المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبو حيان التوحيدى ( إهداء للشاعر سيد أبى زهده)


عبد الحميد سليمان
23/10/2010, 22h14
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب الأديب الذكى / سيد أبى زهدة
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. وبعد...
من بعيدأراك ترقب التعليقات والإبداعات وتتمحصها وتستغرق أفكار ورؤى أهلها ثم تأتى تعليقاتك بعد لأي مقتضبة لكنها حصيفة ثرية مترجمة أمينة للمثل العربى السائر (خير الكلام ما قل ودل) ومثلى لا يمر بكتاباتك وتعليقاتك مر الكرام فهى تضج بنبل المقصد وسلامة الفكر وفطرية الذكاء وأصيل الموهبة...على هذا كان تعليقى الأخير حينما بادلتنى إبداعا بإبداع إبداع فى تعليقكم على آخر أعمالي المعنون فى هذا المنتدى الرحيب بعنوان (ما لايعود).
أخى الحبيب.... وكأنك تهيب بى أن أكتب عن أبى حيان التوحيدى بعدما لمست إعجابا داخليا منى به وربما مشتركات بيننا... ذلك أخى الكريم بعض من الحقيقة فأنا من الذين فجأهم أبو حيان فقلب حياتهم رأسا على عقب حينما كنت فى سنوات الدرس والتحصيل الجامعى وصرعنى وأذهلنى تدفق فكرى لأبى حيان وعمق تحليلى ليس له نظير فى درته المكنونة ( الإمتاع والمؤانسة) وفى المقابسات وغير ذلك من ذخائره التى تعد من أغلى وأغنى ثمرات التراث العربى... كان التوحيدى عبقريا فذا لكن زمانه كان زمان التناقضات الحادة وبداية البلاء الأعظم الذى نشأ حينها فبدأ سوسا ينخر بدأب وصبر لا يريم ,إبانها قاد المعتزلة النهضة العقلية الفكرية العربية الكبرى ولكنهم ولسوء الحظ وعظم البلاء تغافلوا عن نقد السلطة التى آمنت بهم وبدورهم حينما اشتطت فى اضطهاد معارضيهم من الأشاعرة والحنابلة وغيرهم فكان سكوتهم فتحا لباب من الشر لم يسد وثلمة وثغرة وجرحا فى خاصرة أمتنا فكريا وسياسيا استبيحت به الحريات وما برحت وأهدرت الكرامات وما انفكت وكبتت العقول وما فتئت, ثم دارت الدوائر وتقلب الدهر بالمعتزلة وهو ُقلّب غدار, فاصطلوا بنفس الكأس واكتوى عقلاء الأمة ومفكروها وغيب العقل العربى وطال به الغياب , وبات ذلك جرحا ثخينا لا يندمل...
أخى الحبيب... فى هذا المناخ عاش أبوحيان التوحيدى عبقريا جبارا لا يضاهي فكره فكر ولايبزه نظير فأنف منه أصحاب السلطة وخشوا سلاطة لسانه و مغبات أفكاره فتقاذفوه مرغما حسير الى عولة وفقر ليس مثلهما نظير ولايمكنه لهما فكاكا وبات من المهمشين الفقراء الضعفاء مثلما صار ذلك مصير العباقرة والعلماء والمخلصين (ركز معى أخى الحبيب).جن أبو حيان حين رأى توسد السفلة وغلبة المنافِِقة والممالئِة المتزلفة المتصدرين كل مائدة واللاعقين لكل حذاء, وهو وما أدراك من هو,مافتىء فقيرا طريدا مرذولا,تتقحمه العيون ولا يعبأ به عابئ ولا يكترث له مكترث فسول له عقله أن ينزل من علياء برجه وطوده وكبريائه ويمتطى راحلة واقعه العرجاء السوداء, وانظر آخى الكريم الى وصفه لحاله آنذاك مبررا لقارئه فعله

((لقد اضطررت بينهم بعد الشهرة، والمعرفة في أوقات كثيرة إلى أكل العشب في الصحراء، والى التكفف الفاضح عند الخاصة والعامة، والى بيع الدين والمروءة، والى تعاطي الرياء بالسمعة والنفاق، والى ما لا يحسن بالحر أن يرسمه بالقلم، ويطرح في قلب صاحبه الألم)).
وعلى هذا أمعن التوحيدى فى توظيف عقله ومنطقه تزلفا وتقربا وتحسسا وسعيا لنيل وزارة أو ولاية أومنصب أو وظيفة كالذى ظفر بها مسكويه الذى جلس منه مجلس التلميذ توددا وتزلفا ةتقربا ليجمع بينهما كتابهما المشترك (الهوامل والشوامل)، فحينها وصف أسئلته بالهوامل وترك لمسكويه الشوامل ، ووضع نفسه في مرتبة الشك المتواضع والضعف الهزيل وترك لمسكويه متعة التظاهر باليقين الشامل، وذاك التظاهر هو المفسد للمعارف القاتل للثقافات ومقتلة المفكر الذى يهرب من شك السؤال إلى طمأنينة الجواب.
أخى الكريم....لا تعجب كيف ينقلب الحال فيجلس التوحيدي مجلس التابع من مسكويه ، وهو الذي وصفه قبل ذلك فى مؤلفه الأشهر(الإمتاع والمؤانسة) ,إبان تمرده وثورته وسخريته من ضعفاء العقل والعلم والمعرفة الذين يتهاوون أمام جبروت عقله وخضم معارفه بأنه
((قليل السكب، بطيء السبك، مشهور المعاني، كثير التواني، شديد التوقي، ضعيف الترقي، يرد أكثر مما يصدر، ويتطاول جهده ثم يقصر، ويطير بعيدا، ويقع قريبا، ويسقي من قبل أن يغرس، ويمنح من قبل أن يميه، وله بعد ذلك مآخذ كشدوٍ في الفلسفة، وتأتٍ في الخدمة، وقيام برسوم الندامة، وسنة في البخل وغرائب من الكذب، وهو حائل العقل لشغفه بالكيمياء))
ثم يعود فيصفه على إجماله بأنه ((عيى بين أبيناء وفقير بين أغنياء))ولعلنا يلح علينا سؤال عما ألجأ أبا حيان إلى أن يجلس مجلس التلميذ من مسكويه بعد كل ما قاله فيه, والجواب هو الفقر المدقع الذي اجتمع إلى عقل جبار فآلمه وأثخنه كما لا يفعل بفقيرغيره من أولئك الذين يستسلمون لحظوظهم ويقنعون بحالهم ويعتذرون لأنفسهم ويحلمون بتغير أحوالهم فى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين وهى لهم فى ظنهم دون غيرهم,وهذا دأبهم ومستقر حالهم ,فقر يكلؤه فقر ومسغبة تردفها مسغبة ولا أمل ولاعمل وإنما استسلام وخضوع وقدرية لاتمل ولاتثور.
لكن أبا حيان لم يرضخ ولم يستسلم ووخزه عقله وأوغل لومه فى نفسه بعدما أجهده فقره وأرهقته فاقته ، وجن جنونه وهو يرى الأدنياء ينهلون من فيض الأعطيات السخية التى ضلت طريقها إلى بابه ، فلما ضاقت به الدنيا، نظر إلى مسكويه فوجده يرتع فى بحبوحة معية ابن العميد وأريحيته ،حينما كان وزيرا لركن الدولة البويهي،ولم يكن مسكويه مجرد أمين مكتبته و إنما كان مستشارا له وعلى هذا تفتق ذهن التوحيدي عن حيلة الأسئلة والأجوبة فى كتابيهما (الهوامل والشوامل) ليصل خيطه برجل تلتقي عنده خيوط كثيرة لعل فى ذلك منجاة له بعدما تنكر له الجميع،.لقد كان أبو حيان التوحيدي صريحا فى وصفه حاله المزرية بين أهل زمانه وسعيه لنيل ما يرفع به خسيسته بين الناس ويقهر ضعف حاله ووحشى فقره,ولكن لاحياة لمن تريد فما أغنى عنه أفكه وزوره وما كسب فاصطلى بنارين ذواتى لهب, نار لومه لنفسه ونار لوم غيره واستهزائهم وتقريعهم وشماتتهم فيه ونار إحساسه بفشله واستفحال عوزه وخيبة سعيه, عندها عاش وحيدا منبوذا غير مرحب به لا بين الفقراء رفقاء حاله وواقعه, ولا بين العلماء الذين استنكروا تطلعه وتبدله ولم يعد ممكنا له أن يقرع آذانهم بقضايا الحرية والعلم الأصيل وتقمص دور المثقف الرائد مثلما كان غير مرحب به بين الوزراء والكبراء الذين ركلته مجالسهم وتقاذفته عيونهم وأقدامهم وألسنته واستمرأت التسلى بهزاله وفشله وغبائه...أخى الكريم.. هكذا عاش أبو حيان التوحيدى حسيرا أليما معوزا فقيرا, فلما استعرت نار غله وحقده أقسم ليحرمن أولئك القوم ومن بعدهم مما فاض به عقله من روائع المؤلفات فأشعل فيها نار غيظه ولهيب موجدته وضرام يأسه ولم يسلم منها إلا القليل.
...أخى هى مأساة اليوم وكل يوم وليس عندى من الوقت وللأسف الشديد ما يمكننى من الاستطراد فى الشرح والسرد ,لقد فعل ذلك الدولاب بأبى حيان التوحيدى ما فعله بغيره من العباقرة الذين عاصروه ومنهم سيد شعراء العربية أبوالطيب المتنبي الذى سعى إلى ما سعى إليه أبو حيان ولجأ إلى ابن العميد مثلما لجأ, بعدما عاش فى بلاط بنى حمدان فى حلب دون أن ينال ما يتمناه وهو ولاية من الولايات كانت تسند للعبيد وللجنود وللسدنة وللسفلة لكنها تأبى عليه وتستطيل, واضطر إلى ترك بلاط سيف الدولة الحمدانى ورحل الى مصر وأسرف فى مدح كافور الإخشيدي وهو يعلم أنه خصى من عبيد بنى الأخشيد فما أغنى عنه تزلفه وما كسب فهجاه بقصيدته الشهيرة التى افتتحها بقوله:

عيد بأية حال عدت يا عيد...بما مضى أم لأمر فيك تجديد

الى أن قال هاجيا كافور مبديا سخطه ويأسه لامزا له فى أصله وفصله:

لاتشتر العبد الا والعصا معه...إن العبيد لأنجاس مناكيد

إلى أن وقع فى أيدى اللصوص الذين كانوا يكمنون في الطريق من واسط إلى بغداد ,وحين نصحه الناصحون وحذره المحذرون ألا يسلك ذلك الطريق فأبى عليه كبره وثارت كرامته واستنكر سابق قوله وادعاؤه وعاجز شجاعته أن يقف أمام ناصحيه وجلا خائفا يترصد فلم يعبأ بنصحهم ولم يتحسب لمعقبات أمره وكيف له أن يرتجف أو يستسلم للخوف وهو من راج فخره بنفسه وسرى بين العرب شعرا جبارا عتيا:

الخيل والليل والبيداء تعرفنى... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

هكذا سعى المتنبي الى حتفه بظلفه وسار مع ابنه وبعض غلمانه، فعرض له فاتك بن جهل الأسدي في جماعة من شانئيه، وكان قد هجا أخته وأفحش فى هجائها، فقتله وتناثر ديوانه الذي خطه بيده، بعد حياة حافلة بالطموح والفشل.
أخى الكريم..هى إذن مأساة المثقف العربى وملهاة الواقع الغريب السقيم والشر المستطير المستديم الذى لا يميز بين غث ولا ثمين فى أزمنة الرويبضة التى توسد الأمور فيها الى غير أهلها والذى حذرنا منه رسولنا الكريم فى قوله صلى الله عليه وسلم (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فارتقب الساعة) وللساعة هنا معان كبيرة بالغة الأهمية عميقة ثاقبة النظر وليعى الواعون وليتدبر المتدبرون ,ومعلوم مستقر أن توسيد الأمور إلى غير أهلها فعل الحمقى والسفلة والمستغلين ولا تكاد الحيوانات فى غفلتها تفعل ذلك أما نحن فنفعل بلا مخافة من لومة لائم ولاثورة ثائر ولا استفاقة تائه غائب نائم, ولا ولن يرثى أو يثور لنا أحد حتى لو أتت علينا فادح العلل التي أوهنت جسم الأمة وهدت كيانها ,ولولا بقية من أصول ومن دين لخرجنا من التاريخ الذي ذهب بعض الأوعياء إلى أن العرب قد خرجوا منه بغير عوده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ولا كاشف لذلك إلا هو يصيب برحمته من يشاء ولا يرد بأسه عن القوم الكافرين...أخى الكريم هذا غيض من فيض وأحيلك وأحيل القراء إلى (أبى حيان الدمياطى) التي تضمنتها صفحات هذا المنتدى الرحيب وتناولت فيها ذلك فى إسقاط على واقعنا الأليم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

أ/ د عبد الحميد سليمان

abuzahda
23/10/2010, 23h50
سيّدي الجليل
الأديب
:emrose:الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان:emrose:

أستحي ، في حضرتكم ، من محاولة صياغة عبارة تتسع للكشفِ عن امتناني لكريم عطاياكم

فإن ظننتم أن قصور قدرتي على صياغة تلك العبارة ، من باب : خير الكلام ما قل و دل !

فهذا مرجعه لأستاذيتكم النبيلة السخيّة ،

أمّا عن :emrose:سيّدي أبي حيّان:emrose: ، فإني أشهد الله أني لم أقرأ من أنواره إلاّ : الإمتاع و المؤانسة ، و الإشارات الإلهيّة

منذها ، و حيرتي منه مُقيمة : كيف ينشئ العبارة ؟!

لكأني به كان يُعرِِبُ الجُملة َ ، قبل اللفظ

و أراه ، رضي الله عنه ، قد استوسط مابين غموض النـِّـفـَّري ، رضي الله عنه ، و سطوع ابن عطاء الله السكندري ،

أقصد نتاجهم الأدبي ، عليهم رضوان الله ،

فإن تشابهت الحِكم العطائية مع الإشارات الإلهيّة ، فإنها لا تشابه المواقف ، و لا المخاطبات ....
بينما تجد السالك دربهم ، توصله الإشارات الإلهيّة إلى المحطة ! التالية : المواقف ، و المخاطبات

و لعلك ، سيّدي ، و أنت من أربابها ، ترى أن اللغة العربية قد ارتفع سقف معانيها على أعمدة الأدب الصوفي العجيب ،

ترى أن أولائك الأطواد العظام ، قد دفعوا اللغة العربية إلى اللهاث خلف مواجيدهم ، تستولد ألفاظاً تتسع للمفهوم الصوفي ،

،

سيّدي المؤدِّب الأديب

المتنبي الذي قتله شِعرُهُ ، كان يسير بالجهة الأخرى من الطريق ، فبينما كان سيدي أبو حيان يُنفذ حُكماً لكسر الكِبر ، كان المتنبي ينفذ حكم نفسه الشرهة للقرب من السلطان ،

فالقوم ، عندهم لتأديب النفس طرائقٌ أعاجيب ، و مجاهداتهم ، منها ، ماتنوء الجبال بحمله ......

و لعلك تعلم ، سيّدي ، أن مِن أعيانهم مَن كان حُكْمُهُ : الصمت ! ، أو ادعاء الجنون ،

و عند التسلي ، بقراءتهم ، عن هم الدنيا ، ترى من الأخبار الموثوقة و النكات المحبوكة و العبارات المسبوكة ، ما يحملك على جناح الدهشة ، فلا تزال محلقاً بروضات لمعاتهم السَنِيّة ،

،

بذلك الزمان ، يا سيّدي ، كان المُريد يتعلق بأعتاب الزاوية بالشهور ، حتى يؤذن له بالدخول
( لم يكن هناك إنترنت! و قص و نسخ )

،

و على ذكر أحكام المجاهدات ، أسوق لأنسِكم قصة التقطتها من خمائلهم ،

ألح أحدهم على الشيخ أن يقبله بالزاوية لخدمة إخوانه (بزمن المماليك البحرية - مصر المحروسة) ، و كان رجلٌ مهيبَ الهيئةِ عظيمُ العمامةِ ، يبدو أنه تاجر ....
فلما سأله الشيخ: ماذا عندك من متاع الدنيا ؟

راح يعدد له المتاجر و المخازن و الضياع و الخيل ..... إلخ ،

قال له الشيخ (مُختبراً صدقه) إذهب و دعها عنك ، ثم ارجع لنا
عاد الرجل ، بعد وقتٍ ، على ذات الهيئة العظيمة ، يقول للشيخ : تصدقت بها !

فقال له الشيخ: خلعتها من خزائنك و لم تخلعها من قلبك !
ثم نزع عمامته و علق برقبته كوزاً (بنص الكتاب) مملوءاً لوزاً ، و قال له تسير بالسوق فمن قذفك من عيال السوقة بحجر فاعطهِ لوزة ، حتى يفرغ الكوز ، فتأتينا لنملأه ثم تعود ،

،

يقول راوي (شاهد) الواقعة ، أن الرجل بقي على تلك الحال فترة من الزمن ، فلما قبله الشيخ أسند إليه مهمة تنظيف الميضاء و الملاقي! (بنص الكتاب) ،

يقول أكمل عامين قبل أن يوكل بالقناديل ، ينظفها و يتعهدها بالزيت .....
،
و هذا من أيسر طرائق المجاهدات ، ناهيك عن السياحة أو دخول الخلوة

،

هل كان تقربه من مسكويه لمعرفة طريقته في الكيمياء؟

فالسادة المتصوّفة يبغضون المشتغلين بالسيمياء و أشباهها ، لما كانت تنطوي عليه - في تلك الأزمنة - على صغائر خلقيّة ، تتمثل في الإستخدامات السُفليّة و الإتصال بطوائف الجن ، مؤمنها و كافرها !

ولا تزال كتبهم - للأسف - تباع في العديد من العواصم العربية ، و فيها طرق ، يدّعي ناقلوها أنها التي كان يعمل بها قارون (!!)

،

هذا ليس دفاعاً عن سيّدي أبي حيّان ، و قد باغتتني تلك الحقائق عنه ، إنما لكوني أقرأ التوحيدي ، على أنه يكتب بإلهامٍ لا يليق إلاّ بزاهِدٍ في متاع الدنيا


و لولا بُعدي عن القاهرة ، لوجدتني الآن أزرع شوارعها بحثاً عن كل ما كـُتب (من و عن) أبي حيان التوحيدي

،

سيّدي الجليل
الأديب
الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان

لا زلتُ مغموراً بفيض الإمتنان لشخصكم الكريم ، لا حرمنا الله علمكم ، و غاية المُنى أن يفيض سخاءُكم بقبول هذه السطور ، إبنة عفو الخاطِر

عبد الحميد سليمان
24/10/2010, 20h06
بسم الله الرحمن الرحيم

إيه أبا زهدة الرائع العجيب , نفرت مع النفرى وغرقت فى بحار السكندرى ولا أراك بعيدا عن مثنوى مولانا جلال الدين الرومى ولا عن سياحات سعيد النورسى وأراك أسير محيى الدين بن عربى وابن الفارض والسهروردى... أيهذا الذى تستهيج مشاعرى ومكنوناتى وعالمى, أعدتنى الى أيام لى خلت آنست فيها إلى بحر من الاستغراق والرؤية خضته حينما خصنى قدرى بصحبة المرحوم العلامة الأستاذ الدكتور إبراهيم بسيونى محقق لطائف الإشارات للقشيرى فى تفسير صوفى كامل للقرآن الكريم,كان هذا البحر الفهامة من أبناء قريتى المترعة بالعلم والمستظلة بالقرآن الوادعة إلى العدوة الغربية من نهر النيل كفرسليمان البحرى وفى عمر آبائى لكنه فى عالمه الخاص لا يحادث أحدا إلا خلصائه وأهله ذلك أن هذا الجبل العلمى الأشم انغلق على نفسه حينما فجعه جهل من يحسبه الجاهل من العلماء من التشدق والجعجعة التى لا ترى لها طحنا , وأسلم نفسه إلى تأملاته فكان يجوب القاصيات من الحقول والشجرات العتاق التى استظل بها صغيرا وشاخت معه لكنها لم تجهله وبشت لمقدمه,كان يستلقى تحتها شادها إلى السماء والى الفضاء العريض لا ينزع اهتمامه أو يستثيره منازع أو مستثير وإن جل فهو فى بحر تأملات لا يحد مداه, وما كان لمثلى أن يترك الأمر دون استكناه الحال وبل الصدى من هذا البحر الذى لا تدرك شطآنه فتحسست دروبى اليه ولم أفجئه بأسئلتى المختزنة المضطرمة وإنما بقيت أتحين فرص الاقتراب من عالمه و من السوانح النادرات من فرص الجلوس إليه والامتثال بين يديه, وشيئا فشيئا بدأت أجذب اهتمامه بأسئلتي ومداخلاتى وأدبى الجم ومعرفتى قدره وضآلة حالى وشح بضاعتى ومن أعرف بقدره منى .. أبا زهدة الحبيب ... قنصت ثقته وأطرى يفاعتى وعميق فهمى واستيعابى وأسئلتى ففاض بحره وهمى غيثه وسمعت منه ما لم أسمعه من قبل وعرفت ما لم أعرفه وعدت به مرة أخرى إلى سنوات تحصيلى الجامعى الأولى وأنا أحمل لقب أستاذ مساعد حسبما صنفتنى اللجنة العلمية للترقية دون أن تدرى رقة حالى وهزالى العلمى والفكرى التى استبانت جلية صريحة سافرة فى سياحاتى فى عوالم الرجل, ولكنها حقيقة أمرى وحالى بعدما تفيأت دوحته وامتحت من فيض علمه... آه أبا زهدة الحبيب وهو يحدثنى عن تفسيره لكتابيه( نحو القلوب الصغير ونحو القلوب الكبير) آه لوكنت معى تختال عبره رحمة الله على شاعر الجندول على محمود طه..أحيلك أخى الحبيب إلى مثنوى مولاى جلال الدين الرومى ترجمة وتفسير أستاذى المرحوم الدكتور ابراهيم الدسوقى شتا دون أن أغمط ترجمة الدكتور محمد عبد السلام كفافى حقها وأهميتها وأحيلك وأحيلك فعليك يا حادى الأظعان أن تطوى البيد طى منعما وتعرج على كثبان طى,
أبحر يا رجل واعلم أن الحقيقة على غير ما يرى سواد الناس­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­­ وراسلنى على الخاص حتى أنقل اليك القاهرة بدلا من أن تجوب دروبها بحثا عن إبداعات أبى حيان وسوف أبدد ليل غربتك بما أرسله اليك إن شاء الله من الذخائر فمثلك لا يترك وإنما يدخر ويستأثر... سلامى إليك والى من يقرأ هذه الكليمات ورحمة الله وبركاته

abuzahda
24/10/2010, 23h55
سيّدي الجليل
:emrose:الأستاذ الدكتور عبد الحميد سليمان:emrose:

تتوالى ، تلك التي سمّيْتموها بفضلكم : "مُشتركات بيننا" ،
و لست أراني إلاّ طامعاً بقبسٍ من تلك الأنوار التي ترفلون فيها منذ صباكم المُبارك ،

و ما إلحاحي عليكم بمنحي مقامَ "مُريد" ،
إلاّ لأكون منكم ، كما كنتم من سيّدي الدكتور إبراهيم بسيونى ، عليه رحمات الله و رضوانه.

،

سيّدي ،
كانت الرسالة القشيريّة ، بوابة ولوجي فهم حقيقة التصوّف ، بعد دهرٍ من الإلتباسات بين السماع و القراءة ،

أما سيّدي عبد الجبّار النفري ، فقد جذبتني إليه عبارة ، إستهل بها أديبٌ مقالته بجريدة الخليج
(الصوفي الرائق ، الأستاذ جمعة اللامي – أدام الله إبداعاته و متعه بالصحةِ و طول العمر)


العبارة النورانيّة ، من موقف " الوقفة" ،
حيث قال رضي الله عنه : حَارَ كلُّ شيءٍ في الواقِف ، و حَارَ الواقفُ في الصمود .


تحارُ ! لغتي - حتى الآن- في وصف حزمة المشاعر التي فككتها تلك الجملة بعمق روحي (..)


فكان من فضل تلك الجملة أن هدتني إلى قراءة سيدي النفري ،
و كان من كرامات النفري ، حيازتي شرف معرفة الأستاذ جمعة اللامي ، وهو - الآن - يكتب خصيصاً لجريدتنا "البلاد" الكنديّة ، التي أتشرف بالإنتساب إلى أسرتها .

،

نعم سيّدي ، ما أجمل صحبة الأبرار أهل الأنس بالله ، هم أهل العلم و أهل الصِلة ،

و لعلك قد رأيت أحوالهم عن قرب ، بصحبتك سيّدي الدكتور إبراهيم بسيونى ، فلا تزال تنير مواطن الغفلة بعتمة روحي ،


تذكر مولانا الرومي (البلخي) سيّد شعراء فارس ، و تحدثني عن صاحب الفتوحات .....

حنانيك سيّدي! ، فكيف لقلبٍ (بحجم حبة كمثرى !) أن يتحمل هكذا خفقان ؟!


مُريدُكم ظاعنٌ منذ أمدٍ ، سيّدي ، بدرب الغفلةِ و الجهل ، و الحادي يُمهل الدربَ ولا يمهلني ،
،

من ألهمك ذكر سيّدي عمر ابن الفارض ؟
ألأنك سمعته يقول: عَجِّل برميةٍ ؟ رأيت أن تـُعَجّل أنتَ سيّدي !

،



سيّدي ، الأديب
منذ منتصف ليلة أمس ، و الضباب يلف تورنتو ، و كأن السماء دنت من الأرض ، بينما كنت أدنو من أنواركم عبر مهاتفة :emrose:سيّدي الدكتور أنس البن:emrose: ،

كنت أكشف له عن تحوفي من مآخذٍ - قد تكون لكم – على مُشاركتي السابقة ، خاصةً و أنها تُشبه هذه التي أسطرها مُسترسلاً بلا منهجةٍ و لا تخطيط ،

فحدثني عنكم و عن كفر سليمان البحري ، و عن مؤلفاتكم التي طوّفتم بها الفِكر على كل نحو ، حتى أدهشني أنكم كتبتم عن المهمشين ببر مصر المحروسة ، كتاباً أحلم بقراءته ،

ثم أوشك أن ينفحني رقم هاتفكم ، لكننا ننتظر "بعد" إذنكم
ليكون حديثنا هاتفياً وقاية لسقف "المسموح" في سماعي الرائع من الخرق ،
،

أعود - الآن - إلى سيرتي الأولى :
طلب العفو عما شاب مشاركاتي من "إندفاع" الطامعين في التعلم

د أنس البن
25/10/2010, 07h52
حضرات الساده الكرام
حراس العلوم والمعارف
وأهل الأذواق والمواجيد

جالس القرفصاء فى مكانى فى الصف قبل الأخير
أنصت مدهوشا إلى محاضرة الأبرار
ومسامرة الأخيار
أحاول قراءة ما أسمع
من علوم ساداتنا وفيوضاتهم
لا أجد حقيقة ما أكتبه من تعليق ولا أتجرأ
إلا
إستعارة ما قاله شيخى وقرة عينى الشيخ الحاتمى الأكبر
مؤدب الأولياء ومعلمهم
فى مقدمة كتابه
"محاضرات الأبرار ومسامرات الأخيار"
الذى أسعدنى زمانى باقتناء الجزء الأول منه
يقول رضى الله عنه ونفعنا بقبسة من علومه وذخائره

::::::::::

الحمد لله
الذى
أطلع شمس الفوائد فى محاضرة الأبرار
وجعل نظام القلائد فى مسامرة الأخيار
وأودع الفرائد فى مجاورة الأحرار
وأوضح الحكم فى مجارات الحكماء
وأبان جوامع الكلم فى مبارات العلماء
وضمن الأسرار فى مطارحة الأحباء
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

*******

عبد الحميد سليمان
25/10/2010, 20h03
بسم الله الرحمن

أخوى الحبيبين الدكتور أنس والأستاذ سيد أبو زهده... سلام الله عليكم وعلى من يطالع هذه الصفحات وعلى مرتادى هذه الدوحة العامرة الوارفة فى منتدى سماعى... وبعد...
أما تلك الحميمية وذلك المستوى الرفيع من النقاش والحوار العلمى الأخلاقى رفيع المستوى فقد استنهض منا الهمة وكدنا نبوح بما لا ينبغى البوح به ورحمة الله على الشاعر الذى قال:
ولو بحت لانمحت النجوم من السما... وعطلت أفلاك بهن تطير
ولكننى أخفيت ما بى وإنما.......لكل غرام عاذر وعذير
آه من البوح ومعقبات البوح ... أخوى الحبيبين... لكما عميق امتناني وحبى ومخلص دعائى ولولا أن طلابى وطالباتى وأحباء كثر لى يتواصلون مع المنتدى ويقتفون أثر ما أكتب أو يكتب لى ولولا مخافتى عجزى عن رد سيل اتصالاتهم ولى من فضل الله بابتلائه ما يحول بينى وبين كثرة استخدام التليفون...لولا ذلك لكتبت رقم تليفونى على هذه الصفحات فاتصالك أخى أبى زهدة غاية سؤالى ومنتهى أملى بعد ما أقمته من هيكل كان يتداعى منى ويئوب ثم يتداعى لكنه بعدما كتبته انتفض كما انتفض العصفور بلله القطر حين ولج بك بحر تيه لا يحد مداه .. أخى الكريم أرسل إلى ايميلا أو اتصل بأخينا الأريحيى المفضال الدكتور أنس ولا ينبيك مثل خبير,,, بوركتم وعوفيتم ووقيتم ودمتم وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته