المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعريف مجمل بالموسيقى الكويتية


بو بشار
24/04/2011, 19h32
** تعريف مجمل بالموسيقى الكويتية **

بقلم الاديب زكي طليمات - الكويت مايو 1966


تتضمن هذه المجوعة التي تحمل عنوان " ألحان من الكويت " ثماني عشرة مقطوعة تؤلف بألوانها المختلفة باقة من الموسيقى الكويتية ، هذا ولكل مقطوعة منها دلالتها في التعبير الموسيقى والاجتماعي ، ولكل مقطوعة مذاقها الخاص وأثرها في التطريب ، والموسيقى الكويتية موسيقى شرقية وذلك بحكم السلالة التي تنمي إليها ، وهي أيضا موسيقى عربية ، باعتبار الإقليم الذي نشأت فيه وأخذت طابعها منه ، وهي بهذا وبذاك تختلف عن الموسيقى الغربية.


نشـــأة عــــربيـــة

والمتقصى مدارج الموسيقى الكويتية في جذورها ، يعرف أنها ألحان وضروب عربية بدائية ، مما ينشده الرعاة ، ويرجعه الإبل ، وتردده حلقات الأنس والترويح الجماعي على إيقاع الدق باليد وبالقدم ، ألحان شعبية مما يعكس حياة البادية.
وفدت هذه الألحان والضروب مع الوافدين من قبائل الجزيرة العربية الرحل ، ثم سرعان ما تزاوجت بما كان قائما في هذا القطر ، وهو لا يختلف كثيراً عن الوافد عليها بحكم انه قطر عربي ، إلا أنه يزيد عليها ألحانا وضروبا عريقة في القدم تعكس لونا من الحياة ليس مألوفا في البادية الخالصة ، وأعنى به حياة البحر ، لان الكويت بادية وبحر ، وليست بادية فحسب ، بل أن البحر فيها يؤلف المصدر الأول للرزق والمجال الحيوي للعمل ، وذلك قبل أن ينبثق البترول فيها أخيرا.


طابع اقليمي


وكان أمرا تقضي به سنن التطور ، أن أخذت هذه الوافدات الموسيقية العربية تتأقلم تدريجيا بالبيئة الكويتية ، واهم عناصرها البحر كما أسلفت ، ثم تتأثر بعد ذلك بالتيارات الأجنبية الوافدة ، حتى استقام لهذه الموسيقى طابع إقليمي تتميز به عن الطابع الإقليمي للموسيقى في مختلف الأقطار العربية.

والطابع الإقليمي للموسيقى العربية ـ وشأنه في هذا شأن اللهجة الإقليمية او العامية في كل قطر عربي ـ هو حصاد التفاعل بين العناصر العربية الأصلية الوافدة ، وبين عوامل الطبع والمناخ ، والطبيعة التي تتألف منها بيئة الإقليم.
وأمر هذا التفاعل ملموس ومشهود ومسموع في اللسان العربية الفصيح ، بعد ان امتدت الفتوحات الإسلامية فشلت بقاعا واسعة من الأقاليم غير العربية ، وهي أقاليم كان لكل منها طابعة الخاص وبيئته الخاصة ، فكان ان انشعبت من اللسان العربي الفصيح ، لهجات إقليمية عدة ومختلفة ، إلا ان هذه اللهجات وان اختلفت في الملامح الظاهرة ، فإنها لا تختلف في الأصل والجوهر.

هذا ولا يتم التفاعل والامتزاج ثم التبلور ، دفعة واحدة بين العناصر الأصيلة والوافدة ، بل هو يتم تدريجيا ،وعلى مدار الزمن ، ومن غير وعي ، وله في كل حقبه زمنية وجه وملامح.

ويمكننا مع كثير من الحذر ، ان نسجل ثلاث مراحل رئيسية تقبلت فيها الموسيقى الكويتية في مجال التطور المحتوم ، وهي :

أغاني البحر.

التلحين وصناعة الإلحان.

المرحلة الحديثة.

وتكاد هذه المراحل الثلاث تؤلف انعكاسات لتطور الحياة نفسها في الكويت ، بل هي لدى علماء الاجتماع صفحات من تاريخ الكويت كما سنبين فيما بعد.


