان الشرقية الغربية بواقع صاعق . فمما لا شك فيه إن هذه الألحان المذكورة لم تكن في غنى عن المصاحبة الهارمونية وحسب بل وإنها تقاوم هذه الهارمونيا وقد باءت بالفشل الذريع كل المحاولات لجعل هذه الألحان مقبولة للأذن الأوربية أو الباسها هارمونيا جميلة أو سكبها في القوالب الهارمونية المستعملة
وقد ظهرت استحالة تقنية لذلك بدون تغيير أصوات هذه الألحان أو بدون تغيير الجملة اللحنية وكان أي تغيير يشوه طبيعة اللحن نازعا عنه جماله وعطره الخاص ،، - من مقال للموسيقار سليم سحاب ـ و الصورة الشعرية في ما قلت تقوم على أن بلادنا بطبيعتها تقاوم تقسيمهم لها كما تقاوم موسيقانا هرمنتهم .
بالمناسبة إسمي البـُجـَيـْر َمـِي ّ

ahmad yunis
23/05/2011, 09h15
:emrose::emrose:
أستاذنا الفاضل رأفت البجيرمي . أنا أتشكرك على النقد بتاعك ده ...و مسرور قوي إنك رجعت ف كلامك و كتبت في النقد . و انت عارف احنا بنقدر رؤيتك الفنية أد إيه . انا نازل مصر في يوليو . لو عايز حاجة عدي علي المختبر .:)

albujairami
29/05/2011, 06h38
الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان
أما و قد تكلمنا في التلقي فإننا ننتقل إلى الكلام عن الثقافة و التراث و الهوية.
الثقافة نتاج لصيرورة تاريخية ومادية في الاساس، انطلاقا من علاقة جدلية محكمة بين البنى التحتية المادية، والبنى الفوقية الرمزية. والمعنى الانثر بولوجي العام للثقافة ، يحيل بشكل خاص واساسي، الى هذه المنجزات و المآتي الرمزية في مجال العلم والفن والادب والفلسفة والاخلاق والتربية والاجتماع.
و التراث هو جماع تلك المنجزات المادية والعلمية والفلسفية والادبية والفنية التي انجزها الاسلاف على امتداد الزمان والمكان، وأضحت ودائع بين ايدي الاخلاف. والمعنى الخاص للفظ التراث يتوجه بشكل أساسي، الى تلك المنجزات الفكرية والادبية المكتوبة والمحفوظة في بطون التأليف والتصانيف.
وما دامت العربية هي اللازمة الدلالية المتواترة في كلامنا هذا، فان التراث المعنيّ هنا هو التراث العربي على وجه التحديد. وهو تراث موحد الهوية واللسان، لايتقيد بزمان او مكان او انسان. وهو حسب تعبير المحقق المصري عبدالسلام هارون (يتناول كل ما كتب باللغة العربية، وانتزع من روحها وتيارها قدرا بصرف النظر عن جنس كاتبه، او دينه، او مذهبه، فان الاسلام قد جبّ هذا التقسيم وقطعه في جميع الشعوب القديمة التي فتحها، واشاع الاسلام لغة الدين فيها، وهي اللغة العربية التي لونت تلك الشعوب بلون فكري واحد متعدد الاطياف،، هو الفكر الاسلامي، وهو الفكر العربي)
وما يهمنا من هذا الفضاء الدلالي هو جانب محدد ومخصوص منه، وهو جانب الابداع الادبي المكتوب باللغة العربية، حتى نحدد للقول مجاله، ونضع الامر في نصابه. واهل كل صنعة هم اخلق بالكلام عنها، كما قال ابن رشيق.
لا تخلو القراءة في جدلية الهوية والابداع من المآزق ، لان الهوية الشعرية قبل كل شيء هي الانفتاح والاختراق والقلق الدائم في البحث والتجديد وهي معيار للقيمة الابداعية وتصوراتها وامكانيتها وادواتها التي تؤسسها ، فلا يمكن للشعرية ان تؤسر في نطاق عقائدي او جغرافي او حتى ذاتي محض . فلا إبداع خارج الهوية ولا هوية خارج الابداع

عبد الحميد سليمان
29/05/2011, 21h32
بسم الله الرحمن الرحيم


المنهج الحداثى فى الشعر العربى


عود على بدء

تظل إشكاليات الوعي الاجتماعي وانعكاساته مهمة ملحة,وفق التجليات المتنوعة والمختلفة لمضامين ومكنونات البنى النظرية والثقافية المكونة لشخصية الفرد بمستوياته الخاصة والعامة والتي تتمظهر في السياق العام فى الممارسة اليومية معبرة عن السمات الثقافية العامة المتأطرة بمجموعة من الأطر الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية ,لكن أوارها يستعر فى ظل ثورة الانفوميديا ونتائجها المتمثلة فى تضاؤل نسبي لفاعلية الحدود القومية بأشكالها الجغرافية القائمة,وتزحزح وتراجع لمكانة ودور المتوسد المستقر من التراث الأبستمولوجى والعقائدى على اختلاف مستوياته وتنوع منابعه،التي كانت تشكل ملاذا آمنا في مواجهة المؤثرات الخارجية وإبقاء الداخل محصناً من تأثير الإستطالات الخارجية ،ونشوء أشكال وأساليب وآليات وممارسة ثقافية وسياسية تسعى للمحافظة على الهوية الوطنية ووقايتها شر المؤثرات والمتغيرات الخارجية ,ولا تتجاوب مع المتغيرات الراهنة وتحدياتها المستقبلية ولا تأبه لاتهامها بالخواء والعجز والانكفاء على الذات والتخلف عن مواكبة التطورات الحضارية والتقنية المتسارعة , لقد بات جليا أن خصوصيتنا الثقافية المتوسدة على منظومات معرفية متعددة قد ترسخت كمنظومة قيمية معيارية تضبط الممارسة الفردية والمجتمعية وتسع كافة الجوانب الحياتية للمجتمع باعتبارها منظومة متكاملة ,شمولية دون أن تحرم النخب الثقافية من تبني منظومات ثقافية أخرى تقوم على بنى معرفية ونظرية علمانية ونقدية تعتمد التفهم المعرفي للفكر الديني وفق قبول موضوعى وفلسفي لنقد الفكر الديني الذي يحتاج دوما إلى عميق فهم وواسع رؤية للتصدى لأسئلة وقضايا فلسفية ,ومنذ القرن الثالث الهجرى,لم يقف المسلمون موقفاً موحداً في التعامل مع فلسفة اليونان ومنطقهم ,وعلى ذلك وفق فريق من الفلاسفة المسلمين بين الدين والفلسفة بينما رفض غيرهم ذلك بسبب ما تنطوى عليه من مفاسد وضلالات على حد تعبيرهم , ويحمد لابن الجوزي البغدادي أنه اقر بأن لدي فلاسفة اليونانيين علوما مقبولة ولا اختلاف حولها كعلوم الهندسة والطبيعيات وهذه العلوم يمكن الافادة منها أم بعض أفكارهم وأقوالهم عن الإلهيات فهي غير مقبولة بسبب ما يشيع فيها من مفاسد وضلالات تخالف العقيدة الإسلامية , ويذكر فى هذا الإطار التوفيقى بين الإسلام والفلسفة محمد عابد الجابرى ومحمد أركون وحسن حنفى وجمال البنا وغيرهم, مع افتقارهم لمناقشين يملكون فضاءات عقلية إسلامية, ووعى بالأبعاد الأعمق من الفكر الدينى الاسلامى الذي أنس كثيرون إلى ظاهر قراءاته ولم يكلفوا أنفسهم عناء الجهد الفكرى والمعرفى والتأملى الذى حثهم عليه الإسلام فى نصوص قرآنية جلية واضحة تدعو الى ذلك ومنها ما جاء فى سورة العنكبوت فى قوله تعالى(قل سيروا (http://www.maktoobblog.com/search?s=%D9%82%D9%84+%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8% A7+%D9%81%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6+%D9 %81%D8%A7%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%88%D8%A7&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2011-05-29&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search) في الأرض (http://www.maktoobblog.com/search?s=%D9%82%D9%84+%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8% A7+%D9%81%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6+%D9 %81%D8%A7%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%88%D8%A7&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2011-05-29&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search)فانظروا (http://www.maktoobblog.com/search?s=%D9%82%D9%84+%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8% A7+%D9%81%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6+%D9 %81%D8%A7%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%88%D8%A7&button=&gsearch=2&utm_source=related-search-blog-2011-05-29&utm_medium=body-click&utm_campaign=related-search) كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ).

إن النخب الثقافية العربية تعى أهمية نقد الوعي الثقافي وتدرك خطورة أزمة الوعي الاجتماعي وفداحة معقباته ,مثلما تدرك خطورة التواصل مع الثقافة الأوربية المتجاوزة للفكر الديني والداعية إلى قطع معرفي بين الدين والسياسة, رغم أن تلك العلاقة قد تم توظيفها سياسيا منذ عصر صدر الإسلام فى ظلم فادح لنظرية وفكرة الحكم الإسلامية والعقد الاجتماعي الباكر الذي شهدنه سقيفة بني ساعدة غداة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يسمع العالم عن جان جاك روسو باثني عشر قرنا من الزمان

. إن إدراك النخب الثقافية لمدى التطور الأوربي والفجوة الكبيرة الفاصلة بين الغرب والشرق تساهم في تبنيهم لفكرة ضرورة اللحاق بالمجتمعات الغربية ولكن فى إطار ييستغرق النظرية الاسلامية فهما وتمحيصا وتدقيقا ويبرأ بها عما أوذيت به من توظيف سياسي للدين وخلط متعمد بين تاريخ الإسلام وتاريخ المسلمين على اتساع الهوة بين الأمرين وفداحة الضرر من الخلط الساذج والخلط العامد المتعمد الخبيث على السواء .

