تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القطار .................


د أنس البن
24/07/2009, 19h13
القطار



الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.

ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار

لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...

إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه

"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"

لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى

أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"

حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء

على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"

كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....

تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"

تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......

علاء قدرى
24/07/2009, 22h06
القطار





الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.

ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار

لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...

إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه

"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"

لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى

أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"

حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء

على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"

كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....

تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"

تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......



القطار......
هى الحياة برؤية فيلسوف اديب ؛ يختلط فيها الواقع بالخيال ؛ اشخاص من لحم و دم يتحكم فيهم القانون الجديد (المنفعة المتبادلة او لا شئ) وخيال اشخاص من الماضى ينطقون بالحكمة نراهم نعم ؛ ولكن لا تلمسهم الايدى ؛ ربما استحالوا كائنات غريبة عنا لفرط الاختلاف ؛ والخوف من عدوى انسانية اليوم...وسائق القطار ذو الملامح الجامدة المخيفة ؛ اراه ممثلا لمن يقود قاطرة البشر ؛ معزول فى عربة القيادة ؛ وكانه عار عليه ان يجيبنا الى اين ياخذنا ؛ وينكر علينا حق المعرفة ؛ بوتقة عجيبة ؛ جمعت و اختصرت نماذجنا فى الحياة ؛ تدعونا ان ننظر بصدق فى المراة من اى الاصناف نحن؟؟؟ ((لا عليك ؛ اجلس ؛ وبعد ان يتحرك القطار ؛ ستعرف كل شئ )) سؤال يدعونا للتامل انحن مسيرون ام مخيرون سنعرف حين نجرب ؛ بعد ان نوضع فى التجربة ؛ كلنا يسيرنحو مصير حتمى يفسره كل حسب اعتقادة ؛ وثقافته ؛ وضعنا اديبنا هنا امام قضية الجبر و الاختيار ؛ او ربما اراد ان يقول لنا ان محطات الحياة ستعلمنا كل شئ
نعم قد نعلم ولكن بعد ان ياخذنا القطار بعيدا بعيدا
سيدى الاديب الذى يذهب بنا الى عالم ؛ قد نعرفه جيدا ؛ لكننا لا نقف لحظات كى نرى ابعاد اخرى تستحق الرؤية ؛
باسلوب سلس تقودنا الى عالمنا الذى لا نريد ان نعرفه خوفا من ان نتكشف موضع الخجل فينا ؛ ببساطة اديب متمكن ؛ وروح صوفى متبحر ؛ ارى قصتك القصيرة (البعيدة المدى) محطة نستريح فيها من اعباء لا تستحق التعب ؛ وقد تكلفنا كثيرا ؛ جميعنا ركاب هذا القطار ؛ وحتما يوما سنغادرة ؛ ولكن هل نكون كطيف شيخك الذى يعلم كل شئ ؛ ام هل ستزيدنا الحياة جهلا وقتامة؟؟؟؟
شكرا لك د انس ؛ تعلمنا منك الكثير ؛ لكنك تبطئ علينا فى عالم القصة القصيرة ؛ تلك التى تجيدها نفس اجادتك للتنفس
فلا تبخل علينا من هذا الابداع الاصيل ؛ و الراقى ؛ كى تتملكنا الدهشة الدائمة :emrose::emrose::emrose::emrose:

abuzahda
24/07/2009, 23h08
القطار





الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.

ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار

لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...

إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه

"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"

لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى

أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"

حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء

على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"

كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....

تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"

تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......




سيدي الوالد الأديب
:emrose:الدكتور أنس:emrose:

يصبح كلامي نوافِلاً بعد مرور :emrose:أستاذي علاء قدري:emrose:


لكن ، لتسمحا لي أن أعبر عن إحساسٍ بلغني عند ركوبي القطار



القطار و المحطة ، مؤهلان بجدارة لأن يكونا مسرحاً لتلك الملهاة العجيبة : حياتنا الدنيا

منحتَ سائِق القطار ذلك الوجهي الخشبي ، تكريساً لتحييده . حيث أن سائق قطارنا - في الحقيقة - مُساقٌ مثلنا ، فخط السير قد رُسِمَ منذ الأزل ، و لا خيرة لنا حتى في اختيار المحطات - لا صعوداً و لا هبوطاً - حالنا حال السائق ، بل و القطار نفسه !