اغاني البحر


البحر في الكويت عامل ذو فاعلية في تكييف الحياة عطاءً وأخذاً ، إذ هو يستغرق القسط الأوفر والأهم من نشاط الأهالي ويمتص مشاغلهم القائمة وآمالهم المستقبلة ، هذا في حين أن البادية لم تكون تعطي الكثير من الخيرات ووسائل كسب العيش قدر ما يقدم البحر.

ومن هنا تأتي أن انزوت ، بعض الشيء ، مظاهر التعبير في حياة البادية لم تكن تعطي الكثير من الخيرات ووسائل كسب العيش قدر ما يقدر البحر.

هذا ومن المعلوم إن تقاليد الحياة في البادية ، لا تحبب إلى سكانها مغادرة مضارب خيامهم والاختلاط بأهل الحضر ، الذين يركبون البحر ويتخذونه شغلهم وهمهم الأول .

فلا عجب ، والحالة هذه ، أن استأثر البحر بالتعبير الموسيقى وأن تناولت هذه الموسيقى وأن تناولت هذه الموسيقى حياة السفن والبحر في مختلف المراحل ، منذ بداية بناء السفينة ودهنها بالشحوم ، وتركيب أشرعتها إلى إنزالها الماء ، إلى توديعها وما تحمل قبل ان تضرب في عرض البحر ، إلى استقبالها وهي عائدة بالخيرات هذا إلى جانب حياة البحارة في قلقهم وحنينهم ومخاوفهم ثم في استبشارهم ولهوهم وأمنهم ، بل يكاد كل ركن من الحياة البحر والغوص يظهر بأغاني وضروب خاصة به.

وأغاني البحر في الكويت كلها شعبية ، مجهولة أسماء ملحنيها وكتاب أشعارها فهي تدخل رحاب الشعبية الفولكلورية من الباب الواسع.

وهي أغاني بدائية في تلاحينها إذ تقوم الأغنية على الجملة الواحدة التي تتكرر وتتكرر بين إنشاد منفرد أو أنشاد جماعي أو تتألف الأغنية من عدة جمل إيقاعية خالصة ولا تستعين بالنبر الصوتي على التعبير والتأثير بل هي تحقق هذا وذاك عن طريق تضخيم هذه الجمل الإيقاعية بالدق على آلات الطرق الشديدة الصوت ، كالطبول الكبيرة ، والمزاهر ، والجلاجل النحاسية والصاجات مع مصاحبة الدق بالأيدي والإقدام.

ويقع أن تكون لآلة نفخ بدائية كالمزمار الخشبي ( الصرناي ) ?أو لآله وتريه مثل ( الطنبوره ) مشاركة في هذا العزف الصاخب ، إلا أنها مشاركة إضافية ليست بذات بال ، كما هي الحال في المرحلة البدائية للموسيقى الشعبية في أي قطر من الأقطار إذ تكون الغلبة للإيقاع وآلاته الصاخبة المدوية.


تيارات من الخارج


في هذه المرحلة ، مرحلة أغاني البحر واستئثارها بالتعبير الموسيقى وفدت ألحان وضروب من الخارج من أقطار غير عربية.

فعلى البحر كانت تسير سفن الكويت تحمل اللؤلؤ المستخرج من قاع الخليج العربي كما تحمل تمر العراق إلى الهند وإلى الصومال وشرق أفريقيا... ومن البحر تعود تحمل فوق ما تحمل من أوثاق الخشب والحبال والتوابل الحان الزنوج وموسيقى الهنود في ضروبها المختلفة.

وبهذا ومنذ البداية ، قام تزاوج مشروع بين الألحان العربية الكويتية ، وبين هذه الوافدات الموسيقية من الخارج إلا أن انطباع الألحان العربية الكويتية بموسيقى الهنود ، كان أكثر عمقا وأبعادا من انطباعها بالضروب الزنجية.

بل لقد ازدادت هذه الموسيقى الكويتية ثراء بعدد من الآلات الموسيقي الهندية ، أهمها المرواس ، والطبل الكبير ، والصاجات النحاسية والصرناوي.


مرحلة صياغة الالحان


وكان أمرا منطقيا والتطور من منطق الأيام ومن شأنه أن يغير من معالم الكائنات إلى ما هو أفضل أن تخطو هذه الأغاني الشعبية وان تفارق مرحلتها البدائية المرتجلة ، لتستقبل مرحلة المحاولات الأولى في التقيد بالقواعد وبالنظم الموسيقية العربية العامة.

وكان أن بدأ عهد لصياغة الالحان طبقا للقواعد السليمة في الموسيقى العربية وظهرت معالم جديدة في التلاحين فصارت تتألف من جملتين أو أكثر من الجمل الموسيقية.

ومن جهة أخرى استقام المزج بين الالحان الهندية والأصوات الكويتية على منوال فني لطيف قضى على ما كان يسود هذه المزج في أكثريته من تنافر لا ترتاح له الأذن وهي تنتقل في وقت واحد بين صوت هندي وآخر عربي وبالعكس.

ويمكننا ان نعتبر هذه المرحلة بداية عهد التقعيد للموسيقى الكويتية وانتقالها من الارتجال إلى تنظيم وعصر غلبة الالحان الهندية على الإنتاج الموسيقى ، كما تؤرخ هذه المرحلة بنهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحاضر.


المرحلة الحديثة


وهي المرحلة المعاصرة ... ويصح أن نجعل الحرب العالمية الثانية بداية لها في هذه المرحلة أخذت الموسيقى الكويتية ميلا أكثر وضوحا نحو الاندماج في المحيط العربي العام ولكن من غير أن تفقد رواسبها الأصيلة والعريقة مما أشرت إليه..

وأبين ما يميز هذه المرحلة ان الناحية العلمية ـ والموسيقى مثل سائر الفنون علم وفن ـ تحاول الآن أن تفرض حكمها على بعض الإنتاج الموسيقى من حيث التلحين والتوزيع على الآلات ثم من حيث التدوين الموسيقى ، وذلك بتأثير الدراسات المختلفة في صياغة الالحان وفي العزف ، وبفعل تقدم الوعي الموسيقى العام لدى الجمهور وقد حطمت الإذاعة منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن ، الحدود القائمة بين أقطار الشرق العربي وبين ما وراءها وجعلت الموسيقى في مختلف أنواعها وضروبها وقيمها مثل الهواء في متناول كل الحواس ، هذا وإلى جانب تقدم هذا الوعي ، فان جهودا تبذل من جانب رجال وشباب تثقفوا ثقافة موسيقية علمية ، لآن يضعوا الموسيقى الكويتية في المنهاج السوي.

كذلك تعددت آلات العزف ، في الفرقة الموسيقية وخصوصا الآلات الوترية ( ذات القوس ) بعد أن كانت الغلبة في العزف لآلات الطرق وتضخيم الإيقاع.

إلى جانب الأغاني التي تعتمد على الصوت في التطريب ويكون فيها العزف الموسيقى تابعا للغناء وخادما له ، قامت معزوفات خالية من الغناء ، هي موسيقى خالصة في حد ذاتها وفي مقدروها أن تحيي عامل التطريب والهزة بقوة صياغتها وحبكة لحونها وتعدد ضروبها.

وهذه المعزوفات هي بالطبع غير المعزوفات العربية والتركية القديمة كالسماعيات والبشارف وما إليها التي ستنحدر وياللاسف نحو المغيب ما لم يتداركها الموسيقار الموهوب بالتجديد والتطوير والمعنى المباشر لقيام العزف الموسيقى المنفرد بذاتها من غير نغمات صوتية تصاحبه ، أن هذا العزف يحاول أن يعيش بذاته وان ينهض بكيانه الموسيقى العام بعد ان كان ضئيلا في بنيته ولا يتجاوز ان يكون ( لزمات ) ( وحواشي ) للجمل التي يغنيها المغني.

وهذه المعزوفات ما برحت في مراحلها الأولى ولا تزيد عن أن تكون مقدمات لبعض التلاحين الحديثة أو هي تجئ بذاتها ولذاتها في صيغ مختلفة ولكن لم تتبلور لها بعد قوالب موسيقية ذات معالم واضحة وإبعاد محسوبة ، كما هو شأن المعزوفات في الموسيقى الغربية ، التي تجئ في قوالب مثل ( السوناتا ) ?و ( الكونشيرتو ) و ( السيمفونية ).


