المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جداول أوقات المقامات الموسيقيّة


بحري
20/11/2010, 21h40
السادة الموسيقيّون الزملاء :
بالنسبة لموضوع أوقات المقامات الموسيقية , و مدى أهمّية ارتباطها بالأزمنة والأفلاك والأشخاص , فقد ذكره قوم في الماضي , وزعم بعض منهم, بأنّ له أهمية عظمى , ومكانة جليلة , ينبغي مراعاتها لدى أرباب الصناعة الموسيقية , والمشتغلين فيها , فأصابوا في بعض الجوانب منه , وأبعدوا النجعة في المواطن الأخر.
أقول وبالله المستعان , ومن خلال التجربة والبرهان :
بأنه مما لا شك فيه لمطلع , ولا ريب عند الألمعيّ الموسيقي الفذّ , أن لكل مقام موسيقي مقام , ولكل طبع منه , وقتٌ وزمنٌ يتجلى فيه , وتنبسط أساريره , و بكل سهولةٍ وليونةٍ ومن غير جهد ولا مشقة , ولا عنتٍ ولا تكلّف
والأمر مرهون بمزاج المؤدي , وخبرته الدقيقة , وإحساسه النافذ , سواء كان ذلك المؤدي :
ملحناً أم عازفاً أم مغنياً أم مستمعاً
ام متلقياً , وله التقدير الكامل والتام في أن هذا المقام هو ما يوافق المزاج والإحساس وفي هذا الساعة أم يتنافر معها
فإن طرق مقاما عاطفياً كالكردلّي حجاز كار مثلاً , أو النهاوند أو السلطاني يكاه أو الفرحفزا , وحصل معه الانبساط والسلطنة وكان حاله كمن ركب على سرجه , ونزل في برجه , فعليه أن يُتمّ الاشتغال بذلك المقام حينها , وأن ينتقل منه إلى ما يشبهه من حيث الطابع والملامح والشخصية وأن يبتعد عن متناقضاته
فالنهاوند والكردلّي حجاز كار والسلطاني يكاه والمحير كردي هم مقامات عاطفية وبملامحهم العامة وعناوينهم العريضة , ولا يتناغم والحال , أن يُشرك معهم وفي نفس الساعة ما يتناقض مع شخصياتهم كالسيكاه والراست والماهور وبياتي النوى
وإن طرق مقامات موسيقية خيالية , تعلن ملامحها , وتفصح ألسنة أنغامها ومواضيعها عن :
الماضي السحيق ,والهجر والكآبة , والذكريات الماضية المؤلمة , وبما يذكر بعهد الغابرين السالفين , والمعابد والهياكل والأوابد , واللوعة والأسى , والحرقة والألم
كالحجاز كار مثلاً أو النوْأثر أو أو الشوق أفزا أو الشهناز
ولاحظ من بعدها تمكناً من الغناء , وامتطاء الألحان والجمل وبكل يسر وسهولة ...
فهذا يعني أن ما وقع وكان , هو في وقته وساعته ومحله , فليتابع في نفس المسار والموضوع مع التنوع والثراء فيه , وليبتعد عن أضداده من المقامات المفرحة أو الراقصة أو العاطفية أو التي فيها قوة وصلابة ....
والذي يؤدي مقاما ما , وهو في غير ساعته وزمنه فسيعاني كثيراً , ويكون كمن ينحت في صخر , أو يستنبت الربيع في القفر , وسيعسر عليه التمكن من زمام ناصيته , ويُعيه أمره, ولن يكون له ذلك الوقع في النفس , وقد جرّبتُ هذا فوجدته صحيحاً وصائباً
وبرأيي أن مردّ ذلك للطباع والأمزجة , والمشاعر والأحاسيس ,
ولا أؤيد البتة أخذه عن أصحاب النجوم والأبراج والأفلاك , فقد خاضوا فيه ومما لا طائل منه وبرأيي
ولنكن واقعيين ومنطقيين :
جلُّ ما ذكره القدماء , وتحدث عنه العلماء هو ترتيبهم لجداول قسموا فيها ساعات الليل والنهار على تلك المقامات والتي كانوا يعرفونها حينها , وكل بحسب مقامه وزمنه وبرجه وبحسب السامع والمتلقي , ولكني وبواقعية وصراحة , لا أثق بهذه الجداول ولا أرى لها صحة ولا مصداقية , وقد جرّبت شخصياً إجراء العمل على بعضها وعلى حسب مقتضيات الجدول , فلم أحصل منه على مطلوب ما زعم , وسأسوق لكم تلك الجداول , مع سرد ما ذكروه عنها , ولكن قبل ذلك :
هلمّوا إليّ يا سادة , لنتدارس سويّة ماهيّة تلك الجداول والمزاعم , وما مدى توافقها مع المنطق والعقل :

أولاً : سمعت كثيراً من بعض الموسيقيّين الأدعياء , ممن يحبّون
ارتداء أثواب المعرفة , والتظاهر بأنهم يعلمون علم ما لم يُعلم , وبأنهم يدركون أسراراً في الموسيقى لا يدرك شأوها إلى النوادر والنوابغ , والقلَة القليلة من فئة ذهب معظمها , واندثر أربابها
ولم يبقوا إلا هم , ممن يدركون تلك الأسرار ومنها :
أن عندهم علم بالفلك والأبراج والحسابات وأن مدار الصناعة الموسيقية هو مبنية على ذلك وعلى تلك الحسابات , ثم تراهم يعظمون ويجلّون من يجلس إليهم , إلى أهمية تلك الجداول والعلوم فيها وبأنه
( علم في الموسيقي اندثر من له سابق معرفة فيه ) ولم يبق في المضمار إلا هو , و ممن يدرك علم المقامات الموسيقية وعلم ارتباطها بالبروج والأفلاك والنجوم , ليوحي ويوهم من يجلس قِبلَه ُ بأنه صاحب نفاسة وندرة , وكلها ادعاءات باطلة ومزاعم فاسدة , الغرض منها لفت الأنظار , وجلب الاهتمام , والحصول منها على المنافع , والقعود في الصوامع , ليُشارَ إليه بالأصابع

ثانياً : أن تلك الجداول قد أهملت الكثير الكثير من المقامات الموسيقية , ولم تذكر إلا البعض منها وممن كان معهوداً ومعروفاً في زمانهم , فكيف سنصنع بالباقي , وكيف سيتمّ تصنيفها وعلى حسب توافقها مع تلك الجداول ؟

ثالثاً : اشترطوا على من يؤدي تلك المقامات وعلى حسب تلك الجداول أن يتوافق ذلك مع نوعية الحضور والمتلقين المستمعين
فكيف سيحصى ويدرك ذلك , وهو مما يعجز التعامل معه
فالمغني وحينما سيذهب لحفل ما أو سيعزف على مسرح ما , ولتكن السهرة أو الحفلة مثلا :
ليلة السبت والساعة فيه الساعة العاشرة ليلا , اشترطوا ضمن الجدول المذكور أن يكون المقام فيه هو مقام الأصفهان ويجب أن يكون الحضور فيه هم صنفين فقط :
( المرد والنساء ) والمرد هم الشبّان الأحداث ممّن لم يتعذّروا (أي تنبت لهم لحية )
فقل لي بريك !!
من أين سآتي بحفلي ذلك بأن يكون جمعه من النساء والأحداث
وإن خالفت ترتيبات ذلك الجدول المقدس , وكان الحضور فيه من الرجال أو التجار أوالمشتغلين في الدنيا , فلن يحصل معه طرب ولا سرور , و كما زعموا !!!
أفليس هذا مضحكاً وعجيباً ؟ ويندهش له عقل كل موسيقي لبيب !!
وأما إن كانت الساعة السابعة ليلاً , أي ليلة السبت :
فعليك أن تشتغل على مقام العشاق , وينبغي أن يكون الحضور في الحفل مقتصراً على جماعة ( العلماء وأهل الديانة )
ويا ترى ؟ على أي عشاق يرمون ؟ هل هو مقام العشاق المصري أم مقام العشاق التركي , والمعلوم أن الفرق في كلا المقامين هو كبير وشاسع
ثالثاً : هل يتوجب حينها على المطرب أو العازف أن يدرس ماهية ونفسية السامعين و الجلاس ثم يسألهم فرداً فرداً عن عملهم وعن أحوالهم ثم يقرر بعدها أي مقام موسيقي سيتداول ويطرح ؟
أم سيختار زبائنه وجمهرته ومستمعيه , ثم يعيّن للحفل نوعيتهم :
- أهل السلاح والحرب والخداع
- للوزراء والعمال
- المرد والنساء
- الكتبة وأرباب الأقلام
- للتجار والمشتغلين بالدنيا
- للعلماء وأهل الديانة
- للملوك والكمّل
ويحصر كل ذلك في مسرحه وحفله ثم يؤدي لهم المقام الموسيقي المطلوب ..فيحصل من بعدها السلطنة والطرب , والحبور والسرور , والمتعة والبهجة ؟؟؟

*********************************************
وبناء عليه يا سادة :
أرى بأن هذه الجداول هي نوع من العبث , وضرب من ضروب الدعاوي والمزاعم الجوفاء , ليغُرّ بها قومٌ قوماً , وينالوا منهم نيلاً , ولا فائدة ترجى من تحصيلها , أو وضعها ضمن حيّز الاهتمام , بيْدَ أني ومع ذلك فسأسوقها لكم , وأطلعكم عليها , وحتى تشاهدوا بأمّ أعينكم مزاعم أصحاب هاتيك الجداول وترّهاتها
يبقى بان أعود فأقول :
بأن تفاعل الإحساس الإنساني والوجداني ومن قِبَلِ الإنسان
له تأثير ه الحق بالمقامات الموسيقية وعلى حسب أوقاتها وأزمنتها وظروفها , من حر وشتاء وربيع وخريف , وظهيرة أم عشية , وضحوة أم سحر , وشوبٍ أم برد ....
ويعود تقدير كل ذلك والتوفق إليه لمزاج الفنان وتجربته وفي ساعته تلك والتي سيؤدي عليها ويلامس شخصية تلك المقامات الموسيقية , ومن خلال مروره ومداعبته للمقام والألحان سيتضح له منها ما يتوافق مع مزاج الساعة ومع ما يتنافر فيها .

محمد علي بحري


قال عثمان الجندي وهو من العائلة الخديوية في مصر وضمن تأليفه والمسمى بروض المسرات في أطرب النغمات ما نصه ( وفي الكتاب الكثير من الأخطاء ) :
ومما ينبغي لأرباب هذه الصناعة أن يكون لهم دراية بالأوقات المناسبة لتأثير النغمات على السامعين , فإن علماء هذا الفن قد وضعوا جدولاً لمعرفة إيقاع النغمات في أوقات مخصوصة , ولأن كل شخص له نغمة تنحصر , وقد قسموا كلاً من الليل والنهار , اثنا عشر قسماً , وابتدؤا بالقسمة من شروق الشمس إلى غروبها , ومن غروبها إلى شروقها , سواء كان الليل زائد على النهار أو النهار زائد على الليل ( انتهى )
ثم ساق المؤلف الشيخ الجندي باقي التقسيمات وعللها , وإليكم الآن تلك الجداول :

كلثومي
22/02/2011, 08h58
الله درك مولانا محمد ابن علي بحري وحفظك الله وسدد خطاك
والله لقد مللنا الدراسات والمقالات الأكاديمية الجديدة التي تفتقد بلاغة الحرف وفصاحته وايصال الخلاصة الى قلب وعقل القارئ بطريقة تمليها طرباً ونشوة فا أنت تعيدنا الى زمن بعيد وكأنني اقرا مقالة أو كتاب من الحقبة العثمانية

معظم الموسيقيون لايعلمون بقصة أوقات المقامات وملائمتها للأوقات الزمنية الا المعتقون وهم منقرضون في وقتنا ولم يبقى من رائحتهم الا قلة قليلة معدودة على الأصابع ولاشك انك انت منهم

عثمان دلباني
23/02/2011, 09h01
الله عليك يا استاذ بحري و على تحليلك و عقلانيتك و موضوعيتك الراقية .
نعم يا استاذي هذا كله تخريف لا سند له في العلم و لا يمكن البرهان عليه و حاله حال الكتابة في النجيم و الرجم بالغيب و الكتب القديمة التي تتحدث عن النفس و الامزجة و التراب و النار و الهواء .... و هذه لعمري كلها من طرق التفكير البائدة التي اسقطها العلم و العقل . اما في الموسيقى فهذه القراءات غير العقلانية هي التي افسدتها و جعلت (الدجالين و العرافين ) يتهافتون عليها و يفسدونها و يجعلون الطلاب ينفرون منها ... جعلك الله دائما مدافعا عن الاصالة و الفن الحقيقيين عزيزي بحري و دمت لنا :emrose: