المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحـــلتي الى بغــــــــداد . بقـلم محمــد عبـد الــوهـاب


نور عسكر
03/04/2011, 22h23
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=252396&stc=1&d=1301864507

كنت تواقاً لزيارة العراق من كثرة ماسمعت عنه ممن عرفوا اهله وخبروا اخلاقهم ولمسوا مرؤتهم.. وصحتْ عزيمتي على زيارة العراق عام 1932 تلبية لدعوة الكثيرين من كرام العراقيين، واعددت نفسي لهذه الزيارة بأن صحبت معي فرقتي الموسيقية ونوتات اغاني الجديدة، وفي طريقي الى بغـداد قابلت بعض الأصدقاء من السوريين ولما علموا انني في طريقي الى العراق وانني اعتزم ركوب سيارات انكَليزية ثارت حماستهم وأبو عليّ ذلك لأن الواجب الوطني يحتم على العرب جميعاً مقاطعة الشركات الأجنبية ومؤازرة الشركات الوطنية . وكانت هناك شركة سيارات وطنية هي شركة ( عكاشـة رويـشة) وركبت ومعي اعضاء الفرقة الموسيقية احدى سيارات هذه الشركة في طريقنا الى بغداد .وتستغرق المسافة بالسيارات بين دمشق وبغداد 24 ساعة ولكن السيارة التي ركبناها كان بها بعض العطل فكانت تقف بنا في جوف الصحراء كل خمس دقائق لاجراء اصلاحات بها وسارت على هذه الوتيرة حتى قضينا ثلاثة ايام في الصحراء قبل ان نصل الى بغداد، وكان الأستقبال الرائع الذي استقبلني به اهالي بغداد السبب في ان تخف عني متاعب السفر. وهذا الأستقبال جعلني كعربي افخر بهذا الشعب ..انه شعب يتمسك بوطنيته وتهون امامه كل تضحية من اجل كرامة وطنه ومصلحة بلاده.
والعلاقة التي تربط الناس بعضهم ببعض تقوم على تبادل الأحترام والتقدير ويحبون كل ما هو عربي .. هذه هي اللمحة الأولى التي انطبعت في ذهني بعد مضي ساعات قليلة من وصولي الى بـغداد.
اما من ناحية الفن فأنهم يميلون للموسيقى كل الميل ويحبون سماعها في هدوء ومن غير ضجيج وعجيج .. وموسيقاهم في ذلك الوقت كانت مزيجاً من العربية والبدوية ولم تكن الموسيقى الحديثة وقتئذ قد دخلت الفن العراقي .
والتقاليد العربية القديمة كانت ضاربة جناحها على العائلات العراقية، فأنت يومئذ قل ان تقابل سيدة عراقية في الطريق ، واذا سارت المرأة العراقية في الشارع فأنها تسير محجبة من قمة الرأس الى أخمص القدمين بحيث لايرى الأنسان الا شبحاً قاتماً لايظهر منه قلامة اظفر .
واعود الى رحلتي فأقول ان الشعب العراقي استقبل حفلاتي استقبالاً عظيماً لامزيد عليه، وأشتد أقبال الناس على هذه الحفلات وعرفت المسارح السوق السوداء لأول مرة، فقد كانت تذاكر الدخول تباع بعشرة اضعاف سعرها، واحسست ان المتعهد الذي قام بتنظيم هذه الحفلات بالغ في تقدير الأسعار،فقررت أن انظم حفلات أخرى لحساب هيئات خيرية تتولى هي بيع تذاكرها بالأسعار العادية، بحيث كنت خلالها مع فرقتي الموسيقية موضع الترحيب والتقدير .
( مجـلة الراديــو المـصـرية)
* كما هو واضح ومعروفة لديكم، فأن هذه المجلة كانت تنشر أخبار الأذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية .


اعلاه المقال المنشور في مجلة الراديو المصرية بقلم الأستاذ محمد عبدالوهاب (نشر في كتاب "اصوات لاتنسى" عن محمد عبدالوهاب ،لمؤلفه الراحل والناقد الفني والأذاعي سعاد الهرمزي) في بغداد في العام 1987 .
* نأتي على زيارة الأستاذ محمد عبد الوهاب الى بغداد ،وكيف وفق الأستاذ بين حدثين مهمين آنذاك ،الزيارة والمؤتمر الموسيقي العربي الأول 1932 في القاهرة .
* المؤتمرأفتتح في يوم 28آذار(مارس) 1932 وأستمر لغاية يوم 2 نيسان(أبريل) 1932 (سبعة أيام)(أعمال المؤتمر كانت في معهد فؤاد الأول) وغنى في أفتتاح المؤتمر الأستاذ محمد عبد الوهاب أمام الملوك والأمراء والمختصين الذين حضروا الأفتتاح.
* في 1نيسان (ابريل)1932
تم أفتتاح المعرض الزراعي والصناعي في بغداد ،وكان الأستاذ عبد الوهاب مدعوا للحضور وقد غنى في الحفلات التي أقيمت وكذلك غنى أمام الملك فيصل الأول قصيدة (ياشراعاً وراء دجلة يجري) ، طبعاً الأستاذ محمد عبدالوهاب بقيّ شهر في بغداد في دار الضيافة والكائن في محلة السنك-شارع الرشيد ،والتقى مع موسيقين وفنانين من بغداد آنذاك.
* وأنا وجدت ان هناك تقارباً كثيراً في تاريخ ايام المؤتمر الموسيقي ,وتاريخ زيارته الى بغداد ، فكيف تم ذلك ؟ سيما وان الطريق البري الذي سلكه الأستاذ عبدالوهاب كان طويلاً من مصر مرورا بفلسطين القدس ودمشق سوريا ،مروراً بالصحراء لحين وصوله الى بغداد ، ورحلته الشاقة تلك .
وهنا ماكتب في قسم العراق-حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي ) وعلى الرابط ادناه :
http://www.sama3y.net/forum/showpost.php?p=360432&postcount=23 (http://www.sama3y.net/forum/showpost.php?p=360432&postcount=23)

__________________________________________________ __________
* ملاحظة :
ورد في المشاركة/ 14 ( أعمال محمد عبد الوهاب بصوته من الثلاثينيات) ،وللأستاذ سماعي خطأ المعلومة المدرجة في أغنية (ياشراعاً وراء دجلة) حيث ذكر( عيد جلوس ملك العراق فيصل الأول 1933). أنتهى
* زيارة الأستاذ محمد عبد الوهاب الى العراق نيسان(ابريل)1932 ، ولحضور أفتتاح المؤتمر الزراعي والصناعي وأقامة الحفلات ، وليس لعيد جلوسه. ( الملك فيصل الأول ملك العراق بويع وأختير ملكاً وجلس على العرش في 23 آب(أغسطس)1921 .

مع التحيات .