تطوير الأغاني الشعبية


وفي السنوات الاخيرة قام في الموسيقى الكويتية اتجاه واضح نحو تطوير بعض الأصوات الشعبية من أغاني البحر وغيرها وإبرازها في تلاحين فنية تنفق وروح في مواجه العام وفيما انتهى إليه تطور الموسيقى العربية عامة.

وإذا صح أن تتجاوز عن تناول الناحية العلمية والفنية الخاصة بتطوير هذه الأصوات الشعبية وذلك من حيث حرفية الصياغة ثم من حيث مقارنتها بالأصل المنقولة عنه باعتبار انه تناول يتطلب مناقشة فنية خالصة قد يضيق بها غير أهل الفن المشتغلين بالتلحين والتأليف الموسيقى اذا صح هذا فانه لا يصح بأية حال ان نغفل تناول هذا الاتجاه من ناحية دلالته القومية.

ان عودة الكويت إلى تراثه العريق يستلهم موسيقى حديثة من ألحانه وإيقاعاته القديمة التي تحمل في طياتها خصائص التربة الكويتية ، انما هو إحياء للطبع الكويتي وبعث لمميزاته ، ورغبة لا شعورية في ان تكون لنهضة الكويت الحديثة دعامة ترتكز على الماضي العريق ، وجسور تربط بينه وبين ماهو قائم ومستحدث.

وليست هذه الرغبة ، وقد جاوزت التفكير إلى حيز الانجاز بالأمر المستغرب ان الكويت تستكمل يقظتها وتحس ذاتيتها وتحاول جهدها أن تجعل وثبتها نحو التحضر أمرا منبثقا من طبعها الأصيل ومن محيطها الإقليمي أكثر من ان يكون مجرد انتحال طقوس اجتماعية واستعارة أوضاع علمية وفنية.


التعبير الاجتماعي للموسيقى


وهكذا يجئ هذا الاتجاه الأخير في الموسيقى الكويتية وكأنه انعكاس لوجه من وجوه الروح القومي والشعبي الذي يخفق به وجدان الكويت اليوم ولا عجب فان الأغنية أو المعزوفة الموسيقية كلتاهما تعتبر بحق ثمرة حياة اجتماعية.

ولو أننا أخذنا بمراجعة الأغاني الكويتية في مراحل تطورها السابقة الذكر على ضوء هذه الحقيقة الاجتماعية فأنه لا تلبث أن تطالعنا صفحات من تاريخ الكويت في حياة ناسه لان الموسيقى ليست مجرد الحان وضروب للترفيه وللاستثارة الوجدانية وما إليهما وإنما هي في صميمها تصوير بالنبر الصوتي وبالإيقاع عما تجري به الحياة في شعب من الشعوب وشأن الموسيقى في هذا الأمر شأن الأدب وشأن الفنون التشكيلية التي تؤلف تاريخ الإنسان.


موسيقى العرق والصراع


فحينما كانت الحياة بالكويت في حالتها البدائية وذلك قبل ان تأخذ بأسباب التحضر ولم تكن الحياة قد تأثرت بعد بعامل السرعة الذي فرضته السيارة والطائرة وكلتاهما تمرق كالقذيفة أيام كان البحر يؤلف حومة الصراع لكسب العيش وركوب البحر فيه اخطار والغوص لاصطياد اللؤلؤ فيه أخطار فوق اخطار أيام الكد والعرق وشظف العيش كان كل شئ يسير في هوادة ولكنه يئن ويصخب ويؤمل ويتطلع إلى البحر وكانت الخشونة هي طابعة العام.. فلا عجب ان جاءت أغاني البحر.

أصدق مرآة لتلك الحياة أغاني البحر بأنغامها المليئة بالحنين إلى الأرض وبالتطلع إلى المجهول فوق الماء وتحت الماء ثم بإيقاعاتها الصاخبة الشديدة وهي تتكرر وتتدافع مدوية وكأنها تغري كل كائن بإن يندفع وأن يجرؤ ويخاطر.

وأسوق أغاني البحر على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر باعتبار ان هذه الأغاني تلخص حياة الرجل في جهاده لكسب العيش في قطر لا تيسر أرضه وحدها كل مقومات العيش فهي بحكم ذلك أصدق تعبير عن روح ذلك العهد.

وحينما استتب الأمر بعض الشيء وأخذت أسباب العيش بفعل ازدهار التبادل التجاري بين الكويت والخارج وحينما اخذ الذهن بتأثير ما تقدم يراجع الواقع ابتغاء تحسين حاله ، اذ بنا نجد الأغاني الكويتية وقد لمستها أنامل الشاعر الموسيقار ( عبد الله الفرج ) تغلب على خشونتها السابقة مسحة من اللطف واللين وخصوصا فيما كان خاصا بمزج الأصوات الهندية بالأنغام العربية ثم في تنحيه الضروب الزنجية عنها.


موسيقى الترف والرفاهية


وبانبثاق البترول تغير وجه الكويت في كل شئ وذلك بعد ان تدفقت عائدات البترول بالكسب الكبير والأموال الطائلة.

لقد تفتحت جميع النوافذ لاستقبال المظاهر الحضارية الوافدة ، فتدافعت إليها الوافدات من كل قطر عربي وغربي تزحم ما كان قائما وتجري تطويره..

بدأ عهد إنشاء دولة بمنظماتها وأجهزتها...

تفتحت أبوب لكسب العيش لم تكن قائمة من قبل ففقد البحر أهميته بعد ان كان يؤلف المجال الحيوي الأول.. انتهى الغوص وصيد اللؤلؤ أو كاد وكذلك الحال في التبادل التجاري عن طريق الشراع انقضى عالم البحر بكده وعرقه ، وبخشونته وقسوته بأخطاره ومخاطره.

جاء عهد الرخاء والعيش الهين ومعهما تزحف الرفاهية تعمل على تلطيف أساليب الحياة ، ومعهما يعشش الاستقرار الذي هو أساس في ان تمتد العين إلى أبعد مما ترى إلى ارتياد أفاق جديدة لم تكن معروفة لديها لا أغاني اذا قررت أن ما تقدم يؤلف قطاعات من المجتمع الكويتي القائم وقد أجريت رسم هذا القطاع في خطوط عريضة ومن غير ظلال وهذا القطاع من الصورة نجد له انعكاسا صادقا في موسيقى اليوم اذا أخذنا بالاستماع البصير والتأمل والمراجعة والمقارنة.

ولعل هذه المقطوعات التي تضمنتها هذه المجموعة (الحان من الكويت) توحي إلى المستمع بأطياف من هذه الصورة باعتبار أن هذه المقطوعات قد أجرى اختيارها على أساس ان تكون تعاريف تلحينية بالموسيقى الكويتية القائية لا أكثر ولا اقل.


البحر لا يموت لانه الكويت


واذا قررنا أن حياة البحر قد فقدت الكثير من طابعها القديم على الإنتاج الموسيقي بطريق مباشر بعد ان تطورت الحياة بالكويت على الوجه الذي ذكرت فليس معناه أن البحر قد اختفى نهائيا من وسائل التعبير ، ومن بينها الموسيقى ، وكيف يختفي البحر وهو ملء العين أينما اتجهت في الكويت وله جذور ممتدة إلى أعماق الطبع الكويتي فهو من معتقداتها الدنيوية..

ان البحر ما برح يعيش في موسيقى الكويت ولكن عن طريق غير مباشر اذ هو يعيش وقد شمل التطور بعض لحونه القديمة وعملت فيها الصياغة الموسيقية عملها الحرفي والعلمي ، وذلك في التركيب وفي التوزيع وفي العزف.

وشأن أغاني البحر في هذا الأمر شأن المأثورات الفولكولورية والخدمات الشعبية الخاصة بمختلف وسائل التعبير لا يمكن أن تموت يوما باعتبار أنها من إفرازات الشعب منذ نشأته الأولى ومن طينة أرضه انها خامات لن تفني وإنما هي تأخذ مع التطور الزمني وجوها جديدة بفعل التقدم العام وما يستسيعه المزاج العام.

وان المستمع إلى مقطوعتي ( هولو ) و ( لي خليل حسين ) لا يلبث اذا صفا إحساسه وتيقظ أن يشم رائحة البحر وان يحس إيقاع السفين وهي تمخر في العباب لأن بالمقطوعتين السابقتي الذكر جملا موسيقية من أغاني البحر القديمة مما كان ينشده البحارة في ظل الشراع ، وقد طالت بهم شقة السفر وتملكهم الشوق إلى الشاطئ ...

