المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدى الغناء الصنعاني وارتباطه بالشعر الحميني


سيجمون
04/12/2009, 10h04
نجد ان الغناء الصنعاني وطبقاته وما تغنى به المغنون على ألحانه المنسوبة الى صنعاء المدينة العربية العريقة سواء ما تغنوا فيه من الشعر الفصيح الذي يسمى بالشعر الحكمي او ما تغنوا به من الشعر غير الفصيح ويسمى بالشعر الحميني والملاحظ ان هناك العديد من الشعراء الذين طبعت لهم العديد من الدواوين وكذا من سجل من اسطوانات الموسيقيين، فالمخطوطات الموجودة في القاهرة ولندن تحمل العديد من الاغاني الصنعانية والتي تحمل الكثير من صفة الاغنية الصنعانية ولغتها وخصائصها وللاغاني الصنعانية حقب تاريخية وأصالة غنائية وتمتاز بطبقات أداء موسيقي خاص ولوازم لفظية مميزة.

علاقة الشعر بالغناء الصنعاني إذا تناولنا علاقة الشعر الصنعاني بالغناء الصنعاني بنوع الشعر الحكمي سنلاحظ انه يلتزم المفردات والقواعد والعروض التقليدية ومناسباً تماماً للغناء الصنعاني لمالها من تعابير زخمة وأوزان منسجمة ومواضيع غزلية او روحية اما في حالة الشعر الحميني: ستجد انه لا يلتزم المفردات والقواعد والعروض التقليدية ولكنه ذا سهولة واناقة ومزيج من الفصاحة والعامية.

وله مواضيع تشمل الغزل والروحانيات وغيرها من المواضيع ذات الشوق الانساني في إطار الحياة الثقافية والاجتماعية.
ومن مميزات الاغنية الصنعانية: نجدها في المدى المحدود من الانغام الموسيقية التي يمكن ان يعزف بها اللحن على العود



ويمكن استنتاج ذلك من ان اغلب الاغاني الصنعانية يمكن عزفها على الأوتار الثلاثة الاولى للعود في مدى (11) نغمة من الانغام الـ15، ويمكن الحصول عليها من الاوكتافين الاثنين في العود ذي الخمسة الأوتار ولذلك كان العود المحلي الصنع ذو الاربعة الاوتار هو الآلة المستخدمة بفن الغناء الصنعاني ويسمى (بالطربي) والسبب يرجع لكفاءة هذه الآلة على أداء الاغاني الصنعانية ويصاحبها آلة من النحاس تسمى (الصحن) وذلك لضبط الايقاع (آلة ايقاعية).



ولهذا فان الاغنية الصنعانية عريقة جداً ويصعب علينا تحديد نشأة الغناء الصنعاني فقد عرفت اليمن بموسيقاها في العصور التي سبقت الاسلام وهي موسيقى يحدثنا عنها (المسعودي) في كتابه انها كانت تصنف الى صنفين"-
الأول حميري والثاني: حنفي وهي اكثر حلاوة واقرب الى قلوب الناس، فالموسيقى كانت من أهم العوامل في التأثير في الشعوب ثقافياً..
وقد اشار المسعودي عن الأثر الكبير الذي سجل في صفحات التاريخ العربي لهذا الفضل اليمني على الموسيقى والغناء العربي..
فاذا تتبعنا صفحات التاريخ في العصر الأموي ومستهل العصر العباسي لم نجد بين كبار المغنين والعازفين من (عزةالميلاء) حتى (إسحاق الموصلي) من يأتي من جنوب الجزيرة العربية الا (ابن طنبورة اليمني الاصل) الذي امتاز بأغاني الهزج.
ويظل الفراغ في سجل الموسيقيين اليمنيين يلازمنا بسبب النظرة المتزمتة التي كان ينظرها بعض رجال الدين الإسلامي نحو الموسيقى دون تدفق الاهتمام.
تم نكاد نصل إلى آخر أيام بني نجاح في زبيد عندما نسمع كرة أخرى بأسماء يمنية في عالم الفن والغناء.



فالصليحيون المعاصرون لبنى نجاح لم يتركوا لنا في سجلاتهم أثراً واضحاً لاسماء الموهوبين من أرباب العزف والغناء وما تلى العهد الصليحي من الفترة الايوبية التي امتدت من «569-«1173حتى 260-1223» وفيما تلى الفترة الايوبية من العصر الرسولي الذي امتد من «260-1223 حتى 858-1452» تضل جميع السجلات التاريخية صامته عن ذكر من برزوا من العازفين والمغنين اليمنيين وان كان في بعض سجلات العصر الرسولي اشارة و اضحة إلى الدور الهام الذي كان يلعبه فن الموسيقى وفن الرقص في الأفراح والاحتفالات التي كانت تقيمها الدولة وحتى وفي ايام بني طاهر، فالسجلات التاريخية خالية من اسماء مشاهير ارباب العزف والغناء حتى نصل إلى ايام الامام شرف الدين يحيى تاريخ «569- 7551» معاصر الملك الطاهري عامر عبد الوهاب ومن الصعب أن نلاحظ هذا الجذب في الأسماء دون أن ننسبه إلى التعصب الديني والاجتماعي ضد الفن الموسيقي.
عندما نتمعن في الغناء الصنعاني فاننا سنجد أن الاغنية الصنعانية لها مجال واسع جداً يتخطى الحدود الاقليمية والقبلية.



فللأغنية الصنعانية شهرة واسعة. ففي الاربعينات والخمسينات سنجد أن الاغنية الصنعانية تتربع على قمة الفن اليمني على خلاف الاغاني اللحجية والعدنية واليافعية فهي غير جديرة بعشاق الفن الرفيع ولفن الغناء الصنعاني قيمة حضارية وهو فن اصيل له جذوره الممتدة في اعماق التربة اليمنية.
والفضل يعود إلى الفنانين المخضرمين للغناء الصنعاني في فترة الاربعينيات والخمسينيات:
1- عبد الرحمن الماس
2- علي ابو بكر باشراحيل
3- احمد عبيد القعطبي
4- عوض عبد الله المسلمي
5- هادي سبيت
6- احمد صالح العنتري
7- قاسم الاخفش



ثم يأتي الامتداد لهذا الغناء الراقي و الفن الصنعاني المميز في فترة الستينيات والسبعينيات ورموز هذه الاغنية الصنعانية:
1- علي الانسي
2- احمد السنيدار
3- محمد حمود الحارثي
4- علي السمة
5- محمد قاسم الاخفش
6- عبد الكريم قاسم وغيرهم.



رغم التزمت الديني المفروض على الغناء الصنعاني الأصيل إلا أنه استطاع أن يحافظ على خصائصه ومميزاته وموروثه ليبقى شعلة متوهجة في عصور التعصب الإمامي، ومن اقدم القصائد التي نظمت واستعملت في الغناء الصنعاني هي القصيدة المنسوبة إلى ابن سيناء الملك «ت295-1195» وبهذا نستنتج أن التراث يعود في نشأته إلى أواسط أو أو اخر العصر الرسولي.



وبذلك فإن تراث الغناء الصنعاني الفني بخصائصه وأصالته له جذور تمتد حتى خمسة قرون وآفاقه الواسعة تجعله يحقق مكانة بين التراث العربي الكبير، وقد تغنى به العديد من فناني الخليج والجزيرة وكان له الفضل في ولادة الاغنية الخليجية.. كيف لا وهي أم الثقافة العربية ذات الجذور والآفاق.

من الاوراق المقدمة لندوة «فن الغناء الصنعاني .. جذور وافاق».