ثم أنك لم تمنح الإستقرار المادي إلا للمجذوب - موصل الإشارات (..) - و جارك بالقطار : الشيخ القارئ للكتاب ..

بينما بجوٍ يتماس مع الحلم أو الكابوس ، جعلت الحكمة (الشيخ الهابط إلى محطته) و القوة (الجندي) ، و هما (الحكمة و القوة) كفتا العدل بكل زمان ، جعلتهما كما نرى : غائمان باهتان ...

* * *

فمن منا يعلم : هو رايح فين ؟

ذلك السؤال القديم الجديد ، أعدته علينا يا دكتور أنس ، في وقتٍ كدنا نفقد فيه قدرتنا على التساؤل

و مع أستاذي علاء قدري أستحلفك ألا تجرب فينا ما ليس من شيمك : البُخل

فلا تبخل علينا بما في الأدراج ( مش لايق عليك البُخل ، يا سيدنا)

Islam Eidrisha
25/07/2009, 07h41
القصة تحوي أفكارا عديدة وليست فكرة وحيدة مثل فكرة الجبر والإختيار التي أشار إليها الأستاذ علاء قدري وفكرة غياب الحكمة والقوة التي أشار إليها الأستاذ سيد أبو زهدة كذلك علمتنا غياهب الحياة أن نتدبر جل ما يتلفظ به مجاذيب زماننا فربما نجد فيه الحكمة البالغة حتى أنه لم يدرك وصول القطار أحد ولم نعرف بوصوله إلا بإشارة المجذوب وكأنه الحادي والدليل.
لم يكن جمال الأفكار أقل جمالا من أسلوب السرد وبساطته وحرفيته فلا تحرمنا من فيض أبداعك يا أنس الوجود
أبدعت وأحسنت يا دكتور:emrose:
قول لي بقى
أفتح لك بيبسي ولا تيم؟:mdr:

Tarek Elemary
25/07/2009, 08h07
يا سيدى الدكتور ... قلمك مشرط ... و حروفك روشتة شافية
هى الدنيا يا دكتور .... هى الحياة .... رحلة و خطى كتبت علينا و لكننا نختار من نسأل و من نأنس له و متى نركب لكن لا نختار متى ننزل و كيف
هذا الجو المفعم بالدهشة و التفكير و الإعجاب الذى أثرته فيه غنىً و فيه ثراء نفسى و وجدانى و فلسفى قد أغنانى عمالقة الفهم و التواصل عن الإشارة إليه و لكنى أعيشه
قرأتها ثلاث مرات .... و يقيناً سأعود لهذا العالم الفريد الذى تجيده بإقتدار
لا أسغرب ما تشعه من ضوء فأنت منارة بذاتها و لكنى مبهور و منتشٍ من الإعجاب
أؤيد من سبقنى بالرجاء بعدم الشح بمثل هذه الدرر
إفتحى الهويس يا فؤاده ... قصدى يا مدام ناهد!!!

NAHID 76
25/07/2009, 10h45
بسم الله الرحمن الرحيم
الشاعر طارق العمرى
والله وقبل أن أصل الى افتحى الهويس يا فؤاده
كنت مقرره فى عقلى أن أرد عليك
لأشكرك على كلماتك لحبيبنا جميعا الدكتور أنس
وقولى كنت بتصيف فين فى العين السخنه
المهم مرحبا بك
تحياتى

Tarek Elemary
25/07/2009, 12h10
و الله يا سيدتى الكريمة منذ دخلت لهذا المنتدى و حرصى الدائم ألا يكون محل المجاملة هاهنا نهائياً (المجاملات عندى محلها الخاص و فقط)
أما هنا فما أشعر به بصدق أكتبه، و هذا الرجل قيمة كبيرة بلا شك و لا زيف، و الأدل على هذا أنه بلا ضجيج و لا صخب حيث انه مبدع حقيقى لا يشغله مديح أو طنطنه و هى سمة الكبار على شاكلة جمال حمدان و أحمد مستجير و كبار النابهين بهذا الوطن
شكراً لسئوالك و كنت فى (سيدى كرير) معشوقتى السكندرية الساحلية الشمالية العسكرية

د أنس البن
25/07/2009, 22h01
مصارحه ومكاشفه لمقتضى الحال

حضرات أصحاب السعاده
علاء قدرى
سيد ابو زهده
إسلام
طارق العمرى
ناهد هانم
أرجو المعذره على الرد على تشريفكم لى ردا جماعيا فإنى فى الحقيقة لا تتوفر عندى المقدرة على غير ذلك وليس عندى من طول النفس ما يعطينى هذه الميزه (الردود الفرديه) التى أغبطكم عليها خاصة شاعرنا الناقد الكبير أستاذى سيد ابو زهده
لكن على كل حال أود من خلال كلماتكم الطيبه أن أوضح مسائل
أولا هذه اللقطه التى كتبتها بعنوان القطار أفرغتها من رأسى على الأوراق قبل ساعة أو يزيد قليلا من نقلها إلى الكيبور , لكن فكرتها كانت عندى منذ حوالى شهر أو أكثر وظلت تلف فى رأسى بين الحين والآخر كلما استدعيتها متخيلا شخوصها كما قال شاعرنا الكبير "أعلاه" .
الأمر الثانى وهو العجيب أنى لم أقترف أو أتعاطى هذا الفن أبدا وإن كنت طوال مسيرة حياتى أتمنى أن يكون لى قدم فى هذا المضمار , لكنى كنت دائما مشروعا لم يتم فى أشياء كثيره مثل الأدب والشعر والموسيقى حتى الغناء والتمثيل , كنت مغرما به وأنا فى مراحل تعليمى الأولى , يعنى إن كنت كتبت شيئا فهو كما يقولون "جاءنى على كبر" والأغلب وهذا ما أرجحه أنها عدوى طيبه أصابتنى من حضرات جنابكم فكتبت ما كتبت , لكنه ليس فى المسئلة بخلا ولا يحزنون إنما هى هبات تهب لحظات كنسمات خريف عابره ......
الأمر الثالث أن حضراتكم أضفتم لى شخصيا من رؤيتكم إضافات كثيره ورائعه حول لقطة القطار أشهد أنها لم تكن فى ذهنى بهذا التفصيل وإن كانت متصورة فى المجموع أو الإجمال , نعم تصورت رحلة الحياه والموت , وترجمتها فى تلك السطور البسيطه بما كتبته وإن كنت لم أعمده لكنه خرج هكذا على الصورة التى كانت لها ترجمة ورؤى مختلفه عند حضراتكم ,لكنها فى مجموعها هكذا فى رأسى
تعلمت من كلماتكم الكثير وسأظل أتعلم مما علمتم وأرجو أن تسامحونى مرة أخرى على الإطناب لأن ما كتبتموه يستحق أن يكتب بكل حرف فيه الكثير والكثير :emrose::emrose::emrose::emrose:

رغـد اليمينى
26/07/2009, 03h57
القطار





الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.

ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار

لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...

إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه

"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"

لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى

أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"

حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء

على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"

كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....

تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"

تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......




http://up1.mlfnt.net/images/47kwd9ec9n859ug3zvle.gif (http://up1.mlfnt.net/)

اللـــــه على الأفكار وعلى هكذا إبداع


الأديب والمُفكر الراقى


((( د .أنس البن )))


صباح الخير والخيرات

إنه قطـــار العمر يا سيدى

حيث لا يمكن للعمر لحظة رجوع إلى الوراء مثل

القطار هكذا كانت نهايتها ..

والسنوات التى عاشها هذا الرجل وكأنه تائه

يستجدى عبر أمواج البشر

يستفسر عند كل محطة ؛ ليصادف فى رحلة بحثة ذكرى

تستوقفه يرى من خلالها شبابة فى هذا الجندى ووقاره

فى هذا

الشيخ وعقله فيماً كان يجلس بجواره وضميره وعمله فى هذا السائق

لا أعلم لِما جال فى ذهنى للتو هذه الحِكمة التى قالها

الفضيل بن عياض لرجل حين كان يسأله

كم أتى عليك ؟ قال : ستون سنة قال له : أنت

مُنذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل

قد جاءت ومضة النهاية فى النص مفتوحة الرؤى لكل

من يُلامس حروفها

والتى ستعطى مساحة للمُتلقى لإستخراج فكرتها كلٍ منا

على حسب ثقافته وعقيدته

أحييك وأشد على قلمِكَ ليتحفنا بدره أخرى من دررك

أيها الراقى البديع


دمت ودام قلمِكَ يشار إليه بالبنان ..


إحترامى وتقديرى


(( :emrose:))
http://up1.mlfnt.net/images/47kwd9ec9n859ug3zvle.gif (http://up1.mlfnt.net/)

ام مدحت
26/07/2009, 10h06
والدى الكريم/ألدكتور أنس
صنعت لنا وليمة دسمة قدّمت فيها أشهى أنواع ألمأكولات
ثمّ أتحت الفرصة لكل متذوّق أن يدلى بدلوه فاكتملت ألمائدة
يا لجمال الحضور وكرم الاستقبال وكثرة الكرى ورائحة
(البوهارات) عفوا مدام /ناهد فبيت الألآتى لم يأت بعد
اسمح لى والدى الدكتور أن أقدّم التحيّة والثناء لكل اضافة
على اختلاف جوانبها وجمال طعمها لكل آكل
بدءا بالاستاذ/علاء قدرى ومرورا بالافاضل /سيد أبو زهدة
واسلام ,وطارق العمرى ورغد هانم اليمينى ,وكل من أبدع
فى الحفل
وحيث لا أقوى على المشاركة فأنا (آكل على جوعه)
لأنال من طعم كلّ الأوانى متمتعة بالجو الأسرى الجميل
فى ضيافة الكرام أقدم خالص تقديرى لعمل يظل بفكرته
عالقا بالوجدان جزاكم الله كل خير

سعدالشرقاوى
26/07/2009, 11h09
ألعلآمه الفاضل/الدكتور أنس البن
والدى
كنت قادما من صحراء مصر ألغربيّة فى رحلة شاقة
لفت نظرى أثناء العودة أحدى السلبيّات فى مجتمعنا
ولواصل بها رسالتى جلست اكتب عن مايسمّونه (كشك الكارته)
حيث رأيت السائقين يعطونه نصف قيمتها ولا يأخذون ألفاتورة
وبحثت مع نفسى عن المخطئ فوجدته (انا)ولم اكمل القصيدة بعد
حتى دخلت الى المنتدى وفى العناوين المتحرّكة وجدت القطار
يكتب عن القطار فتداركت صغر حجم الكشك الذى لايشغل حيذا
من الفراغ امام قطار المجتمع كله
وكيف ان هذه العبقرية جمعت فيما ل يزيد عن(56)سطر,(429)
كلمة,(2800)حرف تقريبا محتوى الجيل كله
فاكتفيت بما كتبت للكشك وجئت الحق بركب الكوكبة العظيمة
وأسجل اسمى فى هذا العمل الجليل لاقول معكم لقطار الحياة

ياقطر
ياقطر عمرى نفد صبرى ح توصل فين
مزحوم خلايق ومش فايق مكانى فين
والكلّ تايه وعامل انّه مش ناسى
شرطى ألأساسى ما تسألشى راح أنزل فين
,,,,,,,,
يابو سكّه ضلمه وظالمه كلّ ركـّابها
نقول ها تحلى نلاقى الوحله لركابها
سوّاق ينام فى الطريق يقلبها كالعاده
نضحك زيادة ساعة مايحاكموا ركـّابها
,,,,,,,,,,,

يوسف أبوسالم
02/08/2009, 10h36
القطار




الدقائق تمر بطيئة متثاقله ,بدا على عقارب الساعة أنها لا تتحرك ,كأنما أصاب الزمن هزال البشر وطالته منهم عدوى الغفلة والكسل.

ملل ,ملل ,زاد من وطأته جلوسى وحدى تحت مظلة محطة القطار , لا جليس يؤنس وحدتى ولا رفيق يقاسمنى معاناة الإنتظار

لم يكن فى هذا المكان الموحش إلا بائعة بائسة تفترش جانبا من الرصيف , جلست متربعة خلف صندوق خشبى متهالك ليس أقل منها بؤسا ,من فوقه لفافات متناثرة من النعنناع والبسكويت والعسليه غطاها التراب والسواد , وفى الركن المقابل وقف بائع أمامه جردل بداخله بعض زجاجات للمياه الغازيه مبللة برشات من الماء ينثرها عليها من كوز صدئ فى يده ,
توجهت إليه وسألته .......... تعرف إمتى يوصل القطر ؟
رفع رأسه ناظرا إلى فى بلادة ..... أفتح لك بيبسى والا تيم ...

إستدرت إلى حيث تجلس البائعة العجوز ..... "ماتعرفيش يا حاجه القطر اتأخر ليه ؟"
حركت شفتيها بامتعاض إلى أسفل وهى تشيح بيدها فى وجهى , عدت إلى مكانى واستسلمت للملل مرة ثانيه

"آدي السماء وادي الارض"
"السر في السكان مش في المكان"

لم يكسر صمت المكان إلا هذه العبارات يطلقها على طريقة المجاذيب بين الحين والآخر رجل غريب المظهر يرتدى أثمالا باليه ويلف رأسه بعمامة سوداء متحزما بصندوق زجاجى على بطنه يبيع فيه حبات اللب والفول السودانى

أشرت إليه , تقدم ناحيتى ودون أن أطلب منه وضع ورقة صغيرة بجانبى ومن فوقها حفنة من اللب والفول ,ناولته قطعة من النقدية وضعها فى جيبه وهو يقول بصوت مرتفع "اليوم اللي ما يجي معاك روح معاه"

حاك فى نفسى أن أعيد السؤال عليه ,لكنه فاجأنى بإشارة بطول يده ناحية القضبان لألمح قطارا قادما من بعيد ,تنفست الصعداء والتفت إليه لأشكره لكنه كان قد اختفى من أمامى تماما كأنما تبخر فى الهواء

على سلم باب العربة السابعة والأخيرة من القطار نزل شيخ فى عقده السابع يتوكأ على عصاه ,تريثت حتى حطت قدماه على رصيف المحطه ولما هممت بسؤاله "القطر ده رايح فين؟" فاجأنى باختفائه هو الآخر كأنما انشقت عنه الأرض وابتلعته , هززت رأسى وأنا أفرك عينى وقلت لنفسى "كل شئ جائز , طيب ,أسأل الشاب اللى نازل وراه"

كان مجندا متطوعا يرتدى البدله الكاكى , نزل حاملا بكلتى يديه حقيبة بدت ثقيله . قلت فى نفسى "من العيب أن أسأله وهو يلهث مثقلا بحقيبته ,أنتظر حتى يضع أحماله" مددت يدى محاولا مساعدته والتخفيف عنه ,لكنى فوجئت بيدى تمسك الهواء ولم أر أحدا .. لا هو ولا الحقيبه .....

تمالكت نفسى من نوبة دوار كادت تطيح بى أرضا "ما هذا الذى يحدث لى ,أهو ضعف فى البصر أصابنى , أم هو الجهد بلغ منى مبلغا جعلنى لا أعى ما حولى ,ربما ,على أية حال أسأل سائق القطار ,يقينا سأجد الجواب عنده"

تحاملت على نفسى وتقدمت حتى العربة الأولى التى تجر القطار , "ها هى كابينة السائق وهاهو يجلس فى مقعده" كانت رأسه تظهر من خلف زجاج النافذه , طرقت زجاجها بأصابعى فالتفت ناحيتى وما كادت عيناى تلتقى بعينيه حتى أخذتنى رعدة خوف وهيبة من حدة نظراته ومن ملامحه الجامده ,رجعت القهقرى أتعثر فى خطواتى إلى أول عربة صادفتنى أتلمس طريقى إلى أماكن الجلوس , وعلى أول مقعد رأيته هممت بالجلوس ,وقعت عينى فى المقعد المقابل على رجل وقور هادئ الملامح عليه سمات الحكماء ,كان منهمكا فى قراءة كتاب أمامه ,ألقيت عليه السلام ,نظر إلى مكتفيا بهز رأسه , وقبل أن ألقى بجسدى على المقعد سألته "من فضلك القطر ده رايح فين؟"
فوجئت به يسألنى "وانت رايح فين" هممت أن أجيبه لكنى اكتشفت أنه لا إجابة عندى , إبتسم الرجل الوقور وقال لى ... "لا عليك , إجلس ,بعد أن يتحرك القطار ,ستعرف كل شئ" ......





د. أنس البن
مساء الإبداع

أول نص قصصي أقرأه لك
وللحق لفتني فيه قبل الفكرة ذاتها
ذلك السرد الرائق الصافي الذي ينبىء
عن قلم أديب متمرس في معاقرة الحرف
القطار
لعل اختيار العنوان أحد أهم إبداعات هذه القصة الجدميلة
ففي كلمة القطار تلخيص شديد التكثيف لفكرة القصة ذاتها
فهو الهيكل الذي يضم مجموعة من البشر
وهو ماض في طريقه
ولا يدري أحد تحديدا إلى أين
وكذلك لا يدري أحد عدد محطاته وأين يكون الوقوف الأخير
ونماذج أو شرائح من المجتمع تم اختيارها بعناية
لتمثل تنوعات وتناقضات المجتمع
والمسير المستمر للقطار
والأهم أن السؤال ظل مفتوحا على كل الإحتمالات
فلا أحد يعرف ..متى ومن وإلى أين
إنه سؤال الوجود وسؤال المصير
إنها الحياة ...بكامل تناقضاتها ومجاهيلها
والمصير الذي نساق إليه حتما ولا ندري إلى أين
قطارك يا أستاذنا هو الحياة التي جعلتنا بعد قراءة هذه القصة
نتساءل بدورنا ليس متى يأتي القطار ..
ولكن إلى أين يذهب بنا القطار
كل الشكر وتحياتي

عفاف سليمان
04/08/2009, 08h59
دكتورنا الاديب د أنس:emrose:
بعد صباح الخير على حضرتك وعلى جميع اهل سماعى الكرام:emrose:
نعم هو القطار الذى يسير بنا فى حياتنا
وكما قال الاستاذ علاء قدرى وشاعرنا سيد ابو زهده
وكما وصفت حضرتك الرجل الشيخ الذى معك فى القطار
وهو طيب الملامح واحسست اليه بالطمانينه والوناسه
وراحه البال فى كلماته ومسيرة القطار الى حيث حياتنا
بحلوها ومرها بشحوناتها ويسرها
لا استطيع ان اقول كما قالوا من جمال الكلمات فى مضمون القصه السلسه وانا مع شعرائنا وجميع من قرؤا هذه القصص
الا تبخل علينا من ابداعاتك الادبيه القصصيه الجميله
التى نبحر معها فى جو رائع من التصوف الفكرى والابداعى
والتخيلات الجميله:)
لك وللجميع خالص التحيه والتقدير
وسلمت يداك:emrose:اختكم عفاف

سمعجى
09/09/2009, 23h51
" القطار "

رؤية تحليلية

( 1 )


نحن هنا بصددِ نـَصٍٍّ ، لا يُعبر عن تجربةٍ إنسانيّة ،، أو حَدَثٍ واقعي ، و لا ينتمي إلى زمانٍ أو حِقبة ، و المكان فيه لا يتجاوز " التصوّرَ المُجَرّد " ،،
المكان و الزمان في هذا العمل ، هما أداتانِ لخدمة " الفِكرة " أو الحِكمة ، أو حالةٍ من حالاتِ الاستبصار

و نسيجُ قصتنا هذه ، يعتمد على الوصف الخارجي " بعيون السارد " ، " و الانفعالات الداخلية للسارد " ،، و الذي أشاعَ ـ النسيج ـ أجواءَ واقعٍ كابوسي ، يقف في وسطِ المسافةِ بين الحُلمي و الواقعي ، فهو يمزج بين " الواقعي المعتاد " ، و اللاوقعي المُبهم

أما الشخصية المحورية ، فنجد أنها مجرد " وعاء " سلبي ٍغير فاعلٍ أو مؤثرٍ في الأحداث ، و مجرد أداة ، يتم استعراض المواقف " الميتافيزيقية " التي تخالف الطبيعة ، من خلالها ،، و هى حالة تنتقل بالتبعيّةِ إلى القاريء ، الذي يتبنى " تلقائيّاً " موقفَ " المُسافِر " ، و التي يستحيلُ فيها التواصل بين عالمين " واقعي و لا واقعي " ، دونَ حِرفيّةٍ سردية و بنيوية ، تجعلُ المعنى يتسرَّبُ لا شعورياً ، إلى وجدانِ المُتلـَقي

و هذه القصة التي اعتمدت في صياغتها على ترميز المفاهيم ، و اعتماد ما يُسَمّى بالإحالة ،، تتعرض للإشكاليات الكبرى التي تواجه الإنسان ، كالموتِ ، و ماهيّةِ الوجود ، و جدوى الحياة

و المفردات في هذه القصة ، هي إعادة صياغةٍ لمادة الواقع ، فالقطارُ ليس قطاراً ، و المحطة ليست محطة ، و الشخوصُ مجردَ تروس ٍ في آلةِ " المضمون " ، و سلطان " الحِكمةِ " يُحَوِّمُ في أفق الأحداث ، و الرؤية " الصوفية ، أو الفلسفية " ، هي السلطة الحاضرة في متنِ العَمَل

و قد استطاعَ كاتبنا د .أنس ، إلباس الفكرةِ المُجرّدة ، ثوبَ الحِراك الملموس ، كما نجح في إيصال الشعور بالخوف و الرهبة إلى القاريء ، من خلال سردِهِ " الوقائِعي " ، الذي استدرجَ القاريءَ بحِنكَةٍ و تـَرَوٍّ ، مِن عالمٍ يعرفه و يدركُ أبعادَه ، إلى أغوارِ الدهشةِ و التساؤلات ، فقد تبنى الكاتبُ خطاباً حَكَوِيّاً سهلاً للغاية ، مُضمِناً إياه أفكاراً عميقة ً للغاية ،،

سمعجى
10/09/2009, 00h03
( 2 )


تفسير الرمز ..

قد يحلو للقاريء ، أن يُعَجِّل بتفسير الرموز التي تكتنفُ العَمَل ،، رغبة ً منه في إجلاءِ الغموض و الإبهام ،، و كأنَّ النـَّصَ " لغز ٌ " ،، و عليه أن يفكَ طلاسِمه ، أو يقعَ على مفاتيحه ،،

النصّ الذي يعتمدُ الرمز ، و الذي يُمكن للضمير الجَمعي أن يُحيلَ دلالاته إلى مفاهيم مشتركة ، هو نصٌّ يعتمدُ خِطاباً غير مباشرٍ ، غير أنه يمنح القاريءَ " طوعاً " مفاتيحَ الاستدلالِ على رموزه و دلالاتِه ، مما يجعل الرمزَ يقفُ عند مستوى " أُحادي " ، و لا يقبلُ إلا تفسيراً بعينه ، و حين يكون الحال هكذا ، يفقد الرمز ثراءَه و زخمَه ، الذي يجب أن يحتملَ أكثرَ من تأويل ،،

و قصة " القطار " رغم ترميزِها ، إلا أن أفقَ الرمز فيها ، مفتوحٌ على أفق ٍ لا محدودٍ من التخمينات :

الملل : أهو المعادل الموضوعي للعُمرِ و تجربةِ الحياة ؟! ،، أم ضلال البصيرة ؟! ،،
صندوق خشبي بائس : أهُوَ متاع الدنيا " البائس " ،، أم فقر " الرؤية الثاقبة " ؟!
بائع المياه الغازية : أهُوَ النفعية المباشرة ، أم السعى البغيضِ و الكَبَد !
الرجل الغريب المظهر : الحكيم / المتصوف / الرائي !
القطار : الموت / أم الحياة التي تمضي في اتجاهٍ واحد " من الميلاد إلى الموت " !
و المحطات ، أهِي ميقات الموت لمن اختار لهم القدر محطتهم !

القطار يستقله أناسٌ ، و يهبط آخرون ،، و الموت السرمدي ليس كذلك ، ثم لم لا يكون القطار " حالة صوفية ، أو تجربة وِجدانية " ، إنتقلت فيها النفسُ من محطةِ الأرضيينَ " مِلح الأرض " إلى مرحلةٍ من مراحل الإرتقاءِ الروحي !

الشيخ العجوز " وصلَ إلى محطته الأخيرة " : الموت ، أم الحِكمة ، أم المعرفة !
سائق القطار : عزرائيل ؟! ،، أم هو الحتميّة القـَدَريّة الصارِمة التي لا تـَحيدُ عن مسارِ قضيبينِ متوازيينِ ؟!
أم هو " سلطة الشرّ " ، التي تقودُ " صيرورةَ الحياة " !

سمعجى
10/09/2009, 00h13
( 3 )


إن زخم الرموز ، و تعدد تأويلاتِها ، و اتساعُ فضاءِ دلالاتِها ، هو ما يمنح الفكرة في النصِّ ثراءَها و غِناها ،،

و رغم أن الرمزَ " بطبيعة توظيفه داخل النص الأدبي " يميلُ إلى التجريد ، إلا أن العملَ هنا ، استوفى شروط " إمتاع القاريء " ، بقدرته على بسطِ أجواء الغموض و الرهبة ، و الامتناع عن إعطاء " إجابات " لتساؤلاتِه " بما يُفـَعِّلُ دورَ القاريءِ في البحث و التأمل " ، و بما يحققُ مزيّة " تورّط القاريء في محاولة تفكيك المضمون ،، و هنا أحب أن أشير إلى أن النصّ الأدبي الأحادي ، الذي " يُريحُ " القاريء ، فيمنحه " اللغزَ و الحَلّ ، أو " المضمونَ و التفسير " ، يكون بمثابةِ نصٍّ وعظيٍ توجيهي مباشر

ـ إقتصر النصّ في تجسيد الشخوص ، على مجرد الإشارة السريعة ، و اختزال الشخصيّةِ الواحدة ، في موقفٍ واحدٍ " دال " ، و درامياً ، إعتمد تصاعد الحدثِ ، بناء ًعلى منظومةِ هذه الإشارات الدالة


ـ خلا النص من " الصراع " الذي يُنتجُ عادة ً ، تفاعلاً في تصاعد الأحداث ، و استعيضَ عنه " بالتساؤلات " ، التي تواترت على الشخصيّةِ المحورية :
تعرف إمتى يوصل القطر ؟ ،،
ماتعرفيش يا حاجه القطراتأخر ليه ؟" ،،وانت رايحفين ؟!
من فضلك القطر ده رايح فين؟"

بالإضافةِ الى التساؤلات الضمنيّة ، التي لم يصغها الكاتبُ صياغة ً مباشرة ، متفادياً " بحاسّةِ القاص الماهر " تكرار نفس التركيب " الجُمَل الاستفهاميّة " ، كما تعمّدَ كاتبنا طرحَ الأسئلةِ " ببساطةٍ " طفوليّةٍ و مندهشة ، ليجعلَ من " المسافرِ " ، حقلاً خصباً من التساؤلاتِ و الأطروحاتِ التي تبحثُ عن يقين

و قصرُ الصراع ، على هذه " التساؤلات الموحِية " ، هو تـَوَجُّهٌ محكومٌ بطبيعة النص الذي يميلُ إلى طرحِ إشكاليةٍ وجوديّة ، ترتبطُ بتفسير الإنسان ،، و البحث في كُنـْهِ الوجود ،،

إن ملامسة جوهر و لب المعنى ، لا يحتاج من القاريءِ عقلاً واعياً ، بقدر ما يحتاجُ حضوراً روحيّاً و استبصارياً ،، كما أن " تأويل المعنى " ، لا يحتاج إلى حسمٍ ، بقدر ما يحتاج إلى اجتهادٍ ، يظلُّ اجتهاداً !

فهذا العمل لا يطرحُ " مُسَلـَّماتٍ " ، تم تغليفها بقشرةِ " الإبهامِ و الغموض " ، و تفكيك هذا النص الفلسفي ، يُفضي إلى فرضيّاتٍ ، لا إلى إجاباتٍ محسومة

و بعد ُ ، فهذه المهارة القصصية ، وراءها رصيدٌ مُحترمٌ من حساسية التذوق للأدب ،، و موهبة ٌ خصبة ٌفي القدرةِ على التأمل ، و طرحِ التساؤلاتِ الوجوديةِ " الحقيقية "

خالص تقديري :emrose:

الباشاقمرزمان
22/09/2010, 16h52
اخي وصديقي / د. أنس

لم اكتشف زوايا هذا القسم ولم أعدوا فيه أكثر من عشر موضوعات واليوم غصت قليلا فيه فاستوقفني القطار أم أنني استوقفته لا أدري ، ولكني عشت طعم القصة القصيرة الذي حرمت منه كثيرا بحق ، ولن أعقب أو أزيد غير أن المعنى يبقى في بطن الكاتب( الشاعر سابقاً).
فعلاً قصة جميلة ورائعة بكل المعاني وسؤالي الوحيد:
لماذا تحرمنا من هذه المتعة الجميلة التي نكتسب منها فن الأدب ،كي تحجب عنا ما ينغص أعيننا ويهبط من مستوانا الأدبي .... وأولهم أنا؟
سلمت أستاذي العزيز وسلمت يداك