المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللامقامية وموسيقى مابعد الحداثة


تحسين عباس
12/01/2010, 18h53
الكثير من الموسيقيين الذين اعتادوا على سماع وتأليف الموسيقى المقامية التي تعتمد على السلالم الكبيرة والصغيرة عندما يأتون إلى مصطلح الموسيقى اللامقامية يقف استفسارهم على عتبة ِالكيفية بعدما تقولَبَ تعبيرهم على التأليف ألمقامي وهو الذي يعتمد على إشعار المستمع بحلاوة الاستقرار ضمن الدائرة المقامية ، وكما هو الخروج عن هذه الدائرة غير مألوفٍ ذهناً كذلك سيكون التداخل الصوتي (الهرموني) أكثرُ حيرة من الأول.وهكذا فقد اعترض بعض الموسيقيين العرب الكبار على هذا الأسلوب التعبيري واعتبرهُ خروجاً عشوائياً عن المنطق الصوتي المنتظم كما جاء في كتاب (الموسيقى تعبير نغمي ومنطق) لعزيز الشوان بقولهِ: ((إن الجرأة في التجديد ضرورة ولكن تحطيم القواعد والأصول لا يمكن أن يعطي فناً له بقاء.. إنه بدعة سرعان ما تزول دون أن تترك أي أثر ويخطئ من يتصور أن النظام ألمقامي (Tonal System) قد انتهى عصره بفعل التجديدات الكروماتيكية التي ابتكرها ريتشارد فاجنر وسيزار فرانك أو بفعل التأثيرية الفرنسية عند دي بوسي ورافيل، كما أن اللامقامية التي ابتدعها أرنولد شونبرج أو الاثنتي عشرية (Dedecaphon) التي هندسها في اتجاهات متطرفة عرضت الجمال في الموسيقى للاختفاء أو الزوال بل أستطيع أن أقول إنها دمرت الجمال والسلاسة والبساطة وقضت عليها تماماً بحجة التعبير عن أحاسيس جديدة تناسب عصر ما بعد الحروب أو عصر القلق. ولتصوير تلك الأحاسيس يستعمل هؤلاء المجددون كتلا صوتية شديدة التنافر أقرب إلى الإزعاج منها إلى الاستمتاع بحجة اكتشاف أشكال جديدة أو الانصياع دون تروٍ لرغبة التجديد حتى لو كانت النتيجة إلى أسوأ )).
فلو رجعنا إلى الأساسيات العلمية التي تكونت منها الموسيقى البدائية ولا زالت قائمة عليها حتى عصرنا هذا؛لوجدنا أن النغمة والزمن هما المقياس الأوحد في التعرف على سلامة الاستماع ودقة التذوق في الذات البشرية ،أي بمعنى آخر أن موسيقى ما بعد الحداثة (اللامقامية) ما زالت تنطلق من هذا المضمار الفني (النغمة+الزمن)إذن فببساطة نستطيع أن نقول : لا وجود للاستغراب والاستنفار الذهني مادمنا نسمع تنغيماً صالحاً على زمنٍ منتظمٍ. فالموسيقى اللامقامية (Atonality): تعنى القضاء على إحساس المستمع بالمقامات الكبيرة أو الصغيرة ، أي الاستغناء عن الدور الذي تلعبه الأصوات الأساسية للسلالم الموسيقية ، والتي تسيطر على العمل الموسيقي،وكذلك القفلات التي تعتمد على الهرمونية للعودة إلى المقام الأساسي وإعطاء الإيحاء بالنهاية أو الاكتمال أو الاكتفاء وذلك لأن المقامات والأبعاد الموسيقية قد استنفدت أغراضها في العصور السابقة ولم تعد تساير الزمن الذي يسوده القلق والتوتر والحروب . وبهذا سيكون انثيالُ الأصواتِ المـُنغَّمةِ بصورةٍ غيرِ مـُقيدةٍ تعبيراً حداثوياً يفتحُ آفاقاً جديدة في هذا الفن الجميل . ومن روادهِ الأوائل الذين أسسوا لهذا الأسلوب البدايات الناجحة هو ارنولد شونبرغ أحد أعظم المؤلفين الموسيقيين في القرن العشرين ، أحدث بنظريته الموسيقية ثورة حقيقة غيرت وجه الموسيقى في أوائل القرن العشرين ، ألف مقطوعته المتميزة (الليل المتغير) لسداسي الآلات الوترية .
والمؤلف الموسيقي ألبان بيرغ و أنطون ويبرن فبرزوا جميعاً كرواد للموسيقى (اللامقامية) في عام 1907 قدَّم ارنولد نظريتيه في " اللامقامية " و" فن (http://www.jehat.com/Jehaat/ar/Tashkeel/maqalat/AdreenaGerleng.htm#6#6) " ( تسمى أيضاً الموسيقى السريالية) وهو الفن الذي يعتمد على أساس لا مقامي ورياضي ، دون اعتماد المؤلف الموسيقى على الإلهام والقريحة ، وبذلك صار بوسع المؤلف الموسيقي أن يستفيد من إمكانية ترتيب وتركيب الأصوات على نحو تراجعي أو جانبي أو مقلوب ، فكانت مقطوعته الرباعية الوترية الثانية أول استخدام لنظرية اللامقامية التي خلصت الموسيقى من سطوة المقام الطبيعي . في عام 1911 نشر كتابه المهم (نظرية الهرموني) ،وقبل بوظيفة مدرس للموسيقى في برلين ، وهناك ألف أحدى روائعه الموسيقية (المهرج الممسوس) Pierrot Lunaire.
((حلماً أسْفرت))
في عصرنا هذا برز عدد قليل من المؤلفين الذين جربوا المغامرة في اللامقامية ونجحوا فيها منهم ( جويل خوري) في مؤلفتـِها«حلماً أسْفرَت» يأتي مبرَّراً في الواقع. وهنا تجب الإشارة إلى أنّ اللامقامية في الموسيقى إنتاجٌ نغمي يغوص في أعماق الذات البشرية، إلىدرجة التحرر من التعبير عن حزنها أو فرحها. هكذا يكون اللجوء إلى هذا الأسلوب في تنغيمِ الكلمة الدّالة عن الاضطراب البشري العميق، دعماً لعملية التعبير عن غموضهذه الحالة. لدى اعتماد المقام في الموسيقى الغربية يُنسَب النغم إلى الفرح أو الحزن إجمالاً. من جهة أخرى، اعتمدت( جويل خوري) الجمل المنغمة الجميلة ذات التعبير المباشر،وبعض الاستعارات الشرقية التي تقرِّب العمل من بيئته الفنية والأدبيةالأصلية،وأخرى من الجاز نغماً وإيقاعاً، تعكس إلمام المؤلفة بهذه الموسيقىوإصرارها على توظيفها بغية توقيع العمل بالاسم الموسيقي الكامل.

