المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمود صبح (1897 - 1941 )


reza_neikrav
16/11/2009, 16h04
ولادته :

فقد ولد هذا الفنان الشامخ الشيخ محمود محمد صبح في منزل جده الإمام الزرقاوي عالم الحديث بحوش الشرقاوي بالقاهرة في أواخر سنة 1897 .

وكان والده الشيخ محمد صبح يعمل في تجارة الأخشاب .

طفولته :

- أصاب عينه الرمد وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره فأجريت له عملية حجبت عن عينيه النور .
- لما بلغ خمس سنوات إلتحق بالكتاب وأتم حفظ القرآن الكريم في العاشرة من عمره ، وأتم تجويده والقراءات وهو في الثالثة عشرة تقريباً .
- ظهرت مواهبه الفنية مبكراً فمنذ دخوله الكتاب أخذ يرتل القرآن الكريم بصوته الصغير .
- كان يسير وهو في السادسة من عمره أمام المواكب الصوفية في حفلات رؤية هلال رمضان ينشد الأهازيج الدينية رغم صغر سنه .
- كانت أحب الألعاب إليه في طفولته اللعب التي تحدث الأصوات كلعبة" النحلة " فكان ينام على الأرض ويقرب آذانه منها ليسمع زنينها، وكان يضع أوتاراً من السلك الرفيع على قطعة من الخشب ليعزف عليها .
- كان في المساء يجمع أطفال الحي في جلسات ينشد لهم الإنشاد السائد في ذلك الوقت .
- كان يميل إلى الألعاب الرياضية مثل رفع الأثقال والملاكمة وكان له أخ مصارع هو " إبراهيم صبح " .
- إختلط الشيخ محمود صبح ببيوت القاهرة من أصدقاء عائلته كعائلة الدري والفلكي وهي من البيوت العريقة في مصر .
- كان دائم السهر معهم وساعده ذلك في أن يتدرب في منازلهم على عزف البيانو وهو كفيف البصر ، وقد كانت الآلة الموسيقية الأولى التي يعزف عليها، وكذلك تعلم من هذه الأسر اللغة التركية فحفظ كثيراً من ألفاظها الذي جعلته يختلط بالموسيقيين الأتراك ( المولوية ) ، فكان يذهب إلى تكايا المولوية ليستزيد من علم النغم والإيقاعات فحفظ كثيراً من البشارف والسماعيات المشهورة وقد أثرت هذه الزيارات على فنه فأصبحت ألحانه شذى من عبق الموسيقى التركية والموسيقى العربية .
- ثم تعلم بعد ذلك على عزف العود بطريقته الخاصة ثم توجه لتعلم آلة الناي وكان ذلك بعد سنة 1920 ، ولقد كانت براعته في العزف على هذه الآلات الثلاث ( البيانو ، العود ، الناي ) أثره في أداء وأسلوب الشيخ محمود صبح الذي أمتاز به عن غيره وأطلع على الكتب التي في ذلك الوقت عن طريق زميله الشيخ يوسف الكاشف الذي زامله طوال حياته منذ عهد الكتاب وكان يقرأ له الكتب ويحفظ له الألحان وعمل معه كسنيد وهو من عائلة الدري .

صفاته :

له قامة ربعة تميل إلى القصر ، أملح البشرة ، أعمى لكن له قوة هرقلية فهو يجيد كافة الألعاب الرياضية من ملاكمة ومصارعة وحمل أثقال .
- له رأس أودع الله فيه كنزاً غنياً من الفن الأصيل المقتدرالمبتكر .
- له حاجبان كثيفان وأنف كأنف الصقر ووجه ممتلئ طالما زينته العمامة حتى ثار عليها وأبى إلا أن يتطربش لتكمل أناقته ورشاقته ، له يدان ساحرتان خلقتا قوة وقدرة وفناً أصيلاً نبيلاً .
- ذو صوت هائل كامل شهد له الجميع بالقوة والقدرة والعذوبة وقوة التأثير ، أروع من يؤدي الباص وأبدع من يحسن البريتون وأروع من يجيد التينور ، يتكون صوته من ديوانين ونصف تقريباً .





