samirazek
16/03/2010, 15h55
عبد الوهاب.. وتسجيلات له وعنه
بقلم: محمد صالح
http://www.ahram.org.eg/MediaFiles/ss-salh.jpg
ما أكثر الألغاز في حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي نعيش هذه الأيام ذكري مولده والذي يعتبر لغزا في حد ذاته, فمن قائل انه من مواليد السنة الأولي من القرن العشرين, وقائل انه من مواليد1910.
وهو ما يقوله التاريخ المسجل بأحد جوازات سفره, ولكن ينفيه شهادة وفاة له مؤرخة في4 يناير1902 حيث كان يوم خميس ولأن الصبي أو الطفل محمد عبد الوهاب كان مريضا وساءت حالته في هذا اليوم ورأي الطبيب انه علي وشك الموت! فكتب شهادة وفاته وتركها لأسرته حتي لا يتعطل دفنه, وشاءت إرادة الله ان يخيب تشخيص الطبيب ويشفي عبد الوهاب, ليعيش أكثر من90 سنة وليملأ الدنيا الحانا وشدوا وليغير مسار الأغنية والموسيقي في العالم العربي وليكون موسيقار الأجيال التي تشبعت وجداناتها بموسيقاه.
يجمع غالبية المؤرخين علي أن محمد عبد الوهاب من مواليد13 مارس1897 ويوم الميلاد فقط دون السنة هو مايؤكده الموسيقار محمد عبد الوهاب ويتفاءل به علي عكس الذين يتشاءمون من الرقم13 بل انه اعتز بيوم مولده, سكن لفترة منزلا يحمل نفس الرقم كما كان يحتفظ بتمثال البومة في مكتبه.
ولأنه كلما مرت السنون نشعر بقيمة فن عبد الوهاب وتراثه الذي لايزال يسعدنا, وسيظل رغم اقتراب مرور20 عاما علي رحيله فان وزارة الثقافة تقيم هذا العام3 حفلات ساهرة بالقاهرة والاسكندرية لتقديم بعض من أغنيات وألحان الموسيقار في داري أوبرا القاهرة والاسكندرية ومسرح الجمهورية, كما تفتح أبواب متحفه بمعهد الموسيقي العربية للزيارة وتقدم الإذاعات وقنوات الموسيقي والغناء التليفزيونية الكثير من اغانيه وألحانه وبرامج عنه.
بعد انشاء المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية1980 والتابع للمجلس الأعلي للثقافة كان الموسيقار محمد عبد الوهاب من أوائل الذين سجلوا مشوارهم لإدارة السير الذاتية بالمركز, كما تحدث عنه بعض المعاصرين له من عارفيه, وتلك التسجيلات ليت المجلس الأعلي للثقافة يطبعها كاملة في كتاب, بحيث تصدر العام القادم في الذكري العشرين لرحيله, حيث انه توفي يوم3 مايو1991, وذلك لنمحو بها سخافات تتضمنها بعض الكتب.
ولا يليق ترديدها عن فنان لم يمتعنا ويسعدنا إلا بكل راق ورفيع من الأغنيات والالحان
عندما تستمع الي تسجيلات عبد الوهاب وهو يحكي عنه نفسه تشعر, وكأنه يتحدث اليك من عالم الغيب, يقول عن أمه: تشبثت بي حتي تم شفائي رغم انف الطبيب, ويكمل, لقد احتضنتني صغيرا وكبيرا, ورعت أحلامي وحاربت جهد طاقتها من أجلي, وجعلت اخي الأكبر يرعاني, واخي الأصغر في خدمتي, جعلتني محمد عبد الوهاب.وفي تلك التسجيلات يقول أيضا: اسر لي محمد التابعي الصحفي انه في عام1944 عندما تمكن مونتجومري من التصدي لرومل بجيشه عند العلمين, وأحس الانجليز باحتمال الهزيمة أمام الألمان قبل الانتصار الأخير عليهم, اتخذوا3 قرارات سرية للانسحاب من مصر, كان ثالثها هو خطف ام كلثوم وعبد الوهاب والهرب بهما الي فلسطين أو سوريا, لانهم اي الانجليز من الممكن ان يحكموا بهما العالم العربي.
وتقول تسجيلات عبد الوهاب انه كان دائما يفكر في مستقبله وان يعيش فنه اجيالا وأجيالا حتي لا يحدث له ما جري للآخرين, يحكي انه لايزال يذكر ما جري ذات ليلة عندما عجز الشيخ سلامة حجازي عن الغناء, ولايزال يذكر انهزام صوت منيرة المهدية, لأن الجيل الجديد اقتحم عليها الميدان, فلم تقو علي الصمود له.
فهكذا فعلت بها اسمهان وأم كلثوم.. ثم قال: لقد جلست وحيدا ذات ليلة أفكر في الأصوات الجميلة التي اختفت في العشرين عاما الأخيرة فهالني أمرها لأنها كانت تملأ مصر كلها, ولم يكن احد يتصور انها ستختفي هكذا بسرعة, لقد شاهدت فتحية أحمد في عماد الدين أكبر من ام كلثوم ومنيرة المهدية, لكنها دفعت الي الانزواء في الظل, وهكذا نجاة علي ومثلها رجاء عبده وملك ولورد كاش ونادرة ونور الهدي جميعا, ذهبوا الي الظل راضين أو مكروهين, وأعتقد انهم لم يفكروا وهذا امر لا أرضاه لنفسي.
ويعترف عبد الوهاب: لم أجد في مطربي عصري شيئا يثير حماستي ورغبتي في منافستهم, ولكن عندما عملت مع الشيخ سيد درويش بهرني واثار حماستي فحرصت علي تتبع خطواته, نعم قلدت سيد درويش ونقلت الحانه بلا تصرف, ولولا اختلاف مقامات صوتينا لكان التمييز بيننا شديد الصعوبة, لكن بعده أصبح لي شخصية مستقلة, وصوت مصقول المساحة قرارا وجوابا.
المصدر :
جريدة الأهرام عدد الثلاثاء 16-3-2010
بقلم: محمد صالح
http://www.ahram.org.eg/MediaFiles/ss-salh.jpg
ما أكثر الألغاز في حياة الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي نعيش هذه الأيام ذكري مولده والذي يعتبر لغزا في حد ذاته, فمن قائل انه من مواليد السنة الأولي من القرن العشرين, وقائل انه من مواليد1910.
وهو ما يقوله التاريخ المسجل بأحد جوازات سفره, ولكن ينفيه شهادة وفاة له مؤرخة في4 يناير1902 حيث كان يوم خميس ولأن الصبي أو الطفل محمد عبد الوهاب كان مريضا وساءت حالته في هذا اليوم ورأي الطبيب انه علي وشك الموت! فكتب شهادة وفاته وتركها لأسرته حتي لا يتعطل دفنه, وشاءت إرادة الله ان يخيب تشخيص الطبيب ويشفي عبد الوهاب, ليعيش أكثر من90 سنة وليملأ الدنيا الحانا وشدوا وليغير مسار الأغنية والموسيقي في العالم العربي وليكون موسيقار الأجيال التي تشبعت وجداناتها بموسيقاه.
يجمع غالبية المؤرخين علي أن محمد عبد الوهاب من مواليد13 مارس1897 ويوم الميلاد فقط دون السنة هو مايؤكده الموسيقار محمد عبد الوهاب ويتفاءل به علي عكس الذين يتشاءمون من الرقم13 بل انه اعتز بيوم مولده, سكن لفترة منزلا يحمل نفس الرقم كما كان يحتفظ بتمثال البومة في مكتبه.
ولأنه كلما مرت السنون نشعر بقيمة فن عبد الوهاب وتراثه الذي لايزال يسعدنا, وسيظل رغم اقتراب مرور20 عاما علي رحيله فان وزارة الثقافة تقيم هذا العام3 حفلات ساهرة بالقاهرة والاسكندرية لتقديم بعض من أغنيات وألحان الموسيقار في داري أوبرا القاهرة والاسكندرية ومسرح الجمهورية, كما تفتح أبواب متحفه بمعهد الموسيقي العربية للزيارة وتقدم الإذاعات وقنوات الموسيقي والغناء التليفزيونية الكثير من اغانيه وألحانه وبرامج عنه.
بعد انشاء المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية1980 والتابع للمجلس الأعلي للثقافة كان الموسيقار محمد عبد الوهاب من أوائل الذين سجلوا مشوارهم لإدارة السير الذاتية بالمركز, كما تحدث عنه بعض المعاصرين له من عارفيه, وتلك التسجيلات ليت المجلس الأعلي للثقافة يطبعها كاملة في كتاب, بحيث تصدر العام القادم في الذكري العشرين لرحيله, حيث انه توفي يوم3 مايو1991, وذلك لنمحو بها سخافات تتضمنها بعض الكتب.
ولا يليق ترديدها عن فنان لم يمتعنا ويسعدنا إلا بكل راق ورفيع من الأغنيات والالحان
عندما تستمع الي تسجيلات عبد الوهاب وهو يحكي عنه نفسه تشعر, وكأنه يتحدث اليك من عالم الغيب, يقول عن أمه: تشبثت بي حتي تم شفائي رغم انف الطبيب, ويكمل, لقد احتضنتني صغيرا وكبيرا, ورعت أحلامي وحاربت جهد طاقتها من أجلي, وجعلت اخي الأكبر يرعاني, واخي الأصغر في خدمتي, جعلتني محمد عبد الوهاب.وفي تلك التسجيلات يقول أيضا: اسر لي محمد التابعي الصحفي انه في عام1944 عندما تمكن مونتجومري من التصدي لرومل بجيشه عند العلمين, وأحس الانجليز باحتمال الهزيمة أمام الألمان قبل الانتصار الأخير عليهم, اتخذوا3 قرارات سرية للانسحاب من مصر, كان ثالثها هو خطف ام كلثوم وعبد الوهاب والهرب بهما الي فلسطين أو سوريا, لانهم اي الانجليز من الممكن ان يحكموا بهما العالم العربي.
وتقول تسجيلات عبد الوهاب انه كان دائما يفكر في مستقبله وان يعيش فنه اجيالا وأجيالا حتي لا يحدث له ما جري للآخرين, يحكي انه لايزال يذكر ما جري ذات ليلة عندما عجز الشيخ سلامة حجازي عن الغناء, ولايزال يذكر انهزام صوت منيرة المهدية, لأن الجيل الجديد اقتحم عليها الميدان, فلم تقو علي الصمود له.
فهكذا فعلت بها اسمهان وأم كلثوم.. ثم قال: لقد جلست وحيدا ذات ليلة أفكر في الأصوات الجميلة التي اختفت في العشرين عاما الأخيرة فهالني أمرها لأنها كانت تملأ مصر كلها, ولم يكن احد يتصور انها ستختفي هكذا بسرعة, لقد شاهدت فتحية أحمد في عماد الدين أكبر من ام كلثوم ومنيرة المهدية, لكنها دفعت الي الانزواء في الظل, وهكذا نجاة علي ومثلها رجاء عبده وملك ولورد كاش ونادرة ونور الهدي جميعا, ذهبوا الي الظل راضين أو مكروهين, وأعتقد انهم لم يفكروا وهذا امر لا أرضاه لنفسي.
ويعترف عبد الوهاب: لم أجد في مطربي عصري شيئا يثير حماستي ورغبتي في منافستهم, ولكن عندما عملت مع الشيخ سيد درويش بهرني واثار حماستي فحرصت علي تتبع خطواته, نعم قلدت سيد درويش ونقلت الحانه بلا تصرف, ولولا اختلاف مقامات صوتينا لكان التمييز بيننا شديد الصعوبة, لكن بعده أصبح لي شخصية مستقلة, وصوت مصقول المساحة قرارا وجوابا.
المصدر :
جريدة الأهرام عدد الثلاثاء 16-3-2010