Hisham Khala
14/01/2010, 11h12
مقالة جميلة و جهد تستحق الشكر عليه.
و للافادة المثلي و فهم افضل للموضوع فليت ان ترفق ملف صوتي لعمل من الاعمال الموسيقية التي تمثل اللامقامية ، و ليتك ان تشرح باستفاضة كيف تتمركز النغمات و التآلفات حول النغمة الاساس (التونك) في السلالم الكبيرة و الصغيرة و كيفية التخلص من هذا التمركز في المؤلفات اللامقامية.
و تقبل تحياتي و تقديري

تحسين عباس
16/01/2010, 09h58
د. هشام
تحية طيبة

بشكل اوضح وبمقارنه لا تقاس الا للتوضيح ان سلوك الموسيقى اللامقامية هو كسلوك الشعر النثري المتحرر من الاوزان فاعتبر الشعر النثري شعرا لانه امتلك التعبير والتوصيل والتصوير الفني كما امتلكه الشعر الموزون العمودي .
فتاليف اللامقامية لم يعتمد على قالب السلالم وخطواتها التي تشعرك بالاستقرار في مجال محسوب على الابعاد الصوتية التي تساوي 6 فاي تاليف لا يحدث نشازاً ولا يحسس المتلقي السامع بالاستقرار هو من الموسيقى اللامقامية .

ايسر الدبو
25/01/2010, 09h14
اننا مومنون تماما بالتاثير الايدلوجي للثقافات الروحية والفكرية ولعل الموسيقى تدخل على الجانبين من هنا شكلت الحداثة وما بعدها مسارا يميل الى الغموض في حداثتها والى نسف الدلالات وتضارب الافكار وضياع المعاني الجميلة المستحصلة من الدوالت الصوتية المتمثلة بالنغم والايقاع .... انني ادعو موسقانا وملحني المقام الى الممازجة مع التيارات المعاصرة بيد المحافظة على التاصيل الموسيقي العربي ونقل ما وفد من الانغام بما يلائم الاذن الموسيقية العربية نغما مقاما او غير ذلك .
د.ايسر الدبو

(dr_aldbow@yahoo.com)

محمد مظاهر
26/01/2010, 12h09
الموسيقى اللامقامية خروج عشوائي عن المنطق الصوتي المنتظم

انني ادعو الى المحافظة على الاصيل الموسيقي العربي

تحياتي و تقديري

دمـامي
02/02/2010, 16h24
أشكرك على هذا الموضوع الجميل وبصراحة زاد فضولي وذهبت لأقرأ عن هذا التوجه في المواقع الأجنبية وأعجبني هذا الأسلوب .. أقرب ما يكون إلى السوريالية في الفنون الأخرى ..

وهنا تليبة لرغبة الدكتور هاشم .. هذه المؤلفة التي عنوانها "Verklärte Nacht" لمشرّع هذه الحركة المؤلف "Arnold Schoenberg"

YouTube - Schأ¶nberg Verklأ¤rte Nacht part 1 (http://www.youtube.com/watch?v=D84sLB8tUMo)

تحياتي

razan_art
11/06/2010, 13h25
مرحبا
شكرا على افادتنا بهذه المقالة الجميلة , وآسفة فليس لدي ما أضيفه في مثل هذا الموضوع الكبير والمتشعب ولكن برأي البسيط أعتقد أنه لا يمكننا الإعتماد على هذه الموسيقى بشكل كامل ولكن يمكننا التعبير من خلالها عن حالة من التوتر أو الإضطراب نظرا لتركيبها المتناثر.
شكرا:emrose: