المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أم على " بقلم : أحمد عطية "


أحمد عطية
28/07/2010, 14h43
http://a.imageshack.us/img225/6094/p0920071023pic1full.jpg

جلست أم علي ، تستند بظهرها إلى شجرة التوت الضخمة .. نظرت حولها لحظات .. ثم استقرت عيناها على الجانب الآخر من الترعة .. بعد لحظات ، امتدت يدها إلى براد الشاي أمامها .. أمسكت به وبدأت تصب الشاي فى كوب كبير ، ثم راحت تحتسيه على مهل .
ليلتك طويلة يا أم علي .. سوف تقضينها ساهرة .. وهذا الشاي الثقيل المر مثل العلقم سوف يطرد النوم من عينيك .
لكن لا .. إنها تشعر برمال تملأ عينيها وتثقل جفونها .. تحس برأسها تسقط على صدرها ، لكنها رفعتها بسرعة .. راحت تهزها يميناً ويساراً .. كأنما تنفض عنها النوم فى قوة .. لن تذوق عيناها طعم النوم هذه الليلة .
الجاموسة ترقد فى فناء الدار تجتر طعام العشاء بصوت مسموع .. وذلك الرجل الذي يختبئ هناك على البر الآخر من الترعة ، لن يتركها .. انه يأتي بلا حس ولا ضجة .. يقبع فوق عيدان الذرة الجافة .. لص فاجر ، نزل على القرية كالقضاء والقدر .. يختفي بالنهار ويظهر مع الليل .. يدهم الدور وبيده مدفع رشاش ، يرش به الموت ويثير الرعب .
أمسكت بعصا زوجها .. راحت تحركها فى قوة .. همست قائلة وهى ترفعها إلى أعلى :
· لتمسكيها بقوة يا أم علي .. وتفتحي عينيك .
ولكن النوم .. النوم الثقيل يطبق على عينيها .. تشعر بخدر لذيذ وثقل فى الجفون .. وحنين إلى النوم لا يقاوم .
تثاءبت من أعماقها ، وهى تتمنى أن تنام ولو ساعة واحدة .. فالنوم سلطان كما يقولون .. لكن لا لا .. انتفضت فى جلستها وهى تطلق الكلمات بانفعال .. النوم مصيبة .. مصيبة كبيرة .. تفيقين منه يا أم علي فتجدين أن الجاموسة العزيزة قد اختفت من الدار .. وأن زوجك كما هو .. يرقد مريضاً تعتصره الحمى .. آاااااه .. آه لو أستطيع فقط أن أسهر حتى الصباح .. آه لو أستطيع أن أقاوم هذا النعاس المستبد ، الذي يكاد أن يغلبني على أمري .
وفى عزيمة قامت من قعدتها .. راحت تسير جيئة وذهاباً أمام الدار .. ربما يطرد المشي النوم .. لكن خطواتها تثاقلت بعد فترة ، وعجزت ساقاها عن حملها ، فتهاوت فى مكانها على الأرض .. وتهيأت لتضع ذراعها تحت رأسها كأنه وسادة .. تريد أن تنام فترة قصيرة فقط .. غمضة عين تقوم بعدها نشيطة .. بل موفورة النشاط .. ولكن لا .. لا يا أم علي .. هذا لن يكون أبداً .. وفى تصميم دفعت الأرض بكفيها لتستوي واقفة ، ثم تناولت العصا ومضت خطواتها نحو الترعة .
نزلت حتى حافة الماء .. شمرت عن جلبابها وعقدته على وسطها .. ومدت قدميها بتوجس داخل الماء .. حتى استقرت على القاع ، وغاصت فيه قليلاً .. وتتابعت خطواتها والماء يغمر جسدها كلما تقدمت .. حتى وصل الماء إلى صدرها ، ثم أخذ ينحسر عنها وهى تأخذ طريقها إلى الضفة الأخرى من الترعة .. وأفكار مخيفة تلعب برأسها .
فى النهاية .. وجدت أم علي نفسها وقد أصبحت على الناحية الأخرى .. ففكت ثوبها المعقود إلى وسطها .. ثم صعدت فوق عيدان الذرة فى خطوات متلصصة ، وحدقت بعينيها تريد أن تشـق أستار الظلام .
كان ثمة ضوء خافت ينير الأفق .. مشت خطوة .. اثنتين .. ثلاثة .. ثم توقفت .. هاهو اللص .. قاطع الطريق الشرس ، الذي أرهب البلاد والعباد ، يرقد أمامها فوق أعواد الذرة .. وإلى جانبه المدفع الرشاش .. فمه مفتوح ومن فوقه شارب مهول .
تقدمت فى حرص .. وقلبها يدق دقاً عنيفاً .. تشعر كأنها تمشى على الهواء .. حركة طائشة أو صوت بسيط ، ويصحو اللص .
مدت يدها فى خفة قدر استطاعتها وأخذت المدفع الرشاش .. ثم ارتدت إلى الخلف .. أحست برعشة ويدها تلامس حديد الرشاش .. ودت أن تصوبه نحو اللص ، وترشق جسده كله بالرصاص .. لكنها تعرف أنها لا تستطيع .. ذهبت فى هدوء إلى شاطئ الترعة .. ألقت المدفع فى قاعها .. ثم عادت إلى اللص الذي كان يرقد مطمئناً ، ولا يشعر بما يدور حوله .. وخزته بطرف العصا فقام قاعداً .. بحثت يده فى فوضى عن مدفعه الرشاش .. عندما لم يجده .. قام خائفاً وهو يتراجع إلى الخلف أمام الشبح المنتصب أمامه يمد نحوه شيئاً كماسورة المدفع .
ابتعد اللص بظهره خطوات ، ثم قفز كمن لسعته أفعى .. وأطلق ساقيه للريح .. وكانت أم علي ترقبه فى ارتياح ، حتى أصبح نقطة سوداء فى الأفق ، ثم اختفى .. وفجأة .. ودون سابق إنذار .. ودفعة واحدة .. حل التعب على أم علي .. وشعور بالأمن والأمان يملأها .. ويشيع فى نفسها رغبة حارة فى أن ترقد وتنام .
ارتفع صوت خوار الجاموسة من الضفة الأخرى .. وشقشقت العصافير والطيور ، تحيى مولد الفجر الجديد .. وانتشر الضياء يمسح الظلام .. بينما تذكرت أم علي أعباء اليوم الجديد ، فمضت عائدة إلى بيتها ......


*****

NAHID 76
28/07/2010, 18h15
بسم الله الرحمن الرحيم
الفاضل أحمد عطيه
حمدا على عودتك الجميله بقصه أم على
لقد أرفقت لها صوره تعبر قسمات وجهها عن كل ما كتبت وتريد أن تقوله من عزيمه وقوه الفلاحه الواعيه الصلبه
هى حقا هكذا صورتها بدقه ووعى
فرحنا بلقائك سيدى وفى الأنتظار

سلوى خزبك
29/07/2010, 10h17
http://a.imageshack.us/img225/6094/p0920071023pic1full.jpg




قصة جميلة بها احاسيس متضاربة من الخوف والشجاعة ومن الرغبة فى التقدم الى الامام والتقهقر نحو الخلف ، وفى النهاية يتغلب التصميم والعزيمة لتنهى عذاب الخوف والتهديد للقرية ولام على.
اعتقد ان الرمز فيها ناجح جدا ويمكن أن يطبق فى نواحى شتى لتصلح الكثير فى حياتنا وتحل الكثير من قضايانا.
شكرا لك ياستاذ احمد على هذه القصة القصيرة مع الصورة المعبرة التى ارفقتها بها.

أحمد عطية
29/07/2010, 12h50
بسم الله الرحمن الرحيم
الفاضل أحمد عطيه
حمدا على عودتك الجميله بقصه أم على
لقد أرفقت لها صوره تعبر قسمات وجهها عن كل ما كتبت وتريد أن تقوله من عزيمه وقوه الفلاحه الواعيه الصلبه
هى حقا هكذا صورتها بدقه ووعى
فرحنا بلقائك سيدى وفى الأنتظار

سيدتى الفاضلة
ثناءك على القصة أسعدنى
وبالفعل بحثت طويلاً على جوجل
لكى أعثر على تلك الصورة المعبرة
للفلاحة المصرية
لتكون رابطاً بينها وبين " أم على "
التى فى مخيلتى
شكرى يسبقه تقديرى
لشخصك الكريم

أحمد عطية
29/07/2010, 13h19
قصة جميلة بها احاسيس متضاربة من الخوف والشجاعة ومن الرغبة فى التقدم الى الامام والتقهقر نحو الخلف ، وفى النهاية يتغلب التصميم والعزيمة لتنهى عذاب الخوف والتهديد للقرية ولام على.
اعتقد ان الرمز فيها ناجح جدا ويمكن أن يطبق فى نواحى شتى لتصلح الكثير فى حياتنا وتحل الكثير من قضايانا.
شكرا لك ياستاذ احمد على هذه القصة القصيرة مع الصورة المعبرة التى ارفقتها بها.

بالفعل سيدتى قوة أم على فى عزيمتها وعقلها
فقد سلبت من اللص أهم أسلحته وهو المدفع الرشاش
وبدونه ومع الظلام ووجود العصا زالت عنه قوته وفر هارباً
وهذا ما قصدته أن القوة الجسدية ليست كل شىء
بل أهم منها كثيراً إعمال العقل
ولقد بحثت كثيراً عن الصورة المرفقة
لتكتمل عند القارىء الصورة الذهنية مع المرئية
تقبلى سيدتى خالص وأرق التحايا

محمد رمضان ماضي
30/07/2010, 17h19
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الكريم ، قصة ذات مغزي ،
الهجوم خير وسيلة للدفاع ،
غلبت المباشرة سيدي بعض الشيء ،
مع الإستطراد في السرد والوصف ،
ولكن لا تخلو من روعة تحياتي سيدي
:emrose::emrose::emrose:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

NAHID 76
30/07/2010, 19h38
بسم الله الرحمن الرحيم
أرى من وجه نظرى أخى محمد رمضان أن القصه محورها الأساسى تقوم على شخصيه واحده ألا وهى أم على والكاتب أراد أن يوصل لنا كيف أن الفلاحه تمثل العمود الفقرى فى الأسره وهذا من وجه نظرى فكره الكاتب لذلك كان من الضرورى أن يستطرد فى وصف حيرتها وخوفها وينقل لنا صوره لصراعها مع النوم ورغبتها فى اليقظه
مما جعلنا نعيش نفس الحيره التى تعيشها ونحن نقرأ العمل
وكونه يركز على شخصيه واحده تكون مساحه العمل ضيقه فلا بد له من التكرار حتى ينقل لنا ما يريد
أرى ان ذلك خدم الموضوع
تحياتى

الباشاقمرزمان
31/07/2010, 01h07
بسم الله الرحمن الرحيم
أرى من وجه نظرى أخى محمد رمضان أن القصه محورها الأساسى تقوم على شخصيه واحده ألا وهى أم على والكاتب أراد أن يوصل لنا كيف أن الفلاحه تمثل العمود الفقرى فى الأسره وهذا من وجه نظرى فكره الكاتب لذلك كان من الضرورى أن يستطرد فى وصف حيرتها وخوفها وينقل لنا صوره لصراعها مع النوم ورغبتها فى اليقظه
مما جعلنا نعيش نفس الحيره التى تعيشها ونحن نقرأ العمل
وكونه يركز على شخصيه واحده تكون مساحه العمل ضيقه فلا بد له من التكرار حتى ينقل لنا ما يريد
أرى ان ذلك خدم الموضوع
تحياتى


أنا لا أختلف في ان الموضوع جميل وشيق ولكن المباشرة قللت من انجذاب القارئ بعض الشئ والاستطراد إن لم يكن في محله يقلل انجذاب القارئ وخاصة أن القصة القصيرة تعتمد على التركيز حول الشخصية في اسلوب سلس متتالي والكلام يسير في ساق متتالي يرسم صورة الشخصية وما تبدو عليه بحيث يرسم القارئ صورة الشخصية ويتخيل حالتها وحالة التوتر التي تعانيها وحالة النوم كما أن ذكر حكاية اللص الذي أرهب القرية جاء في غير أوانه وكان يجب أن يذكر عندما وجدته أمام عينيها بعد أن عبرت الترعة لأن الغموض الذي يجذب القارئ ويشده تم الإفصاح عنه مبكراً .

شكرا لكم ومع ذلك نستطيع أن نقول العمل جيد

kingmoon
25/01/2011, 12h40
الاستاذ والكاتب .. احمد عطية
هذه هي أولى مشاركاتي في المنتدى الراقي بكتابه ومتابعيه
وجذبتني قصتك لما فيها من احاسيس سبرت غورها بقلمك الرشيق المشاكس
اشد على يدك
وأتمنى الأستمرار بهذا الابداع
متابع لك
^
^
^
كنج مون
...................شكرا