المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليته حسن الختام ... قصه قصيره


د أنس البن
13/11/2010, 11h52
ليته حسن الختام




على غير عادته وفى غير التوقيت ,هب فزعا من رقاده وهو يبسمل ويحوقل ويستعيذ بالله من طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير , ما تصوره كابوس مزعج كان حقيقة واقعه , إنها أصوات حقيقية مفزعه , كانت الريح تزمجر ,تعوى وهى تجرى وتعربد فى فضائها السحيق الممتد خارج الدار ولها صفير يصم الآذان , جلس فى فراشه لحظات يحاول استعادة وعيه ولملمة شتات نفسه , لم تكن تلك هى اللحظة التى اعتاد منذ عقود من الزمان أن يستيقظ فيها ,صارت عادة عنده أن ينتبه من نومه قبل حوالى نصف الساعة من بدء شعائر صلاة الفجر , أمكنه أن يدرب ساعته الطبيعية التى خلقها الله فى مكان ما فى مخ البشر أن توقظه فى نفس اللحظة كل يوم ,لم تخطئ يوما ولم تخرج عن تظامها إلا مرات قليلة يكون فيها الجسد منهكا أو عليلا لا يستجيب ,

حاول أن يعود إلى ما كان عليه من رقاد لكن هيهات ,ظل يتقلب فى فراشه ,لم يغمض له جفن وصفير الريح كاد يدمر سمعه ويحطم آذانه ,أضاء المصباح ناظرا فى ساعته ,بينه وبين صلاة الفجر حوالى الساعه ,حمد الله أن أذن له بذكره ونهض من فراشه ,توضأ واتخذ مصلاه يصلى ركعات فى جوف الليل ثم جلس على أريكته وأمسك بالمصحف يتلو آيات من الذكر الحكيم ,بينما صفير الريح يخف شيئا فشيئا لكنه لم ينقطع , حان ميعاد صلاة الفجر ,إنتظر أن يرفع الآذان مؤذن المسجد القريب ,مضت الدقائق واحدة تلو الأخرى ولم يرتفع صوت المؤذن ,إلى وقت قريب كان حريصا أن لا تفوته صلاة الجماعة وهو الذى اعتاد ذلك سنى عمره الفائت بعد ما ذاق حلاوة الإيمان ,حتى فى الأيام التى يداهمه فيها المرض ويشتد عليه ,إلى أن تداعت عليه العلل فلم يعد قادرا على السير طويلا ,لكنه أحيانا كان يشتاق إلى صلاة الجماعة فيتحامل على نفسه متوكلا على مولاه وهو يتوكأ على عصاه ,

ما زال فى انتظار سماع صوت المؤذن , لكنه لم يأت بعد ,ظن فى البداية أنه ربما أخطأ حساب الوقت ثم قادته الظنون الى احتمال غيابه لعائق منعه من القيام بواجبه اليومى ,أخذت الهواجس والظنون تتقلب به يمينا وشمالا ,ومما زاد هواجسه أنه على غير ما اعتاده كل ليلة لم تصل إلى سمعه أية أصوات من خارج الدار ,حتى نباح الكلاب ومواء القطط انقطع تماما تلك الليله ,لم يبق إلا صمت كصمت القبور مع بقايا صرخات الريح العاتيه ما بين الحين والحين ,إستقر رأيه أخيرا على أن يؤدى الفرض أولا ثم يخرج بعد ذلك كى يستطلع جلية الأمر ......

تأهب للخروج متوكأ على عصاه بينما يده اليسرى تحمل مصباحا من تلك المصابيح القديمة التى لا تطفئها الرياح ,لكنه قبل أن تمتد يده كى تفتح الباب أخذه الروع وشعر بهيبة لم يدر لها سببا ,سيطر عليه شعور قوى أنه سيجد خارج الدار شيئا غريبا لا يعرف كنهه , تراجع قليلا ووقف هنيهة يراجع أمره ويقلب فكره وقد استبدت به المخاوف ,وأخيرا توكل على من بيده نواصى العباد وفتح الباب ,وما كاد يفعل حتى تسمرت قدماه وكاد يقع مغشيا عليه من هول ما رأى ,مما وقعت عليه عينه فى العتمة وأبصرت ما كشفه ضوء المصباح ,

هو فى الحقيقة لم ير شيئا ,أجل لم ير إلا فضاء ممتدا لا حياة فيه ,نظر يمينا وشمالا فلم يجد غير الخلاء كأنه فى مفازة قاحلة جرداء ,إستدار متوجها ناحية النافذة الخلفية ,فتحها متوجسا ليجد الصورة نفسها خلف الدار ,فضاء موحش بارد قاتم لا روح فيه ولا حياه ,تولدت داخله إرادة قوية ووجد شيئا ما يدفعه للخروج حتى يتفقد بنفسه ما آل إليه المكان الذى تركه بالأمس يموج الحياة وحركة وصخبا وضجيجا قبل أن يأوى إلى فراشه ,

مشى خطوات توقف بعدها لحظات ثم عاود سيره وهو يتلفت يمينا ويسارا ,أخذ يحدث نفسه بينما يشير بيده .... هنا مكان المسجد وهنا المقهى القديم ,مقهى السندباد , وفى هذا المكان يفترش الأرض بائع الجرائد والكتب ودكان الحلاق والبقال وعربة الفول وماسح الأحذيه وهنا وهنا وهنا ......

أخذ يسأل نفسه ... أين ذهب ميدان النافوره الذى تطل عليه شرفتى وأين الشارع الذى لم يهدأ لحظة ,أين العمائر والبيوت ,أين سكانها ,والمتاجر ,أعمدة الإناره , إلى أين ذهبت ,
كان من عاداته اليوميه الجلوس ساعة أو أكثر قبل أن يضمه فراشه على أريكة عربية أعدها فى الشرفة الواسعة التى تطل على الميدان ونافورة مضيئة تتوسطه ومن حولها يجلس الناس جماعات وفرادى يثرثرون وهم يتضاحكون أحيانا وأخرى يتنازعون حتى ترتفع أصواتهم .....

ظل يتسائل مناجيا ربه ... يا رب ... هل أنا فى يقظة أم أعانى كابوسا ثقيلا , لا أظن ,منذ لحظات كنت أصلى صلاة الصبح وأقرأ القرآن , ما الذى يعنيه ما حولى ,أرى الموت ,الفناء ... أشم رائحته فى كل مكان , لم تبق إلا الدار التى أعيش فيها , هل مات كل شئ ورحل عنى , أم أنا الذى مات ورحل عنها , ليته يكون الأخير ,فيكون حسن الختام , ويا له من ختام حسن ...

توقف لحظات مكانه شاخصا بصره ناحية السماء ,ثم استدار راجعا إلى داره , مشى خطوات وما كاد يفعل حتى استقرت قدماه مكانهما وهو ينظر قرير العين إلى داره وقد اختفت من مكانها , هبت نسمات باردة على وجهه وهو يتمتم كلمات وقد انفرجت أساريره قبل أن ينطفئ المصباح ...


فأهدت لنا من عطفها يوم سلمت
نسيماً كريح المسك زدنا به وجدا

تمت

عبد الحميد سليمان
13/11/2010, 14h08
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى الحبيب النقى التقى الأديب/ الدكتور أنس بك البن.....سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.....وبعد
أحسن الله خاتمتنا وإياك والقارئين الواعين المستوعبين...أخى العزيز لا أراني أنظر إلى هذا الإبداع كعمل أدبي رائع راق ملكت فيه ناصية اللغة العربية الشهباء الراقية وروعة الانتقال السردي وسلاسته وتلك لعمرى أمور لاتجحدها إلا عين الغفلة أو الغيرة ولكنى أنظر من منظور روحى دينى قرأ فوعى ووعى فاستعاد واستعد لرحيل قادم في رحم الغيب لا يعلم ميعاده إلا الله سبحانه وتعالى,وحينما استفاقت النفس وأدركت وأيقنت وأسلمت للمقدور أمرها, راجعت أيامها وأحلامها وشطحاتها واعوجاجها ,فعظم حملها وجلل أمرها وفادح خطرها واستيأست وأخذ عليها اليأس والهول كل مأخذ إلى أن عجزت فنظرت إلى ساحات عفوه ورحمته وأيقنت ألا ملجأ لها من الله إلا إليه فاستعبرت واستغفرت وتذللت وابتهلت إلى من وسعت رحمته كل شئ فطاف بها فيض من أمل هدأت به لكنها حين نظرت إلى ما أسرفت في ماضيها والى عظم خطاياها عادت واستعبرت وانهمرت مآقيها وظلت تروح وتجيء بين اليأس والرجاء الى أن تطهرت وعزمت واصطبرت وآبت إلى ربها غفران ربها مستبشرة مرتجية... هذا أخي الكريم المعنى الأخلاقي للأدب ونظريته الأساسية التى أرساها أرسطو والتى عرفت باسم نظرية التطهر وفيها حدد فيها مفهومه للمأساة ويعنى بها الدراما باعتبارها ذات هدف أساس هو تطهر أخلاقي يتعلم فيهالمتلقون ما يجب أن يثير فيهم الخوف والشفقة ويئوبون به إلى ذواتهم الصحيحة وليست تلك الذوات المدنسة. الفاسقة الظالمة.

أخى الكريم..تنسبك تلك النظرية الأساسية مع ما كتبت وأبدعت وما ساقتك اليه نفسك الطيبة ومنطلقك الديني الأخلاقي الثابت.. بارك الله فيك وأكثر من أمثالك وأخذ بأيدينا كي نخرج من هذه المعمعة المتدنية إلى حيث لا ألم ولا خوف ولا ندم ولا موجدة ولا كيد ,إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر.. وسلام الله عليك وعلى زوجك وأهلك وأحبائك ورحمته وبركاته.

د أنس البن
13/11/2010, 15h00
أستاذنا الأديب العلامه الدكتور عبد الحميد سليمان
يزيدنى شرفا وتشريفا يا مولانا أن تلامس أعينكم تلك الكلمات التى خرجت منى خبط عشواء كما يقولون فتكون منها ذلك البناء المتواضع , وجاءت كلماتكم النورانيه فأقامت البناء وأعلت من قدره وشأنه وجعلت له طعما ومذاقا ولونا مصنفا من ألوان الأدب
أنا سعيد جدا بتشريفكم وكم يعلم الله وحده مدى خوفى الذى زال بعد مداخلتكم القيمه وحروفكم التى تكتب بماء الذهب على ورق الورد

ليلى ابو مدين
13/11/2010, 18h40
بسم الله الرحمن الرحيم
الوالد الكريم
الاستاذ الدكتور ((أنس البن))
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
أستميحك عذراً سيدي فأنا لست متحدثة مفوهة أمتلك نواصي الكلم واللغه كما أديبنا الكبير الاستاذ الدكتورعبد الحميد سليمان
وليس لي من الثقافه والعلم ما يجعلني أبحر في مغارات اللغه وبحورها ,ولكني أقرأ الادب وأتذوقه ولقد قرأت قصتك سيدي الفاضل وانا في حاله من الرهبه والصمت التام ووالله لقد كنت أستمع الى ضربات قلبي وأنا أقرأها فقد إستطعت سيدي أن تشد إنتباهنا من أول كلمه في القصه بالاسلوب الشيق والسرد الجميل وإمتلاك نواصي اللغه وكنت كلما قرأت فقرة أود أن أكمل
الى نهاية القصه لإعرف ماذا سيحدث لهذا الرجل الطيب التقي النقي الذي أحسن الله له خاتمته وكان متوضئاً مصلياً مؤدياً
لفرض ربه وما أجملها من خاتمه
أحسن الله خاتمتنا جميعاً ووفقنا لما يحب ويرضى
والله ولي التوفيق وعلى الله يتوكل المؤمنون
وأخيراً قصتك هذه سيدي الفاضل كتبت بمداد من النور والتُقى
والطهر ,جزاك الله عنا خير الجزاء لما تمدنا به من الفكر المستنير والاخلاق النبيله والقصص الشيقه الجميله
مع خالص تحياتي واحتراماتي
ليلى ابو مدين
:emrose::emrose:

د أنس البن
13/11/2010, 18h58
السيده ليلى أبو مدين
أنت سيدة فاضله ووجودك ووجود أمثالك من صفوة أهل الفكر والذوق فى سماعى كسب وربح لنا جميعا ,نحن والله الرابحون ,أشكرك شكرا لا مزيد له على تعطفك باقتطاع طرف من وقتك فى قراءة ما كتبت من خواطر فى قالب قصصى ,ووالله أنا أدرك يقينا أنى لست بكاتب قصة أو رواية يحترف هذا الفن الرفيع , ولست من أهله لكنها محاولات لإخراج ما يختلج فى القلب والنفس
ألف شكر ........................................ :emrose:

ليلى ابو مدين
13/11/2010, 19h33
السيده ليلى أبو مدين


أنت سيدة فاضله ووجودك ووجود أمثالك من صفوة أهل الفكر والذوق فى سماعى كسب وربح لنا جميعا ,نحن والله الرابحون ,أشكرك شكرا لا مزيد له على تعطفك باقتطاع طرف من وقتك فى قراءة ما كتبت من خواطر فى قالب قصصى ,ووالله أنا أدرك يقينا أنى لست بكاتب قصة أو رواية يحترف هذا الفن الرفيع , ولست من أهله لكنها محاولات لإخراج ما يختلج فى القلب والنفس

ألف شكر ........................................ :emrose:


الوالد الكريم
الاستاذ الدكتور ((أنس البن))
بل نحن الرابحون سيدي الفاضل ونحن الذين نشكرك على إبداعك الذي نتابعه بإهتمام لما فيه من علو للقيم والأخلاق
ونورانيه وإيمان تنطق به كل كلمه تخطها يدك
وما قلته من أنك لست بكاتب قصه فأنا أعتبر هذا ما هو الا تواضع العلماء وهذا سمتهم ينكرون دائماً أنفسهم وما عملت
أيديهم من خير وعلم تواضعاً لله سبحانه وتعالى
واخيراً لك مني جزيل الشكر على ثقتك الغاليه بي وعلى هذا الإطراء الذي أرجوا من الله أن أكون أستحقه
جزاك الله خيراً
مع خالص تحياتي واحتراماتي
ليلى ابو مدين
:emrose::emrose:

عفاف سليمان
14/11/2010, 06h17
والدنا الغالى والاب الروحى
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=684119&stc=1&d=1228731475(((د أنس)))
بعد سلام الله عليك ورحمة وبركاته
اولا
عندما شاهدت اسم حضرتك للقصه
علمت انها سوف تكون رائعه مثل ما كتبت سابقا
من سرد وجمال للمعانى والكلمات
ثانيا
الاسم الجميل لها
ويارب جميعا يحسن الله خاتمة اعمالنا
والدنا العزيز
كما قالوا اخوانى الكرام
((
الاستاذ عبد الحميد والاستاذه ليلى))
فلااستطيع ان اضيف اكثر مما قالوا
عن جمال السرد والتعبير بالكلمات
وانتقائها وتسلسلك الابداعى لها
والشيق فى نفس الوقت
استاذى فى بادىء الامر كنت اظن
ان المؤذن ربما يكون حدث له اى شىء...او ربما
يكون هو من مات لانه لم يعلن الاذان
لاقامة صلاة الفجر
ولكن
مع السرد الجميل والشيق فى نفس الوقت اشتد انتباهى
الى حدث اخر وهو ان الذى ينتظر الاذان
هو الذى توفى الى رحمة الله تعالى
وانه هو الذى غادر الدنيا بما فيها
من زهو زائف وحياة السخط والغوغاء
والقليل من الحياه الروحانيه
http://iraqnaa.com/ico/image2/f/n013.gifالتى يسلكها من هداه الله الى الايمان والطيب
وقد لمس فى ذلك الوقت ما أل اليه
وانه فى الحياه الاخرى
يضىء له مصباح نورانى يرشده
الى الطريق
الذى اناره له الله
ليعلم انه لا وجود الان الا
لوقت الحساب والفوز بالجنه
اللهم احسن خاتمتنا جميعا
وانر لنا طريقنا وارشدنا الى خير العمل
حتى لا تتوه خطاوينا فى دوامة هذه الحياه
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=684119&stc=1&d=1228731475والدنا الغالى
احسنت الاختيار واحسنت السرد
والتشويق
لك وللجميع خالص تحياتى والتقدير
سلمت لنا من كل شر
:emrose:وكل وقت وانتم فى اسعد حال وطيبين
ابنتكم واختكم
عفاف

د أنس البن
14/11/2010, 10h29
السيده الفاضله صديقة العائله .. عفاف سليمان
يروق لى كثيرا إجتهادك ودأبك وحرصك على مجاملة الجميع وتلك شيم الكرام أولاد الأصول , وأنت بنت بلد وبنت أصول
كما تعجبنى كثيرا مداخلاتك وقراءتك لما يكتبه الأحباب وفهمك الفطرى وتحليلك لما يكتبون حتى لو بدا بعضها عاصيا على الفهم
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على حس مرهف وثقافة عاليه ونفس واعيه ......
أشكرك على قراءتك الواعيه وكلماتك الصافيه ألف شكر .....

عفاف سليمان
15/11/2010, 05h02
السيده الفاضله صديقة العائله .. عفاف سليمان



يروق لى كثيرا إجتهادك ودأبك وحرصك على مجاملة الجميع وتلك شيم الكرام أولاد الأصول , وأنت بنت بلد وبنت أصول
كما تعجبنى كثيرا مداخلاتك وقراءتك لما يكتبه الأحباب وفهمك الفطرى وتحليلك لما يكتبون حتى لو بدا بعضها عاصيا على الفهم
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على حس مرهف وثقافة عاليه ونفس واعيه ......
أشكرك على قراءتك الواعيه وكلماتك الصافيه ألف شكر .....

والدنا الغالى
http://smiles.al-wed.com/smiles/65/flowers_243.gif(((د أنس)))
هذه الكلمات شهادة فخر لى
سعدت بها من حضرتك
على ردى وفهمى لهذه القصه
او لاى شىء
احاول ان اجتهد فى فهمه وتبسيطه
ربنا لا يحرمنا من حضرتك
ولا من ثناؤك علينا وتشجيعنا
للتقدم للاحلى والاجمل
وان نتعلم من المتابعه والقراءه
بارك الله فيك
واسعد بالدارين
اللهم آمين
http://upload.al-wed.com/uploader/upload2009//65570/11260434767.gifارق تحياتى
ابنتكم عفاف

abuzahda
18/11/2010, 04h44
ليته حسن الختام




على غير عادته وفى غير التوقيت ,هب فزعا من رقاده وهو يبسمل ويحوقل ويستعيذ بالله من طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير , ما تصوره كابوس مزعج كان حقيقة واقعه , إنها أصوات حقيقية مفزعه , كانت الريح تزمجر ,تعوى وهى تجرى وتعربد فى فضائها السحيق الممتد خارج الدار ولها صفير يصم الآذان , جلس فى فراشه لحظات يحاول استعادة وعيه ولملمة شتات نفسه , لم تكن تلك هى اللحظة التى اعتاد منذ عقود من الزمان أن يستيقظ فيها ,صارت عادة عنده أن ينتبه من نومه قبل حوالى نصف الساعة من بدء شعائر صلاة الفجر , أمكنه أن يدرب ساعته الطبيعية التى خلقها الله فى مكان ما فى مخ البشر أن توقظه فى نفس اللحظة كل يوم ,لم تخطئ يوما ولم تخرج عن تظامها إلا مرات قليلة يكون فيها الجسد منهكا أو عليلا لا يستجيب ,

حاول أن يعود إلى ما كان عليه من رقاد لكن هيهات ,ظل يتقلب فى فراشه ,لم يغمض له جفن وصفير الريح كاد يدمر سمعه ويحطم آذانه ,أضاء المصباح ناظرا فى ساعته ,بينه وبين صلاة الفجر حوالى الساعه ,حمد الله أن أذن له بذكره ونهض من فراشه ,توضأ واتخذ مصلاه يصلى ركعات فى جوف الليل ثم جلس على أريكته وأمسك بالمصحف يتلو آيات من الذكر الحكيم ,بينما صفير الريح يخف شيئا فشيئا لكنه لم ينقطع , حان ميعاد صلاة الفجر ,إنتظر أن يرفع الآذان مؤذن المسجد القريب ,مضت الدقائق واحدة تلو الأخرى ولم يرتفع صوت المؤذن ,إلى وقت قريب كان حريصا أن لا تفوته صلاة الجماعة وهو الذى اعتاد ذلك سنى عمره الفائت بعد ما ذاق حلاوة الإيمان ,حتى فى الأيام التى يداهمه فيها المرض ويشتد عليه ,إلى أن تداعت عليه العلل فلم يعد قادرا على السير طويلا ,لكنه أحيانا كان يشتاق إلى صلاة الجماعة فيتحامل على نفسه متوكلا على مولاه وهو يتوكأ على عصاه ,

ما زال فى انتظار سماع صوت المؤذن , لكنه لم يأت بعد ,ظن فى البداية أنه ربما أخطأ حساب الوقت ثم قادته الظنون الى احتمال غيابه لعائق منعه من القيام بواجبه اليومى ,أخذت الهواجس والظنون تتقلب به يمينا وشمالا ,ومما زاد هواجسه أنه على غير ما اعتاده كل ليلة لم تصل إلى سمعه أية أصوات من خارج الدار ,حتى نباح الكلاب ومواء القطط انقطع تماما تلك الليله ,لم يبق إلا صمت كصمت القبور مع بقايا صرخات الريح العاتيه ما بين الحين والحين ,إستقر رأيه أخيرا على أن يؤدى الفرض أولا ثم يخرج بعد ذلك كى يستطلع جلية الأمر ......

تأهب للخروج متوكأ على عصاه بينما يده اليسرى تحمل مصباحا من تلك المصابيح القديمة التى لا تطفئها الرياح ,لكنه قبل أن تمتد يده كى تفتح الباب أخذه الروع وشعر بهيبة لم يدر لها سببا ,سيطر عليه شعور قوى أنه سيجد خارج الدار شيئا غريبا لا يعرف كنهه , تراجع قليلا ووقف هنيهة يراجع أمره ويقلب فكره وقد استبدت به المخاوف ,وأخيرا توكل على من بيده نواصى العباد وفتح الباب ,وما كاد يفعل حتى تسمرت قدماه وكاد يقع مغشيا عليه من هول ما رأى ,مما وقعت عليه عينه فى العتمة وأبصرت ما كشفه ضوء المصباح ,

هو فى الحقيقة لم ير شيئا ,أجل لم ير إلا فضاء ممتدا لا حياة فيه ,نظر يمينا وشمالا فلم يجد غير الخلاء كأنه فى مفازة قاحلة جرداء ,إستدار متوجها ناحية النافذة الخلفية ,فتحها متوجسا ليجد الصورة نفسها خلف الدار ,فضاء موحش بارد قاتم لا روح فيه ولا حياه ,تولدت داخله إرادة قوية ووجد شيئا ما يدفعه للخروج حتى يتفقد بنفسه ما آل إليه المكان الذى تركه بالأمس يموج الحياة وحركة وصخبا وضجيجا قبل أن يأوى إلى فراشه ,

مشى خطوات توقف بعدها لحظات ثم عاود سيره وهو يتلفت يمينا ويسارا ,أخذ يحدث نفسه بينما يشير بيده .... هنا مكان المسجد وهنا المقهى القديم ,مقهى السندباد , وفى هذا المكان يفترش الأرض بائع الجرائد والكتب ودكان الحلاق والبقال وعربة الفول وماسح الأحذيه وهنا وهنا وهنا ......

أخذ يسأل نفسه ... أين ذهب ميدان النافوره الذى تطل عليه شرفتى وأين الشارع الذى لم يهدأ لحظة ,أين العمائر والبيوت ,أين سكانها ,والمتاجر ,أعمدة الإناره , إلى أين ذهبت ,
كان من عاداته اليوميه الجلوس ساعة أو أكثر قبل أن يضمه فراشه على أريكة عربية أعدها فى الشرفة الواسعة التى تطل على الميدان ونافورة مضيئة تتوسطه ومن حولها يجلس الناس جماعات وفرادى يثرثرون وهم يتضاحكون أحيانا وأخرى يتنازعون حتى ترتفع أصواتهم .....

ظل يتسائل مناجيا ربه ... يا رب ... هل أنا فى يقظة أم أعانى كابوسا ثقيلا , لا أظن ,منذ لحظات كنت أصلى صلاة الصبح وأقرأ القرآن , ما الذى يعنيه ما حولى ,أرى الموت ,الفناء ... أشم رائحته فى كل مكان , لم تبق إلا الدار التى أعيش فيها , هل مات كل شئ ورحل عنى , أم أنا الذى مات ورحل عنها , ليته يكون الأخير ,فيكون حسن الختام , ويا له من ختام حسن ...

توقف لحظات مكانه شاخصا بصره ناحية السماء ,ثم استدار راجعا إلى داره , مشى خطوات وما كاد يفعل حتى استقرت قدماه مكانهما وهو ينظر قرير العين إلى داره وقد اختفت من مكانها , هبت نسمات باردة على وجهه وهو يتمتم كلمات وقد انفرجت أساريره قبل أن ينطفئ المصباح ...


فأهدت لنا من عطفها يوم سلمت


نسيماً كريح المسك زدنا به وجدا


تمت





سيّدي الجليل
:emrose:الوالد الدكتور أنس البن:emrose:



لو أنني لا أعرف صائد هذه الخريدة ، حدثته عن إخلاصه للصدق الفني بها ،



حيث نقل لقارئه منولوجات شخص القصة ، بلغة تليق بمن تعلق قلبه بالمساجد :



وهو يبسمل ويحوقل ويستعيذ بالله من طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير



ثم أنه مشغولٌ باختفاء معالم دنياه ، من وجهة نظر من اعتاد رؤية الأشياء من عل ٍ
(الشرفة الواسعة التى تطل على الميدان)


و التي لم تغر الكاتب بجعلها مركز المشهد ، بما تمثله من رمز ٍ للإرتقاء ، الرحابة ، التأمل ، .....

،
،



أمّا ، و لي شرف معرفة الكاتب .... فإني أخشى أن يكون كلامي تكراراً لما تفضل به عارفوك الذين أضاءوا هذه الصفحة من قبل ،


،


سيدي الوالد الأديب
الدكتور أنس


هناك مقولة قديمة ، أوشك ترديدها أن يفرغها من حقيقة معناها ، و هي:



مثل المُبدِعِ ، كمثل ِ النحلةِ ، تهدينا شراباً مُختلفاً ألوانه باختلافِ مراعيها ،



و عليه ، فإن الكتابة َ شهدُ القراءة ،

أقول ذلك ، يا سيدنا ، لمعرفتي مراعي خليّتك ،
وإنما السيل إجتماع النقط



و كما اجتمع عليه قراء:emrose: و قارئات:emrose: قصتك ، فلغتك تشبهك يا دكتور أنس،
تنضد مفرداتها بيسر ٍ كصانع السبح (http://www.sama3y.net/forum/showthread.php?t=54074&page=17)، بينما حبّات مسبحةٍ تصنعها أنت ، أخالها و قد تبدلت لأليها بقطرات ندى.


،
،


لماذا قضيّتك ، يا دكتور أنس ، كونيّة إلى هذا الحد ؟


لا أقصد كونية :عالمية (لا جغرافيا ولا فلك !)



إنما قصدت ذلك المفهوم الذي أحدثه ألبرت إنشتاين ، لما ضاقت اللغة عن لفظٍ يتسع لعبقريته :النسبية



كانت اللفظة العبقرية :الزمكان(الزمان المكاني)


،



أرى أن الزمكان ، هو قطب الرحى من كتاباتك يا دكتور أنس،



فتارة تستوقف الزمان(المضارع) كما في" الزمن (http://www.sama3y.net/forum/showthread.php?t=72422)"


و أخرى تنَكّر (تجعله نكرة)المُستقبل(وجهة المسافرين) ، كما في "القطار (http://www.sama3y.net/forum/showthread.php?t=70999)"


و ثالثة تطمس الماضي(بمحو الكتابة) كما في "بدون عنوان (http://www.sama3y.net/forum/showthread.php?t=86045)"


ثم ، أنت ، هنا في "ليتها حسن الخاتمة" تغيّب المكان بطمس معالم المدينة



،
* * *



نعود إلى مراعي النحل ، يا سيدنا ، لأحدثك عن مراعي السِدر ، التي يأتينا نحلـُها بشيخ قبيلة العسل ! : عسل السِدر الجبلي،


هو عسلٌ ، أكلهُ يُبهِجُ الروحَ و يجلي البصيرة ،

،


قصتك اليوم ، سيّدي ، أخذتني إلى واحدة من دوحات السِدر ،


دوحة سيّدي شهيد الكلمة ، مولانا الحلاج ، عليه رضوان الله


،



قصتك اليوم ، ذكرتني بثلاثياتهِ العجيبة :



( سُكوتٌ ثـُمَّ صَمتٌ ثـُمَّ خَرْسُ وعِلْمٌ ثـُمَّ وَجْدٌ ثـُمَّ رَمْسُ


و طينٌ ثـُمَّ نارٌ ثـُمَّ نورٌ وبَرْدٌ ثـُمَّ ظِلٌّ ثـُمَّ شمسُ


وحَزْنٌ ثـُمَّ سَهلٌ ثـُمَّ قَفرٌ ونهرٌ ثـُمَّ بَحرٌ ثـُمَّ يبسُ


وسُكرٌ ثـُمَّ صحوٌ ثـُمَّ شوقٌ وقُربٌ ثـُمَّ وَصلٌ ثـُمَّ أُنسُ


وفيضٌ ثـُمَّ بَسطٌ ثـُمَّ مَحوٌ وفَرقٌ ثـُمَّ جَمعٌ ثـُمَّ طَمْسُ )





عِباراتٌ لأقوام تساوت لديهم هذه الدنيا و فَلـْسُ

إلى آخر قوله ، رضي الله عنه








لماذا بدأت عباراتهم ، عليهم الرضوان ، بالـسكوتِ


و انتهت بالـطمس ِ؟





كأن شخصَ قصتك يعرف الإجابة

الباشاقمرزمان
18/11/2010, 12h08
منذ الوهلة الأولى أدركت الهدف الذي تهدف إليه
ولكن مع ذلك شدني المدخل والاسلوب المتسلسل
لأعرف النهاية فاخترت نهاية طبيعية رائعة ومنطقية
تتماشى مع القيم والمبادئ الإسلامية وتصوير حسن الخاتمة
صورت أمنيـــــة المسلم الحقيقي المؤمن
لا أخفيك سراً أني قرأت من قبل وبالعامية مثل هذه الفكرة
لكن لم يكن الهدف واحداً بل على العكس
كان يعبر عن الاحساس بمن حوله وتمنى العودة إليهم
إحساس تملؤه الرغبة بالحياة والخوف مما هو قادم
أجدت الفكرة والهدف والوصول إليه بسلاسة وبساطة
دائماً قصصك تحمل رؤيا ووجهة نظر وفكر
لك مني خالص التحية والتقدير

يحيى زكي
18/11/2010, 13h07
تتدافع الخواطر في رأسي
ولا أدري كيف اشارك في هذه الحقيقة
بعد ردود وتحليلات من قبلي من العمالقة
إلا ان اقول شكرا لسيادتك ولهم جميعا علي تذكير النفس بواقع حتمي

د أنس البن
19/11/2010, 09h21
الحمد لله ,الواحد برضه رزقه واسع , ماشاء الله ثلاث مشاركات فى يوم واحد , ده ايه الهنا ده , ومن مين , من أحباب عزاز ...
أولا حبيب القلب سيد ابو زهده ,الحقيقه وربنا يعلم ولو انت تعلم مدى فرحتى وسعادتى بقراءة تعليقاتك على أى موضوع ان شا الله يكون كلمتين ,لو عرفت ذلك وأعتقد أنك تدركه لما تركتنا فى سماعى مهما تكن الأسباب لأنى باشعر في كل حرف من كلامك أد إيه انت عشت كل ثانيه فى حياتك وعاشت جواك بكل أحداثها وانفعلت بك وانفعلت بها ,وكونت فى النهايه شخصيه فريده يصعب أن تجد لها ند أو شبيه ,ويمكن انت ملاحظ إنى باكتب باللغه الدارجه حتى لا يفقد الكلام مصداقيته ,لأنى باتكلم من قلبى حقيقة وإن كانت الفصحى أيسر عندى فى تناولها للمعنى المراد لكنى أرى العامية أقرب للصدق
وبعدين آخر حاجه لأنى فى الحقيقه لا أتمكن أبدا من التعقيب على ما تكتب ,لكن على هامش الموضوع حكاية الألقاب زى الأديب وخلافه , والله بتخلينى خجلان من نفسى لأن الحقيقه لا أديب ولا يحزنون إنما هى أفكار ترد على الخاطر ولو صادفت هذه الأفكار فى نظرى أديب بحق وحقيق لصنع منها شئ عليه القيمه ,دى الحقيقه بدون روتوش أو ادعاء تواضع ,أبدا والله .......

ثانيا حبيبنا الباشاقمر الزمان ,صحيح هو حديث العهد بسماعى لكن استطاع بدأبه واجتهاده أن تكون له مكانة فى قلوبنا جميعا وأن يتفاعل مع الجميع ويتفاعل الجميع معه كأننا نعرفه من سنين طويله ,
أشكرك على رؤيتك الموضوعيه الواعيه للكلمات التى عنوانها "ليته حسن الختام"


ثالثا وكان مسك الختام للثلاثة الأحباب الصديق الحبيب حارس سور المعرفه المعروف بسور الأزبكيه وزميلى باعتبار سنى العمر حضرة الحاج يحى زكى حفظه الله ,نورتنى وشرفتنى وحصلت البركه يا مولانا ,بارك الله فيك ......

محمد رمضان ماضي
25/11/2010, 09h07
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الغالي ، يا صاحب القلب الرقراق ،
دوما تطالعنا بقبس نوراني ، يذكرنا ....
ومن له ان يذكرنا عداكم دكتورنا الحبيب .
في مطلع القصة إنتابتنا الحيرة ،
أرحل البطل ، أم رحل المحيط؟
والمحصلة في النهاية واحدة ( الرحيل )
ولكن سيدي ، إن كان البطل هو من رحل فلا بد من ارداك،
وإن كان المحيط قد رحل ؛ فلا صفير.
قصة نوارنية لا تخرج من من نبع صاف ، حب للوجود ، والخلود.
قبلة على جبينك سيدي اجلالا ً،
لما تتحفنا به من نورانيات .
:emrose::emrose::emrose:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د أنس البن
06/12/2010, 18h51
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الغالي ، يا صاحب القلب الرقراق ،
دوما تطالعنا بقبس نوراني ، يذكرنا ....
ومن له ان يذكرنا عداكم دكتورنا الحبيب .
في مطلع القصة إنتابتنا الحيرة ،
أرحل البطل ، أم رحل المحيط؟
والمحصلة في النهاية واحدة ( الرحيل )
ولكن سيدي ، إن كان البطل هو من رحل فلا بد من ارداك،
وإن كان المحيط قد رحل ؛ فلا صفير.
قصة نوارنية لا تخرج من من نبع صاف ، حب للوجود ، والخلود.
قبلة على جبينك سيدي اجلالا ً،
لما تتحفنا به من نورانيات .
:emrose::emrose::emrose:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



أخى الحبيب محمد رمضان ماضي ,
أشكرك كثيرا على رؤيتك النورانيه وتحليلك الصحيح حول ما كتبت وأرجو أن تقبل شديد أسفى على تأخرى فى الرد على مشاركتكم الزكية والإحتفاء بحضوركم البهى
ولى تعقيب بسيط حول رؤيتكم وهو يقينى أن الناس نيام كما أخبرنا بذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ,ثم قال فإذا ماتوا انتبهوا , وشيخنا الأكبر ابن عربى إنتبه إلى معنى هذا الحديث الشريف من قول الحق تعالى فى كتابه الكريم
" ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله "
يقول رضى الله عنه وقدس سره ....... (وأرجو قراءة كلامه المنور بعنايه)

تعجبت كل العجب من حسن نظم القرآن وجمعه ، ولماذا قدم ما كان ينبغى فى النظر العقلى فى ظاهر الأمر أن يكون على غير هذا النظم ، فإن النهار لابتغاء الفضل والليل للمنام كما قال فى القصص " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " فأعاد الضمير على الليل "ولتبتغوا من فضله" يريد فى النهار فأضمر ، وإن كان الضميران يعودان على المعنى المقصود فقد يعمل الصانع بالليل ويبيع ويشترى بالليل ، كما أنه ينام أيضا ويسكن بالنهار ولكن الغالب فى الأمور هو المعتبر . فلاح لى من خلف ستارة هذه الأيه وحسن العبارة عنها الرافعة سترها وهو قوله" منامكم بالليل والنهار " أمر زائد على ما يفهم منه فى العموم بقرائن الأحوال فى ابتغاء الفضل للنهار والمنام لليل ما نذكره ، وهو أن الله نبه بهذه الأيه على أن نشأة الآخرة الحسية لا تشبه هذه النشأة الدنياويه وأنها ليست بعينها ، بل تركيب آخر ومزاج آخر كما وردت به الشرائع والتعريفات النبويه فى مزاج تلك الدار ، وإن كانت هذه الجواهر عينها بلا شك فإنها التى تبعثر فى القبور وتنشر ، ولكن يختلف التركيب والمزاج بأعراض وصفات تليق بتلك الدار لا تليق بهذه الدار ، وإن كانت الصورة واحدة فى العين والسمع والأنف والفم واليدين والرجلين بكمال النشأه ، ولكن الإختلاف بين فمنه ما يشعر به ويحس ومنه ما لا يشعر به ، ولما كانت صورة الإنشاء فى الدار الآخرة على صورة هذه النشأة لم يشعر بما أشرنا إليه ، ولما كان الحكم يختلف عرفنا أن المزاج اختلف فهذا لفرق بين حظ الحس والعقل ، فقال تعالى "ومن آياته منامكم بالليل والنهار" ولم يذكر اليقظه وهى من جملة الأيات ، فذكر المنام دون اليقظة فى حال الدنيا فدل على أن اليقظة لا تكون الا عند الموت وأن الإنسان نائم أبدا ما لم يمت ، فذكر أنه فى منام بالليل والنهار فى يقظته ونومه ، وفى الخبر" الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " .
ألا ترى أنه لم يأت بالباء فى قوله تعالى "والنهار" واكتفى بباء الليل ليحقق بهذه المشاركه أنه يريد المنام فى حال اليقظه المعتاده فحذفها مما يقوى الوجه الذى أبرزناه فى هذه الأيه فالمنام هو ما يكون فيه النائم فى حال نومه فإذا استيقظ يقول رأيت كذا وكذا فدل أن الإنسان فى منام ما دام فى هذه النشأة فى الدنيا إلى أن يموت ، فلم يعتبر الحق اليقظة المعتادة عندنا فى العموم بل جعل الإنسان فى منام فى نومه ويقظته ، كما أوردناه فى الخبر النبوى من قوله "صلى الله عليه وسلم" "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" فوصفهم بالنوم فى الحياة الدنيا .. والعامة لا تعرف النوم فى المعتاد الا ما جرت به العادة أن يسمى نوما ، فنبه النبى "صلى الله عليه وسلم" بل صرح أن الإنسان فى منام ما دام فى الحياة الدنيا حتى ينتبه فى الآخره والموت أول أحوال الآخره فصدقه الله بما جاء به فى قوله تعالى "ومن آياته منامكم بالليل" وهو النوم العادى "والنهار" وهو هذا المنام الذى صرح به رسول الله "صلى الله عليه وسلم" . ولهذا جعل الدنيا عبره جسرا يعبر أى تعبر كما تعبر الرؤيا التى يراها الإنسان فى نومه ، فكما أن الذى يراه الرائى فى حال نومه ما هو مراد لنفسه إنما هو مراد لغيره ، فيعبر من تلك الصورة المرئية فى حال النوم إلى معناها المراد بها فى عالم اليقظه إذا استيقظ من نومه ، كذلك حال الإنسان فى الدنيا ما هو مطلوب للدنيا ، فكل ما يراه من حال وقول وعمل فى الدنيا إنما هو مطلوب للآخره ، فهناك يعبر ويظهر له ما رآه فى الدنيا كما يظهر له فى الدنيا إذا استيقظ ما رآه فى المنام ، فالدنيا جسر يعبر ولا يعمر كالإنسان فى حال ما يراه فى نومه يعبر ولا يعمر ، فإنه إذا استيقظ لا يجد شيئا مما رآه من خير يراه أو شر ، وديار وبناء وسفر وأحوال حسنة أو سيئة ، فلابد أن يعبر العارف بالعبارة ما رآه فيقول له تدل رؤياك لكذا على كذا ، فكذلك الحياة الدنيا منام فإذا انتقل إلى الآخرة بالموت لم ينتقل معه شئ مما كان فى يده وفى حسه من دار وأهل ومال ، كما كان حين استيقظ من نومه لم ير شيئا فى يده مما كان له حاصلا فى رؤياه فى حال نومه ، فلهذا قال تعالى إننا فى منام باليل والنهار ، وفى الآخرة تكون اليقظه وهناك تعبر الرؤيا .
وليس لمثلى يا صديقى بعد قول الشيخ كلام ................

الباشاقمرزمان
06/12/2010, 21h40
أخى الحبيب محمد رمضان ماضي ,
أشكرك كثيرا على رؤيتك النورانيه وتحليلك الصحيح حول ما كتبت وأرجو أن تقبل شديد أسفى على تأخرى فى الرد على مشاركتكم الزكية والإحتفاء بحضوركم البهى
ولى تعقيب بسيط حول رؤيتكم وهو يقينى أن الناس نيام كما أخبرنا بذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ,ثم قال فإذا ماتوا انتبهوا , وشيخنا الأكبر ابن عربى إنتبه إلى معنى هذا الحديث الشريف من قول الحق تعالى فى كتابه الكريم
" ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله "
يقول رضى الله عنه وقدس سره ....... (وأرجو قراءة كلامه المنور بعنايه)

تعجبت كل العجب من حسن نظم القرآن وجمعه ، ولماذا قدم ما كان ينبغى فى النظر العقلى فى ظاهر الأمر أن يكون على غير هذا النظم ، فإن النهار لابتغاء الفضل والليل للمنام كما قال فى القصص " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " فأعاد الضمير على الليل "ولتبتغوا من فضله" يريد فى النهار فأضمر ، وإن كان الضميران يعودان على المعنى المقصود فقد يعمل الصانع بالليل ويبيع ويشترى بالليل ، كما أنه ينام أيضا ويسكن بالنهار ولكن الغالب فى الأمور هو المعتبر . فلاح لى من خلف ستارة هذه الأيه وحسن العبارة عنها الرافعة سترها وهو قوله" منامكم بالليل والنهار " أمر زائد على ما يفهم منه فى العموم بقرائن الأحوال فى ابتغاء الفضل للنهار والمنام لليل ما نذكره ، وهو أن الله نبه بهذه الأيه على أن نشأة الآخرة الحسية لا تشبه هذه النشأة الدنياويه وأنها ليست بعينها ، بل تركيب آخر ومزاج آخر كما وردت به الشرائع والتعريفات النبويه فى مزاج تلك الدار ، وإن كانت هذه الجواهر عينها بلا شك فإنها التى تبعثر فى القبور وتنشر ، ولكن يختلف التركيب والمزاج بأعراض وصفات تليق بتلك الدار لا تليق بهذه الدار ، وإن كانت الصورة واحدة فى العين والسمع والأنف والفم واليدين والرجلين بكمال النشأه ، ولكن الإختلاف بين فمنه ما يشعر به ويحس ومنه ما لا يشعر به ، ولما كانت صورة الإنشاء فى الدار الآخرة على صورة هذه النشأة لم يشعر بما أشرنا إليه ، ولما كان الحكم يختلف عرفنا أن المزاج اختلف فهذا لفرق بين حظ الحس والعقل ، فقال تعالى "ومن آياته منامكم بالليل والنهار" ولم يذكر اليقظه وهى من جملة الأيات ، فذكر المنام دون اليقظة فى حال الدنيا فدل على أن اليقظة لا تكون الا عند الموت وأن الإنسان نائم أبدا ما لم يمت ، فذكر أنه فى منام بالليل والنهار فى يقظته ونومه ، وفى الخبر" الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " .
ألا ترى أنه لم يأت بالباء فى قوله تعالى "والنهار" واكتفى بباء الليل ليحقق بهذه المشاركه أنه يريد المنام فى حال اليقظه المعتاده فحذفها مما يقوى الوجه الذى أبرزناه فى هذه الأيه فالمنام هو ما يكون فيه النائم فى حال نومه فإذا استيقظ يقول رأيت كذا وكذا فدل أن الإنسان فى منام ما دام فى هذه النشأة فى الدنيا إلى أن يموت ، فلم يعتبر الحق اليقظة المعتادة عندنا فى العموم بل جعل الإنسان فى منام فى نومه ويقظته ، كما أوردناه فى الخبر النبوى من قوله "صلى الله عليه وسلم" "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" فوصفهم بالنوم فى الحياة الدنيا .. والعامة لا تعرف النوم فى المعتاد الا ما جرت به العادة أن يسمى نوما ، فنبه النبى "صلى الله عليه وسلم" بل صرح أن الإنسان فى منام ما دام فى الحياة الدنيا حتى ينتبه فى الآخره والموت أول أحوال الآخره فصدقه الله بما جاء به فى قوله تعالى "ومن آياته منامكم بالليل" وهو النوم العادى "والنهار" وهو هذا المنام الذى صرح به رسول الله "صلى الله عليه وسلم" . ولهذا جعل الدنيا عبره جسرا يعبر أى تعبر كما تعبر الرؤيا التى يراها الإنسان فى نومه ، فكما أن الذى يراه الرائى فى حال نومه ما هو مراد لنفسه إنما هو مراد لغيره ، فيعبر من تلك الصورة المرئية فى حال النوم إلى معناها المراد بها فى عالم اليقظه إذا استيقظ من نومه ، كذلك حال الإنسان فى الدنيا ما هو مطلوب للدنيا ، فكل ما يراه من حال وقول وعمل فى الدنيا إنما هو مطلوب للآخره ، فهناك يعبر ويظهر له ما رآه فى الدنيا كما يظهر له فى الدنيا إذا استيقظ ما رآه فى المنام ، فالدنيا جسر يعبر ولا يعمر كالإنسان فى حال ما يراه فى نومه يعبر ولا يعمر ، فإنه إذا استيقظ لا يجد شيئا مما رآه من خير يراه أو شر ، وديار وبناء وسفر وأحوال حسنة أو سيئة ، فلابد أن يعبر العارف بالعبارة ما رآه فيقول له تدل رؤياك لكذا على كذا ، فكذلك الحياة الدنيا منام فإذا انتقل إلى الآخرة بالموت لم ينتقل معه شئ مما كان فى يده وفى حسه من دار وأهل ومال ، كما كان حين استيقظ من نومه لم ير شيئا فى يده مما كان له حاصلا فى رؤياه فى حال نومه ، فلهذا قال تعالى إننا فى منام باليل والنهار ، وفى الآخرة تكون اليقظه وهناك تعبر الرؤيا .
وليس لمثلى يا صديقى بعد قول الشيخ كلام ................



لا فض فوك د.أنس
شرح وبيان وتفسير جلي .... سلمت لنا بكل خير

محمد رمضان ماضي
07/12/2010, 05h43
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي
أتحفتنا بقبس وقبس ،
حقا ً سيدي ، هي الغفلة ، والغفلة ،
عن الحياة بكونيتها ، عن الحقيقة ،
إستعضنا عن المعرفة بالجزء دون الكل،
أكتفينا بالمجاهر والمعامل، وأيقنا خداعا ً إدركنا للحقيقة،
حتي تحين لحظة الحق ، فلا وسائط.....
( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )
حينها لا ينفع الندم، وللمرء ما قدم
اللهم احسن خاتمتنا وثبتنا على الحق ،
إنك الحق ،
أمين.
شديد الإمتنان لقبس تلو قبس سيدي،
جعلها الله في موازينك يوم الحق ،
إنه سميع قريب مجيب.
:emrose::emrose::emrose:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته