المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكريات في ذكرى رحيل أم كلثوم


Sami Dorbez
23/12/2010, 12h04
ليلة الامتاع والمؤانسة في حفل أمّ كلثوم


على ركح «أطلال »تونس الخالدة








بقلم: عبد المجيد الساحلي

Sami Dorbez
23/12/2010, 12h05
في شهر فيفري من مطلع سنة 1975 رحلت عن دنيانا سيدة الغناء العربي أم كلثوم لتلتحق بدار الخلد بعد أن ملأت الدنيا ابداعا وشغلت الجماهير العربية من المحيط الى الخليج أنسا وامتاعا.


وإذا كانت للشمس كسوفها والقمر خسوفه فأنّى لكوكب الشرق أم كلثوم أن تختفي وراء سحب النسيان ويلفها ضباب النكران وصوتها وماثرها الغنائية والسينمائية ملء السمع والبصر؟



ولئن فارقت الروح جسدها الفاني لتغادر هذه الدار الفانية فإن كوكبها الدري مازال جوابا للافق الارحب بفعل مفعول ذلك السحر المبين في الملايين من عشاق صوتها السرمدي وأدائه الأمين لذاك المتن الشعري المتين المدبج لقصائدها العصماء بدءا برائعة «وحقك أنت المنى والطلب» الى «أراك عصي الدمع» مرورا «بالاطلال» الخالدة وخاصة تلك التي شدت بها في حفلها التاريخي ببلادنا في شهر جوان من سنة 1968 بقصر القبة بالمنزه.



لذلك سأقتصر في هذه الذكرى على استذكار ليلة الامتاع والمؤانسة التي قضيتها في ضيافة أم كلثوم بعد أن نالني شرف مرافقتها من خلال تلك الشارة الخاصة بثلة من الصحفيين التونسيين المكلفين بالتغطية الاعلامية لزيارة سيدة الغناء العربي لبلادنا ذات صيف من سنة 1968 مثل المرحوم الهادي العبيدي (1985 ـ 1911) عن جريدة «الصباح» والمرحوم محمد السقانجي (1991 ـ 1938) عن جريدة «العمل» (الحرية الآن).



واذا كان عنترة العبسي قد قالها صراحة في معلقته الشهيرة:

هل غادر الشعراء من مردهم

أم هل عرفت الدار بعد توهّم

فماذا عساني أن أضيف لتلكم الاصدار�font-family:Tahoma'>«دم في علاك فحاسدوك حطام» حولت فعل دام في الامر الى دم ايقاعية.

Sami Dorbez
23/12/2010, 12h06
الاطلال التونسية الخالدة





واذا كنت اشرت آنفا الى تلك الليلة الليلاء التي تعد ليلة من ألف ليلة وليلة فقد زانتها أم كلثوم ذلك الكوكب الدري بادائها الساحر لرائعة« الاطلال» التي ابدع في صياغتها اللحنية عملاق الطرب عند العرب رياض السنباطي.

وبقدر ما ترتفع نشوة الطرب عند سيدة الغناء العربي بقدر ما تزداد حرارة الجماهير التونسية والعربية القادمة 㺷ت المعيارية التي دونت بماء العين السيرة الذاتية العطرة والمسيرة الابداعية المظفرة لسيدة الغناء العربي الذي وفقت في توحيد الشعوب العربية ليلة الخميس الأول من كل شهر للاستماع والاستمتاع بالروائع الخالدات لفطاحلة الشعراء والادب واساطين التلحين والطرب وقد أكد ذلك أعلام الاعلام في الغرب قبل العرب لذلك ساقص هذا الركن على مجريات الاحداث التي حفت بزيارتها الميمونة لبعض المعالم الحضارية لبلادنا تونس الأنس بلدي الآمن الأمين.

وكانت الزيارة الأولى الى جامع الزيتونة المعمور حيث صلت صلاة الجمعة بامامة سماحة الشيخ مصطفى محسن خطيب الجامع وامام الخمس.

وكانت الجماهير الغفيرة في استقبالها استقبالا حارا يليق بالزعماء والرؤساء وهي زعيمة الغناء ورئيسة الطرب العربي الاصيل.

كما اغتنمت ام كلثوم زيارتها القصيرة الى بلادنا لتتطلع على مخبر شركة النغم التي كان يديرها الزميل الاعلامي الراحل الهادي السقاري بضاحية رادس حيث اصطفت الجموع الكبيرة لتحيتها ورؤيتها عن قرب.

ومن أطرف ما لاحظته اعجابها بصوتين لا ثالث لهما صوت المطربة صليحة (1958 ـ 1914) صوت تونس الأعماق وصوت القارئ الشيخ علي البراق في تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم.

وقد علقت أم كلثوم بقولها إنه احسن من يجود القرآن الكريم برواية قالون المغاربية التي تختلف عن الحلية المشرقية ومخارج حروف (قطب جدن) في علم الاصوات والقراءات السبغ.

ولما قفلت راجعة الى العاصمة أبت إلا أن تدشن النهج الذي خصصته بلدية تونس لأم كلثوم ليحمل اسمها الكريم فكانت في قمة النشوة وهي تزيح الستار على تلك اللوحة البلدية التي كتب عليها شارع ام كلثوم الذي ما زال قائم الاركان على مرمى حجر من قصر البلدية السابق بشارع قرطاج.

Sami Dorbez
23/12/2010, 12h07
محمد الجموسي في دور القهواجي




أمّا السهرة فقد خصصتها أم كلثوم الى الاستماع الى الفنان محمد الجموسي الذي كان قد عرفته في الاربعينات من القرن العشرين عندما استقر بالقاهرة بدعوة من عميد المسرح العربي يوسف وهبي فمثل في بعض الافلام المصرية تحت اسم (محمد التونسي) ولحن للمطربة المصرية شافية احمد تلك الثنائية الغنائية (وينك يا غالي).

لكن الجموسي فاجأها بأغنية طريفة ذكرتها بلوحة الصنايعية للعملاق سيد درويش المأخوذة عن ذلك المثل المصري «سبع صنائع والبخت ضايع» ذلك ان مهنة القهواجي تعد صناعة لها نواميسها ولها روادها فكان الجموسي ذلك الشاعر الذي رسم بالكلمات دور ذلك القهواجي:

«قهواجي قهواجي

هـات لي قهيـوة

سخونة سخونـة

سخونة حليوة»

وللامانة الفنية اشير الى كلمة «يدور» لا وجود لها في المتن الزجلي الاصلي لتلك الاغنية «قهواجي يدور» وانما عوض ذلك الفعل بالدم الايقاعية

«قهواجي (دم) قهواجي (دم) هات لي قهيوة».

كما اعجبت باللوحات الراقصة للراحلة زينة واختها عزيزة والفنان الشعبي الهادي حبوبة وعزف امير الكمان رضا القلعي. واذا كان الشيء بالشيء يذكر.

فإنّ هذه (الدم) الوقع القوي في الوحدة الايقاعية يذكرني بقصيد:

كما أن استاذ المرحوم الهادي العبيدي (1985 ـ 1911) الذي كان حضر ذلك الحفل رفقة زميلي من جريدة «العمل» (الحرية اليوم) المرحوم محمد السقانجي (1991 ـ 1938) كان مشدود الاعصاب وقد تعكر مزاجه وهو الموسوم بالعصبية المفرطة جراء ذلك الهتاف الشديد والصفير العنيد للجماهير قبل انتهاء القفلة.

لكن ذلك لم يحل دون تالق ام كلثوم التي كانت (منبسطة) غاية الانبساط كما يقول المصريون فأعادت أداء كل مقطع من مقاطع تلك القصيدة العصماء وخاصة مذهبها «هل رأى الحب سكارى مثلنا».

Sami Dorbez
23/12/2010, 12h08
وكلما أعادت وفي الاعادة افادة إلا وازدادت الاضافات الابداعية التي جعلت (اطلال تونس) تحفة الموسم خالدة لا تغتالها صروف الزمان ولا تغتابها غوائل النسيان ولا ادل على ذلك من أنني وجدتها متعة اشعاعا عجيبا عندما زرت القاهرة في السنة الموالية سنة 1969 لحضور الاسبوع الثقافي التونسي الذي انتظم في خضم الاجواء الاحتفالية الكبرى تخليدا للذكرى الالفية لتأسيس القاهرة المعزية نسبة الى الخليفة التونسي المعز لدين الله وعضده الأيمن جوهر الصقلي.



من ذلك ان الجمهور المصري لم يعد يقتني إلا النسخة أو الرواية التونسية لرائعة الاطلال التي غنتها أم كلثوم بتونس سنة 1968.



كما غنت أم كلثوم في حفلها التونسي رائعة بليغ حمدي «بعيد عنك حياتي عذاب» وتحفة موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب «فكروني».



ومعلوم ان زيارة ام كلثوم لبلادنا سنة 1968 تندرج في نطاق جولتها الفنية لبعض الاقطار العربية جمعا للأموال الخاصة بالمجهود العربي اثر نكسة 1967.



وهكذا تخلع ام كلثوم عنها جبة الخيانة التي البستها بعض الجهات المناوئة والتي تساءلت في استفهام انكاري عن عجوز في الغابرين تتصابى وتغني «خذني بحنانك» وتغضت عنها تهمة التخدير ووصفها بذلك الافيون الذي خدر الشعوب العربية بغنائها الغزلي الساحر وبادرت باداء الاناشيد الوطنية التي تخلد القضية الفلسطينية العادلة ولم تقبع في عقر دارها لأن الجلوس على الربوة اسلم وانما احكمت جهدها الجهيد واجتهادها السديد في رحلتها التضامنية الفعالة لمحو اثار النكسة من خلال جمع الاموال ورصدها في مشروع المجهود الحربي واعادة اعمار ما دمرته حرب جوان 1967 فهفت من غفوتها لتبعث روح النخوة والشهامة في الامة العربية وابطالها وتمجيد امجاد روادها من المجاهدين الصادقين والمناضلين المؤمنين بعدالة القضية العربية النبيلة واصالة حفارتها الجليلة.

Sami Dorbez
23/12/2010, 12h08
طرفة حول مصطلح «الحشيش»

أما عن ذكرياتي مع اعضاء الفرقة الموسيقية العتيدة التي رافقت ام كلثوم في وصلاتها الغنائية فلعل اطرفها ما حدث من لبس بشأن مصطلح «الحشيش» وحقله الدلالي في اللهجتين المصرية والتونسية.



حدث ذلك بمقر الاذاعة والتلفزة الوطنية حيث اجتمع الفنان الراحل علي السريتي (2007 ـ 1918) وكان انذاك يرأس مصلحة الموسيقى بتلك المؤسسة خلفا للمرحوم نورالدين الفتني الذي توفي منذ اسبوع، فطفق يحدث أعضاء الفرقة، التي تتألف من اقطاب العازفين البارعين امثال عازف القانون محمد عبدو صالح وامير الكمان احمد الحفناوي وعباس عظمة عازف الكنترباص رحمهم الله الجميع واطنب المرحوم علي السريتي في وصف المنصة التي ستعتليها الفرقة وذكر انها ازدانت بالورود وبالحشيش.



وبقدر ما كان الجميع في شبه غيبوبة انتفضوا بسرعة كبيرة عند سماعهم للفظ «الحشيش» وقالو بصوت جماعي: «أمال فين الحشيش يا أستاذ علي؟».

وعندئذ ذكرته وكنت قرب منصة الاجتماع بأن الحشيش عند المصريين يختلف كل الاختلاف عن مفهوم الحشيش في لهجتنا التونسية العامية.



وهكذا رفع الالتباس وأغلب الظن انهم نالوا نصيبهم من حشيشهم حتى يبدعو في العزف المتقن الذي يصل الابداع بالاعجاز.



فكانت ليلة من ليالي الامتاع والمؤانسة في الحفل التاريخي لسيدة الغناء العربي في رحلتها الفنية لبلادنا وقد تميزت بالاطلال التونسية الخالدة.

ثومة 72
29/12/2010, 10h23
الفنان الجميل: فنان الطفولة : سامى دروبز حياك الله ومتعك بالصحة والعافية

ما اجل هذه الذكريات العطرة عن سيدة القلب ست الكل ام كلثوم وما اجمل تحفة الاطلال التونسية الخالدة على مر الازمان واصل فى السرد بارك الله فيك يا فنان الطفولة الجميل