عمله الفني :

- بدأ شاباً يافعاً كمقرئ مجيد للقرآن ثم توجه إلى العزف فكان أيضا مجيداً وتحول أخيراً إلى الغناء والتلحين فبز أقرانه ونافسهم .
- تأثر بعمداء الطرب آنذاك كالحامولي ومحمد عثمان ومحمد سالم العجوز وسلامة حجازي وغيرهم .
- لحن الدور الأول ولم يزل مراهقاً .
- سمعه الشيخ سلامه حجازي فأثنى عليه وتنبأ له بمستقبل كبير وأوصى والده بالإعتناء به وتوجيهه الوجهة الفنية الصحيحة .
- يعتبر الشيخ محمود صبح عمدة لفن الموشحات وعلم من أعلامها ، فقد سار في طريق الإبتكار والقوة في بناء الألحان بأسلوبه وطابعه المميز ، وكان له لون صعب في الألحان عرف به لايمكن لأحد تقليده مع براعة في الإنتقال اللحني من مقام إلى مقام حتى بدت ألحانه كمدرسة للموسيقى العربية الرفيعة المستوى .
- وإمتاز إلى جانب إجادته للتلحين بصوت عذب قوي ، وقد تأثر بالألحان الفارسية والتركية فكانت ألحانه خليطا جميلا من هذه الألحان .
- بدأ فنه يبرز للعارفين كموسيقي فذ عربي نابغ وقد إستمعت إليه السيدة/أم كلثوم في زيارة خاصة مع الأستاذ / أحمد رامي والدكتور المرحوم أحمد فؤاد فظلت تبكي مدة سماعها له ، ثم سألها الأستاذ رامي عن رأيها فيه فقالت : " إنه قدير صوته في يده يحركه كيفما شاء وحسبما أراد " .
- إجتمع مرة بمنزل محمد عبد الوهاب السادة الشيخ علي محمود والشيخ محمد رفعت والشيخ الشعشاعي وفخري عبد النور وعبد الحميد عبد الحق والشيخ عبد الفتاح المقاول والشيخ حسن عبد الوهاب والأستاذ أحمد رامي وغيرهم ، فأمسك الشيخ محمود صبح العود وبدأ يداعبه ثم إنطلق يغني بعض الليالي ثم الموال وظل ساعة ونصف يحرك في الليالي والموال حتى كاد الحاضرون يتراقصون ويتحركون من أماكنهم ويرفعون أصواتهم بالتهليل من شدة العجب لما يفعل ، ثم إنتقل إلى الموشحات فكانوا يفعلون مثلما فعلوا في الموال ، وقد إعترف له الشيخ درويش الحريري بالعبقرية وكذلك الأستاذ / محمد عبد الوهاب والشيخ زكريا أحمد وغيرهم من كبار الفنانين .
- كتبت عنه الجرائد والمجلات مرارا فتحدثت عن عبقريته وقالت عنه أنه صوت مكتمل وأنه وحيد في غناء الليالي والموال إلى جانب إنفراده في الموشحات حتى لقب بملكها .
- يعتبر الشيخ محمود صبح أول من طرق باب التأليف الموسيقي في الموسيقى الصامتة وقد كان الفنانين يعتمدون على البشارف التركية حتى ألف هو السماعيات والمقطوعات فأقبلوا عليها ، كما يعتبر أول من غير في أغصان ( كوبليهات ) الأغنية ، إذ ظلت الأغنية تعتمد على التشابه اللحني في جميع أغصانها حتى برزت أغنيات محمود صبح عام 1930 للجمهور كما تشهد بذلك إسطوانات مشيان .
- بدأت شهرته في محطات الإذاعة الأهلية قبل إفتتاح الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية في 31 مايو سنة 1934 ثم دعاه المرحوم الموسيقار مدحت عاصم ليقدم فنه عبر برامج الإذاعة الحكومية فكان يتخير كلماته من صديقه الشاعر أحمد رامي وكذلك من صديقه الدكتور فؤاد نويره شقيق الموسيقار الراحل عبد الحليم نويره .
- أقامت الإذاعة في سنة 1937 مسابقة كبرى للتلحين تقدم إليها نحو 70 ملحنا إلا أن الشيخ محمود صبح بزهم جميعا وفازت مقطوعته بالمرتبة الأولى وهي " ياطيور " وكانت من كلمات الأستاذ أحمد رامي .
- في نفس السنة إشترك في إفتتاح محطة إذاعة القدس فبرز إسمه في ربوع الشام كمقرئ مجيد ثم شارك كعازف على العود ثم الناي وقدم ألحانه بصوته وبصوت كل من الفنانين ( وديع الصافي – رياض البندك – يحيى السعودي - ماري عكاوي ) .
- دعته الأندية الموسيقية لزيارتها ثم سافر مرتين آخرهما كان في رمضان سنة 1939م ، وفي نفس السنة عبأ مجموعة من الإسطوانات لشركة أوديون ولشركة مشيان بالإضافة إلى أشرطة مسجلة للإذاعة المصرية والبريطانية وطافت ألحانه الشرق والغرب وخاصة موشحه ( لاح بدر التم ) الذي طلبت فرقة الموسيقى التركية نوتته الموسيقية لكي تعزفه في برامجها .
- لم يقتصر فن الشيخ محمود صبح على القوالب الموسيقية التقليدية سواء كانت آلية أم غنائية بل قام بتلحين برنامج غنائي للإذاعة من نظم الدكتور عبد الحميد البطريق بعنوان ( أوبرا عقيله ) من تأليف بيرم التونسي وإخراج عزيز عيد، ثم لحن أوبرا( عنترة العبسي ) تأليف : أحمد بك شوقي لفرقة جورج أبيض ومن إخراج عزيز عيد وكان مقررا أن يقوم بأداء الأغاني المطرب عبد الغ ني السيد ولكن لصعوبة أداء الألحان فقد أضطر محمود صبح ليغني على المسرح وإشتركت معه مطربة لبنانية تدعى ( كوثر بلبل ) .
- وكان تخت محمود صبح مكون من :
- محمد فهمي عوض ( قانون ) .
- أحمد العريان ( كمان ) .
- رشاد حمدي ( كمان ) .
- الحفناوي ( فلونسنت ) .
- محمد عنبر ( رق ) .
- محمود صبح ( عود ) وأحيانا يعزف ناي .
- تزوج محمود صبح في سن مبكرة من سيدة مصرية ثم تزوج مرة أخرى بزوجة أنجب منها 3 أولاد أكبرهم محمد محمود صبح ويعمل في المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر بالقاهرة .
- طباعه :
- إمتاز محمود صبح بالعصبية وبالحساسية الشديدة مما أدى إلى حدة مزاجه لاسيما إذا غضب أو عارضه أحد .
- طيب القلب وسريع الهدوء وطيب النفس ، يعتز بعمله وفنه أيما إعتزاز ، له روح مرحة ذكية وحلو العشرة وسريع النكتة وحلو الحديث مع تواضع جم .
- كان زاهدا في الدنيا لايريد منها إلا مايسد رمقه ، عفيف النفس كان يعطف على زوجته وأولاده .
- كان يحب الهدوء في المنزل ويكره الضجيج والصخب .
- وقد غير الشيخ محمود صبح ملبسه عدة مرات ، تارة يلبس العمامة والجبة والقفطان ويظل سنوات ثم تغير إلى لبس الطربوش يتعمم عليه مع قفطان ومعطف قصير وتارة أخرى يتغير إلى الملابس الأفرنجية التي إستقر عليها حتى قبل وفاته بأربع سنوات تقريبا .
- من أهم الذين تأثروا بفن محمود صبح المرحوم المطرب والملحن مرسي الحريري والأستاذ فؤاد محفوظ وتلميذه فؤاد عبد المجيد المستكاوي .




أعماله الموسيقية :

لقد ألف الشيخ محمود صبح الكثير من السماعيات والبشارف والبولكات والميزوركات والمقطوعات الموسيقية إلى جانب تلحينه كثيرا من الأدوار والأغنيات وغيرها وإليك قائمة بأعماله :

أولا : الموشحات :
1 - رب قلب من غرام ذاب من سحر العيون .
2 - الحظ قد أرسل والقد حرك الأشلاء .
3 - ياظبي خذ قلبي وطن فأنت في الإنس غريب .
4 - يانديم الروح .
5 - أسكر الأغصان .
6 - لاح بدر التم .
7 - أيها الساقي إليك المشتكى .
8 - زينة الدنيا الحياة .
9 - إسقياني من رحيق الحب .
10- انعش الروح وأشفي الوصيا .
11- غنت لطلعته البلابل .

ثانيا : الأدوار :

ومن الأدوار التي لحنها الشيخ محمود صبح :

1 - البدر من نور جمالك .
2 - حلفت خدك بخاله يخلي عبده في حاله .
3 - الحلو شفته وحبيته .
4 - سلم القلب إليك .
5 - غرامك مدرسة عشاق .
6 - غرامك ياجميل فضاح .
7 - في سبيل الحب ياقلبي ضحيت .
8 - قضيت حياتي في هواك .
9 - لو الحبيب بين جفاه وساق الدلال .
وكلها من تأليف الشاعر : محمد يونس القاضي .

ثالثا : الأغاني :

ومن أشهر أغانيه نذكر :

1 - تقضي زمان ليت به ( قصيدة ) .
2 - حامل لواء الحسن ( قصيدة ) .
3 - لو صرت من سقمي شبيه سواك ( قصيدة من شعر صفي الدين الحلي ) .
4 - ليه ياحبيبي طيفك متغير .
5 - الحسن مخلوق عشانك .
6 - ذكرتنا معاهد الأحباب ( قصيدة من تأليف أحمد رامي ) .
7 - ليه فايته ولا سائله في وجدي ( تأليف حسين الأيوبي ) .
8 - يهون عليك ياحبيبي بعادك .
9 - سلطان جمالك على أهل الغرام حاكم ( موال ) .
10- طول الليالي وأنا طيفك على بالي ( موال ) .
11- الهول والموت الأكبر في سبيلك يامصر مايكتر ( تأليف بيرم التونسي ) وطنيه .
12- للموت هاتوا الطيارة ( تأليف بيرم التونسي ) وطنية .
13- انا ما اقدرشى على دى الحال .
ولقد وصف الشاعر أحمد رامي صديقه أصدق وصف في قصيدة رثاء رثاه بها بعد وفاته قال منها :

هو قلب حملته في حنايـــاك *
رقيق الهوى لطيف حنين

وهي روح تسلسلت في طواياك *
وأقصتك عن حياة الفتون

زورقا سابحا بغير شـــراع *
سار مجدافه برفق ولين
بعض الأقوال عنه :

قال عنه الأستاذ / الناقد كمال نجمي : " هو مطرب ذو صوت عثمانلي النبرات ".
وكان يغني أدواره التي يلحنها بنفسه ولم يغن من تلحين أحد غيره ، وكان يعد من كبار ملحني عصره .



وفاته :

وقد ظل يجاهد حتى وافته المنية بعد مرض قصير على الرغم من القوة الجسمانية التي كان يمتاز بها فلقى ربه في 25 إبريل سنة 1941 وهو لم يناهز الثالثة والأربعين .

رحم الله الفنان الشيخ محمود صبح فقد كان عبقرية يندر الزمان أن يأتي بمثلها .





المراجع :
1 - الموسيقى والغناء الشرقـــــــي ( فكري بطرس )
2 - أعلام الموسيقى المصرية في 150 عام ( عبد الحميد زكي )
2 - ديــــوان أحمـــد رامـــي
3 - مجلــــــة الرسالـــــــة ( سنة 1939 )