المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاغنية البغدادية وعقدها الذهبي


فاضل الخالد
14/05/2010, 08h20
الأغنية البغدادية وعقدها الذهبي
---------------------
ان الاغنية البغدادية هي الابنة الشرعية للبستات والردات التي كان يختتم بها قراء المقامات العراقية مقاماتهم او تلك التي كان يرددها ابناء بغداد في افراحهم ومسراتهم كالاعراس مثلا لاسيما في العقدين الاولين من القرن العشرين
وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة ونتيجة للاستقرار النسبي فبدات تظهر ملامح جديدة لهذه الاغنية في نتاج شعراء وكتاب عديدين وعلى راسهم الاستاذ عبد الكريم العلاف وكذلك الشاعر ملا عبود الكرخي وآخرين وقد قاد تلحين تلك الاغاني الموسيقار صالح الكويتي وكذلك اخيه داود فانتعشت الاغنية لوجود مطربات قديرات في الاداء كسليمة مراد ومنيرة الهوزز وزكية جورج وسلطانة يوسف واخريات خاصة وقد ظهرالى الوجود في تلك الحقب الملاهي الليلية التي هي الطريق الطبيعي لانتشار الاغنية قبل تأسيس الاذاعة العراقية عام 1936 .
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 بدأت تظهر اواخر الاربعينات ملامح جديدة للاغني البغدادية نتيجة لبدايات النهضة العمراني فيها وكذلك ةالمشاريع الصناعية والتجارية الكبيرة مما زاد في تطورها الحضاري لاسيما في الجانبين الفني والادبي حيث ظهرت ملامح نهوض كبير فيهما ووجود نخبة مثقفة ثقافة موسيقية متخصصة سواء في معهد الفنون الجميلة او في الاذاعة وكذلك برز كتاب اغني كبار وفي مقدمتهم الشاعر سيف الدين ولائي وجبوري النجار وسبتي طاهر وامل سامي وهلال عاصم وآخرون عديدون
فأسسوا لاغنية بغدادية بكلام بغدادي يرقى الى ما تتناوله النخب المثقفة في احاديثها اليومية وكذلك بقية ابناءها الذين حظيوا بتعليم راق او متوسط وقد ظهر في تلك الحقبة في اوائل الخمسينات موسيقيون وملحنون في بغداد صاغوا الحانا لتلك الاشعار وفقا لمعايير علمية تتناسب مع الذوق العام البغدادي او لترتفع به وكان في مقدمة اولئك الملحنون الافذاذ في ذلك العقد كل من ودبع خوندة( سمير بغدادي) واحمد الخليل ويحيى حمدي وجميل سليم ورضا علي وخليل محتار وناظم نعيم وآخرون غيرهم
اما على مستوى الاصوات فقد تفرد صوتان نسائيان باداء الاغنية البغدادية اداءً منقطع النظير في ذلك العقد ونعني بهما الفنانتان القديرتان عفيفة اسكندر ومائدة نزهت اللتان لا تضاهيمها فنانة بغزارة الانتاج الفني الغنائي بالاضافة الى الصوتين النسويين المغردين كانت هنالك اصوات رجالية نهضت باداء تلك الاغاني الخمسينية وفي مقدمتهم محمد كريم ومحمد عبد المحسن ويحيى حمدي واحمد اخليل وصلاح وجدي ورضا علي وفاروق هلال وآخرون .
وقد لحق نصيب الشهرة ايضا في الاغنية البغدادية للمطربات العربيات اللواتي وفدن في العقد الخمسيني للغناء في بغداد سواء أكان ذلك في ملاهيها او في الاذاعة العراقية
من امثال راوية ونرجس شوقي وفائزة احمد ونهاوند وحفصة حلمي وسميرة توفيق حيث كتبت لهن اغنيات بغدادية ولحنها لهن كبار ملحني ذلك العقد فاشتهرن بها
ولكن هذا الزهو البغدادي الخمسيني لم يستمر بتألقه نتيجة لعدة اعتبارات اهمها حصول انعطافة كبيرة في الشعر الشعبي العراقي قادها الشاعر الكبير مظفر النواب وحذا حذوه شعراء آخرون جاءوا من بعده فقد استعملت مفردات في القصيدة الشعرية الشعبية يغلب عليها الطابع الريفي مما اعطى نكهة وطعما جديدا للقصيدة لاقت استحسانا عند اغلب العراقيين ومنهم سكنة بغداد لاسيما وقد حصل فيها تغير ديموغرافي سكاني بعد نزوح فلاحي المناطق الجنوبية بالاضافة الى ما تركته اثار التغيرات السياسية التي حصلت في البلد بعد تموز58 من تغير في التركيبة السكانية لبغداد
وكذلك تهيأ ملحنون قادوا هذا التغيير وفي مقدمتهم طالب القره غولي ومحمد جواد اموري وكوكب حمزة الذين حولوا الاشعار الجديدة لشعراء من امثال مظفر النواب وزامل سعيد فتاح وكاظم الرويعي وزهير الدجيلي وذياب كزار وجبار الغزي وناظم السماوي وعريان سيد خلف وآخرين الى اغان تغنت بها اصوات جديدة مقتدرة من امثال ياس خضر وحسين نعمة وستار جبار وفاضل عواد وسعدون جابر فلاقت اغنياتهم صدى واستحسان كبيرين لدى الجمهور البغدادي مما جعل الاغنية البغدادية تتراجع تعيش على امجادها في عقدها الخمسيني الذهبي فاسحة الطريق امام الموجة التي عرفت بالاغنية السبعينية