تلك كانت نقطة توقف معرفية تنويهية لازمة ملزمة قبل دخولنا الى معترك الشرح والتعبير وطرح وجهة نظرنا في قضية العلاقة بين المبدع شاعرا أم قاصا أم رساما وبين جمهور المتلقين المعنيين أساسا بمعطيات ذلك الإبداع على تنوعه ,وفى ذلك نؤكد على أن أركان العملية ُالإبداعية ,إنما تتأسس على أعمدة ثلاث هى المرسل أى المبدع،والمستقبل أى المرسل إليه،والرسالة ونعني بها الخصائص المعنوية والفنية التي يريد المبدع توصيلها إلى المتلقي, وفى إطار ذلك فإن وظيفة المتلقي الافتراضية فكّ شفرات النص وحلّ ألغازه وإضاءة تعتيماته، دون أن يفترض في ذلك المتلقى أن يكون مبدعا يمكنه أن يضيف إلى النص أو يقارعه إبداعا بإبداع، أو أن يقرأه مستكنها ما يريد، وهذه الصلاحية الوظيفة للمتلقى هي أحدث ما انفردت به نظريات التلقي المعاصرة المناهضة لرؤية الفكر الماركسي غير الآبه بالمتلقي والملقي به ضمن الفضاء الاجتماعي الذي يستمدّ معاييره الجمالية من الأطروحات الحزبية والنقابية والنضالية خصوصا مع سيادة فكرة أنّ المؤلف هو وحده من يمتلك الحقيقة الكاملة التي يمليها لاحقا على المتلقين باعتبارهم ذواتا سلبية متأثرة تصدع بما يرى صالحا ومفيدا.
ثم نحت بعض نظريات التلقي المعاصرة الحديثة منحا آخر حين قضت أنه على المتلقى أن يبادل الشاعر إبداعا بإبداع , وذلك أمر يقف دونه تنوع وتباين المستوى الفهمى للمتلقي المؤسس على مدى حظه المعرفى,وعلى خصوصية الرؤى للقضايا الثقافية والمعرفية والمؤثرات العقائدية والاجتماعية ,ومثل لا ينبغى فيه على المبدع ألا أن يخاطب متلقيا معينا ذا ملكات وخلفيات معرفية خاصة, ويبيت على المبدع ألا يقدم تنازلات استرضائية للمتلقى لتمكينه من التفاعل مع العمل الإبداعي أو إدراك قيمته الفكرية والشعورية دون أن يصرفه ذلك عن وجوب السعي إلى ولوج عالم المتلقين بشكل عام دونما تملق أو تدن فكري وذوقي لاسترضاء قليلى البضاعة من المتلقي فى سوق الفهم والإدراك والوعي،لكن وظيفة الإبداع الملزمة والواقية للمبدع من عوالم التيه والالتياث والاضطراب والغموض لابد أن تتحسس مواجع المتلقي وتنشغل بهمومه وتحلق بنفسه وعواطفه وأحلامه إلى فضاءات من المتعة وتنكأ جراحه وتستثيرهمومه دون أن تحرمه من الفائدة والمتعة والغذاء الروحي والفكري, ويبيت عليه كى يدرك تلك الآماد أن يتسلح بمقتضيات الفهم والتذوق والإدراك والتوهج والقدرة على الإيحاء والتأثير. ولكم صفق كثير من المتلقين لقصائد لم تبق في الذاكرة كونها وليدة اللحظة, شحيحة المضمون هزيلة قيمتها الفنية ,على حين لم يعبأ شعراء آخرون ,فبات عطاؤهم لا يعرف سوى مسامعهم وباتوا غامضين تائهين لا عن عمق تجربة وعميق رؤية وواسع فهم وإنما عن تشتت ذهنى واضطراب فكرى ونفسى ,مثل أولئك عافهم المتلقون بعد أن أوسعوهم شعرا ونثرا , فظلوا غرباء يتقاذفون أشعارهم مع أضرابهم ونظرائهم ,تاركين أشعارهم وقصائدهم تنتظر ما لن يجيء من الانتشار والذيوع,على حين توسد الساحات واستلب العقول شعراء تنوعت مذاهبهم ومناهجهم الشعرية لكنهم استبقوا الخصائص الجمالية الإبداعية وعبروا عن ذواتهم الحقيقية ووجد فيهم المتلقون أنفسهم وأحلامهم وإحباطاتهم ومخاوفهم.

على ذلك يمكننا أن نؤكد على أن التوجهات الانطوائية الانعزالية الشعرية غير العابئة بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصعبة ,تفعل فعلها السلبي في جسد الأمة وترهقها بثقلها المقيت وتنأى بها وبأهلها من ذلك الاتجاه الحداثى الذي أسلفنا شرح دعواه وأغراضه لأنها وليدة أو صنيعة بني فوقية أفرزها واقع اجتماعي مادي متردى وصرفها عن الاهتمام بتأسيس مفهوم ومنهج يجعل من الحداثة الثقافية الفكرية وعياً اجتماعياً مشروطاً بضرورات تاريخية حضارية شاملة,لقد غر أولئك الدور الإعلامي الرسمي وحقق لهم امتيازات دعائية ومادية , دونما اكتراث وبنكوص عن حاجات المجتمع التنويرية الحقيقية, وبقيت بذلك تلك التيارات الحداثية العربية متحققة في بعض من عناصر البنى المجتمعية الفوقية, وباتت حداثة نخبوية مقطوعة الصلة مع الجذور غير عابئة بالمفترض من الانتماء الحقيقي الجاد المهتم بمعاناة وهموم وتطلعات عموم المجتمع بشرائحه ومكوناته الثقافية والفكرية,


ولأننا لا ينبغى أن نقع تحت طائلة الخطأ المنهجى العربى الشهير فى تعميم الأحكام وافتقارها للموضوعية,ينبغى أن نشير إلى بعض الحداثيين الذين تشبثت بهم قلوب وعقول المتلقين وفعلت به الأفاعيل واستنفرت هممهم وشحذت عزائمهم وآية ذلك الشاعر الفلسطيني الوطني المبدع محمود درويش كشاعر حداثى واع, أخذ من الحداثة ما أسعفه على القيام بواجبه التنويري المقاوم وأسهم بشعره ومواقفه الحياتية في تأصيل القضية الفلسطينية وحفر أبجديتها وجوهرها في سويداء قلوب وعقول متلقييه, وقاوم بشعره محاولات تغييب الشعب الفلسطيني وطمس هويته إما قتلا وإبادة, وإما تشتيتا ومحوا وإنكارا للوجود والحضور وطمسا للهوية الوطنية الفلسطينية..


غاية الأمر أن العلائق وتوطدها واجب بين المبدع والمتلقي حينها يبوح المبدع بمشاعره وأحاسيسه وتجارييه الشعورية ورؤاه في إبداع موح مؤثر يستثير مشترك المشاعر مع متلقين ويشاركونه ، أما الإبداع الفني فإنه إذا كان معقدا غامضا مغرقا فى ذاتيته مثقلا برسالة لاتصل إلى المتلقي,فإنه يتلظى بتجاهل المتلقين ويكتوى بغرابته وقد ينكفئ على نفسه أو يسعى لاستدراك ما فاته وما ارتج عليه فهمه فيئوب الى ضائع وعيه ومفتقد دوره ,ومثل هذا التمرد الشعري قد أسهم إلى حد ما في خلق أزمة تعبير عانت منها القصيدة الجديدة وهذه المعادلة باتت جزء ا من أزمتها الشعرية المعاصرة المتمثلة فى استغراقها المطلق فى الرمز والتضمين والانكفاء على البعد الثقافي أو التجريد وإبحارها العميق والبعيد في متاهات التعقيد والغموض ولكن هل وفقت القصيدة العربية باتجاهها المتمرد هذا إلى خلق لغة شعرية معاصرة تستطيع أن تخاطب وجدان هذا العصر,هذا ما يعجز الواقع عن الرد عليه بالإيجاب،
يبقى القول أن ما خلصنا إليه ليس وليد تقوقعنا وتقعرنا وإنما قد خلص اليه ونادى به سابقون لنا من عرب وغربيين ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الروائي الانجليزي الشهير( د. هـ. لورنس) فى رؤيته لدور الأديب روائيا كان أم شاعرا الذي أجمله فى جملة كافية جلية واضحة يقول فيها (إن الفنان الحقيقي قائد روحي لمجتمعه وإن رسالته هي كشف سر الحياة وخلق إمكانية جديدة عبارة عن عنصر غريب في الحياة) أما الجم الغفير من شعراء ونقاد غربيين معاصرين وكثيرهم من الإنجليز في العقدين السادس والسابع من هذا القرن الذين أبان تواترهم عن وجود اتجاه جديد من الشعراء الشباب مثل (براين باتن، وأوريان هنري،وغيرهم ) تبنوا الدعوة إلى العودة بالشعر إلى ينابيعه التلقائية الصافية محتجين على الإسراف في الغموض والاستعراض المعرفي والتطرف واستعمال الرموز الأسطورية والتاريخية ناصحين الشعراء إلى التفاعل مع واقع حياتهم الاجتماعية وأفراح الناس وهمومهم وضرورة العودة بالقصيدة الإنجليزية إلى البساطة والواقعية ,وتبقى دراسة وتطبيق ومنهجة وتاريخية الحداثة الأدبية في القصيدة العربية وتغليب المؤثرات الأجنبية في اعتمادها الخاطئ المسرف وسعيها المحموم إلى درء تهمة الشعور بالنقص الإبداعي وإخلاص المستميت دونما تمحيص وروية في تبيانها والدفاع عنها والانحياز التام لها، وإلباسها قسراً بالواقع التحديثي العربي المعاصر على حساب إغفال وطمس الكثير من الملامح المحلية وتأصيل مميزات الهوية القومية, وتتشبث باعتبارها بعض أساليب ومفاهيم وتنظيرات الحداثة غايات حاسمة, ووثيقة عتق من إسار تراث بغيض وشهادة إثبات لحسن السلوك والرؤى التجديدية الآخذة بالمجتمعات العربية والإسلامية التقليدية من وهدة التدنى والتخلف والتراجع والجمود إلى آفاق الحداثة وما بعد الحداثة والانطلاق بنا إلى الغرب المنتظر المترقب الشغوف المكتوى على حر جمره بتخلفنا وتراجعنا وتلعثمنا ,الآخذ بأيدينا الى موكب المسيرة الإنسانية الراقية ,وتلك لعمري من آيات الغفلة وفادح الغواية المتبالهة المتناسية لتاريخ سحيق من السعي الغربي اللاهث إلى التوسد والسيطرة والاستئثار بشعوبنا وتراثنا وهوياتنا, إن ذلك التاريخ يضج بأنات الملايين من الضحايا وآهات الموجعين المثقلين الذين أوصدت إمامهم القلوب قبل العقول... ,آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أ /د عبد الحميد سليمان
الدمام 29/5/2011 م ,الثانية عشر مساء

albujairami
30/05/2011, 05h47
الأستاذ الدكتور/ عبد الحميد سليمان
لا يسعني إلا أن أبدي إعجابي . و المقال شديد التركيز - على المعنى المستعمل في الحليب المركز مثلا - و هذا يثير عدة تساؤلات.
يمكن اختزال أزمة الكتابة الشعرية الراهنة، في سقوط المعيار وانتفاء البوصلة، الفكرية والفنية والتاريخية الموجهة والهادية للا بحار الشعري، فكيف ترى أن يتم ّ الإصلاح ؟

عبد الحميد سليمان
30/05/2011, 17h37
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى الكريم الأستاذ رأفت البيجرمى...سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...وبعد
أشكر لكم طيب تعليقكم وأرجو لكم من الله الصحة والعافية فى الدين والبدن والأهل والوطن والى لقاء قريب ان شاء الله فى موضوعات وكتابات وإبداعات إن وسعتنا الظروف وطالت بنا الحياة وتقبل تحياتى اليك والى كل من ينتمى أو يزور هذا المنتدى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته

albujairami
30/05/2011, 19h14
الجوهر في الشعر هو الاستجابة الأولى والأخيرة لنداء الذات وايقاعها.
و هذا يعني أنه يصدر ممتزجا بثقافة الشاعر و انفعالاته . و الثقافة تختلف باختلاف الأشخاص . فإن كان الشاعر يعبر عن أحاسيسه الشخصية فهل عليه أن يعتبر قدرات المتلقي حتى و لو كان موضوعه ذا خصوصية ؟ أنا أرى أن الشاعر إن كان يخاطب المحبوب ،مثلا، فإن عليه مراعاة ثقافة و وعي المحبوب . و لكن إن لم يكن من مخاطب ، و كان الشاعر ينفث ما يجد ، فما عليه أن يراعي متلقيا لانتفاء ذلك أصلا .
أرجو إجابتي على هذا التساؤل

ساري الليل
14/06/2011, 21h42
أخي الأديب السامي \\ عبدالحميد
موضوع راقٍ جدا وعميق الأثر ، ومتناهي الأهمية فكريا وتطبيقيا ونهجيا
راق لي المكوث هنا .رخ لأمته.
وإنّ الشاعر الحق هو بالفعل من يعبر عن أمته وتاريخها وواقعها ومختلف أحداثها
فالشاعر لا يؤرخ ولا كتب عن نفسه بقدر ما يؤرخ لأمته
وإن التزود من ينابيع الثقافة الشعرية الأجنبية لهو اليقين للتخلف الثقافي

سلم البنان
والبيان

تحيتي وتقديري