المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة الجزائرية من خلال الأغنية القبائلية


بلخياطي
01/05/2010, 15h42
الثورة الجزائرية من خلال الأغنية القبائلية
بقلم: أرزقي فراد

لا شك أن الشعب الجزائري قد تفاعل مع الثورة الجزائرية قـلبا وقالبا، ولم يدخر أي جهــد من أجل انتصارها وتحقيق أهدافها المتمثلة في طرد الاستعمار واســترجـــاع الســيادة الوطنيــة المغتصبة، ولـــم يكن طــريقها مفــروشا بالورود، بــل شــقــه الوطنيون الأحــرار بأرواحهــم الطــاهرة التي قـدموها فـــداء للوطن وبالتضحيـات الجسام ونكران الذات.
لذلك فمن الطبيعي أن يتغنى بها الشعب بشتى أساليب التعبير وبمختلف اللهجات والألسن في المدن والقرى والواحــات والهضاب والجبال، الأمر الذي جعــل الأدب الشعبــي خزانا ثريا يزخر بملاحـم* ‬شعبية* ‬تخلـد* ‬بطـولات* ‬وأمجاد* ‬الجزائريين،* ‬وتصور* ‬معاناتهم* ‬من* ‬ويلات* ‬الاســتعمار* ‬وجرائمه* ‬الذي* ‬لم* ‬يأل* ‬أي* ‬جهد* ‬من* ‬أجل* ‬قطع* ‬أنفاســهم* ‬وإجهاض* ‬ثورتهم* ‬الجارفة*. ‬
وتعـتبــر الأغـنية الأمـازيغية/ القبـائلية أحــد المظاهر التي جسدت احتضان الشعب لثورته، تخللتـــها لوحــات شــعـــرية إبــداعية جـميلة، مفعـمة بالعــاطفة الصادقة، وطــافحة بالأخبــار والتفـــاصيــل في قوالب لغوية راقية، هــدفها شـحــذ الهـمم وتــعـبئة النفـــوس بالحماســة، لرفع المعنويــات وللتغلب على اليأس والاســتكانة بالإرادة الفــولاذية التي لا تؤثر فــيها المـعــاناة، بل تزيدها الـمحن قـوة وصلابة. وتجـدر الإشــارة إلى دور المرأة الرائـد في كســــب معركة الحرب النــفســية والإعلامية بما كانت تبدعه من أناشيد وطنية، وترويجها في الأوساط الشعبية المختلفـة لســـد البــاب أمام الدعاية الاستعمارية المدعومة بإمكانات مادية ومالية كبيرة. ولا شك أن هـــذا الجانب المخفي من ثقافتنا الشفهية، يحتاج إلى التفاتة من طرف الباحثين فـــي إطار تثمين الأدب الشعبي، باعتباره مصدرا* ‬تاريخيا* ‬يصور* ‬المجتمع* ‬في* ‬حركيته* ‬وفعالياته*.‬

نشيد* (‬أيمٌا* ‬اصبر* ‬أورتسرو*)‬

ومما لا يختلف فيه اثنان أن نشيد (أيمٌا أصبر أور تسرو/ عليك بالصبر يا أمي) للفــــنان الـمــجـاهــد فريد عـلي، يــعـــد بــحــق بـمـثـابـة الجــوهــرة التي رصّعــت ســجــل »الأغـــاني والأنـــاشــيـــد الـــوطنية/ القبــائــلية«، خــلال الــثــورة التحريرية الكـبـرى (1954-1962م). وكــــان الـفـنان المـذكور قـــد الـتحق بالفــرقة الفــنــية لجـبهة التحرير الوطـني بـتونــــــــس ســنة 1958م، وعلى إثر ذلك تـم تسجـــيل هــــذا النشيد هناك، وصار يــذاع في جــميع قــنوات الإعــلام السمعي الخاصة بالثــورة الجزائرية، فضلا عن رواجه المنقطع النظــير في الأوســاط الشعبية. ولعل أهم شهادة حيّة تؤكد سمو مكانة هذا النشيد الوطني ما جاء على لسـان السيد الأمين بشيشي، فــرغــم أن هـــذا الأخير لـــم يدرجه في كتابه الـقيم حـــول الأناشيــد الوطنية، لأســباب لا أعـــرفــــها، فــإن ذلك لـم يمنعه من إبــداء شهادته التي أبرز فيـها إعـجابه بالفنان الموهــوب المجاهد فــريد علي، حين قال: »رحم الله البلبل الصداح، الفنان الموهوب فريد علي، الذي لم يسبق أن ســمعت (أشويق) بمثل أدائه. وأعتقد أن حباله الصوتية متميزة وممتازة، والصوت الرخيـم هـبة الرحمـن الرحيم. لـكن في كـنف ذلك الصوت الرنان إيمان بـما يشدو به من أعــذب الألحان. لـقـد افـتـقـدتــه الجـزائر، إذ كان مناضلا فـي فرقة جبهــة التحـرير الوطني، التي جابت العــديـد من أقطار العالم وبلغت صوت الجزائر وقضيتها العادلة. الجزائر في 13/11/2007م*«‬*.‬
محور الفكرة الرئيسية لنشيد (أيمٌا اصبر أورتسرو) حــول فــكرة مـناجاة مجاهد لأمــه المثقلة بهواجـس الحرب وأهــوالها، دعا فيها إلى وجوب بناء الذاكرة التاريخية، وتقديم الوعد لها بأخذ الثأر مــن الاسـتـعـمار الغاشم، وكـذا إخبارها بأن مهمة تحرير الـوطن من نـير الاســتعمار مهمة نبيلة، تهــون أمامها كـل الصعاب والمعـاناة والمكـابـدة، ومهما كــان الأمـــر فـإن الخاتمة مـحـمـودة، فـإما النصر وبالتالي العيــش فــي كــنف العــزة والكرامة، وإمـا الاســتـشـهاد فذاك طـريق إلى الجنة للشـهيـد، ودرب نحو الشــرف الرفيع لعائلته*. ‬أما* ‬النص* ‬الكامل* ‬لهذا* ‬النشيد* ‬فـهـو* ‬كالتالي*:‬
*(‬1*- ‬المــحــنه* ‬أذى* ‬أسـنـشـفـــو* / ‬كل* ‬وى* ‬أســـنــر* ‬ذيلقـصــــاص*. ‬
* ‬2* - ‬أيـمٌا* ‬أصبـــــر* ‬أور* ‬تسرو* / ‬ســقــول* ‬أور* ‬قــطــع* ‬لايـــــاس*.‬
* ‬3* - ‬أمـاسـه* ‬أرذا* ‬أدنــجـــفــو* / ‬أنـشـاالله* ‬مــا* ‬يـراذ* ‬أوعــســـــاس* . ‬
* ‬4* - ‬أهـــــــــــــذر* ‬أرنـــــــــو* / ‬الــجـزايــر* ‬أرتســـــيـد* ‬نـحـيــــو*.‬
5*- ‬أيـمــا* ‬اعـزيزن* ‬أورتسـرو* / ‬ماذتـــــــســار* ‬أمـثيــــد* ‬راغ*. ‬
6*- ‬ســلعــزام* ‬أهــــذر* ‬أرنــــو* / ‬ذاجندي* ‬أقلي* ‬عوساغ* / ‬ذقذرار* ‬لاتسناضاحغ*. ‬
7*- ‬أور* ‬ســـــقار* ‬أمي* ‬ينطــــر* / ‬أور* ‬هـــلـــك* ‬ذقــــول* ‬أنــــــم*. ‬
8*- ‬اوسميض* ‬أقلاغ* ‬نصـــــبر* / ‬ولا* ‬فـــرنســـــــيس* ‬بو* ‬الهــم*.‬
9*- ‬ما* ‬ندر* ‬البهجه* ‬أرتســنزر* / ‬ما* ‬نـــمــــوث* ‬ربي* ‬أغيرحــم*. ‬
10*- ‬ماندر* ‬البهجه* ‬أرتسنزر* / ‬ما* ‬نــســتــشــهـــد* ‬الله* ‬يرحــم*.‬
11*- ‬ما* ‬موثغ* ‬ياك* ‬ذافحـلـــي* / ‬ألجــنــث* ‬اِرذا* ‬أتسكــــشـمـع*. ‬
12*- ‬ملايكاث* ‬ذسغرثنت* ‬فلي* / ‬أوذم* ‬نـــرســـــول* ‬أرثـــزرغ*.
‬ 13*- ‬أمــاســا* ‬أردوغـــــلاغ* / ‬خاس* ‬أفرح* ‬أزهو* ‬الخـــاطريم*.‬
* ‬14*- ‬إيلحــارا* ‬أكميــــدفــــغ* / ‬أذقيــمـــغ* ‬ســيذيـــســـانيــــــم*.‬
15*- ‬ذتـــاريـــخ* ‬أرذامثملاغ* / ‬فـــايــك* ‬أفــغـــن* ‬واراويــــــم*.‬
16* ‬ذتـــــاريــخ* ‬أرذامثملاغ* / ‬فــــايك* ‬مــــوثــن* ‬واراويــــم*).‬* ‬ * ‬* ‬

بلخياطي
01/05/2010, 15h43
أغنية* (‬أفغ* ‬أياجراذ* ‬ثامورثيو*)‬ * ‬* ‬

أمــا رائــد الأغــنية القبائلية الراقية الفــــنان ســليمان عازم ((1918-1983م ـ الــذي تشــبـــع بالفكــر التحــرري الوطني بفعــل عضويته في حــزب الشــعب الجزائري ـ فقد أبـدع في مجــال الأغــنية السيــاسيــة الوطنية، ووظفــها من اجــل نشــــر الوعـي الوطني في أوساط المهاجرين الجزائريين بفرنسا قبل اندلاع الثورة، ونذكر في هذا السياق أغنية (أمك أرانيلي لاباس/ من أين لنا بالسكينة) الــتي ألفها في مطلـع الخمســينيات، وأغنية (ما تســدوض أنروح/ علينا بالرحيـل). ثــم أغنية (أفغ اياجراذ ثامورثيو/ اخرج أيها الجراد من بلدي) الــتي ألــفـها ســنة 1956م، وصف فيــها الاســتعمار الفرنســي بالجـــراد الـذي أهـلـك الحـرث والنسل في الجزائر.
ويمكن الاقتـــراب من معاني هـــذه الأغـــنية بالتــرجمة التالية:
(1- كان لي بستان مسيٌج/ غني بالزرع والشــجر مــن خــــوخ ورمـــان/ اجتهدت* ‬في* ‬خـــدمته*/ ‬زينته* ‬بالحبــق*/ ‬حتى* ‬أزهر* ‬وضحـــك*/ ‬فجأة،* ‬وصل* ‬الجراد* ‬الأحمق*/ ‬واكــل* ‬إلى* ‬حــد* ‬التٌخمة*/ ‬دون* ‬أن* ‬يبقي* ‬حتى* ‬على* ‬الجـذور*. ‬
2- ايها الجــراد اخــرج مـــن بـــلـــــدي/ فـقـد مــحــوت كــل الخيرات/ إن بــاع لـك الموثق/ فاظهر العقد للتحقيق/ أكلت ايها الجراد البلد/ دون أن اعرف السبب/ حتى وصلت إلى الباب/ أكلت ميراث أبي/ ومهما أبديت من المــرونة/ فلا محبة بـعــد اليـــوم.
3*- ‬نزلت* ‬كالثلج* ‬مـن* ‬الســماء*/ ‬بيــن* ‬المــغـــرب* ‬والعشــاء*/ ‬أكلت* ‬على* ‬الخيـار*/ ‬الثمرة* ‬والتـبن*/ ‬وتركت* ‬لي* ‬القشور*/ ‬حــســبــتــني* ‬نـــعــــما*.‬
4*- ‬أيها* ‬الجــراد* ‬هلا* ‬وقـفت* ‬عـنـد* ‬حــدودك*/ ‬وعــرفت* ‬مقـــــدارك؟*/ ‬آن* ‬الأوان* ‬لتسخين* ‬جناحيك*/ ‬لتعـود* ‬من* ‬حيث* ‬أتيت*/‬فقد* ‬اعذر* ‬من* ‬أنذر*/ ‬وستدفع* ‬ثمن* ‬ما* ‬أكلت*.‬
5*- ‬أهلكتني* ‬أيها* ‬الجراد* ‬وأورثتني* ‬علة*/ ‬فقسـت* ‬صغارك*/ ‬تريــد* ‬ترك* ‬شتلتك*/ ‬فات* ‬الأوان* ‬بقضاء*/ ‬واستيقظ* ‬حظي* ‬معافى*.) ‬
ومما تجدر الإشارة إليه أن هـذه الأغنية السياسية ـ بصفة خاصة ـ قـد جلبت للفنـان ســـليمان عازم عند ظهـورها، مضايقات الإدارة الفرنسية إلى درجة أن رفع »لاكوست« شـكـوى ضده. غير أن ذلك لم يفتّ في عضده، إذ ألف في السنة الموالية ((1957م أغنية ســياسية قوية لشد أزر الثــورة والثــوار بعــنوان (إظهرد واكور إيتبعيثيد يثري/ أطل الهلال وتبعه النجم) جاء فيها عــلى الخــصــوص: (إيظهرد واكور/ إيتبعيثيد يثري/ يفجج يتسنور/ يفكاد ثيزيري/ يضوي ثيمورا أذلبحور/ إيذورار اك ذسحاري = أطل الهلال/ وتبعه النجم/ بضوئه المشع/ وسنائه المنير*/ ‬فأضاء* ‬اليابسة* ‬والبحار*/ ‬والجبال* ‬والصحاري*). ‬

* ‬ ثورة* ‬نوفمبر* ‬في* ‬أغاني* ‬عهد* ‬الاستقلال* ‬

واعتبارا لقدسية الثورة التي أعادت السيادة المغتصبة والكرامة المهدورة للشعب، فقد ظلت مبادئها حية في قــلوب الفنانين، فاســقطوا صــداها في أغانيهم المختلفة، خاصة خلال العشرية الأولى لاسترجاع الاستقلال، لذلك ظل موضوع الثورة حيّا ومنهلا للإبداع الغنائي. وعليه، فمن الطبيعــي أن يتعـرض له جــل الفنانين والفنانات كطالب رابح، وزروقي علاوة، وأكلي يحياتن، ونــورة، وجميلة، وشــريفة، والقائمة طويلة. هذا وقد استمر صدى الثورة بارزا حتى لدى جيل الســـبعينيات. ونذكر في هذا الســـياق الفنان الحكيم لونيـــس آيت منقلات الذي عايش الثورة في طـــفولته، فخلد معاناة الشــــعب وتضحياته الجسام بقصيدة رائعة بعنوان (أمجاهد - المجاهد) وصـــف فــــيها معاناة المرأة القروية، ولحظات الألـــم والحيرة والقلق التي عانت منها زوجات وأمــهــات وأخــوات المجاهدين والشـــهداء، وهــن ينتظرن عـــودتهم* ‬أحياء* ‬أو* ‬أمواتا*. ‬ويمكــن* ‬الاقتراب* ‬من* ‬معنى* ‬هذه* ‬الأغنية* ‬الوطنية* ‬الرائعة* ‬بهذه* ‬الترجمة*: ‬
(1- أشفقت لحال قروية/ وجدتها على صخرة/ وبمثلها عجت القرية/ إنها منسية هنـــاك/ مسكت ابنها من يده/ والدمــوع تفيض من مقلتيها/ مات زوجها/ الذي كان سباقا إلى الرصاص/ فنثرت الرياح هويته/ صنعنا لك قبرا من الهلال والنجم/ وشيٌعناك بالتصفيق.
2*- ‬ســـمعت* ‬قصف* ‬الرعــــود*/ ‬المعلـــن* ‬لقــدوم* ‬الثلج*/ ‬وقفت* ‬العجـــوز* ‬أمام* ‬الباب*/ ‬حائرة* ‬عن* ‬مصيــر* ‬ابنها*/ ‬صبرا* ‬انه* ‬اخترع* ‬لك* ‬الكفاح*/ ‬وسيحجز* ‬لك* ‬فضاء* ‬في* ‬الجــنة*.‬
3*- ‬ســــمعت* ‬انفجار* ‬الرصاص*/ ‬فتطايــر* ‬الغبــــار* ‬فـــي* ‬الربى*/ ‬أســـرعت* ‬العجــــوز* ‬إلى* ‬النافذة*/ ‬تنتظر* ‬جثمـــان* ‬ابنها*/ ‬بشـري* ‬أيتها* ‬الأم*/ ‬انــه* ‬رئيـــس* ‬المجاهديـــــن*.‬
4*- ‬ســمعت* ‬أزيز* ‬الطائرة*/ ‬فانشق* ‬الجبل* ‬وانصهر*/ ‬تساءلت* ‬العجوز* ‬بقلق*/ ‬عن* ‬موقع* ‬سقوط* ‬ابنها*/ ‬بشري* ‬ســـيعود* ‬بالحرية*.‬
5*- ‬اهتزت* ‬الغابة*/ ‬حتى* ‬بلغ* ‬الصـــدى* ‬إلـــى* ‬الوادي*/ ‬فانشـــغلــت* ‬العجــــوز*/ ‬بـــموقع* ‬اســــتشهــاد* ‬ابنها*/ ‬لقد* ‬دفن* ‬بين* ‬إخوانه*/ ‬وكان* ‬أولى* ‬بك*/ ‬أن* ‬تضعيه* ‬في* ‬طي* ‬النسيان*/ ‬يوم* ‬صعوده* ‬إلى* ‬الجبـل*.‬
6*- ‬انطفأ* ‬الموقد* ‬في* ‬الدار*/ ‬وصارت* ‬النار* ‬رمادا*/ ‬وجليــــس* ‬العجوز* ‬العتمة* ‬والأرق*/ ‬تنتظر* ‬قدوم* ‬ابنها*/ ‬سيزودها* ‬الإخوان* ‬بالصبر*/ ‬عندما* ‬يرجعون* ‬لها*/ ‬فلذة* ‬كبدها* ‬مسجى*).‬
وإذا تصفحنا ســــجل المغني الكبير معطــوب ألوناس، فإننا نجــد بصمـات الثورة بارزة في أعماله الإبــداعية، من خلال توظيفه للأناشـــيد الوطنية، ويبرز ذلك بوضوح في المقطع التالي الــذي يصف فيه وضعية مجاهد اكتشفت طائرة فرنسية موقعه، فأمطرته بوابل مـن الرصاص، الأمــر الذي جعله يفكر في مصيره، الذي قد يكون نهاية مأساوية، استشهاد مجهول: (أروبـلان أثتسزي/ أميسغي نيقي/ ثسراح أسواكا يلان/ سلبارود أد سيسثي/ أمزون ذابروري/ أذمثـــغ مدن أورزران = الطائرة حائمة/ كالطير حولي/ راصدة حركاتي/ طلقات رشاشها/ كالبرد في كثافتها/ مجهولا* ‬سأموت*). ‬
إن ما يستخلص من هــذه الإطلالة على موضوع ثـورة نوفمبر مـن خــلال الأغنية القبائلية، هــو بروز الوطنية المتأججة، ذات البعد الروحي الإســـلامي العميق، ولعمري إن في ذلك لحجة دامغة على فشـــل السياسة الاســتعمارية التي لم تدخر أي جهد من أجل زرع الفرقة بين الإخـوة في الله والوطن والحضارة والتاريخ. هــــذا مجرد غيض من فيــض مــما يمكن قوله عن هـذا الجانب الثقافي المنسي، والحـــق أن الغرض من تقديم هــذه القراءة المتواضعة، هــو لفت أنظار الباحثين فـي مجـــال الدراســات التاريخـية والاجتماعية والســياسية والأدب الشـــعبي والعــلوم الإنســـانية قاطبة، إلى أهــمية البحث والحــفـر في أعــماق ذخيرة الأغنية القبائلية، باعتبارهــا مــرآة عاكســـة لواقع اجــتــمـاعي معيّن في ظـــرف وزمن معلومين، لاســـتخلاص الجـــواهر الحســان في اللســان الأمازيغي، ومــدى التقاطع الذي يجمعه* ‬من* ‬حيث* ‬المبنى* ‬والمعنى* ‬مع* ‬اللغة* ‬العربية،* ‬وكــــذا* ‬لاســـتخراج* ‬المعـــارف* ‬التاريخية* ‬والاجتماعية* ‬والنفسية* ‬من* ‬رحمها،* ‬قد* ‬لا* ‬نجدها* ‬في* ‬المصادر* ‬والمراجع* ‬التقليدية* ‬والعادية* .