ان بعض الشئ في هذه الجمل الموسيقية أحسه يعلو ويهبط وهو في الحالتين متماسك الأطراف ويتحرك على إيقاع لا يتغير فيه عمق بعيد وفيه انين لا ينقطع وكأنه الموج وهو يئن تارة ويصخب أخرى بما يحمل من امواه وقد شده الحنين ليدفع به إلى الشاطئ ليتكسر ويستريح.


لهذه الموسيقى غد جديد


والموسيقى الكويتية اليوم وقد بدأت تزحف عليها نفس المؤثرات التي تنسج تأثيرها على الموسيقى العربية في أقطار الشرق العربي التي أخذت بأقساط موفورة من التطور والتقدم بعد ان اعتنقت الحضارة في أساليبها المختلفة ، هذه الموسيقى تقف اليوم في مفارق طريق تنطوح بين القديم والحديث بين الأصيل والوافد عليها وقد يستسيغ المزاج الكويتي في المستقبل ما قد يدخل على موسيقاه من التيارات الغربية ، إلا انه أيّا كان الطريق الذي ستضرب فيه هذا الموسيقى فلن تكون إلا صورة من الحياة التي يعيشها أهل الكويت.

abo hamza
15/03/2012, 15h57
الموسيقى والغـناء في الكويت


للتراث الشعبي الكويتي صفات وسمات خاصة كسائر الفنون الشعبية في الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية ، ومن أهم تلك الصفات عدم تأثر هذه الفنون بأي فن غير عربي حيث إحتفظت بأصالتها وطابعها العربي المميز على مر العصور .

وقد تميزت دولة الكويت عن باقي الدول العربية بإستثناء دول الخليج بالإنفراد بلون من أعرق الألوان الغنائية وهو فن الصوت والذي هو (ضرب ونوع من الغناء العربي عرفه الأولون في بداية نشأة الأغنية العربية) .

والصوت ليس كما يبادر إلى الذهن مثل صوت الإنسان أو الآلة إنما هو لون من ألوان الغناء أطلق عليه هذه التسمية .

ويقول المرحوم د. يوسف دوخي في كتابه (الأغاني الكويتية) لقد كان (الغاء لقرعان) المتوفى سنة 1339ميلادية صفة معروفة في غناء الأصوات في مصر وحفظ كثيرا عن صفي الدين الأرموي المتوفى سنة 1294ميلادية - 693هجرية - ونقل إثر ذلك أصواتا مشهورة نادم فيها الصالح صاحب ماردين والناصر قلاوون فبلغ عنده مكانة عظيمة .

وقد ورد ذكر الصوت في كثير من مؤلفات العلماء أمثال الغزالي والكندي وصفي الدين الأرموي ، وقد أجمع مؤرخوا التراث الشعبي الكويتي على أن (عبد الله الفرج) هو الذي وضع اللبنة الأولى في صياغة تلك المفاهيم بالنسبة للأغنية العربية (الصوت) .

وعند التدقيق في المصطلحات المستخدمة نجدها هي نفس المصطلحات المستخدمة منذ أقدم العصور ، وعلى سبيل المثال :
كلمة (صوت) هي نفس الكلمة الواردة في كتب الأقدمين عن مصطلح (الصوت) بمعني أنه لون من ألوان الغناء .

الـــزفـــن

هو نفس المصطلح المستخدم في كتب الأقدمين بمعنى الرقص ، وكذلك في تسمية الأوتار وقد كانت تسمى : (الزير - المثنى - المثلث - البم) وفي دولة الكويت كانت تسمى أوتار العود (الشرار - المثنى - المثلث - البم) .

الآلات الموسيقية المستخدمة في دولة الكويت

تعتبر الآلات الإيقاعية بالكويت متنوعة وعديدة ومنها :

الطبل الكبير - الطبل النصيفي - الأحجلة , أو (الأحيلة) - المرواس - الطار - المسوندو - الطويسات - الهاون - التصفيق - المنجور - التنكة - جيكانجا - المنحاز - الربابة - العود - السمسمية - الطنبورة - الباتو أو التنكة - العدناوي - الهبان - المنارة - الدكل - بينا .

الأغاني الكويتية

الأغاني الكويتية تشترك في أهم خصائصها اللحنية والإيقاعية مع مثيلاتها من بلدان دول الخليج ، إلا أنها تختلف عن الأغاني العربية والمعاصرة والحديثة (حتى الكويتية منها) .

وتنقسم الأغنية الكويتية إلى ثلاثة أقسام هي :

الأغاني المدنية
الأغاني البحرية
الأغاني البدوية

وتشمل الأغاني المدنية مجموعة من القوالب الغنائية والتي يطلق عليها الإصطلاحات التالية :

الصوت العربي أو (السداسي)
الصوت الشامي أو (الرباعي)
الإستماع
الخيالي الختام
الفن النجدي
الفن الحساوي
الخماري
السامري
اليماني

وتشمل الأغاني البحرية الأنماط التالية :

الساتكي - الشبيئي - لمة الجيب - الفن البحري - الحدادي - المجيلسي - العرضة البحرية ، وغيرها من الأسماء الفنية والإيقاعية الخاصة بأعمال البحارة على سفن الغوص والبحث عن الؤلؤ وعلى السفن التجارية .

أما أنماط الأغاني البدوية فهي :

المسحوب - الهجيني - الأصخري - الهلالي ، ومشتقات هذه القوالب وفروعها كثيرة .

waziza
07/12/2013, 10h55
شيء رائع وعظيم أن تزخر بلادنا بكل هذا التنوع الهائل والثقافي والموسيقي والإيقاعي من الموسيقى والتراث الراقي الحضاري ... شكرا للمجهود الرائع ....

نور عسكر
10/12/2013, 19h08
الموسيقى والغـناء في الكويت





ويقول المرحوم د. يوسف دوخي في كتابه (الأغاني الكويتية) لقد كان (الغاء لقرعان) المتوفى سنة 1339 م صفة معروفة في غناء الأصوات في مصر وحفظ كثيرا عن صفي الدين الأرموي المتوفى سنة 1239 م ونقل إثر ذلك أصواتا مشهورة نادم فيها الصالح صاحب ماردين والناصر قلاوون فبلغ عنده مكانة عظيمة .


تحية أخي العزيز أبو حمزة ..:emrose:
:emrose:
موضوع مميز ومفيد للتعريف والتوثيق لمفاصل التراث والغناء والفنون الشعبية في الكويت منذ القدم ، إذا أمكن أخي العزيز، تصحيح تأريخ وفاة {صفي الدين الأرموي} الى العام 1294 ميلادية ، 693 هجرية .
*والزَفَن ..ورد ِذكرَه عند الأقدمين كما ذكرت حضرتك .. وخاصة في ( كتاب الرقص والزفن) لمؤلفه إسحاق بن إبراهيم الموصلي المتوفي 235 هجرية ، وذَكرهُ إبن النديم وياقوت الحَموي أيضاً، ونص فارمر على ضياعه (H.G.Farmer) وكان أحد الباحثين في مجال التراث والغناء والموسيقى العربية في القرن الماضي .
مع التحيات

abo hamza
10/12/2013, 20h16
تحية أخي العزيز أبو حمزة ..:emrose:





:emrose:
موضوع مميز ومفيد للتعريف والتوثيق لمفاصل التراث والغناء والفنون الشعبية في الكويت منذ القدم ، إذا أمكن أخي العزيز، تصحيح تأريخ وفاة {صفي الدين الأرموي} الى العام 1294 ميلادية ، 693 هجرية .
*والزَفَن ..ورد ِذكرَه عند الأقدمين كما ذكرت حضرتك .. وخاصة في ( كتاب الرقص والزفن) لمؤلفه إسحاق بن إبراهيم الموصلي المتوفي 235 هجرية ، وذَكرهُ إبن النديم وياقوت الحَموي أيضاً، ونص فارمر على ضياعه (H.G.Farmer) وكان أحد الباحثين في مجال التراث والغناء والموسيقى العربية في القرن الماضي .

مع التحيات




شكرا جزيلا أخي الغالي نور عسكر للمرور والتعقيب على المشاركة إضافة لتصحيح بعض التواريخ وتقديم المعلومات التي تخدم الموضوع - وقد تم التعديل والتصحيح على ما تفضلت به مشكورا .
مع تحياتي

:emrose: